تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 88

الموضوع: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    لماذا نجد اضطرابا كثيرا في مسائل الإجماع عند الأصوليين ؟


    الجواب:
    كثير من الأصوليين اضطربوا في مباحث الإجماع، وسبب اضطرابهم - والله أعلم - أنهم دائما يحاولون الفصل بين القطعي والظني في بحوثهم، فالأمور عندهم ليس فيها وسط، فإما قطعي وإما ظني، وما ليس بقطعي فهو ظني، وما ليس بظني فهو قطعي.

    ولذلك كان في كثير من النتائج التي توصلوا إليها اضطراب واضح جعل بعضهم يلجأ إلى انتحال أقوال أشد فسادا ليخرج من هذا الاضطراب، فبعضهم - كالرازي والآمدي - جعلا الإجماع ظنيا مطلقا حتى لو ثبت ثبوتا قطعيا، وذلك لأن أدلة حجية الإجماع نفسها عندهم لا تفيد القطع، ولهذا نص الجويني وغيره على أن منكر الإجماع لا يكفر، مع أنه عنده قطعي، وإنما بنى ذلك على أن حجية الإجماع نفسها لا يكفر منكرها، فكيف يكفر منكر فرعها؟!

    وبعضهم أبطل جميع الأدلة التي تدل على حجية الإجماع، أو على الأقل شكك في دلالتها، وبناء عليه انتحل القول بعدم حجية الإجماع أصلا، مثل ابن الفركاح الشافعي والطوفي الحنبلي والشوكاني وغيرهم.

    وبعضهم أبطل الإجماع بناء على أنه لا يمكن وقوعه بعد عصر الصحابة لتفرق أهل العلم في الأمصار، وحتى إن وقع فلا يمكن العلم به، مثل ابن حزم وغيره، ولكن كلامه لا يخلو من اضطراب أيضا وخلط بين الإجماع وبين المعلوم من الدين بالضرورة.

    ومن أسباب الخطأ في هذا الباب أيضا الخلط بين الإجماع وبين المعلوم من الدين بالضرورة، فإن التباين واضح جدا بينهما، ولا يمكن ادعاء الإجماع أصلا على المعلوم من الدين بالضرورة، وكذلك فثبوت المعلوم من الدين بالضرورة لم يعرف بالإجماع، وإنما عرف بالأدلة القطعية اليقينية، بحيث إن وجد المخالف فيه صار قوله ساقطا مردودا، فالعبرة هنا بالأدلة القطعية وليس بالإجماع؛ لأنه لو كانت العبرة بالإجماع لقدح فيه وجود المخالف، ولكن المخالف في المعلوم من الدين بالضرورة يقدح في أهلية هذا المخالف نفسها فلا يكون مخالفا في الحقيقة، وهذا في الواقع تحصيل حاصل، وليس من باب الإجماع في شيء.

    ومن أسباب الخطأ أيضا في هذا الباب الخلط بين حجية (سبيل المؤمنين) وحجية (إجماع المؤمنين)، فإن التوعد المذكور في الشرع إنما هو الخروج عن (سبيل المؤمنين)، وليس عن (إجماع المؤمنين)، وليس في الشرع ما يدل على أن المعتبر في الإجماع إنما هم المجتهدون فقط دون غيرهم، ولا فيه بيان منصوص لشروط المجتهد، ولا فيه أن مخالفة الواحد تقدح في الإجماع.

    وابن حزم أخطأ خطأ بينا عندما ذهب إلى حجية إجماع الصحابة دون غيرهم؛ بناء على أنهم في عصرهم كانوا هم جميع المؤمنين، ومن بعدهم لا يتحقق فيه هذا الشرط، وهذا في الحقيقة زلل واضح جدا؛ لأن إجماع الصحابة إنما يكون بعد عصر النبي ، وليسوا هم جميع المؤمنين اتفاقا في هذا الوقت.

    ومن أسباب الخطأ في هذا الباب أيضا أن من يناقشون حجية الإجماع يعتمدون فقط على الأدلة التي ذكرها الأصوليون على حجيته، ومن المعلوم أن أول من احتج للإجماع هو الشافعي رحمه الله، ومن المعلوم قطعا أن الأئمة من قبل الشافعي والشافعي نفسه قبل احتجاجه هذا كانوا يستدلون بالإجماع، ولم يُسأل واحد منهم عن دليل حجية الإجماع، ولم يطعن أحد في احتجاج بعضهم بالإجماع، ولم يفكر أحد منهم أن يستدل لحجية الإجماع أصلا، لأن هذا شبيه بالتواتر المعنوي في الشريعة، أو بالقطعيات العقليات التي لا ينازع فيها إلا مجنون، وما كان الدليل الذي احتج به الشافعي إلا مثالا لبيان المراد، ولم يكن ليخفى على الشافعي رحمه الله أن هذا الدليل وحده بغير النظر في باقي موارد الشريعة ليس قاطعا في بيان حجية الإجماع كما فهم الشوكاني وغيره.

