نظرة الإمام بن عاشور لثغرة الاحتمال في الاستقراء الناقص
بقلم :ذ/ عبد الفتاح بن اليماني الزويني

بين يدي هذا المطلب :

سأحاول ـ بعون الله تعالى ـ من خلال هذا المطلب الإشارة إلى ثلاث إشكاليات :

1- بما يمكن تفسير الاعتماد الكلي للإمام ابن عاشور على منهج الاستقراء في المقاصدي رغم عدم تسليمه بحجيته ؟
2- بما يمكن تبرير اتخاذه آلية بهذا الوصف كأهم طريق يكشف عن علل الأحكام وإثبات مقصادها ؟
3- كيف أمكن للإمام ابن عاشور إعادة بتاء هذه الآلية الناقصة البناء (الاستقراء الناقص) على أسس علمية جديدة ، بتحويل ثغرة الاحتمال من مرتبة الظن إلى مرتبة القطع واليقين ؟

لقد كان شيخ الجامع الأعظم فاهما لإشكالات الاستقراء المنهجية حسب ما استقر في العلوم العقلية[1] ، ولعله لم يقنع بمحاولات الإمام الشاطبي العديدة لإعادة بناء الاستقراء ليبلغ مرتبة القطع واليقين ، و كذلك احتجاجاته المتعددة للقول بأن أصول الفقه قطعية[2] ، وبينهما كان حضور لسؤال إشكالي :
إن كان الاستقراء غير مبلغ لمرتبة القطع واليقين ، فكيف السبيل للحديث عن قواطع سبيل تحصيلها هو الاستقراء ؟
ولعل أفضل السبل لفهم ما قام به الشيخ الورع من إنجاز علمي في شأن التخلص من إشكالات الاستقراء ومحاولة إعادة بنائه على أسس علمية تتماشى مع خصوصية الاتساق الداخلي لنصوص الشريعة هو النظر إلى الطريقة التي احتج بها لمشروعه الجديد في إعادة تأسيس "علم المقاصد" وفصله عن "علم أصول الفقه" ، ثم اقتراحه لطريقة جديدة ليبلغ الاستقراء في موارد الشريعة اليقين المطلوب .
فالاستقراء يمثل أحد الأدوات الإجرائية التي أسس عليها تفكير ابن عاشور في مقاصد الشريعة ، أو قل إنه أهمها في تشكيل نظريته في المقاصد ، ولا يستغرب المرء هذا الحكم ؛ فالرجل من أكثر الناس احتفاء به وتوظيفا له ، ولا يتعلق الأمر بمجال المقاصد وخاصة مجال نظريته فيها ، بل يشمل مجالات أخرى[3] ، ورغم هذا الارتباط الوثيق ، فإن الناظر بتمعن في كنه إيحاءات كتاباته وتوجيهات إشاراتها الدقيقة يلمس بغير كبير جهد فكري أن مفتي الديار التونسية غير مُسَلِّم بحجية الاستقراء[4] ، الشيء الذي قد يوقع المتتبع في معترك لبس عظيم ، وربما يتضح هذا الموقف جليا من خلال الردود والانتقادات التي ما فتئ يخصها لكل من ادعى حجية "الاستقراء الناقص" خصوصا رائد النظر الاستقرائي وناصر الفكر المقاصدي الإمام الشاطبي صاحب "الاستقراء المعنوي" الذي عده جمع من النظار المعاصرين[5] بأنه جوهر المشروع الشاطبي الجديد من خلال مؤلفه "الموافقات في أصول الشريعة" والذي قطع في مستهله بقطيعة أصول الفقه في استنباط الأحكام من أدلتها التفصلية ، غير أن تلك القواطع لم تجد من ابن عاشور غير النقد[6] المرير أو التهكم اللاذع[7] في بعض الأحيان ، فلعل ابن عاشور قد أيقن بأن كل ما قدم من جهد علمي لجعل أصول الفقه قطعية ابتداء من الجويني[8] وانتهاء بالشاطبي[9] لم تثمر الثمرة المرجوة منه، ولقد علق الإمام أسباب هذا القصور على صلة تاريخية بقوله أن: "علم الفقه لم يدون إلا بعد تدوين الفقه بزهاء قرنين"[10] ، وهذا السبب التاريخي في تدوين العلم قد أدى إلى حصر علم الأصول في أنه تابع للفقه وليس العكس ، وبهذا "استمر بينهم الخلاف في الفروع ؛ لأن قواعد الأصول انتزعوها من صفات تلك الفروع"[11] ، ويتضح معنى ما ذهب إليه في هذا الصدد حينما يقرر : "وأنا أرى سبب اختلاف الأصوليين في تقييد الأدلة بالقواطع هو : الحيرة بين ما ألفوه من أدلة الأحكام وبين ما راموا أن يصلوا إليه من جعل أصول الفقه قطعية كأصول الدين السمعية ؛ فهم أقدموا على جعلها قطعية، فلما دونها وجمعوها ألفوا القطعي فيها نادرا ندرة كادت تذهب باعتباره في عداد مسائل علم الأصول"[12] ، ولما كان الإمام المالكي يميز بين كون معظم مسائل أصول الفقه دائرة حول استنباط الأحكام من ألفاظ الشارع بواسطة قواعد لغوية ، وبين كون العلم يسعى لخدمة حكمة الشريعة ومقاصدها ، وطالما أن أصول الفقه بمبناها التاريخي قد قصرت عن بلوغ المعنى الأخير ؛ وجب – في نظر الإمام - استدراك ذلك التقصير بناء ً على علم جديد هو علم المقاصد[13] وينتهي الشيخ من هذه القضية إلى اقتراح مفاده : "فنحن إذا أردنا أن ندون أصولا قطعية للتفقه في الدين حق علينا أن نعمد إلى مسائل أصول الفقه المتعارفة ، وأن نعيد ذوبها في بوتقة التدوين ونعيرها بمعيار النظر والنقد فننفي عنها الأجزاء الغريبة التي غلثت بها ، ونضع فيها أشرف معادن مدارك التفقه والنظر ثم نعيد صوغ ذلك العلم ونسميه : علم مقاصد الشريعة"[14].
