هل الخلاف بين مثبتي المجاز ومنكريه له ثمرة عملية ؟
أتمنى أن يأتيني أحد الإخوة بمسألة واحدة عملية تنبني على هذا الخلاف وحده .
هل الخلاف بين مثبتي المجاز ومنكريه له ثمرة عملية ؟
أتمنى أن يأتيني أحد الإخوة بمسألة واحدة عملية تنبني على هذا الخلاف وحده .
الحمد لله
اخي الفاضل ابا مالك
ليس عندي ما ازيده على الخلاف في هذا الموضوع الا أمرا واحدا لست سوى ناقلا له وهو ان الفريقين لم يتفقا أولا على تعريف المجاز....ففريق يقصد بالمجاز أسلوبا من اساليب العربية كابن قتيبة رحمه الله ولا اظن أن ذلك قد يفوتك في كلامه في تأويل مشكل القرآن حيث انتصر لهذا المجاز ولوقوعه في القرآن ....وذكر امثلة من اللغة العربية يحضرني منها تحركت الشجرة
والاصل ان الرياح حركتها....ومثاله المشهور في القرآن واسأل القرية التي كنا فيها و العير التي اقبلنا فيها...فالقرية جدر و أبنية وأراض وأشجار...والعير هي كما تعلم وكل ذلك لا يسأل.
اما على التعريف الاخر بأن المجاز هو ما ليس حقيقة وضابطه ان يصح تكذيبه فهذا التعريف يظهر لي فيه بادي الرأي ان فيه
محذورا عندما يتكلم الانسان على القرآن... لان ذلك على الاقل موهم ان فيه ما ليس حقا او فيه ما يصح تكذيبه...وكذلك في كلام النبي صلى الله عليه وسلم كقوله في وصف أحدهم لا يضع العصا عن عاتقه....وقد علم صلى الله عليه وسلم انه
يصلي و ينام و يجلس ويمرض وكل تلك الاحوال ليس من العادة وضع العصا على العاتق فيها...لكن هذا اسلوب من اساليب العرب عند التعبير عن كثرة فعل الشيء و المبالغة فيه....ولانقول ان النبي صلى الله عليه وسلم قال شيئا يجوز فيه الكذب وحاشاه صلى الله عليه وسلم...فأنت ترى ان التعريف الثاني فيه محذور ونحن لا نزال على عتبة الكلام على المجاز...فمابالك
لو كان هذا المجاز مرقاة لتحريف الاسماء و الصفات و غير ذلك...
والله اعلم
وفقك الله يا شيخنا الفاضل
أيا كان تعريف المجاز فهل الخلاف في إثباته له ثمرة عملية؟
يعني مثلا (واسأل القرية) الجميع متفقون أن الحجر والشجر لم يُسأل، وإنما سئل البشر، ولكن الخلاف هل هناك محذوف في الآية أو لا؟ فهذا الخلاف لا يؤثر في فهم المعنى، فالمعنى مفهوم من الآية سواء قلنا بالمجاز أو لم نقل.
وكذلك (جرى النهر) الجميع متفقون على أن جدار النهر لا يجري، وإنما يجري الماء، ولكن الخلاف في أنه هل المقصود بالنهر الماء أو أن هناك محذوفا تقديره (ماء النهر)، وهذا الخلاف لا يؤثر في فهم المعنى.
فالمقصود أنه ليست هناك ثمرة عملية (بحسب علمي) لهذا الخلاف؛ فهل هناك من يعلم مسألة لها ثمرة عملية بناء على إنكار المجاز؟
أخي الكريم المجلسي الشنقيطي
لا يبدو التعريف الآخر من مقالة القائلين بالمجاز أبدا ويظهر من التعريف الذي ذكرت أن القائلين بالمجاز يعدونه قسيم الحقيقة ومقابلا لها وبالتالي فهو ضد الحقيقة والأمر ليس كذلك أخي الفاضل بل المجازيون يعدون المجاز فرعا من فروع الحقيقة ليس أكثر وبالعودة إلى كتب المجازيين نجد أنهم يعرفونه بأنه : لفظ استعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع وجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي ( انظر البلاغة الواضحة لعلي الجارم وأحمد أمين ) ومن هذا التعريف نجد أنهم لا يرون أن الحقيقة ضد المجاز ولا العكس وذلك واضح من التعريف السابق .
