الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فهذا تفريغ لترجمة الشيخ سليمان بن سليم الله الرحيلي لنفسه ، حيث إنه طُلب منه في إحدى الجسات الخاصة (وليمة عقيقة) أن يُترجمَ لنفسه ، فوجئ الشيخ بهذا الطلب ، وذكرَ أنه لم يترجم لنفسه قط ، وذكر أنه قال أشياء لم يقلها قط ، وكذلك كانت في الجلسة نفسها ترجمة الشيخ عبدالسلام السحيمي لنفسه ، وقد فرَّغتُ ترجمة الشيخ سليمان من الشريط ، وكل ما سيأتي في الترجمة هو من كلام الشيخ بنصه ، وقد تصرَّفت في ترتيب بعض فقرات الترجمة ، حيث إن الشيخ قد يفوته أشياء ، فأضعها في موضعها المناسب من الترجمة .
قال الشيخ مترجِما لنفسه :
أنا سليمان بن سليم الله بن رجاء الله بن بُطِي الرحيلي ، من قبيلة حرب .
ولدت ونشأت ولا زلت وأسأل الله أن أموت = في المدينة .
أول ما تلقيت العلم - قبل الدراسة النظامية - في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ،
فحضرت بعض مجالس الشيخ الأمين - رحمه الله - وأنا دون السادسة من العمر ،
وحضرت بعض مجالس الشيخ عمر فلاتة - رحمه الله - ، ومجالس الشيخ أبي بكر الجزائري - رحمه الله -، وهذه قد جلست فيها كثيرًا ،
وحضرتُ بعض مجالس الشيخ الألباني- رحمه الله - عندما كان يقدُم إلى المدينة ، وبعض مجالس الشيخ ابن باز - رحمه الله - في الرياض وفي المدينة ،
وبعض مجالس الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - العامة والخاصة التي كان يعقدها في المدينة .
وهذا يعود إلى أن الوالد - حفظه الله وختم لنا وله بالخير - قد حبب إليه مجالس أهل العلم منذ عرف المدينة ،
وحضر مجالس المشايخ : الشيخ الأمين ، والشيخ الإفريقي ،
حتى إن الشيخ عمر فلاتة - رحمه الله - كان يقول لي : "إن والدك زميلي ، كنا نجلس بجوار بعضنا في حلقة الشيخ الإفريقي"
وحضر أيضا مجالس الشيخ ابن باز - رحمه الله - ،
وذكر لي أنه كره مجلسا لشخص ما ؛ لأنه كان يبسط يده ليقبِّلها الناس ، وكان يأخذني إلى المجالس ، وأنا دون السادسة .
ثم وأنا في السادسة التحقت بمسجد في الحي لتحفيظ القرآن على يد أحد المشايخ من قبيلتنا ، اسمه : عتيق بن جابر الرحيلي ،
في مدرسة كان يرعاها فضيلة الشيخ راشد بن عاتق الرحيلي ،- رحمهم الله جميعا - ،
وأتممت حفظ القرآن قبل العاشرة بحمد الله .
درست الدراسة النظامية ، وتخرجت من الابتدائية ، فأصرَّ والدي أن ألتحق بالجامعة الإسلامية ، بالمعهد المتوسط ،
وكانت الجامعة إذ ذاك لا يلتحق بها من أبناء السعوديين إلا المتردية والنطيحة ومن شذ ممنلهم شأن ،
حتى إن الوالد جُوبِهَ برفض شديد من أن ألتحق بالجامعة ، حتى إن مدير المدرسة الابتدائية قد أخذ عليه تعهدا بأني إذا لم أقبل في الجامعة لا أُقبل في أي مدرسة أخرى ، تخويفًا ؛ سبب ذلك أني كنت متفوقًا في المواد العلمية ، لكنَّ الوالد أصرَّ إلا أن أدخل الجامعة الإسلامية ،
قال لهم : "الرزق بيد الله ، أنا أريده أن يتعلم العلم الشرعي" ، فالتحقت بالمعهد المتوسط بالجامعة ،
فدرسنا على مشايخ - في الحقيقة - أجلاء ، وكان أكثرهم من الأزهر ، وكانوا في علوم الآلة من الأقوياء ، ولا زالت عندي كتابات لبعضهم إلى اليوم ، كتابات خاصة بي .
ثم انتقلت إلى المعهد الثانوي بالجامعة ، وكان الأمر مثل سابقه .
ثم التحقت بكلية الشريعة ، ودرَسْت في كلية الشريعة ، وزاملت عددا من الفضلاء أذكر منهم الآن : أخي وزميلي ومن أحببته في الله وأحبني في الله : الشيخ ياسين محمود - رحمه الله رحمة واسعة - ، وكنا نتبادل الأول والثاني في الكلية ، ففي السنة الأولى كنت الأول وكان الشيخ الثاني ،
ثم في السنة الثانية كان الأول وكنت الثاني ، ثم في الثالثة والرابعة كنت الأول .
