خواطر وتساؤلات عن اللسان " 6 " عبادات اللسان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أمَّا بعد: فهذه خواطر وتساؤلات عن اللسان أسأل الله تعالى أن ينفعني وقارئها بها وأن تكون ذخرا لي يوم ألقاه إنَّه سميع مجيب .
التساؤل السادس : ما هي عبادات اللسان ؟
وللإجابة على هذا التساؤل أقول عبادات اللسان كثيرة أشير إلى أهمها فيما يلي :
1- النّطق بالشهادتين قال تعالى (( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )) هذه الكلمة هي كلمة التوحيد، وهي كلمة الإسلام الأولى التي ضرب الله بها المثل في القرآن (( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )) .
ومعناها : لا معبود بحقّ إلا الله تعالى، فليس في الكون إله يستحقّ العبادة غير الله تعالى وليس في الكون إله يستحقّ أن تهبه عمرك إلا الله تعالى، وليس في الكون إله يستحقّ أن تلتفت إليه بالحب والذل والخضوع إلا الله تعالى .
2- تلاوة القرآن (( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ))
3- ذكر الله وقد أمر الله به فقال ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا )) والذكر من أفضل الأعمال وأزكاها عند الله فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ : أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ , وَأَرْضَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَمِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا : وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : ذِكْرُ اللَّهِ " أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم والألباني.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ
سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ " البخاري ومسلم .
والذكر من أسهل العبادات السهلة التي يستطيعها المسلم في جميع أحواله الراكب والماشي ، والقائم والقاعد ، والمضجع على فراشه بل حتى المريض يستطيع أن يذكر الله . والعجيب في الأمر أن الذكر مع يسره وسهولته وعظيم ثوابه وأجره إلَّا أنَّ تفريط الناس فيه كبير ولا حول ولا قوة إلا بالله
4- الدعوة إلى الله قال سبحانه " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا " البخاري ومسلم وقال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه " ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَوَاللَّهِ لأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَم " البخاري ومسلم .
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و هذه هي الفريضة السادسة، بل إنّ هذه الأمّة التي كرّمها الله عز وجل والتي وصفها بأنّها خير أمّة أُخرجت للناس، كانت
خيريّتها بقيامها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه ِ) .
6- ردّ السلام، ابتداء السلام سنّة مؤكّدة عَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم« إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلاَمِ »أبي داود . أما ردّ السلام فهو فرض واجب قال تعالى (( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا )) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « عَشْرٌ ». ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ فَقَالَ « عِشْرُونَ ». ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ فَقَالَ « ثَلاَثُونَ ». وفي لفظ زاد فيه " ثُمَّ أَتَى آخَرُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ فَقَالَ « أَرْبَعُونَ ». قَالَ « هَكَذَا تَكُونُ الْفَضَائِلُ » أبي داود.
7- قول الخير والنطق به أو الصمت عن الشر والسكوت عنه. فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ " البخاري ومسلم .
والصمت المحمود ليس المراد به الصمت والسكوت مطلقا وإنَّما ما يكون بديلا عن القول بالشر الذي يلحق الأذى بالخلق وأمَّا الصمت والسكوت عن قول الحق والنصح للخلق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فذلك نزغ من الشيطان والساكت عن الحق شيطان
أخرس كما قيل .
8- الإصلاح بين الناس (( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )) وعنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ ابْنَةَ عُقْبَةَ سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَقُولَ : خَيْرًا أَوْ يُنَمِّيَ خَيْرًا وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ كَذِبٌ إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ : فِي الْحَرْبِ ، وَالإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ ، وَحَدِيثِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ ، وَحَدِيثِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا" سنن النسائي الكبرى .
9- القول الحسن وقد أمر الله جل وعلا به فقال " وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا )) وقال سبحانه (( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) وهو يشمل الكلمة الطيبة وغيرها فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " ......... وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ " البخاري ومسلم .
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا ..... ثُمَّ قَالَ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ " البخاري.
10- صدق الحديث قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) وقال عز وجل (( قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ ، صَدُوقِ اللِّسَانِ ، قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ ، نَعْرِفُهُ ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ ؟ قَالَ : هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ ، لاَ إِثْمَ فِيهِ ، وَلاَ بَغْيَ ، وَلاَ غِلَّ ، وَلاَ حَسَدَ " ابن ماجه وصححه الألباني.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
« عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا " البخاري ومسلم .
11- نصرة المسلم والذب عن عرضه فعن جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الأَنْصَارِىّ رضي الله عنهما قُالاَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم« ... وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِى مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللَّهُ فِى مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ » أحمد وأبي داود وابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وعنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ" أحمد والترمذي والبيهقي في الشعب وصححه الألباني .
وعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ ». أُرَاهُ قَالَ « بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْمِى لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَىْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ بِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ » أحمد وأبي داود وحسنه الألباني .
12- الدعاء وقد أمر المولى جلَّ شأنه بل جعله عبادة كما قال تعالى (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )) ((ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ )) وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ تركه سبب لغضب الله على العبد فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ » أحمد والترمذي وصححه الحاكم وحسنه الألباني .
والدعاء له شروطه وآدابه وسننه حتى يكون الدعاء مستجابا لصاحبه كما أنه له موانع تمنع من إجابة الدعاء ليس هنا مقام بسطها فهذه مجرد خواطر وتساؤلات
يقصد منها التذكير والنصح . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وصحبه أجمعين .
وإلى تساؤل آخر عما قريب .