    وخلاصة الإشكال في نظري - والله تعالى أعلم - أن كثيرا من الباحثين في هذه المسألة من القدماء والمحدثين يبنون كلامهم على مجرد النظر في كتب الأصوليين بغير استقراء لموارد الشريعة، في حين إن ذلك هو الطريق الوحيد الدقيق لبناء القواعد والضوابط الأصولية الشرعية.

    والله تعالى أعلم.

    (تكملة للكلام السابق ):

    وهذه المسألة لصيقة الصلة باحترام العلماء، ولكن ليس هذا كل شيء، فالمشكلة أكبر من ذلك بكثير؛ لأن الذي يريد أن يبحث المسائل بنفسه ويرجح بين أقوال أهل العلم لا بد أن يقيم هذه الترجيحات على قواعد، وهذه القواعد لا بد أن تكون مبنية على استقراء موارد الشريعة، ولا يصلح أن تكون هذه القواعد مأخوذة من كتب مصطلح الحديث فقط أو من كتب أصول الفقه فقط؛ لأنه إذا كان سيقلد العلماء الذين وضعوا هذه القواعد، فلأن يقلدهم في الفروع التي استنبطوها من هذه القواعد أولى؛ لأن كلامهم في الفرع قطعي الدلالة، وكلامهم في الأصل ظني الدلالة، ولا نزاع في أن القطعي أولى بالقبول من الظني.

    سأعطيك مثالا:
    قاعدة (هل الأمر يفيد الوجوب) يحتاج إليها الباحث كثيرا في ترجيح بعض الأقوال على بعض، فيأتي إلى نص من نصوص الشرع مثلا فيه أمر، ويجد العلماء اختلفوا في الحكم المستنبط من هذا الأمر، فيقول بعض العلماء بالاستحباب، وبعضهم بالوجوب، فيأتي هذا الباحث ويقول: الأمر للوجوب، وهذا أمر، فالحكم المستفاد هو الوجوب.
    فإذا أنت سألته (من أين عرفت أن الأمر للوجوب) يقول لك: الدليل حديث كذا وكذا.
    فيقال له: وهذا الحديث الذي استدللت به، ألا يحتاج إلى قواعد لغوية لفهمه؟ ألا يحتاج إلى قواعد حديثية لمعرفة صحته وضعفه؟ ألا يحتاج لقواعد أصولية لاستخراج الأحكام منه؟
    فكيف بنيت القواعد على نصوص مفردة، وهذه النصوص أصلا تحتاج لقواعد في فهمها!
    فهذا دَوْر واضح لازم لا محيد له عنه.

    وليس لهذا الدَّوْر من حل إلا ببناء القواعد على الاستقراء التام أو شبه التام لموارد الشريعة؛ لأن المعنى المستفاد من جملة نصوص الشريعة لا يرد عليه احتمال أو اختلاف في الفهم، بخلاف النصوص المفردة التي قد تختلف فيها الفهوم.

    وقد أشرتُ لنحو هذا المعنى في هذا الرابط:
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=88502
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    أبحث عن أمثلة لتخصيص السنة بالإجماع، وكذلك تخصيص الكتاب بالإجماع؟

    الجواب:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    أشهر مثال على تخصيص السنة بالإجماع حديث ( الماء طهور لا ينجسه شيء )
    أجمعت الأمة على تخصيصه بما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه؛ والحديث المروي في ذلك لا يصح، فلا يصح التخصيص به.

    ومن الأمثلة على تخصيص الكتاب بالإجماع تحريم الميتة
    خصص ذلك بالسمك والجراد، فإن قلنا الحديث الوارد في ذلك ضعيف فالتخصيص بالإجماع، وإن قلنا الحديث ثابت فالتخصيص بالسنة.

    وإن أردت أمثلة كثيرة على تخصيص عمومات الكتاب فعليك بكتاب ( الإشارات الإلهية ) للطوفي، فقد تتبع آيات القرآن كاملة مع بيان العام الذي خص والذي لم يخص، مع فوائد أخرى لا يستغني عنها طالب العلم.

    ومن الأمثلة على ذلك أيضا حديث ( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ).
    فإنه مخصوص بما أعد للتجارة، ففيه الزكاة إجماعا.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  3. #23

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    بارك الله فيكم ونفع بكم
    وأقترح عليكم من تمام الفائدة أن يُذكر مصدر الفائدة وبخاصة إذا كانت في غير موضعها من كتب الأصول
    وفقكم الله تعالى


    تَصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ ... عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    جزاكم الله خيرا
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    آمين وإياكم، وجزيتم خيرا على التشجيع.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    لم أفهم ما سبب إعتراض الزركشي رحمه الله تعالى على إمام الحرمين (عند الحديث عن صيغة العموم ( أي)) إذ قال : (وَزَعَمَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ في الْبُرْهَانِ في بَابِ التَّأْوِيلِ أَنَّ ما الْمُتَّصِلَةَ بها لِلْعُمُومِ في نَحْوِ "أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا" فَاعْتَقَدَ أنها ما الشَّرْطِيَّةُ وهو وَهْمٌ ... .. ثم قال: (... لَكِنَّ الصَّوَابَ أنها تَوْكِيدٌ لِأَدَاةِ الشَّرْطِ ...) ذكره في البحر (3/81)
    فإمام الحرمين يرى أن( أي ) و (ما) كانتا من أدوات الشرط في الحديث المذكور سابقا
    "وعند اجتماعهما كانتا أبلغ في العموم ", أليس كذلك ؟؟ ذكره في البرهان (1/341)
    إلا لاأن الزركشي في كتابه السابق والتبعه البرماوي في الفوائد ( يرون أن "(ما ) إنما هي مؤكدة لعموم (أي ) ولا تدل على العموم أصالة في هذا الحديث وإما جاءت من قبيل التكرار اللفظي"
    كيف يكون من قبيل التكرار اللفظي , والذي حكى هذا القول هو المصطفى عليه الصلاة والسلام, وهو أفصح الناس بلاغة وبياناً، بل طريقة الجويني أقوى في استظهار دلالة العموم
    ولاسيما أن القول من الرسول عليه السلام إنما جاء لتأسيس شرع جديد ؟ (لا أعلم )
    نرجوا درء الإشكال والله ولي التوفيق


    الجواب:
    لعل الصواب (من قبيل التوكيد اللفظي)
    ولا نزاع بين أهل اللغة على أن "ما" في (أيما) ليست شرطية؛ لأنه لا يصح أن تدخل أداة شرط على أداة شرط
    فما قاله الجويني سبق نظر غير مقصود، ولا يُظن بمن هو دون الجويني أن يقع في مثل هذا الخطأ
    ولذلك جزم الزركشي بأنه وهم.
    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    ما أفضل متن يحفظ في أصول الفقه ؟


    الجواب:
    الكلام على أفضل متن ينبغي أن يكون مقرونا بالأمر المعتبر في الأفضلية؛ لأنه لا يكاد يوجد شيء أفضل بإطلاق.

    فمثلا لا يصح أن يقال إن المراقي أفضل من نظم الورقات؛ لأن كلا منهما موضوع لمرحلة مختلفة

    وكذلك فالمتن الأطول عادة يكون أفضل من جهة الإحاطة، لكن الأقصر أفضل من جهة إمكان الحفظ

    وكذلك ينبغي أن ينظر إلى اشتهار المتن عند أهل العلم وعنايتهم به من جهة الشروح ونحو ذلك؛ إذ لا معنى للاشتغال بمتن نادر لا يعرف عنه أحد شيئا والاشنغال به عن غيره

    وكذلك فالمتون المنثورة أفضل من جهة دقة السبك وتحرير العبارة لكن المنظومة أفضل من جهة سهولة الحفظ والاستحضار والاستشهاد

    والذي أراه أن الأفضل إجمالا بالنظر إلى معظم جهات الأفضلية هو متن مراقي السعود
    ولا شك أن الكوكب الساطع أوسع من المراقي؛ لكن المراقي أقصر فيسهل أمرها بخلاف الكوكب الذي هو مظنة الانقطاع
    وكذلك فالمراقي شروحها كثيرة بخلاف الكوكب
    وكذلك فالمراقي عبارتها مسبوكة والتضمين فيها قليل بخلاف الكوكب

    وللفائدة ينظر هنا:
    http://www.alukah.net/Social/0/22001/
    وهنا:
    http://www.alukah.net/Social/0/24689/
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    أسأل عن أهمية كتاب المعالم في أصول الفقه للرازي؟

    الجواب:
    كتاب المعالم شرحه ابن التلمساني وحقق في رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى.

    وأهمية كتاب المعالم للرازي تأتي أساسا من أمرين:
    الأول: أنه آخر كتبه الأصولية فعليه الاعتماد في معرفة آخر أقواله.
    الثاني: أنه وضعه على نهج الاختصار وحسن الترتيب والتبويب ليسهل تحصيله وتتوجه الهمم لشرحه، كما فعل أيضا في المعالم في أصول الدين، الذي شرحه ابن التلمساني أيضا.

    وللتوسع راجع الرسالة المذكورة ص 87

    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    هل تدرس القواعد ليستدل بها على الفروع، ويعترض بها على تفاصيل كلام أهل العلم ؟

    الجواب:
    هذه مسألة يغفل عنها كثير من طلبة العلم، وهي أن القواعد وضعت لتيسير العلم، وجمع منثور المسائل، ولم توضع لتكون سيفا مصلتا على كلام أهل العلم، فتصفهم بالوهم والخطأ لأنهم خالفوا القاعدة !!

    هؤلاء هم الذين وضعوا لك القاعدة أصلا كي يسهلوا عليك حفظ العلم ! وهم ليسوا بحاجة ماسة إليها؛ فعلمهم أكبر منها، وقدرهم أعلى منها، وقد عرفوا من المسائل ما يغنيهم عنها، ونهلوا من عين الشريعة ما يرفع درجتهم عن الاحتياج إليها !

    يأتي طالب علم صغير ما أكمل كتابا واحدا في علم الحديث يقول: أخطأ البخاري !!
    لماذا؟ لأنه أعل هذا الحديث، مع أن راويه ثقة، وزيادة الثقة مقبولة !!