وتنبهنا إيحاءات الإمام المجتهد إلى أن سبيله في رسم طرق الاستدلال على مقاصد الشريعة يحكمها مؤشران : فإضافة إلى التجرد ونبذ التعصب[15] ، تدبره العميق في نظام الشريعة السمحة وتأمل اتساق نصوصها ، وهذه الرؤية العميقة ربما هي التي نفذ من خلالها ابن عاشور إلى الصلة الجوهرية بين نسق الشريعة ونظامها ، وبين منهج استقراء نصوص أدلة القرآن المتكررة في بناء مقاصد شرعية قطعية[16] ؛ والتي يستحيل فيها نقض الجزئي للكلي بسبب انضواء كل مفردات الجزئي ضمنا وضرورة في تلك الكليات[17] ، وقد أفضى به النظر إلى القول : "إن هناك ثلاثة طرق لإثبات المقاصد ، أولهما : ووصفه بأنه أعظمها وهو استقراء الشريعة في تصرفاتها ، وهذا على نوعين : النوع الأول : استقراء الأحكام المعروفة عللها ، والذي يفضي إلى حصول العلم بالمقصد من تلك العلل[18] ، والنوع الثاني : استقراء أدلة الأحكام اشتركت في علة حتى يفضي ذلك إلى اليقين بأن تلك العلة مقصد الشارع[19] .
ثم ينتقل ابن عاشور بعد هذا النظر الاستقرائي في علل الشريعة وأدلة الأحكام إلى القول بثاني هذه الطرق هو : أدلة القرآن الواضحة الدلالة التي يضعف احتمال أن يكون المراد منها غير ما هو ظاهرها بحسب الاستعمال العربي"[20] ،وهو الذي يسميه البعض "التحري بالتعيين النصي"من أنه " جاء في القرآن الكريم تعيين للمقاصد الشرعية في بعض الأحكام المخصوصة أو في الأحكام بصفة عامّة، وذلك على سبيل التصريح أو على سبيل التنبيه، وذلك من مثل قوله تعالى: " $yJ¯RÎ) ߉ƒÌãƒ ß`»sÜø‹¤± 9$# br& yìÏ%qムãNä3uZ÷t/ nourºy‰yèø9$# uä!$ŸÒøót7 ø9$#ur ’Îû ̍÷Ksƒø:$# ÎŽÅ£÷yJø9$#u r öNä.£‰ÝÁt ƒur `tã ̍ø.ÏŒ «!$# Ç`tãur Ío4qn=¢Á9$# ( ö@ygsù LäêRr& tbqåktJZ•B ÇÒÊÈ ِ" ( المائدة : 91 )،
ففي هذا تصريح بأنّ المقصد من منع الخمر والميسر هو منع ما يفضيان إليه من العداوة والبغضاء بين الناس، وقوله تعالى: " ( `tBur tb$Ÿ2 $³ÒƒÍsD ÷rr& 4’n?tã 9xÿy™ ×o£‰Ïèsù ô`ÏiB BQ$*ƒr& tyzé& 3 ߉ƒÌãƒ ª!$# ãNà6Î/ tó¡ãŠø 9$# Ÿwur ߉ƒÌãƒ ãNà6Î/ uŽô£ãèø9$# ..." (البقرة:185 )، ففيه تعيين لمقصد الحكم بجواز الإفطار في حال المرض والسفر، وهو التيسير ورفع المشقّة على الصائم، وهو المقصد الذي ورد تعيينه على سبيل التنبيه في أحكام الدين كافّة كما في قوله تعالى:" $tBur Ÿ@yèy_ ö/ä3ø‹n=tæ ’Îû ÈûïÏd‰9$# ô`ÏB 8ltym " ( الحج:78 )[21].
ثم ينتقل ابن عاشور للسنة النبوية لتكون هي الطريق الثالث ، وقد ذكر ابن عاشور الطرق الثلاث التي اقترحها الشاطبي ؛ وحري بنا أن نقول بأن ابن عاشور لم يقم بتلخيص جهد الشاطبي ، ولكنه أكمل النقص الذي اعترى محاولة أبي إسحاق بعد فهم عميق لمآلات كلام الشاطبي في هذا الصدد .
لقد جعل ابن عاشور مادة إعمال منهج الاستقراء هو القرآن الكريم وتواتر السنة النبوية المطهرة[22] ، وبين لنا كيفية إجراء تلك الاستقراءات وصلة تلك الاستقراءات بالأدلة الشرعية ، والذي يرجوه ابن عاشور من ذلك الجهد العلمي الاستقرائي هو إيجاد "ثلة من المقاصد القطعية ليجعلوها أصلا يصار إليه في الفقه والجدل"[23].
وقد أثبت ابن عاشور أن تاريخ علم أصول الفقه قد قصر عن إيجاد تلك الثلة من القواطع[24] ، ورغم أن ابن عاشور واع بأننا غير ملزمين في مجال التشريع بالقطع ، وإنما يكفي فيه الظن ، إلا أنه كان يتطلع إلى رفع وضع قوانين وقواعد يحتكم إليها حال الاختلاف ، وللبلوغ بتلك القواعد مرتبة القطع[25].
من الملاحظ في ختام هذا المبحث الذي حاولت من خلاله إبراز جانب من تداخل علم المنطق من خلال المنهج الاستقرائي وعلم أصول الفقه من خلال الدرس الأصولي للإمام الطاهر بن عاشور ؛ اتضح جليا أن الإمام صاحب عقلية تتقد ذكاء وفطنة ؛ ولهذا تميز منهجه بإثارة إشكالات وجيهة قوية [26] في خضم المناقشات ومعركة الحجاج ، والإجابة عنها إجابة موفقة مسددة [27].
وتجر الإشارة إضافة إلى ما تقدم ؛ أنه يلاحظ في أسلوب الكتاب طغيان المصطلحات المنطقية والجدلية ، كالجنس ، والفصل ، والحد ، والبرهان ، أو المنع ، اللزوم ، النقيض ، المحال ، الدور ، وغيرها كثير .
وربما هذا يعود إلى اختلاط الأساليب المنطقية والطرائق الجدلية بعلم أصول الفقه ، فاتضح نبوغه مرة أخرى في العقليات والمناظرات .
ومتابعة ومواصلة لما تقدم ، وسعيا لتحقيق نظرية الإمام بن عاشور المقاصدية بتطبيق المنهج الاستقرائي في الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها وترتيبها[28] ، يبدو أنه من الضروري نظم حَلَقَة أخرى لتسليط الضوء على بعض المسائل الدخيلة في ثنايا القضايا الأصولية ؛ لا يترتب عليها لا علم ولا عمل[29] ، توجهت جهود بعض العلماء إلى محاولة حذفها وإزالتها[30] ولذا ففي إفرادها بالدراسة والتحليل فهم كبير ونفع عميم وفائدة قيمة[31].
يتابع في المبحث الموالي:
دراسة تحليلية للتداخل بين علم الكلام
وعلم أصول الفقه
من خلال الدرس الأصولي
للإمام ابن عاشور


