على الرغم من كون الشمس كانت قد أوشكت على الغروب إلا أن هذا لم يمنع ذلك الرجل من السكان المحليين أن يغوص بأقدامه في البحر جائياً ذاهباً غير مبالٍ بالظلام الذي بدأ يحل على الشاطيء .
اقتربت منه فوجدته يحمل أحد حيوانات نجم البحر والتي تقذف الأمواج بها على الشاطيء فقط لتلقى حتفها،ولكن هذا الرجل أبى أن يكون هذا مصيرها فكان يحملها واحداً بعد واحد ليعيدها إلى البحر وإلى الحياة مرة ثانية.
اقتربت منه قائلاً له: ما فائدة عملك هذا ؟؟
ألا ترى تلك الآلاف المؤلفة التي تنتشر بطول الشاطيء وعرضه من هذا الحيوان؟؟
ماذا عساك تفعل؟؟
ألا ترى أن عملك هذا لن يغير من مصير تلك الآلاف شيئاً؟؟
ابتسم الرجل وانحنى ليلتقط نجم بحر آخر،ثم يرميه في البحر قائلاً: ((لقد تغير مصير نجم البحر هذا،أليس كذلك؟!)).
ثم انصرف الرجل وتركني.
تأملت في منطقه طويلاً.....ثم قلت لنفسي:
إي والله لقد صدق الرجل إننا لا ننظر إلا إلى التأثيرات العظيمة...إننا لا نلتفت للعمل الصغير على الرغم من أنه ليس صغيراً أبداً لا عند الله ولا عند من انتفع بهذا العمل...
وتلك لعمري مشكلة من أكبر مشاكلنا...
إننا لا نقنع سوى بالجماهير الغفيرة....
لا نقنع سوى بالأعداد الضخام....ينصرف الداعية عن المسجد فلا يعود إليه؛لأن المسجد غير ممتليء
لا نرضى سوى بالمشاريع الضخمة والمؤسسات واسعة النشاط...
أما الآداء الفردي...
أما الأشياء الدقيقة الفعالة....
فنحن زاهدون فيها مقللون من شأنها وأثرها...
على الرغم من أن عصرنا هو عصر الترانزستور والأشياء الدقيقة الفعالة..
وعلى الرغم من كوننا أهل دين يضرب كتابه المثل للخير بالذرة...ويضرب نبيه المثل للخير بشق تمرة...
ألا ترون أننا بالفعل أمام مشكلة كبيرة...وأؤكد أنها مشكلة كبيرة؛لعلمي أنكم لا تلتفتون إلا إلى الأشياء الكبيرة...