    يأتي غمر لا يفرق بين الكوع والكرسوع ليقول: أخطأ الخليل وسيبويه !
    لماذا ؟ لأنهما لم يقفا على قول الشاعر كذا وكذا !!

    يأتي طفل فيقول: كلام الإمام أحمد خطأ !
    لماذا ؟ لأنه لم يقف على هذا الحديث (وهو الأربعين النووية !!)

    ليس المراد من القواعد والضوابط أن تكون مثل القرآن والسنة بحيث نحتكم إليها، وإنما المراد منها التقريب والتيسير والتسهيل عليك يا أيها المبتدئ !! فكيف تريد أن تقابل الإحسان بالإساءة !

    أحسن إليك هؤلاء العلماء بمثل هذا الصنيع الذي يختصر عليك مجلدات في أسطر معدودة، فتريد أن تجعل هذا التقريب حجة لك في هدم كلامهم ؟!!

    نسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يستعملنا في طاعته، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، إنه على كل شيء قدير.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    أسأل عن أهمية كتاب الكاشف للرازي في أصول الفقه ؟

    الجواب:
    كتاب الكاشف للرازي ليس هو في أصول الفقه، وإنما في علم الجدل.

    وهو يشبه كتاب (علم الجذل في علم الجدل) للطوفي، ولكن النفس الأصولي في كتاب الرازي أوضح بكثير.

    كما أن الرازي ذكر كثيرا من الحدود المهمة لما يكثر استعماله في الجدل والمناظرات بخلاف الطوفي.

    وكثير من مباحث علم الجدل تجدها مبثوثة في كتب أصول الفقه، ولذلك يشتبه الأمر بين العلمين.

    ولذلك قال الطوفي في مقدمة كتابه: إن علم الجدل هو علم أصول فقه خاص.

    وقال في موضع آخر: إن النسبة بين الجدل والأصول كنسبة المنظوم إلى المنثور.

    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:

    أسأل عن مسألة القياس في اللغة والثمرة التي يذكرها الأصوليون لذلك وخلافهم لعلماء اللغة ؟

    الجواب:
    أما علماء اللغة فلا نزاع بينهم في أنه لا قياس في اللغة، فيما وقفت عليه ، يعرف هذا من صنيعهم العملي في الكلام على الألفاظ .

    وأما علماء الأصول فقد نصوا على أن هذا هو مذهب الأكثرين ، ونازع في ذلك السيوطي رحمه الله بذكر القائلين من الطرفين .

    وأما الثمرة التي يذكرونها وهي الاستناد إلى النص بدلا من القياس، فهذا غير صحيح؛ لأنك لو لم تقل بالقياس في اللغة لزمك الاستناد إلى القياس الشرعي، وإن لم تحتج إلى القياس الشرعي لزمك الاستناد إلى القياس في اللغة، ففي الحالين تحتاج إلى القياس ( سواء اللغوي أو الشرعي ) ، فلا يصح حينئذ أن يقال إن في أحد الطريقين اجتنابا لمشكلات القياس .

    وأما أن علماء الأصول لا يأبهون بمخالفة أهل اللغة ، فإن كنت تقصد فيما يخص مسائل الأصول فهذا وارد ؛ لأن كل علم يؤخذ من أهله ، وإن كنت تقصد فيما يخص مسائل اللغة فالأصوليون يستندون أساسا إلى اللغويين في كلامهم ، ويتخيرون من أقوالهم ، ولم يقل أحد من الأصوليين - فيما علمت - إنه يجوز الخروج عن إجماع اللغويين .

    وأما أن الخلاف لفظي فيمكن أن يقال : إن الخلاف لا ثمرة له ، أو له ثمرة نظرية لا عملية .

    والله أعلم .
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    هل هناك مسائل نقل فيها إجماعان متعارضان ؛ كأن يدعي بعضهم الإجماع على أن كذا واجب ، ويدعي بعضهم الإجماع على أنه غير واجب؟


    الجواب:
    المسائل التي نقل فيها إجماعان متعارضان ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنها كثيرة جدا (أظن في التسعينية).
    وذكر ابن القيم أنها نحو مائتي مسألة (في إعلام الموقعين).

    وأنا أظن أن المسائل التي يقصدانها أكثرها في مسائل الاعتقاد؛ لأن المسائل الفروعية التي ادعى فيها الطرفان الإجماع يصعب أن تبلغ هذا العدد.

    وللفائدة ينظر هنا:
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=356
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    بعض الأصوليين ينفي أن يكون الخاص الذي يراد به العام مما عرفته العرب في لغتها ... وبعضهم يثبت ذلك، فما الضابط ؟


    الجواب:
    ينبغي أولا أن نحدد ما المقصود بقولنا (الخاص الذي يراد به العام) ؟

    فإن كان قصدنا أن اللفظ المنطوق به خاص، ولكن المتكلم يقصد به التعميم لقرائن أو أدلة أخرى خاصة بهذا الموضع بعينه، فهذا كثير في كلام العرب؛ لأن معرفة مرادات النفوس لا يتوقف على ما يدل عليه اللفظ في ذاته.
    فمثلا نحن نعرف أن النصوص الشرعية المبدوءة بـ(يا أيها النبي) هي عامة لجميع المسلمين (باستثناء ما ثبتت خصوصيته)، وكذلك قوله تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} لأننا عرفنا من أدلة أخرى أن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين.
    فهذا النوع لا شك في وجوده، ولا نزاع فيه بين العلماء.