فتعريف المجاز بأنه خلاف الحقيقة أو قسيمها أو ضدها ليس من مقالة المجازيين وإنما هو من قول مخالفيهم ولذلك فالبناء عليه فيه نظر .
والله أعلم
السلام عليكم
أستاذنا الفاضل أبا مالك
إن كان المقصود بـ ( إنكار المجاز ) إنكار الاصطلاح فلا يترتب على إثباته أو إنكاره أية قيمة عملية - والله أعلم - لأن إنكار المصطلح لا ينفي وجود الظاهرة اللغوية ولأننا سنضطر إلى إيجاد مصطلح بديل عندما نضطر إلى توصيف الظاهرة اللغوية وتقعيدها ولذلك تجد كثيرا ممن أنكروا مصطلح المجاز سموه أسلوبا من أساليب العرب وهذا الاصطلاح فيه من العمومية ما يضطر من سماه أسلوبا من أساليب العرب إلى إيجاد مصطلح أكثر تحديدا عند الخوض في المسائل التفصيلية لطرائق التعبير عند العرب ولن يجد بدا من استعمال مصطلحات المجازيين وأحيانا تقسيماتهم بالرغم من أنه من القائلين بإنكار المجاز .
وأما إن كان المقصود بـ ( إنكار المجاز ) إنكار وجوده فإن لهذا قيمة عملية ستؤدي إلى إشكالات كثيرة وربما كان ما حدث مع الصحابي الجليل عدي بن حاتم رضي الله عنه خير مثال على ذلك فيما رواه مسلم رحمه الله:
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
لَمَّا نَزَلَتْ
{ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ }
قَالَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ.
ولو عمد كل إنسان وحمل الكلام على ما يظهر له منه فقط فسنجد أمثلة عملية كثيرة لمثل هذه الحادثة .
والله أعلم
اما خلاف اهل السنة مع المتكلمين في اثباته فلا شك ان هناك ثمرة من الخلاف وهي نفي الصفات او اثباتها
اما خلاف اهل السنة مع بعضهم فيظهر ان لا ثمرة عملية عليه واجاب بهذا جمع منهم الشيخ عياض السلمي
ورأيت في الظبعة الجديدة لتيسير الوصول للشيخ عبدالله الفوزان تقسيم منكري المجاز من اهل السنة لقسمين فمن سماه اسلوبا من اساليب اللغة فالخلاف معه لفظي ومن نفاه مطلقا ولم يسمه اسلوبا كشيخ الاسلام فالخلاف معه حقيقي
ومع ذلك لم يذكر الشيخ وجه كونه حقيقي ولا وجه التفريق مما اثار الدهشة لدي ولم اجد له جوابا
الأخ الفاضل ( لسان العرب )
لا يبدو لي أن كلامك صحيح ؛ لأن عديا من العرب الفصحاء ، فاستدلالك بقصته في غاية البعد ، وأيا ما كان الأمر فلا يوجد خلاف عملي في هذه المسألة (مسألة الفجر) بعد نزول الآية كاملة.
الأخ الفاضل ( عادل الثبيتي )
مسألة نفي الصفات ليست نتيجة حتمية للقول بالمجاز ، بدليل أن كثيرا من أهل السنة يقولون به كما تفضلتَ ولا يؤولون الصفات، فلو كان تأويل الصفات نتيجة حتمية للقول بالمجاز لما قال به أحد من أهل السنة .
ولذلك كان شيخ الإسلام وغيره من أهل السنة يبينون في مناقشاتهم للمبتدعة أنه حتى على القول بالمجاز لا دلالة لهم في النصوص؛ لأنه لا بد من قرينة تصرف الكلام عن ظاهره.