و في الختام أقول أن الإمام الأكبر الطاهر بن عاشور يعد بحق قلعة محصنة لا يستطيع فتح مغالقها إلا من كان ريانا على شرطه ، تميَّز بانفراداتٍ في مسائل أصوليةٍ بارزةٍ، وبتحريراتٍ نفيسةٍ راسخةٍ راكزةٍ، فيها جِدَّةٌ وحداثة، نبعتْ من جِهْبذٍ بَحَّاثة، تمتَّعتْ شخصيته بذكاءٍ خارق، وعبقرية فذَّة، تشهد له اختياراته ومناقشاته، وترجيحاته وتصحيحاته، ونقوده وردوده، ونظراته الثاقبة، وتقريراته الصائبة ، تجعل مؤلفاته كنوزا تشرئب الأعناق لاستشرافها ، وتتوق النفوس لها ، وتكتحل العيون برؤيتها.
وإذ أشكر الله على توفيقه فإني أنسب توفيق هذا العمل إلى أهله، فنشكر السادة العلماء الأجلاء ، وبخاصة أولئك الذين أفدت من كتبهم وأشرت إليها في قائمة المراجع، فقد كانت دراساتهم القيمة شمعة أضاءت لي الطريق، كما كانت الأساس المتين الذي قامت على أساساته هذه الدراسة، فلهم مني الشكر الجزيل والاعتراف بالجميل والسبق ومن العلي العليم العطاء الوافر .
وأسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.والسلا عليكم و رحمة الله تعالى .