    وإن قصدنا أن للعرب نهجا وطريقا مسلوكا في التعبير بالخاص عن العام، فنقول: هذا لم يثبت عن العرب إلا في مواضع مخصوصة، منها:
    1- ضرب الأمثال: كقولهم: رجعت بخفي حنين، والصيف ضيعت اللبن وغير ذلك كثير، فمن الواضح أن المقصود ليس قصر اللفظ على حنين ولا على الصيف، ولكن المراد استعمال المثل لتثبيت الحكمة في الأذهان.

    2- التعريض دون التصريح، كما لو قلت مثلا: (أنا لا أفعل الحرام) تريد أن تعرض بصاحبك الذي يقع في الحرام، فاللفظ خاص فيك أنت، ولكن المعنى عام أنه (لا ينبغي لأحد أن يفعل الحرام).

    3- التصريح بالغالب الشائع، كقوله تعالى: {لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة} فهو خاص في الأضعاف، لكنه شامل للضعف والضعفين.

    والله تعالى أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    هذه جمل وجدتها في شرح الشيخ بن عثيمين على نظم الورقات فأشكلت علي فأرجو من حضراتكم التفضل بتوضيحها ((تصور الشيء بدون حكم هل يسمى فقها؟))
    وكذلك قال حين تعرض للكلام عن ترتيب الأحكام التكليفية: ((وترتيبها_أي:الأ حكام التكليفية_ على ما تريد, لكن الأحسن أن ترتبها إما على الأشد ، وإما على الشيء مع مقابله))


    الجواب:
    ( تصور الشيء ) أي وجود صورة ذهنية له في عقل الإنسان، فأنت مثلا إذا سمعت عن ( بيع العينة )، فربما لا تعرف معنى هذا الكلام، فإذا قيل لك مثلا: إن معناه كذا وكذا، فهذا تصور، أي فهم للمعنى.

    وهذا يختلف عن الحكم عليه، لأن معرفة المعنى تختلف عن معرفة أحرام هو أم حلال؟

    فمعرفة المعنى غير معرفة الحكم.

    ( ترتيبها ) أي إذا أردت أن تذكر الأحكام التكليفية فماذا تقول؟

    = حرام - مندوب - واجب - مباح - مكروه.

    هذا مجرد ذكر للأحكام التكليفية لم يراعَ فيه ترتيب معين، أما إذا أردت أن تراعي ترتيبا معينا، فالأحسن أن ترتبها ابتداء بالأشد؛ الحرام ثم الواجب ثم المكروه ثم المندوب ثم المباح.
    وإما على الشيء مع مقابله، وهو أعم مما سبق، فتقول: الواجب ثم الحرام ثم المندوب ثم المكروه ثم المباح.

    وإما على الأشد على الإنسان، أي الأكثر أهمية عند اعتباره؛ فالمحرم أهم من الواجب؛ لأن النبي قال: (ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه)، فذكر الاستطاعة في الواجب دون المحرم.

    والمكروه أشد من المستحب؛ لأن مطالبة الإنسان باجتناب المكروه أهم من مطالبته بفعل المستحب، ويلام على فعل المكروه أكثر من لومه على ترك المستحب.

    وآخر المنازل هو المباح لأنه يستوي فيه الفعل والترك.

    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    سؤال:
    هل يعمل بالحديث الضعيف في الفقه ؟


    الجواب:
    هذه المسألة طويلة الذيل وفيها كلام كثير بين الباحثين، ولكن أحببت المشاركة بإشارة لعلها تفيد:

    الحديث الضعيف ما هو؟
    يطلق الضعيف ويراد به ما هو باطل، ويطلق الضعيف ويراد به ما لا ينطبق عليه شروط الصحة الاصطلاحية
    وكذلك يطلق الضعيف ويراد به المرسل، ويطلق الضعيف ويراد به ما تفرد به خفيف الضبط، ويطلق الضعيف ويراد به ما تفرد به راو مختلف فيه

    فالمقصود أن الضعيف أنواع كثيرة وجميعها قد يطلق عليها الضعيف ولا يظهر المراد إلا من القرائن والاستقراء
    وبناء على هذا فلا يصح أن يطلق الحكم ويقال (يعمل بالحديث الضعيف) أو (لا يعمل بالحديث الضعيف) لأن الأمر يختلف بحسب المقصود بكلمة (ضعيف)

    والذي لا ينبغي أن يشك فيه أن الحديث إذا كان ضعيفا بمعنى أن نسبة معناه إلى الشارع باطلة فلا يصح الاحتجاج به، وهذا المعنى غاب عن بعض المتأخرين الذين اتكئوا على قاعدة (الاحتجاج بالضعيف) في تمرير أحاديث يعلم أهل الحديث أنها باطلة لا تصح نسبتها لصاحب الشريعة، بدعوى أن سندها لم يصل إلى درجة الوضع وأن قصاراها أن تكون ضعيفة السند، والضعيف يعمل به !!
    كحديث أنا مدينة العلم، وحديث استحباب زيارة قبر النبي وغيرها.

