الشخصية المسلمة التي يخشاها الغرب
ما أعظمَ تأثيرَ الكلمةِ على النفوس! تستطيع بكلمةٍ استمالةَ القلوب، وتفجيرَ الطاقات الكامنة، والمواهبِ الخاملة، وبكلمةٍ أخرى تَصْنع النقيضَ، ودرجاتُ التأثُّر تختلِف مِن شخص لآخَرَ، ولكن المؤكَّد أنَّ الكلمة تترُك أثرًا.
وبِناء الثِّقة كبناءِ البيت، تُبنَى لَبِنةً لَبِنة، بالاستماعِ الجيِّد، وطرْح المشكلات لاستنتاجِ الحلول، والتحفيز للأفضل، وكلَّما أسَّسْنا خُطوةً لتصبح جزءًا مِن شخصية أبنائِنا، ازدَدْنا قُربًا مِن شخصية متوازنة، لدَيها مِن الثقة ما يجعلها كُفْئًا للإدارة والتفكير الجيِّد المبنيِّ على التحليلِ والاستنتاج.
وليس المقصودُ بالثِّقة الغرورَ والتعالي على الآخَرين، وإنَّما الثِّقة التي يَنتفي معها التردُّدُ، وتستطيع في ظلِّها اتخاذَ القرار السليم، وقياس أبعادِه بالمقارنة بيْن الإيجابيات والسلبيات أو المخاطر - إنْ وُجِدت.
ولعلَّ أهمَّ ما كان يخشاه الغرْبُ أن يجمع المسلِمُ بين الوعي والعِلم في شخصيةٍ قياديَّة ناجِحة، وبين التقوى والورَع في الدِّين؛ ليصبحَ نموذجًا مثاليًّا بالنسبة لنموذج الإنسان في الغَرْب، الذي تخلَّى عن مبادئ دِينه، واكتفى بدُنياه، فتَرْجَح بذلك كِفَّةُ المسلِم، ولا يستطيع التغلُّبَ عليه، وتحقيقَ مآربه في الهيمنة وبسْط النفوذ، فاشتغل على جانبِ الدِّين فأغراه بنفايات الحضارة.
ولم يَكتفِ بهذا، فاشتغل على جانبِ الوعي والعِلم فأغراه بالمادَّة وحبِّ الدنيا، فركن إليهما ونحَّى العِلم والبحْث العِلمي جانبًا، وقنع منهما بما سَمَح له الغرْبُ؛ لنَصِلَ إلى تلك النتيجة.
والآن هذه هي المشكلةُ التي نَطْرَحها: كيف تُبنَى من جديدٍ تلك الشخصيةُ المسلِمة التي يخشاها الغَرْب؟
وأقول: "مِن جديد"؛ لأنَّها كانتْ موجودةً إلى أن وَجَد الغَرْب منفذًا ليصلَ إليها في نِقاط ضَعْف ألَمَّت بها، ثم شكَّلها كما يريد.
نحتاج لحل هذه المشكلة:
1- أن نتعرَّف أولاً على نِقاط الضَّعْف.
2- ثم كيف نُحوِّل نقاطَ الضَّعْف إلى نِقاط قوَّة؟
3- وما هي الوسائلُ المساعِدة على هذا التحوُّل؟
4- وما هي آليةُ العمل لننجحَ في هذه المهمَّة؟
وأعتقد أنَّ الانطلاقةَ يجب أن تكونَ في الإصلاح، وأن يُصبِح هدفًا لدَى جميع المسلمين، وأن يتوحَّدوا على ذلك؛ لأنَّ تبايُنَ المصالِح قد يجعله هدفًا لدَى البعض دون الآخَر.
وما دام الغَرْبُ نفَذ إلينا عن طريقِ الدِّين والعِلم؛ لذلك فإنَّ أساسَ الإصلاح هو الاهتمامُ بالدِّين والعلم، عن طريقِ زيادة الوعي الدِّيني، واستعادة الشبابِ مِن دوَّامة التقليد والانبهار بزُخرف الدنيا.
ثانيًا: الاهتمام بتطويرِ التعليم، وارتقاء البحْث العِلمي، ولا يُغيِّر الله ما بقوم حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم، وطريق الألْف المِيل يبدأ بخُطوة، فمتى نبدأها؟!