بعد بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
إخوتي الكرام لي صديق في الكلية قد أعلن إلحاده بشكل تام وصريح ,وبدأ يهاجم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ,ويلقي بالشبهات الواحدة تلو الأخرى على صفحته على الفيسبوك ,فعندما رأيت حالته ,شفقت عليه وقررت أن أرسل له رسالة أنصحه فيها ببعض النصائح العامة ,لعل الله أن يهديه ويشرح صدره للإيمان ,فأرجو منكم إخوتي أن تقرؤوا هذه الرسالة ,وتنبهوني على الأخطاء التي وقعت بها ,وتضيفوا على رسلتي ما ترونه مناسب ,فإليكم نص الرسالة , واعذروني على كتابتي بعض أجزائها باللهجة العامية السورية :
(بصراحة أنوس فتحت صفتحتك من يومين فشفت شو كاتب على الدين , فرأيت إنو إنصحك هلنصيحة طبعا بعد إذنك وبدون أمر عليك,نصيحة صديق لصديقه ,وطبعا إزا بدك اقرأها ونفزا ,وإزا بدك لا تقرأها من أصلوا ,وكأن شيئا لم يحدث ,وطبعا ما بدي هلكلام يأثر على صحبتنا ,يعني نقاش لا يفسد للود قضية.
بصراحة أنوس أنا أعجبت بحديثك اللي حاكيه من جهة ,وانزعجت من جهة أخرى ,أعجبت لأنك تحررت من التقليد بالدين ,يعني طلعت من جعل الدين كوراثة تتناقلها الأجيال بعد الأجيال دون أن ينظر الإنسان خلال مسيرة حياته كلها لدينه نظرة حيادية,فيرى هل هو على الحق أم على الباطل,يعني كما جاء في القرآن في وصف هؤلاء المقلدون (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) ,واعذرني إذا اقتبست من القرآن لكني لم أجد وصفا أفضل من هذا الوصف, يعني بصراحة أنا الشخص اللي آخد دينه كتقليد وعادات ووراثة من الأجداد ,بعتبره بمنزلة البهائم حتى لو درس دينه أكمل دراسة ,لكن قتل في نفسه السؤال والاستفسار واعتمد شعار (نفذ ولا تعترض ) وقدس رجال الدين اللي علموه وعصمن من الخطأ فصار كظلن ,وإزا سألتو عن شبهة على الدين,فسرعان ما تتغير ملامح وجهه وبيصرخ بوجهك وبكفرك وما بعود بسلم عليك ولا بحكيك وبتصير عدوه اللدود
أما ليش انزعجت منك :
فلأنك عملت برأيي خيانة عظمى للبحث العلمي ,أنا بدي إسألك سؤال :
كم صرلك متحرر من الدين كتقليد؟ واسمحلي أجيب عنك,ما بعتقد إنك صرلك أكثر من أربع سنوات,
بدي إسألك سؤال تاني,هل قمت بشروط البحث العلمي لتشوف حالك أنت على الحق أم على الباطل ؟
كمان اسمحلي أجيب عنك,ما بعتقد إنك طبقت ولا شرط من شروط البحث العلمي ,بل بلعكس أسأت للبحث العلمي وللناساللي حطو شروطه.
أنا استنتجت من حكيك وما بعرف يمكن يكون خطأ استنتاجي ,إنك كنت ما بتعرف من الدين إلا الشيء القليل وآخدوا كتقليد وكوراثة ,لكن مجرد ما بدأت تنضج فكريا ,وقرأت بعض كتب علم النفس ,بدأت تفكر بجدية بدينك ,وهل أنت على الحق أم على الباطل ,وقد ولد لديك السؤال والاستفسار عن كل شيء يحيط بك ,لتتلمسه وتعرفه على حقيقته ,وأصبحت تأخذ الشيء المادي المحسوس كأساس في بحثك عن الحقيقة ,لكنك للأسف و بمجرد ما قرأت عن الشبهات المثارة على الدين ,بدأت الثقة بدينك تتزعزع ,لكنك استمريت بالمقاومة لبعض الوقت ,فسألت من لا يعرف في الدين إلا الشيء القليل ,فزاد في حيرتك حيرة وبدأت تضعف تدريجيا أمام هذه الأسئلة التي تدور في ذهنك دون أن تجد لها إجابة ,وفي النهاية قمت بنسف هذا الدين واعتقدت بطلانه, فوصلت إلى قناعة جديدة ,لكن للأسف هذه لم تصل إليها بالبحث الموضوعي المتجرد من الأهواء والصراعات والدوافع النفسية وما ينتابك من الذكريات البائسة عن بعض التصرفات التي قد خرجت من رجال الدين الساذجين أو من العوام ,والتي أثرت على بحثك الموضوعي عن الحقيقة ,بصراحة يا أنوس إنت مشيت في الطريق الصحيح لكنك للأسف تعثرت في أول مطب,يعني بصراحة يا أنوس أربع سنوات ثلاثة أرباعها فارغة من البحث الموضوعي المجرد لا تكفي وللأسف في الحكم على حقيقة دينك ,وعلى معرفة ما هو الدين الحق أوما هو أصل الوجود ,يعني أنت لكي تكون فكرة عن دينك في البداية يجب أن تأخذه ممن قرأه فوعاه وفهمه ووعى غاياته ,لا أن تأخذه من إمام مسجد مثلا لا يعرف منه إلا الشيء القليل ,أنا أخشى ما أخشاه عليك هو:
أولا: الوهم
,فعندما ترى الصورة من جهة واحدة وتبني حكمك بناء على هذه الجهة من الصورة تكون قد أخطأت كثيرا ووقعت في مطب الوهم بأشياء ليس لها وجود ,فعندما يكون علمك ناقصا والمعلومات المتوفرة لديك عن المادة التي تحقق في صحتها ضحلة فمن المؤكد أنك ستقع في هذا المطب,
ثانيا:الغرور ,
فعندما تعتقد بأنك أعلم وأذكى من غيرك ,وقادر على التحليل أكثر من غيرك ,وتحكم مسبفا على بطلان حجة غيرك ممن اعنتقوا هذا الدين الذي تهاجمه, فإنك ستقع في المطب الثاني وستحرم من أشياء كثيرة من المعلومات والأشياء الكثيرة التي يمكن أن تغير قناعاتك بشكل جذري ,
ثالثا:الأهواء والدوافع النفسية :
فعندما تحكم على دين بأنه مجموعة من الخرافات والأوهام ,فتكون قد تكونت لديك صورة سوداوية في العقل الباطن عن هذا الدين ,فعندما يذكر أمامك تبدأ بالسخرية والاستهزاء منه ,وتبدأ الصور التي بنيتها على هذا الدين تتوارد على عقلك بسرعة ,فلا تستطيع أن تنفك منها, لتبدأ البحث من جديد بموضوعية ,ولا تحب أن تناقش في هذا الأمر ,لأنه قد أصبح بحكم المنتهي لديك ,
فنصيحتي يا أنو س لك ما يلي :
1-البحث الموضوعي المجرد من الأهواء ومن الدوافع النفسية التي تنتابك .
2-الصبر على هذا الطريق الذي تسلكه فهو طريق وعر مليء بالمطبات والعثرات ,فلا تيأس من أول مطب تقع فيه ,بل تابع حتى تصل إلى الحقيقة الدامغة ,وإياك أن تأخذ العلم من إنسان علمه سطحي وركيك
3-رؤية المادة التي تريد أن تحقق في صحتها من جميع الجهات وليس من جهة واحدة ,طبعا العلم الواسع وحده هو الكفيل بذلك,
4- تذكر أنك إن اعتقدت بعدم وجود إلاه وكان ذلك هو الصواب فلن ينفعك ذلك أو يضرك ,لكنه إن كان اعتقادك خاطئا فإن النتيجة ستكون وخيمة,وأذكرك بذلك من باب أن تبحث أكثر وتعطي الأمر أهميته ,فقرارك في هذه القضية مسألة مصيرية , لا أعتقد أن هناك في هذه الدنيا أهم منها ,أما أن تجعل بحثك هامشي في أوقات فراغك ,فهذا لن يوصلك إلى نتيجة)
وإليكم بعض الشبهات التي طرحها ,أرجو منكم أن تردوا عليها بالتفصيل :
(في سورة الغاشية(أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت...وإلى الأرض كيف سطحت))هذا دليل أن كان محمد يظن أن الأرض في الوقت الحالي مسطحة وليس يوم القيامة...ثانياً المقصود بماء الأنثى الذي ذكرته في هذا الحديث هو الماء الذي يخرج من الأنثى وكان محمد يعتقد أن هذا الماء الأصفر يؤثر في صفات الجنين ويجعله يشبه أمه..في رواية للبخاري : جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق ، فهل على المرأة من غُسل إذا احتلمت ؟..." - عن حالة حوارات هادئة وصريحة جداً.)
واعذروني إن كان في أسئلته وقاحة ,لكنه يجب علينا أن ندعوه بالحكمة والموعظة الحسنة ,كي نؤدي الأمانة التي ائتمنا عليها ,ثم نتركه وشأنه إن لم يقتنع أو ينصت لما نقول .