    وهذا فهم غير صحيح لتصرفات العلماء، وإنما يمكن أن يقال: يعمل بالحديث الضعيف إذا كان محتمل النسبة إلى صاحب الشريعة ولم يعارضه ما هو أقوى منه

    والناظر في تصرفات أهل العلم قد يظن ببادي الرأي أن فيها تناقضا؛ إذ يأخذون بالضعيف أحيانا ويردونه أحيانا، ويقبلون رواية الراوي أحيانا ويردونها أحيانا، ويسمون الحديث ضعيفا ويعملون بمعناه،ومن المشهور عن الإمام أحمد قوله في ذلك عن رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
    إلى غير ذلك من التناقضات في الظاهر

    ولكن عند التأمل يظهر أن ليس في الأمر تناقض، وإنما هي مرتبة عالية من العلم وصلوا إليها وخفيت على الناظر المتعجل.
    وبيان ذلك أن الأدلة مراتب ودرجات ففيها ما هو في أعلى درجات الحجية وفيها ما هو في أدنى درجات الحجية، وبينهما مراتب كثيرة لا تنحصر،
    وإنما تتفاوت منازل العلماء في العلم بحسب الإحاطة بهذه المراتب وترتيبها، ومعرفة ما يقدم منها وما يؤخر، لأن التعارض بين الأدلة لا تكاد تخلو منه مسألة، قال صاحب المراقي:
    وقد خلت مرجحات فاعتبر .......... واعلم بأن كلها لا ينحصر
    قطب رحاها قوة المظنة ...... فهي لدى تعارض مئنة

    والعلماء حينما يقعدون القواعد ويؤصلون الأصول، إنما يكون هذا بافتراض عدم وجود أدلة أخرى، هل المفهوم حجة أو ليس بحجة؟ هل المرسل حجة أو ليس بحجة؟ هل قول الصحابي حجة أو ليس بحجة؟ هل الإجماع السكوتي حجة أو ليس بحجة؟ وهكذا
    أما عند التطبيق فلا بد من النظر في جميع أدلة المسألة الإجمالية والتفصيلية ثم الموازنة بين هذه الأدلة لمعرفة الجانب الأقوى الذي تؤيده هذه الأدلة.
    فيأتي المتعجل فيرى العالم يحتج بقول الصحابي في مسألة ويرد قول الصحابي في مسألة، فيظنه متناقضا، وليس ثم تناقض، وإنما عمل بقول الصحابي حيث لم يجد أقوى منه، وترك قول الصحابي حيث وجد ما هو أقوى منه، وقل مثل هذا في المرسل الذي يأخذ به العالم مثلا إذا لم يجد ما هو أقوى منه، ويتركه في مسألة أخرى لأنه وجد أقوى منه، وهكذا.

    وقد دخل محمد بن أسلم الطوسي الإمام المشهور على الخليفة فسأله عن مسألة فأجابه واحتج بحديث فقال له الخليفة هذا حديث ضعيف، فقال له: أعمل به حتى يجيء أصح منه.

    فهذه العبارة تلخص لك فقه المسألة، لأن بعض طلبة العلم يظن أن الحديث إما أن يكون حجة مطلقا أو لا يكون حجة مطلقا، وهذا خطأ، بل قد تأخذ بالحديث في مسألة وتتركه في مسألة؛ لأنه في المسألة الأولى لم يعارضه ما هو أقوى منه، وفي المسألة الثانية قد عارضه ما هو أقوى منه، ومعلوم أن العمل بالراجح دون المرجوح متفق عليه بين العقلاء

    نعم قد يختلف العلماء في تقديم شيء على شيء وتأخيره، ولكنهم متفقون على القاعدة العامة وهي أن الأدلة متفاوتة في مراتبها، وأن الترجيح يكون بأخذ الأقوى فالأقوى بالنظر إلى مجموع ما يتعلق بالمسألة.

    والله تعالى أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    كيف نقرأ المطولات في أصول الفقه وغيرها ؟


    الجواب:
    قراءة المطولات تسهل بحفظ المتون، حتى لو لم يكن الكتاب شرحا للمتن المحفوظ.

    فمثلا الذي يحفظ الزاد يسهل عليه جدا قراءة المغني، لأن التقارب كبير بين مختصر الخرقي وزاد المستقنع.

    والذي يحفظ الموطأ يسهل عليه قراءة التمهيد والاستذكار.

    والذي يحفظ ألفية ابن مالك يسهل عليه قراءة الشروح المطولة كشرح الشاطبي.

    وهكذا.

    فإن لم تكن تحفظ المتن، أو لم يكن الكتاب أصلا شرحا لأحد المتون، فأفضل وسيلة لقراءة المطولات أن تمر على الكتاب ابتداء مرا سريعا جدا تحصل فيه العنوانات والأبواب وجمهرة المسائل.

