بحث مفصل في حكم طواف الحائض
من أفضل ما قرأت في مسألة طواف الحائض بحثبعنوان " حكم الطهارة من الحدث للطواف "
للدكتور \ عبد الله بن إبراهيم الزاحم
في مجلة البحوث الإسلامية العدد 55 ص161 .
ذكر فيه أربعة أقوال للعلماء في المسألة وأدلتهم بالتفصيل كما حرر رأيشيخ الإسلام ومراحله وأدلته بالتفصيل ، وانتهى إلى ترجيح رأي الجمهور وأن الطهارةشرط في صحة الطواف ، فقال : " لا شك أن من يقرأ كلام شيخ الإسلام رحمه اللهفي هذه المسألة وما أورده من حجج لتأييد ما ذهب إليه وما ساقه من نصوص وقواعد تشهدلما اختاره، يدرك شيئا مما وهب الله لهذا العالم الجليل والفقيه النحرير من مقدرةعجيبة لسوق الأدلة في المسألة التي يبحثها، وفهم ثاقب وتحليل دقيق للنصوص.
كما يلحظ من إيراد الاحتمالات التي يمكن أن تؤمر به الحائض، الأفقالواسع، والنظرة الشاملة، بل الإحساس المرهف بأحوال أولئك المضطرين ومدى معاناتهم.
وقبل أن أشير إلى الرأي الذي أختاره أنبه إلى أمر يكون توطئة لهذاالاختيار وهو: أن ابن القيم رحمه الله أورد هذه المسألة ضمن الأمثلة التي أوردهاعلى تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد.
فقال: " المثال السادس: أن النبي صلى الله عليه وسلم منع الحائضمن الطواف بالبيت حتى تطهر وقال: «واصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت »فظن من ظن أن هذا حكم عام في جميع الأحوال والأزمان، ولم يفرق بين حال القدرةوالعجز ولا بين زمن إمكان الاحتباس لها حتى تطهر وتطوف وبين الزمن الذي لا يمكنفيه ذلك، وتمسك بظاهر النص. . . " .
ثم قال : "
ثانيا: سبب الاختيار:
يمكن أن أجمل سبب اختياري لرأي الجمهور في النقاط التالية:
1 - عدم التسليم بعدم ورود الأمر بالطهارة للطواف.
2 - عدم التسليم بعدم ورود الدليل المانع للمحدث من الطواف.
3 - خلاف الأحناف في هذه المسألة ليست حجة تبرر الخلاف.
4 - منع القول باضطرار الحائض للطواف في زمننا وعموم البلوى لهذهالمسألة.
5 - منع الحائض من الطواف لا ينافي مقاصد الشريعة. "
ثم فصّل في هذه النقاط وبين أدلته فيها ، وقال في الخاتمة: "
في نهاية هذا التجوال في ثنايا البحث، حيث طوفنا بأقوال العلماء فيهذه المسألة المهمة من مسائل الطواف، وما استدل به كل فريق لقوله.
ووقفنا مع شيخ الإسلام أبي العباس تقي الدين بن تيمية أثناء تعرضهلهذه المسألة، وما أجال فيها رحمه الله من واسع نظره، وغزير علمه، وقوة حجته،وأشرنا إلى بعض الأصول التي ينبني عليها الخلاف في هذه المسألة.
يحسن في نهاية هذا البحث أن أشير إلى أهم ما توصلت إليه من نتائج،ويمكن إجمال ذلك في النقاط التالية:
1 - أن العلماء مختلفون في هذه المسألة على أربعة أقوال، والمشهور منذلك قولان.
2 - أن ما نسب إلى بعض الأحناف من القول بأنها سنة، ليس المراد بذلكالسنة الاصطلاحية، وإنما المراد ثبوتها بالسنة، لتحقيق صفة الواجب بتركها.
3 - أن نسبة القول بوجوب الطهارة للإمام أحمد، محل نظر، لأنه لم ينصعليها، وإنما استنبطها القاضي وغيره من مفهوم كلامه في بعض الحالات.
4 - أن نسبة القول باستحباب الطهارة للإمام أحمد، محل نظر، لأنهامخرجة على قوله في الناسي.
5 - أن القول بعدم ورود الأمر بالطهارة للطواف، غير مسلم.
6 - أن عدم الأمر الصريح بالطهارة ليس دليلا على عدم وجوبها أواشتراطها.
7 - أن القول بعدم ورود الدليل المانع للمحدث من الطواف، غير مسلم.
8 - أن خلاف الأحناف في هذه المسألة ينبغي ألا يعبأ به؛ لأنه خلاف لايرجع إلى صحة دليل، أو قوة تعليل، وإنما يرجع إلى خلاف أصولي.
9 - أن هذه الأصول التي تمسك بها الأحناف في هذه المسألة، أصول غيرسديدة، إذ ردوا بها الأحاديث الصحيحة، والسنن الثابتة، فينبغي عدم التعويل عليها.
10 - عدم التسليم باضطرار الحائض للطواف في زمننا.
11 - أن تفريق الظاهرية بين الحائض والنفساء في الطواف لا يساعد عليهنقل ولا نظر.
12 - أن ما ترجح من القول باشتراط الطهارة لصحة الطواف مع القدرةعليها وأن الحائض لا يصح طوافها هو الذي تؤيده الأدلة الشرعية.
والحمد لله في الأولى والآخرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلىآله وصحبه أجمعين ".