" حكم قتل الحيات والجان ( حيات البيوت ) "
أول حكم في الإسلام هو قتل جميع الحيات :
عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خمس فواسق ، يقتلن في الحل والحرم : الحية ، والغراب الأبقع ، والفأرة ، والكلب العقور ، والحديا "
مسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما سالمناهن منذ حاربناهن يعني الحيات ومن ترك قتل شيء منهن خيفة فليس منا "
قال الألباني : ( حسن صحيح ) رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه
اشتراك لفظ الجان بين الجن والحيات :
ففي لسان العرب لابن منظور (13/ 92) :
" والجانُّ ضرْبٌ من الحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَين يَضْرِب إلى الصُّفْرة لا يؤذي وهو كثير في بيوت الناس .
سيبويه والجمعُ جِنَّانٌ .
وفي الحديث أَنه نهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ قال هي الحيَّاتُ التي تكون في البيوت واحدها جانٌّ وهو الدقيقُ الخفيف
وفي التهذيب في قوله تعالى تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ قال الجانُّ : حيَّةٌ بيضاء .
قال أَبو عمرو : الجانُّ حيَّةٌ وجمعُه جَوانٌ .
قال الزجاج : المعنى أَن العصا صارت تتحرَّكُ كما يتحرَّكُ الجانُّ حركةً خفيفةً قال وكانت في صورة ثُعْبانٍ وهو العظيم من الحيَّاتِ .
ونحوَ ذلك قال أَبو العباس قال شبَّهها في عِظَمِها بالثعْبانِ وفي خِفَّتِها بالجانِّ ولذلك قال تعالى مرَّة فإذا هي ثُعْبانٌ ومرَّة كأَنها جانٌّ والجانُّ الشيطانُ أَيضاً .
وفي حديث زمزم أَن فيها جِنَّاناً كثيرةً أَي حيَّاتٍ "
الأدلة من السنة على ذلك :
عن نافع قال : " كان ابن عمر يقتل الحيات كلهن حتى حدثنا أبو لبابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل جنان البيوت فأمسك "
رواه مسلم
وفي رواية له لأبي داود :
وقال أبو لبابة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين فإنهما اللذان يخطفان البصر ويتبعان ما في بطون النساء " ( صححه الألباني )
العوامر هن جنان ( حيات ) البيوت :
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يطمسان البصر ويسقطان الحبل .
قال عبد الله فبينا أنا أطارد حية أقتلها ناداني أبو لبابة لا تقتلها قلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الحيات قال إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت وهن العوامر "
قال الألباني : رواه البخاري ومسلم ورواه مالك وأبو داود والترمذي بألفاظ متقاربة
من الجن حيات ( ومن الحيات جن ) :
عن أبي ثعلبة الخشني يرفعه : " الجن ثلاثة أصناف صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون "
صححه الألباني .
قال عليه الصلاة والسلام ؛ " إن بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان .
وفي رواية نحوه وقال فيه :
" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم منها شيئا فحرجوا عليها ثلاثا فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر ... "
رواه مالك ومسلم وأبو داود
قال الطحاوي في بيان مشكل الآثار (ج 7 / ص 121) :
" عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجن على ثلاثة أثلاث فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء وثلث حيات وكلاب وثلث يحلون ويظعنون "
فكان ذلك مما قد حقق أن من الحيات ما هو جان "
وقال يوسف بن موسى المعتصر من المختصر من مشكل الآثار (2/ 102)
وما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجن على ثلاثة ثلاث فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء وثلث حيات وكلاب وثلث يحلون ويظعنون كلها يبين أن من الحيات ما هو جان "
حكم قتل حيات ( جنان ) البيوت :
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يطمسان البصر ويسقطان الحبل .
قال عبد الله فبينا أنا أطارد حية أقتلها ناداني أبو لبابة لا تقتلها قلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الحيات قال إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت وهن العوامر "
متفق عليه
قال الطحاوي في بيان مشكل الآثار (ج 7 / ص 121) :
" قال القاضي وقال بعض العلماء الأمر بقتل الحيات مطلقا مخصوص بالنهى عن جنان البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين فانه يقتل على كل حال سواء كانا في البيوت أم غيرها وإلا ما ظهر منها بعد الإنذار والله أعلم "
وقال ابن عبد البر في التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (16/ 263) :
" قال قوم لا يلزم أن تؤذن الحيات ولا تناشدن ولا يحرج عليهن إلا بالمدينة خاصة لهذا الحديث وما كان مثله لأنه خص المدينة بالذكر وممن قال ذلك عبد الله بن نافع الزبيري قال لا تنذر عوامر البيوت إلا بالمدينة خاصة قال وهو الذي يدل عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: "إن بالمدينة جنا قد أسلموا "
وقال آخرون المدينة وغيرها في ذلك سواء لأن من الحيات جنا وجائز أن يكن بالمدينة وغيرها وأن يسلم من شاء الله منهن .