أيضًا زميلي وأخي الشيخ ترحيب الدوسري ، وهو زميلي في الدراسة ، وإن كان أسنَّ مني ،
لأنه كان قد التحق بكلية أخرى قبل أن يلتحق بكلية الشريعة ، وعدد من الفضلاء ،
وشرفت بالتتلمذ على عدد من المشايخ في الكلية ، منهم شيخي الشيخ عبدالسلام بن سالم السحيمي ، حيث تتلمذت عليه سنتين ، في كلية الشريعة ، والشيخ صالح السحيمي ، والشيخ علي الحذيفي ، وجمع من المشايخ .
تخرجت في كلية الشريعة ، وأُجبرتُ على قسم أصول الفقه ، حتى قيل لي : إن لم ترضَ بقسم أصول الفقه فلن تقبل في أي قسم آخر ، فمن فضل الله علي ، أن مشايخي كان كل منهم يوجهني في القسم الذي يريد ، كان من مشايخي من يقول لي : لا تلتحق إلا بقسم العقيدة ، نحن أريدك في قسم العقيدة ،
وكان شيخي الشيخ فيحان المطيري يقول لي : "لا تلتحق إلا بقسم الفقه ، ولا نأذن لك إلا في قسم الفقه" ، وشاء الله أن أكون في قسم الأصول ،
فعُيِّنت في قسم الأصول معيدًا ، ودرستُ السنة المنهجية ، وفي السنة الثانية أصررت على أن أدرِّس في الكلية ، فبحمد الله درَّست القواعد الفقهية منذ تقريرها في كلية الشريعة على طلاب الكلية ، فكنت أولَ من درَّسها في الكلية ، واستمرَّيت على ذلك سنين ، إلى أن انتقلت إلى التدريس في الدراسات العليا في الجامعة ، ولا زلنا - ولله الحمد والمنة - ندرِّس في الجامعة .
رزقني الله - عز وجل - نعمة عظيمة ، وهي التتلمذ على مشايخي الذين حببونا في منهج السلف ، وعلمونا أن هذا هو المنهج الصالح للعلم والعمل معًا ، فالعلم النافع هو الذي يكون على طريقة السلف الصالح - رضوان الله عليهم - ، والعمل الصالح إنما هو على طريقتهم ؛
لأنها مأخوذة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا زلنا على هذا ، وأسأل الله أن يثبتنا وإخواني على هذا وأن يميتنا عليه ، مهما خالف المخالفون .
أما الحالة الاجتماعية فأنا متزوج وموحِّد وخائف ، كلها صفات مدح ، فالزواج ممدوح شرعًا ،
والتوحيد ممدوح شرعًا ، والخوف ممدوح شرعًا . (قالها على سبيل الدعابة) .
لي من الأولاد - الحمد لله - سبعة ، خمسة من الذكور .
ألَّفتُ بعض الكتب ، بعضها مخطوط عندي ، وبعضُها نُشِر :
فمما كتبته :
1- شرح الأصول الثلاثة .
2-وشرح منظومة السعدي في القواعد الفقهية - وهي مخطوطة عندي كاملة - .
3-وشرح كتاب البيوع من منار السبيل - وقد فرَّغه بعض الفضلاء من أشرطة لي - .
4- وقواعد تعارض المصالح والمفاسد .
5- ومباحث الكتاب والسنة ودلالات الألفاظ التي أخطأ فيها الرازي .
6-والتعريفات الأصولية عند شيخ الإسلام ابن تيمية .
7- ومباحث الأمر التي انتقدها شيخ الإسلام.
رسالة الماجستير كانت عن : التأويل وأثره في أصول الفقه ، كان المشرف الشيخ عمر عبدالعزيز ، من خيرة من عرفت ، عرفتُ فيه حبه للتوحيد ،
عرفت فيه حبه لعقيدة السلف ، وعرفت فيه حبه لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ،
وكان يفرح جدًا عندما آتيه بكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية أو ابن القيم .
ثم رسالة الدكتوراة كانت بعنوان : القواعد المشتركة بين أصول الفقه والقواعد الفقهية ،
وكان المشرف عليَّ الشيخ عمر عبدالعزيز ، وهو عراقي ، الآن في قطر ، الشيخ مريض ، أسأل الله أن يشفيه ، أشرف علي في الدكتوراة ،
وانتقل إلى أم القرى قبل أن يتم الإشراف ، فطلب رسميًا أن يكمل الإشراف علي ،
ومن فضله أنه كان يأتيني إلى المدينة لساعة الإشراف ، لا أذهب إليه أنا في مكة ؛ بل يأتي بسيارته يوم الثلاثاء - لأنه لا محاضرات عنده - ،
أحيانًا يأتي مباشرة إلى الكلية ويحضر ساعة الإشراف ثم قد يسافر من نفس الليلة إلى مكة ، وهذا أمر لا أظن أن أحدًا يفعله ،
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجزيه عني خير الجزاء .
هذا بعض ما يحضرني في هذا المقام ، وهو أمر على كل حال ، لا أظن أن فيه فائدة سوى ألا نسمع لغوًا .
-----------------------
انتهى مفرَّغًا من شريط "الدرر العتيقة في جلسة العقيقة" .
ولا بأس بنقل الموضوع لمن أراد ذلك ، لعموم الفائدة .