بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
المقالة الأولى من الكتاب الأوّل (إيقاظ الوَسنان من زلاّت اللّسان)
إعداد:محمّد تبركان أبو عبد اللّه
جَزى اللّهُ خيرًا مَن تَأمَّلَ تَأليفي * وقابلَ بالإغضاءِ نَحوي وتَصريفي
فما ليَ شيءٌ غيرَ أنّي اختصرتُهُ * ونَقْلُ كلامِ النّاسِ فَنُّ تَعْسيفي[2]
الحمدُ للّه ربّ العالمين،والصّل اة والسّلام على سيّد الأوّلين والآخرين،نبيّنا محمّد بن عبد اللّه،وعلى آله الطّيّبين،وصحاب ته الأكرمين،وعلى التّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدّين.
وبعد،فهذه جملة من الأخطاء الشّائعة،والأغل اط الذائعة المتعلِّقة باللّغة العربيّة رسمًا ولفظًا،والّتي لم ينج من مَعَرّة الوقوع فيها بعض الخواص بَلْهَ العوامّ؛فكان هذا التّقييدُ،راجيً ا من اللّه تعالى التّوفيق والسّداد.
وقد وَسَمته ب(إِيقاظُ الوَسْنانِ مِن زَلاَّت اللِّسان) سِرتُ فيه على عَجَل،ولا غَرْوَ في ذلك فقد خلق اللّه عزّوجلّ الإنسان كذلك،وقسمتُ مباحثه إلى مجموعات،كلّ مجموعة ضمّنتُها عشرًا من الألفاظ.
فإن وُفّقت لما إليه قصدت فذلك من فضل اللّه عليّ،فله الحمد من قبل،ومن بعد،وإن كانت الأخرى؛فإنّي بالقصور مُعترِف،والكمال عَزيز.
المجموعة الأولى

1- المَأْتَم .
2- مَطَرتْهُم السّماءُ لا أمطرَتْهُم .
3- دَبَر الصّلاة لا دُبُرها .
4- الخُبُث – الخُبْث .
5- الذَّنُوب .
6- كافَّة .
7- أُمَّات الكُتُب لا أُمَّهات .
8- جَلَّدَ جَزُورَه لا سَلَخَه .
9- سائرُ النّاس.
10- الأَنانِيَة .
.............................. .............................. .
1- المَأْتَمُ:المأ مُ عند العرب النّساءُ يجتمعن في الخير والشّرّ،وعند العامّة:المصيبة يقولون:كنّا في مأتم فلانٍ، والصّواب:كنّا في مناحَة فلان.هذا ما قرّره الرّازي في مختار الصّحاح (ص4 ع2)،وغيره من أعلام اللّغة،وأئمّة العربية، وإليك جردٌ لبعض تقريراتهم:
قال ابن قتيبة في أدب الكاتب (ص20):(ومن ذلك [ما يضعه النّاس في غير موضعه] المأتم، يذهب النّاس إلى أنّه المصيبة،ويقولون :كنّا في مأتم.وليس كذلك،إنّما المأتمُ النّساءُ يجتمعن في الخير والشرّ،والجمع مآتم.والصّوابُ أن يقولوا: كنّا في مَناحة.وإنّما قيل لها مَناحَة من النّوائح؛ لِتقابلهنّ عند البكاءِ).
وجاء في خير الكلام في التّقصِّي عن أغلاط العوام (ص49):(قال الحريري:يتوهّم أكثر الخاصّة أنّ المأتم مَجمع المَناحة. وهي عند العرب النّساء يجتمعن في الخير والشرّ.وفي القاموس:المأتم كلّ مجتمع في حزنٍ أو فرحٍ،أو خاصّ بالنّساء،أو بالشّوابّ.وفي الصّحاح:وعند العامّة:المصيبة ...).
وفي المُغرب في ترتيب المعرب (1/25):(المأتم عند العرب النّساء يجتمعن في فرح أو حزن، والجمع:المآتم،و ند العامّة:المصيبة والنّياحة.يقال: نّا في مأتم بني فلانٍ.قال ابن الأنباري:هذا غلط،وإنّما الصّوابُ:في مَناحة بني فلان،وأُنشد لأبي العطاء السِّندي في الحزن[3]:
عَشِيَّةَ قامَ النّائحاتُ وشُقِّقَتْ * جُيوبٌ بأيدي مَأْتَمٍ وخُدودُ
ولابن مُقبل في الفرح:
ومأتمٍ كالدُّمى حُورٍ مَدامعُها * لم تَيأسِ العيشَ أبكارًا ولا عُونا
وفي التّوقيف على مهمّات التّعاريف (1/631-632):(المأتم مَفْعَلٌ من الأَتْم،اجتماعُ النّساء في فرحٍ أو حزنٍ على اقتران حَدَث بزمان قبل زمانك).
وفي فقه اللّغة للثعالبي (ص190):([فصل في تفصيل أمكنة للنّاس مختلفة] ... المأتم مكان اجتماع النّساء)،كذا بإطلاق من غير تقييد،وعلى الاستعمال الصّحيح ورد في كامل المبرّد (1/ 533) قال:(وحُدِّثتُ عن سعد بن مصعب بن الزّبير اتُّهم بامرأة في ليلة مَناحة أو عرس ...).
وبعد هذا البيان،فليس مع الذين خصُّوا استعمال لفظ " المأتم " في الحزن إلاّ غلبة الاستعمال،وتلك حجّة قاصرة،لا تقوى على تغيير أوضاع العرب في سَنن كلامها؛وبهذا يُفسَّر سكوت المعجم الوسيط (ص4)!،وخلُص العدناني في معجم الأخطاء الشّائعة (ص21) إلى القول:(... وأنا أُوثِر استعمالَه في الحزن)،قال هذا،بعد قوله:(والصّوابُ أن يُطلقَ على النّساء يجتمعن في الخير والشّر)!!،وأمّا عَصرِيُّه نسيم نصر فقد قال في أخطاء ألفناها (ص150):(... ولكن يبقى القول: كنّا في مَناحةٍ على فلانٍ،أقرب إلى الصّواب من القول:كنّا في مأتم على فلان ...).
ولك أن تراجع:
1- تاج العروس (8/179).
2- النّهاية في غريب الحديث والأثر (1/21، 4/288).
3- لسان العرب (12/3-4).
4- أساس البلاغة (ص2).
5- القاموس المحيط (1/1388).
6- تصحيح التّصحيف وتحرير والتّحريف (ص459 رقم 1501).
7- نصوص في فقه اللّغة العربية (2/227-230).
.............................. .............................. ........................


[1] - السِّنَةُ النُّعاسُ من غيرِ نومٍ،ورجلٌ وَسْنانٌ ونَعْسانٌ بمعنى واحد – لسان العرب 13/449 - .

[2] - رواية البيتين في البحور الزّاخرة في علوم الآخرة للسّفارييني محمد بن محمد بن أحمد:
جزى الله خيراً من تأمل تأليفي * وقابل بالإغضاء وضعي وتصنيفي
فمالي شيء غير أني جمعته * وحر|رته من غير شَيْنٍ وتَحريفِ
[3] - الشّعر والشّعراء (2/653).