يظن البعض أن الإنسان لا يتأثر بمحيطه ما دام يمارس قناعاته الخاصة و يتمسك بأفكاره بيد أن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير إذ أن المحيط هو الكاسر الأول للقوقعة التي ينأى بها الفرد بنفسه بدءا من العائلة وصولا إلى الأقارب و الأصدقاء سواء في المدرسة أو العمل . و لكي يكون المرء حكيما في قراراته، سديدا في رأيه، ناجحا في خطواته فمن الضروري أن يحسن إنتقاء محيطه الذي يضمن له الحماية و الأمان فالنفس تتأثر بما حولها لهذا نستخلص العبرة من قوله تعالى " و كونوا مع الصادقين" حيث أنها دعوة صريحة لإتخاذ الصحبة الخيرة التي هي في حد ذاتها عمل صالح ،فلا يختلف إثنان على أن الصاحب ساحب و كثيرا ما نحكم على شخص من خلال أصدقائه فهو الذي اختارهم حسب ذوقه الفكري و مستواه الثقافي . و ما أحوجنا اليوم إلى هذه العلاقات الطيبة الدافعة إلى صلاح المجتمع الذي يشكو من خلل أخلاقي واسع و تدهور قيمي متفشٍ . في كتابه ركائز الإيمان بين العقل و القلب " عندما يكون الطريق كثير الحفر،متموج السطح فلا صلاح إلا ردم الحفر و تسوية السطح" و نحن نرى اليوم لهفة الكثير من الشباب إلى إصلاح الشأن العام على حساب الشأن الخاص في حين أن الصلاح الحقيقي يكمن في إصلاح الفرد لذاته و منظومته الأخلاقية و بالتالي يؤثر على من حوله و يختزل علي بن أبي طالب رضي الله عنه كل هذا عبر نظمه
فلا تصحب أخا الجهل
وإياك واياه
فكم من جاهل أردى
حليماً حين آخاه
يُقاسُ المَرْءُ بالمَرْءِ
إذا ما هُوَ ماشاهُ
وللقلب على القلبِ
دَلِيْلٌ حِيْنَ يَلْقَاهُ