وهذه مقطوعة عنوانها ( الدعاء للميت خير من تأبينه ) وقد قالها في مستشفى فؤاد الأول بالقاهرة في ربيع الآخر سنة 1368هـ، وفي ضمنها معنى من معاني الوفاء، ألا وهو الدعاء للميت؛ فهو خير ما يقدمه الصاحب لصاحبه بعد موته.
وهذه المقطوعة من أجمل ما قيل في هذا المعنى من شعر؛ يقول - رحمه الله - :
تـسائلني هل في صحابك شاعرٌ * إذا مـت قـال الشعر وهو حزينُ

فـقلت لـها: لا همَّ لي بعد موتتي * سوى أن أرى أخراي كيف تكون



وما الشعر بالمغني فتيلاً عن امرئ * يـلاقي جـزاءًا والـجزاءُ مُهين

وإن أحظ بالرُّحمى فماليَ من هوىً * سـواها وأهـواء النفوسِ شجون

فَـخَلِّ فـعولنْ فـاعلاتنْ تقال في * أنـاس لـهم فـوق التراب شؤون

وإن شـئت تـأبينيْ فدعوةُ ساجدٍ * لـها بـين أحـناءِ الضلوع حنينُ
وهذه مقطوعة عنوانها: ( بين الشفقة والشوق )، وقد قالها عند زيارة بعض الأصدقاء بتونس:
وأديـبٍ أيـقظتُه مـن رقادٍ * لـنصيد الإيناس من ألفاظه

طاب في جفنه النعاسُ وظنَّتْ * رُفـقةٌ أن تهيج نارُ اغتياظه

وصـحا باسماً وحيا فأَبْصَرْ * نا سنا البشر جال في ألحاظه

نـحن نهوى له الهناءة لكن * حـرُّ شـوقٍ دعا إلى إيقاظه
وقال في مقطوعة عنوانها ( الصداقة وحرية الرأي ):

أيصفو لي من الأصحاب خلٌّ * لـه أدبٌ أرق مـن iالسُّلاف

أَهـيم بـه الحياةَ وما هيامي * بـغير الألـمعية iوالـعفاف

يناقش أو يخالف بعض رأي * فـأبهج بـالنقاش وبالخلاف

وأوثـر أن أكون محبَّ حرٍّ * فحرُّ الرأي أمثل من تصافي
وقال في مقطوعة عنوانها ( الصداقة والعزلة ):

أريد أخاً كالماء يجري على الصفا * نقياً فيصفو لي على القرب والبعد

وأرسلت لحظ الفكر في القوم ناقداً * وأوصـيته ألا يـبالغ فـي النقد

فلا ضير في ودٍّ تغاضيت فيه عن * لـواذعَ يـأتيها الـصديق بـلا

عـمد فعاد وكم لاقى لساناً مماذقا * ومـن خـلفه قـلبٌ خليٌّ من الود

ولولا ارتياحي للنضال عن الهدى * لـفتَّشْت عن وادٍ أعيش به وحدي
وقال في مقطوعة عنوانها ( المحبة الصادقة )، تصويراً للصداقة الصحيحة:
نُـبِّـئْتُ أنــك مـوجـعٌ * فـارتاع قـلبي وانـتفض

مـا ضـر لو كنتُ المري * ضَ وزال عن خِلي المرض

وجـع الـقلوب أشـد مـن * وجـع الـجسوم إذا عرض

لا خــلَّ إلا مــن يـبي * ت إذا مرضت على مضض
رحم الله الشيخ