الحمد لله
وبمناسبة آية الخيطين
فمن العجائب انه لما استدللت مرة على القائلين بالظاهر بآية الخيطين وان الاخذ بالظاهر قد يكون خطأ ...اجابني أحدهم قائلا ما معناه أن عديا و من فهم الظاهر من الاية كانوا مصيبين. وفعلوا ما يلزمهم !!! وقلت له ان عديا رضي الله عنه ومن فعل مثل فعله أخطأ حين أخذ بالظاهر بدليل البرهان العقلي الذي بينه له رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قال له ما معناه انك لعريض القفا ..او ان وسادك اذن العريض..لأن الوسادة ان كانت تسع الخيطين حتى تراهما الامة كلها فما أكبر هذه الوسادة ! وأخطا عدي رضي الله عنه في اخذه بالظاهر بدليل ان الصحابة الاخرين لم يقع لهم هذا الاشكال...لأن الخيط في لغة العرب يأتي بهذا المعنى ولو قبل ان ينزل مزيد بيان....وذكرت له الشواهد فأنكرها وضرب بها عرض الحائط....وقال إن الصحابة كلهم لم يعلموا معناها....
والغريب انه بذلك يجوز عنده أن يأمر الله تعالى بمالا يفهم و يكلفنا بما لا نطيق في وقت وجوب العمل.
والاغرب أن إمام الظاهرية رحمه الله صرح في الاحكام في اصول الاحكام أن من الصحابة من اكتفى بظاهر الاية وفهم منها أن الفجر هو المقصود قبل ان تنزل [من الفجر]
قال الامام ابن حزم رحمه الله في الكتاب المذكور
وكما عرض لعدي في توهمهان الخيط الابيض و الاسود من خيوط الناس حتى زاده الله بيانا في ان ذلك من الفجر وقد اكتفى غير عدي بالاية نفسها.فتعجب !
ويظهر لي أنك مصيب شيخنا و انه لا ثمرة في ذلك مادام التأويل منضبطا بقواعد الشريعة
و الله اعلم
يبدو لي أنه لا يترتب عليه أيُّ أثرٍ عمليّ ..
(1) لأن ( المجاز ) - وهو استعمال غير المتبادر للذهن - من جهةِ الوقوع = واقعٌ لا محالة - مع الخلاف الكبير في الاصطلاح - ..
وأعني به : التوسع ، والتجوز ، والكناية ، والاستعارة ، والنقل ، .....................
(2) لأننا جميع القائلين بالمجاز يشترطون ( العلاقة ) = القرينة ؛ وحينذٍ ننقِّحُ المناط ، هل هذه القرينة صحيحةٌ أو لا ..؟
وحينها ؛ نسلمُ من مضلات الفتن ..
: ) للحبيب أبي مالك
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل
طيب ، هل ذكر أحد من أهل العلم أن للخلاف في ذلك ثمرةً ؟
أما الذين ذكروا أن الخلاف غير ذي ثمرة فكثيرون.
أستاذنا الكريم أبا مالك
هل لك أن توضح لي ما الذي يبدو لك غير صحيح في كلامي ؟ ، وماذا أردت بقولك إن الصحابي عديا كان من العرب الفصحاء ؟
وقد مثلت بهذه القصة على أن الأخذ بظاهر القول ( معناها الحقيقي ) في حين أن المراد هو صرفه عن ظاهره ( المعنى المجازي ) يفضي بصاحبه إلى مشكلة عملية وواضح من قول النبي صلى الله عليه وسلم : إن وسادتك لعريض ، وفي حديث آخر : إنك لعريض القفا ، أن ما فعله عدي رضي الله عنه لم يكن صحيحا وهذا لا يعني أنه ارتكب محظورا ، ولكنها كانت مشكلة عملية عالجها النبي صلى الله عليه وسلم بحكمته المعهودة بهذه المداعبة اللطيفة : إن وسادتك لعريض ، ولم أرد القول إنها كانت وما تزال مشكلة .
وإذا حدث هذا مع صحابي من العرب الفصحاء فأهل هذا الزمان أحرى بذلك
المقصود يا أخي الكريم ما يلي:
- لو افترضنا أن الكلام فهمه عدي بن حاتم على المعنى الحقيقي دون المعنى المجازي، فهل هذا معناه أن الكلام كان خاليا عن القرينة الصارفة؟
- إذا قلنا : إن عديا أخطأ في فهم الكلام ، فهذا معناه أنه لم ينتبه إلى القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي، وحينئذ لا يكون هناك ثمرة لمسألة التقسيم؛ لأن عدم انتباه بعض العلماء للقرينة لا يدل على عدمها، فالكلام إنما هو عن ثمرة التقسيم لا عن أخطاء العلماء في الفهم.
