تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قاعدة في الفرق بين الشبهة والدليل

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    88

    افتراضي قاعدة في الفرق بين الشبهة والدليل

    ـ القاعدة :
    *الشبهة من حيث اللغة : ما فيه اشتباه ، فكل ما اشتبه على الناظر ، وتردد فيه ؛ فهو شبهة .
    ولا إشكال في أن هذا على طريقة المناطقة ؛ دور قادح في التعريف ؛ لأن شروط حدودهم لا تشترط هاهنا .
    أما المراد بها في الاستخدام العلمي : فهي فرد من جنس الأدلة في الجملة ، لا يدل على المدلول في نفس الأمر ، يعارض الثابت في نفس الأمر بالدليل .
    ـ وقيد المعارضة للثابت في نفس الأمر بالدليل ؛ يخرج به الدليل الفاسد مطلقا ، لأن الدليل الذي لا يصح ، أو لا يدل على المدلول ، أو كلاهما = دليل فاسد ، لكنه متى ما عارض ما دل عليه الدليل الصحيح = كان شبهة على الدليل الصحيح .
    فصار بينهما عموم وخصوص مطلق ، فكل شبهة = دليل فاسد ، ولا عكس .
    مثال الدليل الفاسد الذي ليس بشبهة : الاستدلال بحديث ضعيف على وجوب الختان للذكور .
    ومثال الدليل الفاسد الذي هو شبهة : الاستدلال بحديث ضعيف على استحباب الختان للذكور .

    *والدليل في اللغة : ما يوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري .

    فإنتاج المدلول من الدليل إنما هو بالقوة ، ولا يشترط فيه بالفعل ، فإذا كان الدليل في نفسه يدل على المدلول لم يضره عدم تحصيل المدلول منه لقصور في النظر أو فساد .

    ومتي لم يكن الدليل دالا على المدلول بالقوة ، لم يكن دالا عليه بالفعل بالضرورة ، فلم يكن دليلا على المدلول المعين حقا .
    ومتى لم يكن الدليل دالا على المدلول بالقوة ؛ ودلَّ عليه بالفعل ، كان ذلك الفعل غلطا ، ونظرا فاسدا ، وهو معنى قولهم ( بصحيح النظر فيه ) .

    فمتى استخدم الدليل على ما لا يدل عليه في نفس الأمر ، كان دليلا فاسدا.
    ومتى عارض الدليلُ الذي لا يدل على المدلول في نفس الأمر ،الدليلَ الذي يدل على المدلول في نفس الأمر ؛ كان دليلا فاسدا وشبهة .

    ـ ملحوظات :
    1 ـ الدليل المراد منه تعريفه فوق بإطلاق ، فيشتمل العقلي والنقلي ، والاتفاقي والخلافي خلافا سائغا ، أما مالم يكن من جنس الأدلة أصلا كالرؤى و الذوق المجرد ؛ فليس شيئا .

    2 ـ يشترط في الشبهة بعد أن تكون من جنس الأدلة = أن تكون معتبرة ، فإن لم تكن ؛ فليست بشيء ، فالحديث الموضوع والقياس الغلط والإجماع المخروم البين نقضه من جنس الأدلة من حيث الأصل ،لكنها ليست معتبرة ، فلما لم تكن معتبرة لم تكن حديثا ولا قياسا ولا إجماعا ، فخرجت من جنس الأدلة .

    3 ـ يشترط في الشبهة بناء على ما سبق أن تكون شيئا وجوديا ،ولو جهلا مركبا ، أما الجهل البسيط ( العدمي ) ، الذي هو فراغ النفس عن التصور ،فليس شبهة .

    4 ـ بناء على ما ذكر كله ، يتبين أن الشبهة أمر نسبي ، فقد يشتبه على الإنسان ما لا يشتبه على غيره ، بل قد يشتبه على الإنسان نفسه في حال ،مالا يشتبه عليه في أخرى .
    وقد يسمى كل من المخالفين أدلة مخالفه ( شبهة ) ،لكونها تعارض الثابت عنده في نفس الأمر بالأدلة ، ولا تدل على المطلوب المعارض في نفسها .
    وهذا نفسه ( يعني وصف الدليل بالشبهة من عدمها ) = مسألة اجتهادية سائغة ، من أهلها ، في محلها .
    وتقييد ذلك بالقول ( في محلها ) يفيد أنه ربما أقول :
    إنه يقبح تسمية الأدلة المخالفة في مسألة مشهورٌ فيها الخلاف وقوته ، تكره تسميتها ( شبهات ) كما يحدث عند كثير من المعاصرين، يؤلف في مسألة الخلاف فيها أشهر من أن يذكر ، ثم يسمي أدلة المخالفين شبهات بإطلاق .

    5 ـ متى استقر في نفس المجتهد حكم المسألة بأدلتها ، وعارضها غيرها بأوجه لا تجتمع مع ما توصل إليه = كان المعارض عنده شبهة لا دليلا .

    ـ وهذه نقطة كنت قد تأملت فيها طويلا في أوقات قديمة ، وهي ( أوجه الدفوع التي يذكرها جلة من العلماء ويكون ضعفها لائحا عند الناظر ) ، وهي في تقديري من المسائل التي تجرئ المبتدئين على أهل العلم .

