اللغة العربية ومواكبة العصر
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

في رحاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، نظمت كلية اللغة العربية مؤتمر «اللغة العربية ومواكبة العصر» دعت إليه عدداً كبيراً من الباحثين والباحثات من أنحاء العالم الإسلامي. مؤتمر علمي قدم فيه المشاركون أكثر من ستين بحثاً اختارتها اللجنة المختصة من بين أكثر من خمسمائة بحث على مدى سنتين.

افتتح المعرض معالي مدير الجامعة الإسلامي...ة الدكتور محمد العقلا نيابة عن راعي الحفل الأمير «عبدالعزيز بن ماجد»، كان الافتتاح مساء يوم الاثنين 18ـ5ـ1433هـ، حيث بدأ حفل الافتتاح بكلمة لعميد كلية اللغة في الجامعة الإسلامية بالمدينة، ثم ألقى وكيل جامعة الأزهر السابق كلمة الضيوف، وألقيت قصيدة «إبحار في أعماق الفصحى» ثم ألقى مدير الجامعة كلمته، أول محاضرة في المؤتمر عن العلاقة بين الأصالة والمعاصرة، أدارها د. عبدالله الوشمي، وكانت بداية ممتازة للمؤتمر لأنها تناولت موضوع القديم والحديث، والأصيل والمعاصر تناولاً شرعياً موثقاً بالأدلة التي تؤصل للأمة أسلوب التعامل مع كل حديث، والإفادة من كل جديد، دون المساس بثوابت الأمة التي هي سر بناء الحياة الحرَّة الكريمة.

أشار المحاضر إلى أهمية التأصيل اللغوي في مسيرة الأمة الإسلامية، وإلى وجوب العناية باللغة العربية في مجالات الحياة كلِّها، ووجوب حمايتها من هذا الانجراف الخطير الذي يجرف اللسان العربي إلى مهاوي العاميَّات واللغات الأجنبية.

جَرَتْ -بعد ذلك- في يومي الثلاثاء والأربعاء جلسات المؤتمر موزَّعة بين القاعات، حيث تقدم الباحثون بقراءة ملخَّصات لبحوثهم، واستمعوا إلى التعليقات والأسئلة، وتمَّ تبادل الآراء حول اللغة العربية ومكانتها، واستيعابها، وعظمتها، وقدرتها على مواكبة العصر بجميع ما يحدث فيه من مستجدَّات.

الجهد الذي قامت به الجامعة الإسلامية في التنظيم للمؤتمر جهد كبير، كعادتها في هذه الحقبة التي يديرها فيها معالي الدكتور محمد العقلا وفقه الله، والخدمات التي قدمتها الجامعة للضيوف خدمات جليلة تليق بمقام الجامعة والمدينة الحبيبة التي تقطنها.

يمكن حصر ما أريد أن أقوله في عددٍ من النقاط:

1- وقر في نفسي بعد تأمُّل، أنَّ عنوان المؤتمر المناسب هو «العصر ومواكبة اللغة العربية» فهي اللغة الأكمل والأغنى والأشمل، وهي ذات السياق التاريخي الطويل، وذات الاتساع والشمول.

2- وَدِدْتُ لو أن إدارة المؤتمر وضعت «عدم اللَّحنْ» شرطاً على الباحثين والباحثات، فقد كان اللَّحنْ «فاشياً» على ألسنة معظم أصحاب البحوث، والمداخلين والسائلين، وهو أمْرٌ غير مقبول في مؤتمرٍ عن اللغة العربية.

3- كان من الأَوْلى في إدارة جلسات المؤتمر أنْ تكون هنالك «صَرَامةٌ» في عدم تجاوز الوقت لمن يتحدَّث، لأنَّ بعض المتحدثين يقول كلاماً كثيراً لا علاقة له بالموضوع، وقد أعجبني الأخ الدكتور صالح العائد في إدارته لإحدى جلسات المؤتمر، حيث شكر في البداية الجامعة وإدارة المؤتمر، وقال للباحثين والمقرِّر وعددهم سبعة... هذا الشكر باسمكم جميعاً، فلا داعي لتكراره من كل باحث، وحدَّد أوقاتاً ونبَّه إلى أنه سيقطع الحديث على المتحدَّث إذا تجاوز وقته مباشرة، وقد فعل، فكانت المناقشات في تلك الجلسة مركّزة ثريَّة مفيدة.

4- من أهم ما تتميَّز به هذه المؤتمرات ما يتحقَّق فيها من اللقاءات الجانبية بين العلماء والمثقفين، ومن التَّعارف المثمر بينهم.

5- الأَمَل الذي أدعو الله سبحانه وتعالى أن يتحقَّق، هو أن تجد توصيات المؤتَّمر أو بعضها أو معظمها طريقها إلى التطبيق، وأنَّه لأَمَل بعيد المنال في معظم المؤتمرات التي تُعْقَد في عالمنا الإسلامي.
إشارة:

لغة القرآن مافي الأرض مثلي *** لغة تحمل وَصْفاً عالميَّاً.