بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله :
فائدة تنفع الفقيه يعرف بها الفرق بين المسكر والمفسد والمرقِّد , فالمُسكر ما غيّب العقل دون الحواس مع نشوة وفرح .
والمُفسد ما غيّب العقل دون الحواس لا مع نشوة وفرح , كعسل البلادر .
والمرقّد ما غيّب العقل والحواس كالسّيكران .
وينبني على الإسكار ثلاثة أحكام دون الآخرين , الحدّ , والنّجاسة , وتحريم القليل .
فإذا تقرّر ذلك فللمتأخّرين في الحشيشة قولان : هل هي من المسكرات ؟ أو من المفسدات المرقِّدات ؟ مع اتّفاقهم على المنع من أكلها . واختار القرّافي أنّها من المفسدات المرقِّدات . وقال : لأنّي لم أرهم يميلون للقتال والنّصرة , بل عليهم الذِّلة والمسكنة , وربّما عرض لهم البُكاء . وكان شيخنا -رحمه الله تعالى - الشّهير بأبي عبد الله المنوفي يختار أنّها من المسكرات , قال : لأنّا رأينا من يتعاطاها يبيع أمواله لأجلها , فلولا أنّ لهم فيه طربا ما فعلوه , بدليل أنّا لا نجد أحدًا يبيع داره ليأكل بها سيكرانًا و وهو واضح .([1]) اهـ
وقد نظمها بعظهم بقوله[2]]
وهذه فائدة قد تقعُ = من الفقيه موقعا وتنفع
في الفرق بين مسكر ومفسد = يعرفه منها وبين مُرقد
فمسكر كالخمر ما يغيِّب = العقل لا مع الحواسّ مطرب
بنشوةٍ عربدة له اعتقد = نجاسة حدّا وتحريمها عهد
ومفسدٌ كعسل البلادر = كذاك لا معْ فرحٍ بذا دُري
ومُرقدٌ كالسيكران وهْو ما = غيّب عقلا وحواسا وهُما
لا ينبني عليهما شيء إذا == فهمتها ففي الحشيشة لذا
قولان هل مسكرة أو مفسدهْ = بعد اتّفاق أنّها معدّده
من منهيات الأكل منعًا والذي =به المُنوفي وجّه السُّكر بذي
أَجْره في الأفيُون والدُّخان =لجامع العلّة في ذا الشّان




([1]) التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب 1/81-82
[2] شرح اليواقيت الثمينة فيما انتمى لعالم المدينة 1/160-161