[1] انظر "الأسس المنطقية للاستقراء "لمحمد باقر الصدر حيث صرح بعجز المنطق الأرسطي عن إيجاد حل لـ"ثغرة الاحتمال" بالاستقراء الناقص ، (ص 15 وما بعدها) ، وكذا التصريحات لفضيلة الدكتور إسماعيل الحسني الذي أكد أن الاستقراء مهما علت درجة يقينيته يظل استقراء ناقصا ، وأن نتائجه المستقرأة تظل مقيدة بالصدق المؤقت ، بمعنى الصدق المعرض للمراجعة ، (نظرية المقاصد عند الإمام الطاهر بن عاشور : 355).

[2] انظر الانتقادات التي وجهها ابن عاشور للجويني والقرافي والشاطبي لإخفاقهم في جعل أصول الفقه قطعية : "وقد حاول بعض النظار من علماء الأصول أن يجعلوا أصولا للفقه قطعية، فطفحت بذلك كلمات منهم لكنهم ارتبكوا في تعيين طريقة ذلك" (مقاصد الشريعة : 37) ويمد الإمام الشاطبي بنقد مرير : "ثم ذهب يستدل على ذلك بمقدمات خطابية وسفسطائية أكثرها مدخول ومخلوط غير منخول" (المرجع نفسه : ص38).

[3] نظرية المقاصد عند الإمام ابن عاشور : 357.

