حقيقة الرسول صلى الله عليه وسلم
بين الصوفية وأهل السنة



الإسلام اليوم 7/12/1428
16/12/2007



الكتاب
حقيقة الرسول صلى الله عليه وسلم
بين الصوفية وأهل السنة

المؤلف
عطية عدلان

عرض
محمد سيد بركة

سنة النشر
القاهرة 1428 هـ/ 2007 م


تتميز العقيدة الإسلامية– من بين كل العقائد وجميع التصورات السائدة في الأرض اليوم– بالوضوح التام والبساطة الشديدة والانسجام الكامل مع العقل السليم والفطرة السوية, وهذا من أسرار جمالها وكمالها وبرهان صدقها وربّانيتها.
فلا يوجد في العقيدة الإسلامية– برغم قوتها– أدنى تعقيد، وليس فيها– برغم شمولها واتساعها– شائبة التباس، وليس فيها– برغم عمقها وأصالتها وروعة تركيبها– شيء ولو قليل من الطلسمة أو الإغراب.. وسبب ذلك بسيط جدًا فهي ليست من صنع البشر وإنما هي ربانية المصدر سماوية المنبع...
ويعد التصور الإسلامي لشخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومكانته ومنزلته وواجب المسلمين تجاهه جزءًا لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية، ومما لا شك فيه أنه تصور في غاية الوضوح والصفاء والنقاء لم يتلبس بشيء يخالف الفطرة السوية، ولم يشبه ما شاب كثيرًا من التصورات من خرافات وأباطيل..
ومن ثم يأتي كتاب "عطية عدلان" «حقيقة الرسول صلى الله علية وسلم بين الصوفية وأهل السنة» ليوضح ذلك التصور المستقيم المعتدل والذي يمثل أصدق تمثيل وسطية العقيدة الإسلامية ونزاهتها التامّة عن كل ما يخل بالعدل والوسطية من الغلو والجفاء...
فرسول الله صلى الله عليه وسلم بشر ككل البشر يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق، ومحكوم عليه بالموت ككل البشر، ولم يكن صلى الله عليه وسلم ملكًا من الملائكة، ولم يَدَّع ذلك.
كذلك لم يكن صلى الله عليه وسلم يعلم من الغيب شيئًا إلا ما أطلعه الله عليه، ولم يكن يملك من خزائن الله ولا من أمره شيئًا إلا اتباعه لما أوحي إليه ولم يكن بيده نفع ولا ضر لنفسه، ولا لغيره ولم يدَّع شيئًا من ذلك.. حتى الهداية التي هي بمعنى تحريك القلوب بل هي لله تبارك وتعالى وحده إن عليه إلا البلاغ والتذكير وما يملك إلا هداية الإرشاد إلى الحق والدلالة على الصواب، هذا ما أكده القران الكريم في أكثر من موضع, كما أنه لا يوجد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم نصّ يشير من قريب أو بعيد إلى خلاف الحقيقة التي شهد بها الواقع ونقتلها أجيال الأمة نقلاً متواترًا من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر كسائر البشر خلق مما خلق منه البشر، وعاش كما يعيش البشر، وكان يخضع كسائر البشر للنواميس الإلهية التي تحكم الطبيعة البشرية..
وهذا الحقيقة- كما يؤكد الكاتب- التي ظهرت في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهورًا ليس مع غبش وتبدَّت في سيرته صلى الله عليه وسلم تبديًّا ليس دونه غموض. واستقرت في حياة الأمة وفي ضمير الأجيال استقرارًا لا يشوبه أدنى قلق أو توتر أو اضطراب إلا ما شاب بعض الجهال المنحرفين الذين لا يحسبون على الأمة وليسوا بين المسلمين في العير ولا النفير... وليس في هذا أدنى تنقيص لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الطبيعة البشرية ليست بذاتها ساقلة وإنما يأتيها الغَوْل من الارتداد عمَّا فطرها الله عليه من القيم..
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان بشرًا، ولكنه امتاز عن سائر البشر ليس بطبيعة تتعارض مع الطبيعة البشرية، وإنما بالعصمة والاتصال, امتاز على سائر البشر بأنه كان معصومًا من الزلل موصولاً برب العزة عن طريق الوحي السماوي...
ثم يبين الصورة البشرية الرائعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما بيّنها القران الكريم، وكما صوّرتها السنة المطهرة ويؤكد أنها صورة واضحة ليس فيها غبش، وسهلة ليس فيها تعقيد، وبسيطة ليس فيها طلسمة ومباشرة ليس فيها تحوير، وعدل وسط ليس فيها غلو ولا تفريط..
وتحت عنوان «الحقيقة المحمدية عند الصوفية» يناقش الكاتب صورته صلى الله عليه وسلم الحقيقية في الكتاب والسنة.
وإن ما أطلق عليه الصوفية (الحقيقية المحمدية) شيء مباين تمام المباينة لما عرفته الأمة وتناقلتها أجيالها عن صورة النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يتحدثون عن حقيقة وهمية كتلك الصورة التي يسمها خيال النصارى للمسيح وأسموه: الرب يسوع ابن الله.
وأورد الكاتب قطوفًا من أقوالهم التي تغص بها كتبهم وتؤكد ما ذهبوا إليه فهم يعتقدون أن بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم ليست كبشرية الناس وأن طبيعته البشرية تختلف عن الطبيعة البشرية العامة في أصل الخلقة وأن أصله نور وكان أول الخلق وغاية الوجود، ولولاه ما خلق الله الخلق.
ويناقش الكاتب دعاوى الصوفية ويفندها ويردها إلى أصولها ويبين أن هذا الفكر الصوفي منحرف، ويدعو المسلمين إلى التمسك بهدى المصطفى صلى الله عليه وسلم فكل خير في اتباعه، وكل شر في ترك هديه وسنته.
ثم يناقش عصمة الأنبياء ويؤكد أنها إحدى خصائص خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، وأن مهمته صلى الله عليه وسلم هي الإرشاد إلى الصراط المستقيم والتبشير والإنذار والبلاغ والبيان، وتربية الناس وتزكيتهم، وتعليم الدين، وتدريس أحكامه لمن آمن به واتبعه، وإقامة الحجة على الناس، وبيان أحكام القرآن وتطبيقها، وإقرار منهج الله في الأرض، والجهاد في سبيل الله وحض المؤمنين عليه حتى لا تسود الفتنة، وكل ذلك يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة للناس في كل ما جاء به من عند الله وأسوة حسنة.
ثم يبين الكاتب واجبنا تجاه رسولنا صلى الله عليه وسلم فيرى أن أول هذه الواجبات أن نؤمن برسول الله إيمانًا يكون له أثره في القلب بالحب والتوقير والتعظيم، وكذلك الطاعة والاتباع له، والتحاكم إليه، والانقياد لحكمة برضا وتسليم، ويكون صلى الله عليه وسلم أحب للمؤمنين من نفسه وماله وولده، وجميع الخلق، وتعزيره وتوقيره، وعدم التقدم بين يديه وعدم رفع الصوت عنده، وعدم دعائه وندائه
بمثل ما يدعو الناس بعضهم بعضًا، والتمسك بسنته، وترك الابتداع في دينه، والاستجابة له في العمل بشريعته وتطبيقها في كل مناحي الحياة حتى يفوز برضوان الله في الآخرة وننعم به في الدنيا...