    ثم بعد ذلك تعود إلى قراءة الكتاب كاملا فإنك تجد حينئذ أن قراءتك أسرع وأسهل، وأنك أكثر شوقا لمتابعة القراءة.

    وينصح علماء الذاكرة بعدم مواصلة القراءة في كتاب واحد أكثر من نصف ساعة؛ فإن احتجت إلى ذلك فتوقف عن القراءة مدة يسيرة لتنشيط الذهن، ثم عد إليها مرة أخرى.
    ويمكنك في هذه المدة اليسيرة أن تقرأ شيئا آخر أو أن تشارك في المنتديات أو غير ذلك.

    من الوسائل المعينة أيضا على قراءة المطولات : استخراج الفوائد، وذلك لسببين:
    - الأول: أن هذا يساعد الذهن على متابعة الأفكار المقروءة.
    - الثاني: أنك إن أردت العودة لمراجعة الكتاب، فحينئذ يكفيك أن تطالع هذه الفوائد فتتذكر الأفكار الأساسية في الكتاب.

    وقد سرت على هذه الطريقة في كتابين مطولين لشيخ الإسلام، وهما:
    - درء تعارض العقل والنقل، وينظر هنا:
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=971988

    - بيان تلبيس الجهمية، وينظر هنا:
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=966275
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    ما العمل إذا تعارض عموم منطوق مع خصوص مفهوم أيهما يقدم؟

    الجواب:
    وفقك الله وسدد خطاك

    أولا: مسائل المنطوق والمفهوم فيها خلافات كثيرة بين أهل العلم، فلا تظن أن يكون الجواب قولا واحدا.

    ثانيا: صيغ العموم تتفاوت قوة وضعفا، فليست على درجة واحدة؛ فمثلا عموم قوله تعالى: {كل من عليها فان} من أقوى العمومات، فلا يتساوى مع عموم (ال) الجنسية مثلا.

    ثالثا: أنواع المفهوم تتفاوت كذلك، وفي كثير منها خلاف، وأقواها ما إذا كان الكلام مبنيا على التقسيم مع ترك أحد الأقسام اختصارا؛ كما إذا قلت: (الناس قسمان فالسعيد منهم كذا)، فيفهم من الكلام أن غيره ليس كذلك، فهذا مفهوم ولكنه في قوة المنطوق، ومن هذا الباب حديث (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) خلافا لمن عده مفهوما وقدم عليه عموم حديث (الماء طهور لا ينجسه شيء).

    رابعا: يشترط في حجية المفهوم أن لا يخرج مخرج الغالب، ومعنى خروجه مخرج الغالب أن يكون المذكور معه هو الغالب الكثير فيه بحيث ينصرف الذهن إليه لو لم ينص عليه، وينظر في ذلك كلام القرافي في الفروق فهو نفيس.

    خامسا: الحنفية يرون أن صيغة العموم قطعية الدلالة، فهي لذلك مقدمة على المفهوم (وإن كانوا لا يقولون بغالب المفهوم أصلا).

    سادسا: ينبغي أن يفرق كذلك بين العموم المخصوص والعموم المحفوظ؛ لأن دلالة العموم المخصوص أضعف.

    سابعا: خلاصة ما سبق أن دلالات العموم تختلف قوة وضعفا، ودلالات المفهوم الخاص تختلف كذلك، ومن ثم لا يصح إصدار حكم واحد في الترجيح بينهما، بل ينظر إلى أقوى الدلالتين فيرجح، وفي هذا مجال واسع لاختلاف العلماء؛ لأن معظم خلافات العلماء أصلا في تقديم دليل على دليل، واختيار أقوى الدلالتين، ولهذا ترى بعضهم يأخذ بدليل في موضع ولا يأخذ بنفس الدليل في موضع آخر؛ لأنه في الموضع الأول لم يجد أقوى منه، وفي الموضع الثاني وجد ما هو أقوى منه.

    ثامنا: إنما كتبت ما سبق؛ لأني رأيت مشايخنا الكرام تأخروا عن جوابك، وما كان لي أن أتقدم بين أيديهم، ولكن إذا صوح النبت رعي الهشيم، والله المستعان.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    ما معنى قول ابن القيم: ( المندوب إذا اعتبرته اعتبارا أعم من الاعتبار المتقدم وجدته خادما للواجب لأنه إما مقدمة له أو تذكار به كان من جنس الواجب أولا، فالذي من جنسه كنوافل الصلوات مع فرائضها ونوافل الصيام والصدقة والحج وغير ذلك مع فرائضها والذي من غير جنسه كطهارة الخبث في الجسد والثوب والمصلى والسواك وأخذ الزينة وغير ذلك مع الصلاة وكتعجيل الإفطار وتأخير السحور وكف اللسان عما لا يعنى مع الصيام وما أشبه ذلك فإذا كان كذلك فهو لاحق بقسم الواجب بالكل وقلما يشذ عنه مندوب يكون مندوبا بالكل والجزء ويحتمل هذا المعنى تقريرا ولكن ما تقدم مغن عنه بحول الله).
    فما معنى : فهو فهو لاحق بقسم الواجب بالكل وقلما يشذ عنه مندوب يكون مندوبا بالكل والجزء ويحتمل هذا المعنى تقريرا ولكن ما تقدم مغن عنه بحول الله. ... و جزاكم الله خيرا

    الجواب:
    عندما قرأت الكلام قلت في نفسي: هذا ليس بأسلوب ابن القيم، وإنما هو أسلوب الشاطبي رحمه الله.

