كُلُّ قَاتِـل مَقْتُول ..

المستقرئ للتاريخ يجد عبرةً وخبراً ليس بالأغاليط .. فكل بطاح من الناس له يوم بطوح .. وكل من أسرف في ظلمه للعباد ، وأكثر في الأرض الفساد ، فهو في غالب أمره يكون مصرعه من جنس عمله .. سنة ربانية ، والجزاء من جنس العمل ..

وقلَّب أيها الناظر في تضاعيف كتب التاريخ : ترى كل من تصدر لقمة الهرم حاكماً ، فسلك سبيل المصلحين كان جزاؤه : صفحات جميلة من الثناء والدعاء من قومه وشعبه الكريم ، ودخل في تلك الخيرية النبوية القائلة على من نطق بها الصلاة والسلام : ( خير أمرائكم من تدعون لهم ، ويدعون لكم ) ..

ومن سلك سبيل الظلم والفساد ، فحياته : معانة وألم ، وهم وغم .. ونهايته في الغالب : قصة قتل أليمة ، أو عادلة .. أو نفي وتشريد .. لأنه اختار طريق المفسدين في الأرض والله يقول : ( وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) ..

ولو كان عاقلاً ، لسلك سبيل المصلحين ، وعاش حياته سعيداً ، ومات حميداً ..

ماذا على السلطانِ لو أجرى الذي ... تشتاقُهُ الأحـــرارُ من إصــلاحِ
تاللهِ لو منــــحَ الرعيــــــــــ ةَ حقَّـها ... لفــــــداه كلُّ الشعبِ بالأرواحِ

وانظروا إلى حب الناس لمن عدل ، وأصلح معاشهم ، واقتصادهم ، وحافظ على أمنهم وأمانهم .. كيف تلك القلوب تدعو له بالليل والنهار بالحفظ والبقاء ، وتردد مكثرةً لدعاء الرحمة والمغفرة يوم يودعها إلى دار آخرته وجزائه ..

ويصدق عليه قول القائل :
ما مات من سمت البلاد برأيه .. فشواهد التاريخ تبقي من عمر

إنها الحقيقة الربانية : من أصلح صلح حاله ومآله ، ومن أفسد وظلم .. عاش ذليلَ أسرِ ظلمه ، وعاقبته حسرة وألم وندامة .. وكل قاتل مقتول، و كل خاذل مخذول ، وكن كيف شئت فكما تدين تدان .. وللأكابر والحكماء ، شعر جميل تقول فيه :

إذَا مكَــنـتَ بِالسَكِــينِ كَفـــاً ... لِقتلِ النَاسِ فاذكَر الَسبــيلا
رأى عِيسَى قَتِيلاً فِي طَريِقِ ... فعَضَ عَلى أنَامِلِهِ طَـــــويلا
وقـــاَلَ لِمن قَتلتَ نَراَك حَتى ... غَدوت كَما أرى مُلقَى قَتِيلا
وَقاتلـك الـــذي أرَادك أيــضَــاً ... يَذوُقَ القَتلَ فَالْـيُطـلِ العويلا.

حسن بن محمد الحملي.