أنت تَحلُمُ بدون رخصة
بقلم / ربيع بن المدني السملالي ( الأديب )
استيقظَ قُبيل الفجر بقليل، جهّز فُطُورَه المتواضع وتناوله بسرعة .. خرجَ من كوخه المهترء لا يلوي على شيءٍ ، متّجها صوبَ السّوق لبيع أشياء بسيطة اعتاد أن يتاجر فيها ، عرض سِلعته على الأرض المغبرّة وتحت شمس يوليو الحارقة .. جلسَ على كرسيّه البلاستيكي بقرب بضاعته وهو يردّد ( توكلت على الله ) ، ( يا فتّاح يا رزّاق)... العرقُ يتصبّب بغزارة ورائحة سجارته الرديئة قد شملت الزمان والمكان .لم يُساومه أحد من السّابلة ، ضاق ذرعا وقال هذا يوم عصيب وخيّم عليه يأسٌ مُضْن ، واعتراه كثير من الهم والغم والألم ، ومرّت به ساعات أربع وهو على هذه الحال كابد من خلالها كل أنواع الشّقاء ، لسانه لا يفتر عن كلمة (( قبّح الله الفقر)) .. تميّز غيظا وحنقا ولَملمَ أشياءَه وهو يلعن ويسبّ ويشتم نفسه وأيامه وزمانه !
رجعَ لكُوخه متعبا مكدودا واستلقى على فراشه البالي ، حلّق طيرُ الكَرى على رأسه فذهب في نومة هنيئة رأى من خلالها حلماً أنساه البؤسَ والشّقاء اللّذين يعيش في أحضانهما ، رأى نفسه في قصر منيف يسرّ النّاظرين لم يُرَ مثله قط ، طبيعة خلاّبة تحيط به ، وأنواع من الأشجار والأزهار والمياه وما إلى ذلك مما تسعد به النّفس وتسمو به الرّوح ...فبينما صاحبنا في جنّته الوهمية إذا به يسمع قرعاً قويّا على باب كوخه ، قام فزعا فتح الباب بسرعة البرق رأى شرطيين وواحد بزيّ مدني ، وقف مشدوها ، صامتا كالأموات جامدا كالتمثال .
استفاق من صدمته بكلمة كبيرهم : ستذهب معنا إلى مركز الشّرطة !
قال : لم؟ وما ذنبي ؟ وما جريمتي ؟
قال : أنت تَحلُمُ بدون رخصة !!!