قال الامام الاجري رحمه الله في كتابه ادب النفوس :" فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لِمَ أَلْزَمْتَنِي هَذَا الْحَذَرَ مِنَ النَّفْسِ حَتَّى جَعَلْتَهُ أَشَدَّ حَالًا مِنْ عَدُوٍّ وَقَدْ تَبَيَّنْتُ عَدَاوَتَهُ؟ قِيلَ لَهُ: إِنَّ عَدُوَّكَ الَّذِي يُرِيدُ قَتْلَكَ , أَوْ أَخْذَ مَالِكَ , أَوِ انْتِهَاكَ عِرْضِكَ , إِنْ ظَفِرَ مِنْكَ بِمَا يُؤَمَّلُهُ مِنْكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُكَفِّرُ عَنْكَ بِهِ السَّيِّئَاتِ , وَيَرْفَعُ لَكَ بِهِ الدَّرَجَاتِ , وَلَيْسَ النَّفْسُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ إِنْ ظَفَرَتْ مِنْكَ بِمَا تَهْوَى مِمَّا قَدْ نُهِيَتْ عَنْهُ , كَانَ فِيهِ هَلَكَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَالْفَضِيحَةُ مَعَ شِدَّةِ الْعُقُوبَةِ , وَسُوءُ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ سُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْآخِرَةِ. فَالْعَاقِلُ، يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ، يُلْزِمُ نَفْسَهُ الْحَذَرَ وَالْجِهَادَ لَهُ أَشَدَّ مِنْ مُجَاهَدَةِ الْأَقْرَانِ مِمَّنْ يُرِيدُ مَالَهُ وَنَفْسَهُ , فَجَاهِدْهَا عِنْدَ الرِّضَا وَالْغَضَبِ , كَذَا أَدَّبَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ , قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: ثنا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ , قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ , عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ , عَنْ أَبِي هَانِئٍ الْخَوْلَانِيِّ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ , عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ , قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُولُ: «الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» اخرجه الاجري في كتابه ادب النفوس و الإمام أحمد في المسند(6/22)من حديث فضالة بن عبيد-رضي الله عنه-،وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله-في السلسلة الصحيحة(549) قال ابن القيم رحمه الله تعالى :" سبحان الله ؛ في النفس كبر إبليس ، وحسد قابيل ، وعتو عاد ، وطغيان ثمود ، وجرأة نمرود ، واستطالة فرعون ، وبغي قارون ، وقحة هامان" . فاذا كانت النفس بهذه الخطورة وهذه الشرور فاستعذ بالله من شرها واسال الله ان لا يكلك اليها وراقب نفسك في كل حركة وسكون واكثر من قول صلى الله عليه وسلم: ( اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ).حسنه الألباني في صحيح أبي داود، 3/ 250