قال الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام 49 / 194 :
164 - عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان.
الإمام، العلامة، ذو الفنون، شهاب الدين، أبو القاسم، المقدسي الأصل، الدمشقي، الشافعي، الفقيه، المقرئ، النحوي، أبو شامة. ولد في أحد الربيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة بدمشق، وقرأ القرآن وله دون العشر. وقرأ القراءآت، وأكملها سنة ست عشرة على الشيخ علم الدين. وسمع ' الصحيح ' من داود بن ملاعب، وأحمد بن عبد الله العطار. وسمع ' مسند الشافعي ' و ' الدعاء ' للمحاملي، من الإمام الموفق بن قدامة. وسمع بالإسكندرية: من أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى، وغيره. وحصل له سنة بضع وثلاثين عناية بالحديث، وسمع أولاده، وقرأ بنفسه وكتب الكثير من العلوم، وأتقن الفقه، ودرس وأفتى، وبرع في فن العربية. وصنف في القراءآت شرحا نفيسا للشاطبية، واختصر ' تاريخ دمشق ' مرتين، الأولى في خمسة عشر مجلدا كبارا، والثانية في خمسة مجلدات، وشرح ' القصائد النبوية ' للسخاوي في مجلد. وله كتاب ' الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية '، وكتاب ' الذيل ' عليهما، وكتاب ' شرح الحديث المقتفى في مبعث المصطفى '، وكتاب ' ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري '، وكتاب ' المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول '، وكتاب ' البسملة ' الأكبر في مجلد، وكتاب ' الباعث على إنكار البدع والحوادث '، وكتاب ' السواك '، وكتاب ' كشف مال بني عبيد '، وكتاب ' الأصول من الأصول '، و ' مفردات القراء '، و ' مقدمة نحو '. ونظم ' المفصل ' للزمخشري، و ' شيوخ البيهقي '. وله تصانيف كثيرة سوى ما ذكرت، وأكثرها لم يفرغها.
وذكر أنه حصل له الشيب وهو ابن خمس وعشرين سنة، وولي مشيخة القراءة بالتربة الأشرفية، ومشيخة الحديث بالدار الأشرفية.
وكان مع كثرة فضائله متواضعا مطرحا للتكلف، ربما ركب الحمار بين الدوائر.
أخذ عنه القراءات: الشيخ شهاب الدين حسين الكفري، والشيخ أحمد اللبان، وزين الدين أبو بكر بن يوسف المزي، وجماعة. وقرأ عليه ' شرح الشاطبية ': الشيخ برهان الدين الإسكندراني، والخطيب شرف الدين الفزاري.
وفي جمادى الآخرة من هذه السنة جاءه اثنان جبلية إلى بيته الذي بآخر المعمور من حكر طواحين الأشنان، فدخلوا عليه في صورة صاحب فتيا فضرباه ضربا مبرحا كاد أن يتلف منه، وراحا ولم يدر بهما أحد، ولا أغاثه أحد.
قال رحمه الله: في سابع جمادى الآخرة جرت لي محنة بداري بطواحين الأشنان، فألهم الله تعالى الصبر ولطف. وقيل لي: اجتمع بولاة الأمر. فقلت: أنا قد فوضت أمري إلى الله وهو يكفينا. وقلت في ذلك:
(قلت لمن قال: تشتكي .......... ما قد جرى فهو عظيم جليل)
(يقبض الله تعالى لنا من يأخذ .......... الحق ويشفي الغليل)
(إذا توكلنا على الله كفى .......... وحسبنا الله ونعم الوكيل)
توفي أبو شامة، رحمه الله، تاسع عشر رمضان، ودفن بباب الفراديس.
وكان فوق حاجبه الأيسر شامة كبيرة.