رسالة: نعمة التوحيد
للشيخ المجدد:
محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم رحمك الله: أن التوحيد الذي فرض الله على عباده، قبل الصلاة والصوم، هو: توحيد عبادتك، فلا تدعو إلا الله وحده لا شريك له، لا تدعو النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره؛ كما قال تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً) (الجن: 18)وقال تعالى: (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) (الكهف: 110).
واعلم: أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صفة إشراكهم: أنهم يدعون الله، ويدعون معه الأصنام، والصالحين؛ مثل عيسى، وأمه، والملائكة؛ يقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله؛ وهم يقرون: أن الله سبحانه، هو:النافع، الضار، المدبر؛ كما ذكر الله عنهم في قوله تعالى: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت) الآية(يونس: 31).
فإذا عرفت هذا؛ وعرفت: أن دعاءهم الصالحين، وتعلقهم عليهم، أنهم يقولون: ما نريد إلا الشفاعة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتلهم ليخلصوا الدعاء لله، ويكون الدين كله لله؛ وعرفت: أن هذا هو التوحيد، الذي أفرض من الصلاة والصوم، ويغفر الله لمن أتى به يوم القيامة، ولا يغفر لمن جهله، ولو كان عابداً؛ وعرفت؛ أن ذلك هو الشرك بالله، الذي لا يغفر الله لمن فعله، وهو عند الله أعظم من الزنا، وقتل النفس، مع أن صاحبه يريد به التقرب من الله .
ثم مع هذا: عرفت أمراً آخر، وهو: أن أكثر الناس – مع معرفة هذا الدين – يسمعون العلماء، في سدير، والوشم، وغيرهم، إذا قالوا: نحن موحدون الله، نعرف ما ينفع ولا يضر إلا الله، وأن الصالحين لا ينفعون ولا يضرون، وعرفت أنهم لا يعرفون من التوحيد، إلا توحيد الكفار، توحيد الربوبية؛ عرفت: عظم نعمة الله عليك، خصوصاً إذا تحققت: أن الذي يواجه الله، ولا عرف التوحيد؛ أو عرفه ولم يعمل به، أنه خالد في النار، ولو كان من أعبد الناس، كما قال تعالى: (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار) (المائدة: 72)و الله أعلم، وصلى الله على محمد، وآله، وصحبه، وسلم .