طبعاً ، لكلِّ فنٍ رجاله ، الذين هم أهله وخاصته ، ولا ينبغي أن يعتمد قول غيرهم ، ممن ليس في رتبتهم ، ولم يصل الى معنى الكمال في فنهم وتخصصهم ؛ ثم قوله يحمل مغالطات كثيرة ، ولعل يأتي عما قريبٍ مناقشتها ، فأما قوله :" فإن قلت ليست أصحيتهما لمجرد اشتمال رواتهما على الشروط التي اعتبراها بل ولتلقي الأمة بعدهما لقبول كتابيهما وهذا منتف في غيرهما قلت تلقي الأمة لجميع ما في كتابيهما ممنوع أما لرواتهما فلما ذكر المصنف وأما لمتون أحاديثهما فلأنه لم يقع الإجماع على العمل بمضمونها ولا على تقديمها على معارضها .." .
وهذا كلامٌ غير صحيح ، فالأمة تلقت كتابيهما لأنهما أصحَّ كتابين بعد كتاب الله ، جلَّ وعلا ، ثم أنه ينفي تلقي قبول الأمة لكتبابيها ؛ وهذه مغالطةٌ أخرى منه ، فقد نقل جماعةٌ كبيرةٌ الإجماع على عكس ما نفاه ،قال ابن الملقن في "التوضيح شرح الجامع الصحيح" :" "وأجمعت الأمة على صحة كتابه ، وكتاب مسلم ، ومعناه أنه يجب العمل بأحاديثهما ، وأنهما يفيدان الظن ، إلا ما تواتر منها ، فيفيد العلم ، وقال قومٌ : إنها كلها تفيد العلم القطعي ، وأنكره الجمهور والمحققون " .
ثم قوله : " ومما ينبغي التنبه له أن أصحيتهما على ما سواهما تنزلاً ؛ إنما يكون يلزمانها من بعدهما ، لا المجتهدون المتقدمون عليهما، فإن هذا مع ظهوره ؛ قد يخفى على بعضهم ، أو يغالط به والله سبحانه أعلم " .
ولا أدر من يغالط في هذا ، فلم أقف في حياتي على عالمٍ واحدٍ من أهل العلم ، قال :أن الإجماع يلزم المتقدمين عنهما _أعني: الشيخان_ ، وأنَّى لهم ذلك ؟!.
هذا ؛ وله كلامٌ أخر قبل هذا ، يحتاجُ إلى تعقيب وتحرير ، ولعلَّه يأتي معنا _ إن شاء الله تعالى _ .