قال مالك أحب إلي أن تنذر عوامر البيوت بالمدينة وغيرها ثلاثة أيام ولا تنذرن في الصحاري .
قال أبو عمر: العلة الظاهرة في الحديث إسلام الجن والله أعلم إلا أن ذلك شيء لا يوصل إلى شيء من معرفته والأولى أن تنذر عوامر البيوت كلها كما قال مالك "
قلت : والراجح أن تنذر جميع حيات البيوت في المدينة وغيرها لعموم الحديث التالي :
قال عبد الله فبينا أنا أطارد حية أقتلها ناداني أبو لبابة لا تقتلها قلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الحيات قال إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت وهن العوامر "
وتقتل ذات الطفيتين والأبتر في البيوت وفي كل مكان ومن غير إنذار وكذا تقتل كل الحيات خارج البيوت .
الصديقة عائشة رضي الله عنها قتلت جانا ( حية ) في بيتها :
ففي مسند الحارث :
كتاب الصيد والذبائح وما أمر بقتله
باب في جنان البيوت - حديث : 413
حدثنا روح بن عبادة ، ثنا حاتم بن أبي صغيرة ، ثنا عبد الله بن أبي مليكة أن عائشة بنت طلحة ، حدثته ، أن عائشة أم المؤمنين " قتلت جنانا فأريت فيما يرى النائم فقيل لها : والله لقد قتلت مسلما , فقالت : والله لو كان مسلما ما دخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم , فقيل لها : وهل كان يدخل عليك إلا وأنت متجلببة أو مخمرة , فأصبحت وهي فزعة , فأمرت باثني عشر ألفا , فجعلتها في سبيل الله عز وجل "
قلت : ورواته ثقات كلهم .
وأخرجه البوصيري تحت باب " الحث على قتل الحية والعقرب والنهي عن قتل عمار البيوت " حديث رقم :
5406
وفي مصنف ابن أبي شيبة وحلية الأولياء بلفظ " قتلت جانا "
وقتلُ الصديقةِ رضي الله عنها الحيةَ إن كان بعد الإنذار فهو مأمور به كما جاء في الأحاديث .
وإن كان قبل الإنذار فلم يرتب عليه الصلاة والسلام شيئا على من قتل قبل الإنذار جانا من جنان البيوت .
ففي صحيح مسلم : " قال سالم : قال عبد الله بن عمر : " فلبثت لا أترك حية أراها إلا قتلتها " ، فبينا أنا أطارد حية يوما ، من ذوات البيوت ، مر بي زيد بن الخطاب ، أو أبو لبابة ، وأنا أطاردها ، فقال : مهلا ، يا عبد الله فقلت : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلهن " ، قال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذوات البيوت "
ولم يدفع دية ولا شيئا .
وتصدقها بالدراهم هو اجتهاد منها رضي الله عنها .
وما رأته رضي الله عنها في المنام لا يترتب عليه أي حكم شرعي . وهكذا المنامات .
بمعنى لا يثبت ذلك أن الحية التي رأتها كانت جنا مسلما .
ولا يمكن لمسلم أن يميز بين حية حقيقتها جن وأخرى من الحيات .ولا بين من كانت جنا مسلما أو شيطانا .
لذلك جاء الأمر بإنذار جميع حيات البيوت . فمن دخل البيت بعد الإنذار يقتل .
لفظ الحية يطلق على الذكر والأنثى :
قال النووي في المجموع شرح المهذب (9/ 13) :
" والحية تطلق على الذكر والأنثى "
وقال مثل ذلك سليمان بن محمد بن عمر البجيرميفيتحفة الحبيب على شرح الخطيب (5/ 213)
لذلك قال في الأثر " قتلت جانا مسلما " مع أنها حية .
والله أعلم .
المعيصفي .
29 شوال 1436