    ثم راجعته فوجدته في الموافقات كما حسبت.

    وقد بين الشاطبي مراده فيما قبل هذا الموضع بقوله:

    (( إذا كان الفعل مندوبا بالجزء كان واجبا بالكل؛ كالأذان في المساجد الجوامع أو غيرها، وصلاة الجماعة، وصلاة العيدين، وصدقة التطوع، والنكاح، والوتر، والفجر، والعمرة، وسائر النوافل الرواتب؛ فإنها مندوب إليها بالجزء، ولو فرض تركها جملة لجرح التارك لها؛ ألا ترى أن في الأذان إظهارا لشعائر الإسلام؟ ولذلك يستحق أهل المصر القتال إذا تركوه، وكذلك صلاة الجماعة، من داوم على تركها يجرح، فلا تقبل شهادته؛ لأن في تركها مضادة لإظهار شعائر الدين، وقد توعد الرسول -عليه السلام- من دوام على ترك الجماعة؛ فهم أن يحرق عليهم بيوتهم، كما كان عليه السلام لا يغير على قوم حتى يصبح، فإن سمع أذانا أمسك، وإلا أغار، والنكاح لا يخفى ما فيه مما هو مقصود للشارع؛ من تكثير النسل، وإبقاء النوع الإنساني، وما أشبه ذلك؛ فالترك لها جملة مؤثر في أوضاع الدين، إذا كان دائما، أما إذا كان في بعض الأوقات؛ فلا تأثير له، فلا محظور في الترك )).

    وانظر ما بعده أيضا فهو متعلق به.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    ما المطلوب من دارس أصول الفقه ؟


    الجواب:
    لا يمكن طالبَ العلم أن يفهم مسائل الأصول حق الفهم حتى يطبقها على جميع المسائل التي يعرفها، ويطبق عليها جميع النصوص التي يعرفها.

    فالمطلوب من طالب الأصول بعد أن يحصل جملة الفن أن يسير على أمرين متوازيين:

    - الأول: تطبيق النصوص الشرعية على قواعد الأصول استقراءً لمعرفة ما يصح منها مما لا يصح.
    - الثاني: تطبيق قواعد الأصول على مسائل الفروع لمعرفة توافق الفروع مع الأصول.

    مثال الأول أنك تسمع الأصوليين يقولون: حكم العام أن ينطبق على جميع أفراده، فأنت في كل نص من النصوص الشرعية التي فيها لفظ عام تنظر: هل الشارع يقصد به جميع أفراده؟

    مثال الثاني أنك تسمع الأصوليين يقولون: الأصل في الأمر الوجوب، فأنت في كل مسألة مشابهة ترد عليك تنظر: هل جعل الفقهاء فيها الأمر للوجوب؟

    والله تعالى أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل وجوابات منثورة في أصول الفقه

    السؤال:
    هل هناك أمثلة على أشياء واجبة عند بعض الفقهاء ومحرمة عند بعضهم ؟


    الجواب:
    الأمثلة كثيرة يا أخي.

    منها: قراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية؛ واجبة عند بعض العلماء، ومحرمة عند بعض العلماء.

    ومنها: الصلاة بالتيمم دون الوضوء إذا ضاق الوقت.

    ومنها: مسألة المصراة، يردها وصاعا من تمر، واجب عند الجمهور، محرم عند الحنفية.

    ومنها: الخروج لصلاة الجماعة مع أمر الأم بعدم الخروج.

    ويمكن أن يُتصور ذلك في المسائل المشابهة لذلك بأن يختلف العلماء في (وجوب شيء واستحبابه) ثم يتعارض هذا مع واجب آخر.

    ومن الأمثلة على ذلك أيضا صلاة الكسوف بركوعين :

    قال بعض العلماء ببطلان الصلاة إن كانت بركوع واحد .
    وقال بعضهم ببطلان الصلاة إن كانت بركوعين !!

    وللفائدة ينظر كلام القرافي في الفروق؛ الفرق السادس والخمسون والمائتان؛ بين قاعدة الزهد وقاعدة الورع.

    قال: (( ..... فإن اختلفوا هل هو حرام أو واجب فالعقاب متوقع على كل تقدير فلا ورع إلا أن نقول إن المحرم إذا عارضه الواجب قدم على الواجب لأن رعاية درء المفاسد أولى من رعاية حصول المصالح وهو الأنظر فيقدم المحرم هاهنا فيكون الورع الترك ... )).

    ومن الأمثلة على ذلك أيضا : ( فسخ الحج وجعله عمرة ) على تفصيله.

    فبعض العلماء يحرم ذلك وهو قول الجمهور، وبعضهم يستحبه، وبعضهم يوجبه استنادا إلى ظاهر بعض النصوص.

    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •