المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبورملة
المذهب الثاني: إنه شرك أكبر
وأول من رأيته ذهب إلى هذا صريحا الشيخ محمد ابن عبد الوهاب وأتباعه
نعم
قال الامام عبد العزيز ابن باز رحمه الله
"طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيره من الأموات لا يجوز ، وهو شرك أكبر عند أهل العلم ؛ لأنه لا يملك شيئاً بعدما مات عليه الصلاة والسلام ، والله يقول : (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا) الزمر/44 .
فالشفاعة ملكه سبحانه وتعالى ، والنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات لا يملكون التصرف بعد الموت في شفاعة ولا في دعاء ولا في غير ذلك ، الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث : (صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له) وإنما جاء أنها تعرض عليه الصلاة والسلام ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولهذا قال : (صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) .
وأما حديث إنه تعرض عليه الأعمال فما وجد فيها من خير حمد الله وما وجد فيها من شر استغفر لنا فهذا حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو صح لم يكن فيه دلالة على أننا نطلب منه الشفاعة .
فالحاصل أن طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيره من الأموات أمر لا يجوز ،
وهو على القاعدة الشرعية من الشرك الأكبر ؛
لأنه طلب من الميت شيئاً لا يقدر عليه ، كما لو طلب منه شفاء المريض ، أو النصر على الأعداء أو غوث المكروبين أو ما أشبه ذلك ،
فكل هذا من أنواع الشرك الأكبر ،
ولا فرق بين طلب هذا من النبي صلى الله عليه وسلم ، أو من الشيخ عبد القادر ، أو من فلان أو فلان ،
أو من البدوي أو من الحسين أو غير ذلك ؛ طلب هذا من الموتى أمر لا يجوز ،
وهو من أقسام الشرك .
وإنما الميت يترحم عليه إذا كان مسلماً ، ويدعى له بالمغفرة والرحمة ، والنبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم عليه مسلم يصلي عليه ـ عليه الصلاة والسلام ـ ويدعو له ،
أما أن يطلبه المدد أو الشفاعة أو النصر على الأعداء كل هذا لا يجوز ،
وهذا من عمل أهل الجاهلية ومن عمل أهل الشرك ، فيجب على المسلم أن ينتبه لهذا وأن يحذر مثل هذا" انتهى .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
: كثير من الطلبة يفهم من الشرك أنه طلب قضاء الحاجة من الأموات ، وأنه إذا طلب من الميت الشفاعة والدعاء ، يعني يدعو له ، فيقول هذا ليس من الشرك لكن يكون بدعة ؟
فأجاب رحمه الله :
(( هذا من الشرك الأكبر لا يستطيعون أن يدعوا له ولا يشفعوا له ، كلهم مرتهنون بأعمالهم ، والدعاء والشفاعة تكون في حياته ، ولهذا لما استسقى عمر بالصحابة لم يستسق بالنبي صلى الله عليه وسلم يشفع لهم إنما استسقوا بالعباس وبيزيد بن الأسود وبالدعاء ، ولو كان هذا شرعيًا لاستسقوا بالنبي وقالوا : ادع لنا يا رسول الله ))
وسئل رحمه الله : صرح بعض الناس أن هذا قول ابن تيمية ؟
فأجاب : صرح ابن تيمية بأن هذا شرك أكبر.
قال شيخ الإسلام : (( وقد يخاطبون الميت عند قبره : سل لي ربك . أو يخاطبون الحي وهو غائب كما يخاطبونه لو كان حاضرًا حيا ، وينشدون قصائد يقول احدهم فيها : يا سيدي فلان أنا في حسبك ، أنا في جوارك ،اشفع لي إلى الله ، سل الله لنا أن ينصرنا على عدونا ، سل الله أن يكشف عنا هذه الشدة ، أشكو إليك كذا وكذا فسل الله أن يكشف هذه الكربة . أو أن يقول أحدهم : سل الله أن يغفر لي ... فهذه الأنواع من خطاب الملائكة والأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وفي مغيبهم وخطاب تماثيلهم هو من أعظم أنواع الشرك ... ))
هذا قول شيخ الإسلام الواضح الذي لا لبس فيه ، وهو الذي فهمه أهل العلم كما صرح بذلك الشيخ ابن باز رحمه الله سوى بين طلب الدعاء من الغائب وطلب الدعاء من الميت عند قبره وطلب الشفاعة منه ، وجعل الثلاثة من أعظم أنواع الشرك ،
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" ومن الشبه التي تعلقوا بها : قضية الشفاعة ؛ حيث يقولون : نحن لا نريد من الأولياء والصالحين قضاء الحاجات من دون الله ، ولكن نريد منهم أن يشفعوا لنا عند الله ؛ لأنهم أهل صلاح ومكانة عند الله ؛ فنحن نريد بجاههم وشفاعتهم .