[4] يؤكد الدكتور إسماعيل الحسني مصرحا : "والحاصل أن الاستقراء إذا سلم ابن عاشور بحجيته (الاستقراء) على رغم ظنيته مسايرا في ذلك جمهور العلماء (المرجع نفسه : 269).(مرجع سابق)

[5] انظر كتاب "طرق الكشف عن مقاصد الشرع لنعمان جغيم ، دار النفائس ، عمان الأردن ط 1 سنة 1422هـ/2002م : حيث نوه في هذه الرسالة بإنجاز الإمام الشاطبي، وعده الكنز المكنون واللغز المدفون بين ثنايا ظلمات كتاب الموافقات المختوم.

[6] انظر جوانب من منهج الإمام الطاهر بن عاشور في تأليف حاشية التوضيح والتصحيح التي قد تصدق بعض ملامحه أن تكون جبلية في شخصية الإمام ابن عاشور .

[7] "وقد حاول أبو إسحاق الشاطبي في المقدمة الأولى من كتاب الموافقات الاستدلال على كون أصول الفقه قطعية فلم يأت بطائل" (مقاصد الشريعة : 6) "وقد حاول بعض النظار من علماء أصول الفقه أن يجعلوا أصولا للفقه قطعية فطفحت بذلك كلمات منهم لكنهم ارتبكوا في تعيين طريقة ذلك..." مقاصد الشريعة الإسلامية : 37) "...ثم ذهب يستدل على ذلك بمقدمات خطابية وسفسطائية أكثرها مدخول ومخلوط غير منخول" (المرجع نفسه : 38).

[8] البرهان ، تحقيق عبد العظيم الديب ، ط 3 ، 1992م ، ص : 78. وعلق الشيخ ابن عاشور على رأي الجويني بأنه: "اعتذار واهٍ" (مقاصد الشريعة:5)

[9] الموافقات ، تحقيق عبد الله دراز ، 2003 ، (ص : 21) (مرجع سابق)

[10] مقاصد الشريعة : 3.

[11] مقاصد الشريعة :3. وهذه المسألة كثيرا ما يؤكد عليها الشيخ ابن عاشور من أن الاختلال الذي حدث بين الفقه والأصول هو نشأة الفقه قبل الأصول ، من أن قواعد الأصول دونت بعد أن دون الفقه فوجدوا بين قواعده وبين فروع الفقه تعارضا ، فلذا تخالفت الأصول وفروعها في كثير من المسائل على اختلاف المذاهب ، انظر أليس الصبح بقريب : 204. (مرجع سابق)

[12] مقاصد الشريعة : 6. يذكر ابن عاشور هنا أن علماء أصول الفقه لم تكن قواعدهم في مستوى قواعد علماء أصول الدين ، ذلك لأن قواعد هؤلاء حاسمة في توقيف المخالف ، أما قواعد الأصوليين من الفقهاء فليست قطعية .

[13] لما جاء الشيخ بن عاشور أكمل ما انتهى إليه الشاطبي فنقح وهذب وأضاف جديدا إلى ما وصل الشاطبي واقترح أن يقع الارتقاء لبحث المقاصد ليصير في حد ذاته علما قائما ، تنتخب مسائله من بين علم أصول الفقه وتصعد بالبحث لتصر أصولا قطعية للتفقه (شيخ الجامع الأعظم : 123). (مرجع سابق)


[14] مقاصد الشريعة : 6

[15] يرى الإمام بن عاشور بأن من أسباب تأخر علم الفقه التعصب للمذاهب والعكوف على كلام إمام المذهب واستنباط الحكم منه بالالتزام أو نحوه ، فتلقى أتباع الأئمة مذهبهم برهبة منعتهم النظر في الفقه بل صار قصاراهم نقل الفروع . أنظر (أليس الصبح بقريب : 198).

[16] : و لاقتناص هذه القطعيات يؤكد ابن عاشور بأنه "على الباحث في مقاصد الشريعة أن يطيل التأمل ويجيد التثبت في إثبات مقصد شرعي ، وإياه والتساهل والتسرع في ذلك ، ففي الخطأ خطر عظيم". (مقاصد الشريعة :37).

[17] المصدر ذاته : 18.

[18] المصدر ذاته : 17.

[19] المصدر ذاته : 18.

