نقل الإجماعات المتعارضة عند أهل العلم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد أفضل الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه المهتدين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد؛
فإن الإجماع من أخطر المباحث في علم أصول الفقه، بل لا أبالغ إن قلت: هو أخطر المباحث في العلوم كلها.
والإجماع هو أهم أساس يعتمد عليه في تأسيس العلوم.
والمقصود بالإجماع في أي علم من العلوم اتفاق أهل الفن المتخصصين فيه؛ لأن من ليس من أهل الفن فهو بالنسبة إلى أهل الفن عامي في هذا الفن، ولذا قال الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: (ومن تكلم في غير فنه أتى بهذه العجائب).
وذكر شيخ الإسلام أن المعتبر في صحة الحديث وضعفه إنما هو إجماع المحدثين، كما أن المعتبر في الحكم الفقهي هو إجماع الفقهاء.
وكذلك الأمر في علوم الدنيا؛ فإن المعتبر في الطب إنما هو إجماع الأطباء، وكذلك في كل علم من العلوم الدينية والدنيوية.
وقد أطال أهل العلم في الكلام على الإجماع بما لا مجال لبحثه هنا، فقد اختلفوا في تعريف الإجماع، وفي حجية الإجماع، وفي إمكان تحقق الإجماع، وفي شروطه، وفي إحداث قول ثالث، وغير ذلك.
ومن المباحث الطريفة التي وقفتُ عليها أنك أحيانا تجد بعض أهل العلم ينقل الإجماع على قول، ثم تجد غيره من أهل العلم ينقل الإجماع على ضد هذا القول!!
وهذا إنما يدل على صعوبة مبحث الإجماع عند أهل العلم حتى وصل بهم القول إلى نقل الإجماعات المتعارضة!