هل ورد في القرآن كلمة "لأحتنكنّ"؟ ما معناها وسياقها؟ أجيبوني نفعني الله وإيّاكم
هل ورد في القرآن كلمة "لأحتنكنّ"؟ ما معناها وسياقها؟ أجيبوني نفعني الله وإيّاكم
وفقك الله
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان:
قوله تعالى : قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن إبليس اللعين قال له : أرأيتك ، أي أخبرني : هذا الذي كرمته علي فأمرتني بالسجود له وهو آدم ،أي لم كرمته علي وأنا خير منه . والكاف في أرأيتك حرف خطاب ، و " هذا " مفعول به لـ " أرأيت " .
......
وقوله : لأحتنكن ذريته ، قال ابن عباس : لأستولين عليهم ، وقاله الفراء . وقال مجاهد : لأحتوينهم . وقال ابن زيد : لأضلنهم . قال القرطبي : والمعنى متقارب . أي لأستأصلنهم بالإغواء والإضلال ، ولأجتاحنهم .
قال مقيده عفا الله عنه : الذي يظهر لي في معنى الآية أن المراد بقوله : لأحتنكن ذريته ، أي لأقودنهم إلى ما أشاء ; من قول العرب : احتنكت الفرس : إذا جعلت الرسن في حنكه لتقوده حيث شئت . تقول العرب : حنكت الفرس أحنكه ( من باب ضرب ونصر ) واحتنكته : إذا جعلت فيه الرسن ; لأن الرسن يكون على حنكه . وقول العرب : احتنك الجراد الأرض : أي أكل ما عليها . من هذا القبيل ; لأنه يأكل بأفواهه ، والحنك حول الفم . هذا هو أصل الاستعمال في الظاهر ، فالاشتقاق في المادة من الحنك ، وإن كان يستعمل في الإهلاك مطلقا والاستئصال ; كقول الراجز :
أشكو إليك سنة قد أجحفت***** جهدا إلى جهد بنا وأضعفت
واحتنكت أموالنا واجتلفت
وهذا الذي ذكر جل وعلا عن إبليس في هذه الآية من قوله : لأحتنكن ذريته الآية ، بينه أيضا في مواضع أخر من كتابه ، كقوله لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ، وقوله : فبعزتك لأغوينهم أجمعين ، إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم إيضاحه " في سورة النساء " وغيرها .
وقوله في هذه الآية : إلا قليلا بين المراد بهذا القليل في مواضع أخر ; كقوله : ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ، وقوله : لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين كما تقدم إيضاحه .
وقول إبليس في هذه الآية : لأحتنكن ذريته الآية، قاله ظنا منه أنه سيقع وقد تحقق له هذا الظن ، كما قال تعالى : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين .
شكرا لك ... بارك الله فيك ... جعلك الله ذخرا لكتابه المبين