والجواب : أن هذا هو عين ما قاله المشركون من قبل في تسويغ ما هم عليه ، وقد كفَّرهم الله ، وسمَّاهم مشركين ؛ كما في قوله تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) انتهى .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، في القسم الثالث من أقسام دعاء المخلوق :
( أن تدعو مخلوقاً ميتاً ، لا يجيب بالوسائل الحسية المعلومة ، فهذا شرك أكبر أيضاً ، لأنه لا يدعو من كان هذا حاله حتى يعتقد أن له تصرفاً خفياً في الكون ).
يقول الشيخ صالح آل الشيخ في شرح كشف الشبهات
قال- أي شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب - (فإن قال- أي المشرك-:
النبي أُعطي الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله تعالى.)
فالجواب:
أن الله أعطاه الشفاعة ونهاك عن هذا- يعني نهاك عن طلب الشفاعة -
فقال سبحانه ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن: 18]، فإذا كنت تدعو الله أن يشفّع نبيّه فيك فأطعه في قوله: ﴿فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾)
وهذا دليل وبرهان سديد للغاية.كما ذكرت لك أن الشفاعة طلب والشفاعة هي الدعاء، فإذا طلب أحد من النبي وهو في البرزخ -مع حياته الكاملة عليه الصلاة والسلام أكمل من حياة الشهداء عليه الصلاة والسلام- إذا طُلب منه أن يشفع، فهذا الطالب سأله والسؤال دعاء، فحقيقة طلب الشفاعة أنها دعوة الميت -سؤال الميت-، سؤال النبي عليه الصلاة والسلام في قبره وهو في الرفيق الأعلى عليه الصلاة والسلام، سؤاله ودعاؤه وقد طلب منه، فإذا قال القائل: يا محمد، يا رسول الله اشفع لي. فقد دعاه وطلب منه، إذا قال: يا محمد، يا رسول الله اسأل الله لي. فقد سأله وطلب منه عليه الصلاة والسلام، وهذا طلب الدعاء ممن ليس في الحياة الدنيا ممن هو عند الله جل وعلا، والله سبحانه نهانا أن ندعوا أحدا غيرَه فقال جل وعلا (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)، وقوله (فَلا تَدْعُوا) هذا نهي، نهانا عن الدعاء.
ومن المعلوم المتقرر في الأصول أنَّ الفعل المضارع لاشتماله على مصدر ينزل منزلة النكرة في سياق النهي أو النفي فتعم أنواع الدعاء، (فَلا تَدْعُوا) هذا يعم جميع أنواع الدعاء؛ لا يدعى مع الله أحدا؛ دعاء استغاثة، دعاء استعانة، دعاء استسقاء، دعاء شفاعة، دعاء نذر إلى آخره، فجميع هذه الأنواع داخلة في النهي في قوله جل وعلا (فَلا تَدْعُوا) دعاء العبادة ودعاء المسألة، وكذلك دلّت الآية على عموم آخر وهو قوله جل وعلا (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)؛ لأن (أَحَدًا) نكرة جاءت في سياق النهي فدلت على عموم كلِّ أحد، فالملائكة لا يدعون والأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه لا يُدعون، وكذلك الصالحون ممن انتقلوا عن الدنيا لا يُدعون، والأولياء الأموات لا يُدعون، والشهداء شهداء المعركة لا يُدعون أيضا.
س/ سئل الشيخ صالح ال الشيخ
: ما رأيك فيمن ينسب لشيخ الإسلام ابن تيمية أن سؤال الميت أن يدعو الله لك ليس من الشرك الأكبر بل هو بدعة؟
ج/ هذا جاء في كلام شيخ الإسلام صحيح لكن البدعة يريد بها البدعة الحادثة؛ يعني التي حدثت في هذا الأمة، وليس مراده رحمه الله بالبدعة أنها البدعة التي ليست شركا لأن البدع التي حدثت في الأمة منها بدع كفرية شركية ومنها بدع دون ذلك فإذن قوله: وأما سؤال الميت أن يدعو الله للسائل فإنه بدعة. يعني هذا حدث في هذه الأمة حتى أهل الجاهلية ما يفعلون هذا، ما يقولون أدعو الله لنا، إنما يقولون اشفع لنا.
فمسألة أن يطلب من الميت الدعاء هذه بدعة حدثت، حتى المشركين ليست عندهم، وأهل الجاهلية ليست عندهم بل حدثت في هذه الأمة، وإنما كان عند أهل الجاهلية الطلب بلفظ الشفاعة اشفع لنا، يأتون ويتقربون لأجل أن يشفع، يتعبدون لأجل أن يشفع أو يخاطبونه بالشفاعة ويقولون اشفع لنا بكذا وكذا، أما أدع الله لنا هذه بدعة حدثت في الأمة.
فكلام شيخ الإسلام صحيح أنها بدعة محدثة، وكونها بدعة لا يعني أن لا تكون شركا أكبر، فبناء القباب على القبور وسؤال أصحابها والتوجه إليها على هذا النحو الذي تراه من مشاهد والحج إلى هذه المشاهد وجعل لها مناسك كلها بدعة، نقول بدعة حدثت في هذه الأمة، وهي يعني سؤال أصحاب هذه المشاهد والذبح لها وعلى هذا النحو الموجود لم يكن موجودا في الجاهلية على هذا النحو، وإنما كانت عبادتهم للأموات على شكل أصنام وأوثان والتجاء للقبور وأشباه ذلك؛ لكن ليس على هذا النحو، فلم يكن أهل الجاهلية يحجون كالحج إلى بيت الله الحرام يحجون إلى مشهد أو إلى قبر أو ما أشبه ذلك.نقول هذه بدعة؛ لكن هل يعني أن هذا ليس شركا أكبر؛ لا؟ لأن البدع منها ما هو مكفِّر.
سئل فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ ـ حفظه الله :
(( من سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له وأن يطلب له المغفرة من الله بعد موته هل هذا شرك ؟
فأجاب :
الجواب نعم هو شرك أكبر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعى بعد موته ، فطلب الدعاء من الميت وطلب الدعاء بالإغاثة أو الاستسقاء ، يعني أن يدعو الله أن يغيث أو أن يدعو الله أن يغفر أن يدعو الله أن يعطي ونحو ذلك ، هذا كله داخل في لفظ الدعاء ، والله عز وجل قال وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا( [ الجن : 18 ] والذي يقول : إن هذه الصورة وهي طلب الدعاء يخرج عن الطلب الذي به يكون الشرك شركًا . فإنه ينقض أصل التوحيد كله في هذا الباب ، فكل انواع الطلب ، طلب الجعاء ، يعني طلب الدعاء من الميت ، طلب المغفرة من الميت ، أو طلب الإعانة أو نحو ذلك كلها باب واحد هي طلب ، والطلب جعاء فداخلة في قوله تعالى :}وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ** [ المؤمنون : 117 ] وفي قوله : }وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ** [ فاطر : 13 ] ونحو ذلك من الآيات ، فالتفريق مضاد للدليل . ومن فهم من كلام بعض أئمتنا التفريق ، أو أن هذا ـ طلب الدعاء من الميت ـ أنه بدعة ، لا يعني أنه ليس بشرك ، بل بدعة شركية يعني ما كان اهل الجاهلية يفعلونه ، وإنما كانوا يتقربون ليدعوا لهم لكن أن يطلب من الميت هذا بدعة ما كانت اصلا موجودة لا عند الجاهلين ولا عند المسلمين فحدثت فهي بدعة ولا شك ، ولكنها بدعة شركية كفرية ، وهي معنى الشفاعة ، إيش معنى الشفاعة التي من طلبها من غير الله فقد أشرك ؟
الشفاعة طلب الدعاء ، طلب الدعاء من الميت هو الشفاعة )
قال الشيخ صالح آل الشيخ
لأن "المشركين لم يكونوا يطلبون من آلهتهم الدّعاء، لم يكونوا يطلبون من أوثانهم لتشفع ولكن كانوا يتقربون إليها لتشفع.
فإذن صورة طلب الشفاعة من الميّت محدثة.
ولهذا يُعَبِّر كثير من أهل العلم عن طلب الشفاعة من الأموات بأنها بدعة محدثة؛ لأنّها لم تكن فيما قبل الزمان الذي أُحدثت فيه تلك المحدثات في هذه الأمة.
فإذاً تعبير بعض أهل العلم عنها بأنها بدعة، لا يعني أنها ليست بشرك؛ لأنَّ البِدَعَ منها ما هو كفري شركي ومنها ما هو دون ذلك".
شرح العقيدة الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