- إذا قلنا: إن الكلام لم يكن فيه قرينة تصرف الكلام عن معناه الحقيقي إلى معناه المجازي، فهذا فيه هدم تام لنظرية المجاز؛ لأن أصحاب التقسيم يشترطون القرينة في صرف الكلام عن الحقيقة إلى المجاز.
فالخلاصة أنك على أي الوجوه نظرت إلى قصة عدي فلن تظفر بثمرة عملية للتقسيم.
أرجو أن يكون كلامي واضحا.
توضيح آخر لكلامي:
- ضع نفسك مكان مثبتي المجاز وحاول فهم النص، ثم ضع نفسك مكان منكري المجاز وحاول فهم النص، فهل تجد فرقا بين الفهمين؟
الذين أنكروا المجاز يفهمون الآية كما يفهمها مثبتو المجاز.
على تعريف (المجاز) بأنه ما استعمل في غير ما وضع له أولا ، يقع الخلاف من ناحية مبدأ اللغات التاريخي (أي : وجود الوضع قبل الاستعمال) .
وعلى اشتراط (المجاز) بأن يشتمل على المبالغة والتشبيه والتوكيد ، يقع الخلاف في وجود هذه القصود من المتكلم وظهورها للمخاطب .
وعلى تعريف (المجاز) بأنه ما يراد به خلاف ما يظهر للمخاطب أول مرة ، يقع الخلاف في يقييم فهم الصحابة وسرعة خاطرهم .
وأكثر الخلافات في أمر (المجاز) إنما يقع بين أصحابه أنفسهم . فمثلا ، قال قوم : إن (النكاح) حقيقة في العقد مجاز في الوطء ، وقال أخرون بعكسه . وله أثره الفقهي المعروف في تفسير آيات القرآن . وأما منكري التقسيم ، فعندهم أن اسم (النكاح) شامل للأمرين ، ولا يخصص إلا بدليل زائد .
وفقك الله يا شيخنا الفاضل
أما الخلافات بين أصحاب المجاز أنفسهم فهذا موضع آخر، فأنا سؤالي عن الثمرة المبنية على الخلاف في المجاز فقط.
وأما المسائل التي تفضلت بذكرها، فكلها مسائل نظرية لا ثمرة لها، وأنا سؤالي عن مسألة لها ثمرة، يعني مثلا: حرام حلال، واجب مندوب، سنة بدعة، كفر إيمان ... وهكذا.
مسألة (الحقيقة) و (المجاز) مسألة لغوية ، فثمرة الخلاف فيها أيضا : أشياء لغوية ، لا عقائدية ولا فقهية .
الاخ ابو مالك
اوافقك ان نفي الصفات ليس نتيجة حتمية لاثبت المجاز لكن المقصود اثبات وجود ثمرة لخلاف نفاة المجاز مع مثبتيه من المتكلمين فتلاحظ ان المتكلمين يقولون في قوله يد الله مغلولة مثلا انها مجاز اريد به قوة الله او نحوه ونفاته يقولون حقيقة فتثبت اليد فثبتت ثمرة الخلاف حينئذ بين الفريقين المذكورين وهذا المطلوب
ووجود ثمرة للخلاف مطلقا هو ما قرره الشيخ عبدالكريم الخضير في شرحه لالفية العراقي ولما نوقش ضرب امثلة من جنس ماذكرته لك والله اعلم
وأما على تعريف (المجاز) بأنه "تفسير الكلام ومراده" ، فهذا مجرد اصطلاح وتسمية لشيء ثابت .
وكذلك على تعريف (المجاز) بأنه "أسلوب مليح" أو "ما يجوز استعماله من الأساليب الغريبة" .
يبدو أن مرادي لم يكن واضحا .
أقول : التقيسم الثنائي إلى (الحقيقة) و (المجاز) تقسيم لغوي ، فثمرة الخلاف فيها أيضا : أمر لغوي ، لا عقدي ولا فقهي .