[20] (مقاصد الشريعة : 18) ؛ ولقد ذيل الإمام هذا الطريق بكلام طويل الذيل ، عزيز النيل ، يخرجنا بسطه عن غرض الاختصار اللائق بالمقام ، ,وإن رمت زيادة تبصر ينظر : "نظرية المقاصد عند ابن عاشور" ص: 363 ؛حيث عكف فضيلة الدكتور إسماعيل الحسني على تحديد دور الاستقراء في إثبات المقاصد العامة المستوحاة من القرآن المجيد التي حصرها في ثمانية مقاصد يتوجب على المفسر العلم بها والتوسل بها في الفهم .

[21] راجع: مقاصد الشريعة:21(م،س).و مآلات الأفعال (م،س)،بحث مقدم للدورة التاسعة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث جمادى الأولى 1423 هـ يوليو 2002م،باريس – فرنسا،ص:7

[22] ينظر (مقاصد الشريعة : 17) ؛ أراد ابن عاشور أن يعمل المقاصد في فهم السنة النبوية وفي نفس الوقت إثبات المقاصد الشرعية اعتمادا على طريق السنة المتواترة الذي حصره في ضربين :
ألهما : المتواتر المعنوي الحاصل من مشاهدة عموم الصحابة عملا من النبي (صلى الله عليه وسلم)
وثانيهما : تواتر عملي يحصل للآحاد الصحابة من تكرر مشاهدة أعمال رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

[23] المرجع نفسه : 37)

[24] المرجع نفسه : 3

[25] المرجع نفسه :39 ؛ "على أننا غير ملتزمين بالقطع وما يقرب منه في التشريع ؛ إذ هو منوط بالظن ،وإنما أردت ثلة من القواعد القطعية ملجأ إليه عند الاختلاف والمكابرة" وقد بين ابن عاشور مراده بـ"القطع" بالإشارة إلى ما تقرر في علم الحكمة انظر (مقاصد الشريعة، حيث يمدنا بالقول : "تقرر في علم الحكمة أن أبعد العلوم عن الشك وأقربها إلى اليقين ، العلم الذي لا تتعارض فيه الأنظمة والنواميس"

[26] الإشارة إلى إشكالية ثغرة الاحتمال بالاستقراء الناقص ، وتصريحه بعدم تسليمه بحجية الاستقراء ، وكذا عدم تسليمه بقطعية أصول الفقه : انظر الانتقادات التي وجهها للجويني والقرافي والشاطبي لاخفاقهم في جعل أصول الفقه قطعية : "وقد حاول بعض النظر من علماء الأصول أن يجعلوا أصولا للفقه قطعية فطفحت بذلك كلمات منهم لكنهم ارتبكوا في تعيين ذلك (مقاصد الشريعة:37-38)

[27] راجع مطلب نظرة الإمام بن عاشور لإشكالات ثغرة الاحتمال في الاستقراء.

[28] "تراوحت وظائف الاستقراء في مجال بناء نظرية المقاصد عند ابن عاشور بين أمرين :
- ترتيب مقاصد الشريعة.
- إثبات مقاصد الشريعة .
أنظر (نظرية المقاصد عند ابن عاشور : 360) (مرجع سابق)

[29] "كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية ، أو لا تكون عونا في ذلك ، فوضعها في أصول الفقه عارية" : (الموافقات : 3/1).(مرجع سابق)

[30] انظر (تجديد علم أصول الفقه : 189) في الفصل الذي صرح فيه صاحبه أبو الطيب مولود السريري بـ "ما يجدد علم أصول الفقه بإزالته منه" (التجديد والمجددون في أصول الفقه : 561) حيث دعا صاحبه أبو الفضل عبد السلام إلى"إطراح المواد الدخيلة التي لا تحقق مقصود العلم ".

[31] يقول د/ محمد العروسي : "وكثير من طلبة العلم يظلون حيارى أمام هذه المسائل التي يطالعونها يتفاوتون في الفهم والمعرفة،وهذه المسألة الكلامية الواردة في كتب أصول الفقه لا يدرك ما تؤدي إليه من التزامات باطلة إلا القليل من طلبة العلم ،ولا يعرف أصول هذه المسائل ، ومنشأ الخلاف فيها إلا أقل من ذلك القليل (المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين : 6-7)(مرجع سابق)