    وسبب ذلك أننا كنا نقرأ في الكتب ، أن الإمام الفلاني ( النووي ، ابن القيم ، ابن حجر ، ..) ، بعدما يعرض مسألة بحكمها عنده ودليلها ، قد يورد أدلة المخالفين ، فنجد الشيخ يجيب إجابة ، قديصدرها بـ " ربما " ، وقد يصدرها بكلمة : " وهذا يحمل على كذا " ، أو يقول: " ولعل المراد منه كذا" .
    كل ذلك بحيث لا يخالف الحكمَ الذي قرره في المسألة محل البحث .
    فيأتي الاعتراض من القارئ أن أغلب ما يذكره الشيخ على الظاهر = ضعيف ،فـ " ربما " قد لا تكون " ربما " ! ، والحمل لا يسلم للشيخ من المخالف ، و" لعله " لا تغني ولا تسمنمن جوع ! ، ويجب إعمال الأدلة ما استطيع إلى ذلك سبيلا ، ونحو ذلك .

    فكان وجه تأملي= أن الأوجه التي تتقافز في ذهن القارئ لا تخفى على المبتدئة من الطلاب ـ بدليلالقارئ نفسه ـ فبأي وجه تفوت على المؤلف ؟
    و ليس له علاقة بعصمة المؤلف، لكنها أوجه في الرد والدفع لا يفوت أحدا ممن ينظر إليها مستقلة أن فيها ضعفا .
    ثم بدا لي بعد النظر الطويل في سياقاتأقوالهم تلك ، أن في النظر فيها بتلك الطريق نوع إجحاف وعدم فهم .
    وأن العالم متى استقر في نفسه حكم الله في المسألة ، ورأى الأدلة التى تتكامل وتتعاضد= يرسخ في نفسه الرأي الذي استولده منها .
    ثم متى عارضها من الأدلة ما ( يشتبه عنده ) أنها معارضة ، فإنه يرد تلك الدلالة للجمع مع أدلته ودفع المعارضة ، بأوجه لو استقلت في ميزان النظر والفقه = ربما لم تكن تنهض على مطلوبه منها .

    والله أعلم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,277

    افتراضي رد: قاعدة في الفرق بين الشبهة والدليل

    جزاك الله خيرا يا شيخ عمرو.
    والحاصل أن كل دليل يراه المجتهد مخالفا لما ثبت لديه أنه حكم الله في المسألة وانعقدت عليه نفسه، فإن له أن يصفه بالشبهة (ولو من باب إجراء المعنى اللغوي). ويشهد لذلك لفظ الشارع نفسه في معنى الشبهة والاشتباه (كما في قوله عليه السلام: وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس) فكل ما يتصور خفاء الدليل فيه فإنه يصح فيه إطلاق لفظة الشبهة. وقد تقدم منك الإقرار بأن وقوع وصف أدلة المخالف بالشبهات متصور من أهل الاجتهاد والنظر حتى في المسائل التي ذاع فيها الخلاف وانتشر. ونظيره (ولعله أشد منه عند التأمل) أن يرمي المجتهد قولا يراه على خلاف السنة بأنه بدعة وإن قال به جمع كبير من المجتهدين المعتبر بخلافهم!
    فإن كان ذلك كذلك، فلا أرى وجها لاستقباحكم هذا المسلك عند المعاصرين الذين يصنفون في مسائل يشتهر فيها الخلاف، بارك الله فيكم.
    إن كان المصنف المعاصر معدودا من أهل الاجتهاد والنظر، وكان ينضبط فيما يكتب بآداب الخلاف وينزل المخالفين منازلهم، فما القبيح في وصفه أدلة مخالفيه بالشبهات؟
    الواقع أن الذي جرى عليه استعمال بعض المعاصرين عند إطلاق كلمة "شبهة" على أدلة المخالفين في مسائل الاجتهاد، إنما هو على خلاف ذلك الاستعمال عند التأمل. فهم يقصدون بها في الغالب ما يجعله صاحبه دليلا على خلاف ما انعقد عليه إجماع المسلمين أو على خلاف ما يعد أصلا من الأصول الكلية الكبرى في الشريعة، أو بعبارة أخرى: كل ما يخالف ما كان من الحلال البين والحرام البين، وليس ما يتصور الخلاف فيه من المسائل الواقعة بينهما.
    وقد ساهم في ترويج ذلك الاستعمال تصنيف بعض الدعاة المعاصرين في باب أصبح يقال له "الرد على الشبهات" ويقصد بها الرد على دعاوى وأكاذيب وتخرصات أعداء الملة في الغالب.
    فعلى هذا الاستعمال الشائع في زماننا، يُستقبح صنيع بعض المعاصرين من إطلاق وصف الشبهة في محال الاجتهاد السائغ كما في قولك:
    إنه يقبح تسمية الأدلة المخالفة في مسألة مشهورٌ فيها الخلاف وقوته ، تكره تسميتها ( شبهات ) كما يحدث عند كثير من المعاصرين، يؤلف في مسألة الخلاف فيها أشهر من أن يذكر ، ثم يسمي أدلة المخالفين شبهات بإطلاق
    ولكنك لا تقول بهذا الاستعمال، بل تشترط فيما يسمى بالشبهة:
    بعد أن تكون من جنس الأدلة = أن تكون معتبرة ، فإن لم تكن ؛ فليست بشيء ، فالحديث الموضوع والقياس الغلط والإجماع المخروم البين نقضه من جنس الأدلة من حيث الأصل ،لكنها ليست معتبرة ، فلما لم تكن معتبرة لم تكن حديثا ولا قياسا ولا إجماعا ، فخرجت من جنس الأدلة
    فعلى هذا الشرط (الذي أوافقك فيه إجمالا)، فلا وجه عندك - فيما يظهر لي - لاستقباح صنيع المعاصرين إذا ما أطلقوا وصف الشبهة على أدلة المخالف في غير معقد من معاقد الإجماع، إلا أن يكون وقوع ذلك من المصنف على خلاف ما يوجبه النظر في أحوال القراء في زماننا ومراعاة ضوابط فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما إلى ذلك، وهذا شأن آخر، والله أعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •