إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102)}آل عمران
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء ًوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(1)}النساء
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)}الأحزاب.
أما بعد..
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هديّ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
حياكم الله جميعاً..
أيها الإخوة الأخيار، وأيتها الأخوات الفاضلات، وطبتم وطاب سعيكم وممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلا.
وأسأل الله الحليم الكريم جل وعلا الذي جمعني بحضراتكم في هذا البلد الحبيب؛ بعد طول غياب، أسأله كما جمعنا على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيدنا رسول الله؛ في جنته،ودار مقامته، إنه ولي ذلك ومولاه
أحبتي في الله
((فقه التمكين في القرءان والسنة))
يتبع إن شاء الله
هذا هو عنوان لقاءنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك
لأن لله سنن ربانية ثابتة في الكون لا تتبدل ولا تتغير ولا تحابي ولا تجامل تلك السنن أحد من الخلق بحال مهما ادعى لنفسه من مقومات المجاملة أو المحاباة .
الكل يشكو الآن من ضعف الأمن وقلة التمكين ويتساءل الكثيرون الآن بحسرة لماذا لا يمكن الله عز وجل لدينه ونحن نرى الآن حملة شرسة ضارية على الدين بل وصار الإسلام الآن مطروحاً على شاشات الفضائيات قضية للنقاش وأرجو أن تدبروا كل لفظة.
أقول بل وصار الإسلام الآن قضية مطروحة على شاشات الفضائيات للنقاش
والإسلام ليس قضية مطروحة للنقاش أبداً بل هو الحكم الفصل الأوحد في كل قضية تطرح للنقاش.
فليس من حق أي أحد مهما كان وزنه ومهما كان علمه ومهما كان قدره أن يطرح الإسلام قرءان وسنة للنقاش للأخذ والرد للقبول والرفض؛ للسلب والإيجاب؛ لأن الإسلام دين الله الذي خلق وهو وحده جل وتعالى أعلم بمن خلق قال سبحانه {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك:14].
فتعالى معي لتتعرف على هذا الفقه لهذا الموضوع فإن للتمكين فقهاً في القرءان العزيز وفي السنة المطهرة
يتبع إن شاء الله
أرجو أن يعلم شبابنا ابتداءً وأن تعلم أمتي الحبية أن التمكين من الله وحده لا يملك أحد التمكين على وجه الأرض لا تستطيع دولة ولا تستطيع قوة ولا جماعة أن تحقق التمكين بغير توفيق الله وإرادته.
فلا ينبغي أن يتوهم شبابنا في مصر أو شبابنا في الأمة كلها أنهم يستطيعون أن يغيروا شيئاً أو أن يُحدثوا شيئاً أو أن يصنعوا شيئاً لم يُرِدّهُ الملك الحق تبارك وتعالى.
فالتمكين ابتداء من الله والأمر كله لله فالملك ملكه والأمر أمره والحكم حكمه والتفويض تفويضه والتدبير تدبيرهُ ولا يقع شيء في كونه إلا بأمره وقدره وتحت سمعه وبصره تدبروا معي هذه الآيات قال جل وتعالى في حق يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا} الله اكبر انظروا إلى نون العظمة وانظروا إلى نون العظمة والجلال{وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا} فالتمكين من الملك الحق لا يستطيع نبي أن يُحقق التمكين بغير تمكين رب العالمين له {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (57)}يوسف.
وقال جل وعلا في شأن ذي القرنين {إِنَّا} هكذا بنون العظمة والجلال {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)}الكهف.
وقال جل وعلا في شأن المستضعفين من بني إسرائيل ممن آمنوا بموسى الكليم على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5)وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)}القصص.
وقال جل وعلا في شأن المؤمنين {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَن َّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّ َهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)}النور.
هكذا أيها الأفاضل تبين لنا الآيات أن التمكين من الله وحده فلا ينبغي أن نتوهم أن ما حدث في مصر بإرادتنا والله ما فعلنا شيئاً والله ما صنعنا شيئاً والله لو اجتمع شباب مصر بل وشباب الأرض ليُحدثوا ما وقع في مصر ما استطاعوا إلا بتوفيق الله وحده وإرادة الله جل وعلا وحده فالأمر أمره والتمكين تمكينه والملك ملكه والحكم حكمه {قل إن الأمر كله لله} قال جل وعلا: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } قال جل وعلا: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ..(29)}الرحمن.
يرفع أقواماً ويخفض آخرين يغفر ذنباً ويستر عيباً ويفرج كرباً ويكشف هماً ويزيل غماً ويقيل عثرة ويستر عورة وينصر مظلوما ويأخذ ظالماً ويغني فقيراً ويسلب غنيا ويعافي مريضا ويبتلي معافى ويسوق المقادير التي قدرها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة فلا يتقدم ولا يتأخر قدر قدره قال جل وعلا {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)}القمر.
لا تتوهم أن شيء يقع في كونه بدون إرادته وبدون قدره وعلمه وسمعه وبصره فالله جل وعلا يسمع ويرى ويطَّلع على كل شيء ويدبر أمر الكون فهو الملك الحق {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ..(30)}لقمان.
{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (59)}الأنعام.
أحبابي
لا تسود دولة ولا تزول دولة ولا يسود ملك ولا يزول ملك ولا يسود حاكم ولا يزول حاكم إلا بأمر أحكم الحاكمين إلا بأمر الملك الحق رب العالمين جل وعلا
لابد أن تستقر هذه الحقيقة الإيمانية العقدية في القلوب لأننا نحتاج أن نملأ قلوبنا بعظمة وجلال ربنا جل جلاله قال صلى الله عليه وسلم أعرف الخلق بربه كما في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري [إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام] الله اكبر املآ قلبك بعظمة الله [إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه]
جاء حبر أي عالم من علماء اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له ( يا محمد) بأمي وأمي وقلبي وروحي (إنا نجد مكتوباً عندنا في التوراة أن الله تعالى يجعل السموات على إصبع) يا أخي لا تسمع اللفظة هكذا بل انظر إلى عظمة السموات انظر إلى الأرض مقارنة بالسموات هذه الأرض إن قارنتها بهذه الأجرام الأخرى فهي لا شيء فماذا يشكل أنا وماذا يشكل أنت في الكوكب الأرضي وما الذي تشكله الأرض مقارنة بالسموات ومع ذلك يقول: (إنا نجد مكتوبا عندنا في التوراة أن الله تعالى يجعل السموات على إصبع والأرضين على إصبع والماء والثرى على إصبع والشجر على إصبع وسائر الخلائق على إصبع ثم يهزهن ويقول أنا الملك فضحك النبي عليه الصلاة والسلام حتى بدت نواجذه تصديقاً منه لقول الحبر اليهودي وقرء النبي قول الرب العلي: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)}الزمر.
يقول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: [لا تسبوا الدهر فإن الله عز وجل هو الدهر] وفي رواية أحمد في مسنده بسند حسن: [لا تسبوا الدهر فإن الله عز وجل يقول أنا الدهر] انتبه [فإن الله عز وجل يقول أنا الدهر الأيام والليالي لي أجددها وأبليها وآتي بملوك بعد ملوك]
فمن الملك الحق إذن؟
هو الذي يمكن لمن شاء وينزع الملك ممن شاء وقد ذكرت لحضراتكم قبل ذلك ( لما سجن خالد المبرمك مع ولده في زنزانة واحدة بعد ملك دام لسنوات طويلة فبكى ولده وقال يا أبتي من الملك والعز والجاه والسلطان إلى السجن والقيد في زنزانة واحدة؟ فبكى والده هو الآخر وقال لولده: يا بني إنها دعوة مظلوم سرت إلى الله بليل غفلنا عنها ولم يغفل عنها الله) {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}هود.
فأنا أريد أن تمتلئ القلوب بعظمة الله وجلال الله وأن يعلم شبابنا أنهم لا يملكون من الأمر شيئاً ووالله لا يملك واحد فينا لنفسه فقط ضراً ولا نفعاً فإياك والعجب وإياك والكبر وإياك والاستعلاء وإياك والغرور قال جل جلاله: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)}الأنعام.
فاعرف قدرك مع ربك جل جلاله وضع أنفك في الطين ذلاً لسيدك ومولاك فهو الذي يدبر الأمر ويملك الكون ويحكم الأرض سبحانه وتعالى {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ..(30)} وفي آية {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30)}لقمان.
فالتمكين من الله جل جلاله لكنه سبحانه وتعالى وضع لهذا التمكين شروطاً وأسباباً وأمر أهل الإيمان بها إن حققها أهل الإيمان مكن لهم دينهم إن لم يحققها أهل الإيمان فلا ينبغي أن يلوموا إلا أنفسهم
ذكرت ربما لإخوانكم في رأس البر لا أذكر أن أحد الإخوة قد أمسك بي في مطار القاهرة مسئول في مطار القاهرة وأنا أتعمد أن أذكر هذا لأنه سؤال الكثيرين منا وإن استحيى الكثيرون أن يسألوه بألسنتهم فهو يتردد في كثير من القلوب
الراجل ده أمسك بي في المطار وقال لي استنا يا شيخ محمد ما صدقت والله لاقيتك النهاردة لي سؤال ولازم تجاوبني عليه
قلت له : أتفضل اطرح السؤال
قال لي : ربنا ظالم
بتقول إيه أعوذ بالله
قال لي : بقول لك ربنا ظالم
قلت: حاشا لله الله اكبر {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ..(46)}فصلت
قال لي : يا شيخ محمد ما تقوليش قال الله قال الرسول أنا عاوزك تريحني عاوزك تقنعني
قلت له: إزاي أقنعك بغير القرءان والسنة
قال لي: أنا بسألك هو ربنا مش شايف الدماء اللي بتسفك في فلسطين مش شايف الدماء اللي بتسفك في العراق مش شايف وضعنا في مصر يا مولانا وصل إلى إيه والناس عمالة تدعي في الحرم المكي ويدعوا في الحرم النبوي وفي المسجد الأقصى وانتوا عمالين تدعوا في المساجد ليل نهار مفيش فيكم واحد صالح يا مولانا يدعو الله ليستجيب له ليخلصنا من الظلم والفساد الذي وصلنا إليه؟
سؤال يتردد في قلوب كثيرة تجرأ هذا الرجل وسأل عنه بهذه الكلمات الشديدة لكنه سؤال يحتاج إلى جواب يشفي القلب والعقل معاً
فقلت له: أنت زعلان إن ربنا ما نصرناش؟
قال لي : أيوة طبعاً
قلت له: طيب لو أن شركة بتروجيت شركة بترول صرفت السنة دي مكافأة لكل الموظفين اللي شغالين في الشركة وما صرفتش لك مكافأة تزعل؟
قال لي: لأ ما أزعلش
قلت له: لأ لازم تزعل
قال لي: لأ ما أزعلش يا مولانا وازعل ليه
قلت له: وما تزعلش ليه؟
قال لي: هو أنا شغال في بتروجيت عشان تصرف لي مكافأة؟
قلت له: وانت شغال لربنا عشان ربنا ينصرك؟
أنت امتثلت الأمر واجتنبت النهي ووقفت عند الحد أجيبني على الأسئلة أنت صليت الفجر اليوم؟
قال لي: فجر وانا بصلي أصلا ما بصليش
قلت له: فلوسك فيها حرام فيها ربا؟
قال لي: بفتواك اللي انا سامعها يبقى كلها ربا
قلت له: بنتك اللي رايحة الجامعة رايحة بالبنطلون الجينز ولابسة البدي
قال لي: هو أنت شوفتها؟
قلت له: لأ ما شوفتهاش
أنا بسأل حضرتك بعد هذه الأسئلة حضرتك تستحق النصرة من الله؟
قال لي: لا والله دنا ما كنتش فاهم القضية كده
قلت له: لابد أن تعلم أن المسلمين قد هزموا في أحد وقائد المعركة رسول الله محمد وعدوهم الكفار والمشركون ليعلم الله الصحابة والأمة من بعدهم أن مجرد مخالفة أمر واحد لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تسبب الهزيمة والفشل فكيف وقد خالفت الأمة الآن جل أوامر الله ورسوله كيف نُنصر؟ كيف نُعز؟ كيف نُستخلف؟ كيف نُمكن؟ كيف يُمكن الله لنا ديننا ونحن لم ننصر ربنا ولم ننصر ديننا ولم ننصر حبيبنا ونبينا ولم ننصر أنفسنا بعد انتصارنا على أنفسنا
يتبع إن شاء الله
إن للتمكين شروطا إن للعزة وللاستخلاف شروطاً ما هي هذه الشروط؟
تدبروا هذه الشروط المجملة في الآية الجامعة قال جل جلاله {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا } هذا أول شرط {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الشرط الثاني {لَيَسْتَخْلِفَن َّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّ َهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي } الشرط الثالث {لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} الشرط الرابع {وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} الشرط الخامس {وَآتُوا الزَّكَاةَ } الشرط السادس {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الشرط السابع
هذه شروط التمكين في كتاب ربنا
لا يمكن على الإطلاق أن تُمكن على المستوى الشخصي والفردي ولا على مستوى الأمة إلا إذا حققت هذه الشروط التي جعلها الله جل وعلا سنن ثابتة لا تتبدل ولا تتغير
الغرب أخذ الآن بأسباب التقدم فتقدم وأخذ بأسباب العلم فوصل إلى أرقى درجات العلى في الجانب العلمي والمادي لماذا؟
لأن الله لا يجامل أحداً من خلقه لا تتوهم بأنك إن أتيت ببذرة وأتيت بها إلى جامع عامر كهذا وعلى هذه الفراش وضعت البذرة وتعهدها بالري كل يوم وجلست إلى جوارها تقرأ جزء من كتاب الله جل وعلا لا تتوهم إنها ستنبت وأنها ستنمو وأنها ستثمر لأنه مخالف لسنن الله الذي أودعها الكون كيف لا تنبت تنمو ولا تثمر وأنا رجل أقرأ بجوارها القرآن أنت ما فهمت القرءان الذي تقرأه وما تدبرت آيات الملك الحق
لو أن رجل مشركاً كافراً أصلياً أخذ نفس البذرة التي أتيت بها إلى المسجد واختار لها التربة الصالحة المناسبة لها وبذرها وتعاهدها بالري والعناية والرعاية ولم يقرأ جنبها شيئاً من كتاب الله فهو مشرك أصلى ستنمو وستنبت وستثمر وستؤتي ثمارها كاملة
كيف لا يحبس الله ثمرها عن هذا المشرك؟
لا
اسمع مني لأنه جل جلاله رب المسلمين ورب المشركين على السواء فالرب في لغة العرب كما قال العلامة الألوسي الرب هو الخالق ابتداء والمربي غذاء والغافر انتهاء فهو رب المسلمين ورب المشركين يرزق الجميع ولا يمنع عن أحد رزقه أبداً فمن آمن فلنفسه ومن كفر وأعرض وحاد عن منهج الحق فحسابه بين يدِ الله جل وعلا في الآخرة أما في الدنيا فإن أخذ بالأسباب أعطته الأسباب نتائجها وثمارها لابد أن يعيى شبابنا هذه الأصول والسنن الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل.
فأول شرط من شروط التمكين أن نحقق الإيمان : الإيمان ليس كلمة ترددها الألسنة فحسب بل الإيمان قول وعمل يزيد
وينقص قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
هذا الإيمان له أركان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره هذا الإيمان له طعم [ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبياً ورسولاً]حديث رواه مسلم من حديث العباس هذا الإيمان له حلاوة [ثلاث من كن فيه وجد فيهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعتئذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار] الحديث رواه البخاري ومسلم من حديث أنس [هذا الإيمان له نور ما من القلوب إلا وله سحابة كسحابة القمر فبينما القمر مضيء إذ علته سحابه فأظلم فإذا تجلت عنه أضاء] الحديث رواه أبو نعيم والديلمي وغيرهما بسند حسن من حديث علي عن الحبيب النبي هذا الإيمان أيها الأفاضل هو الذي به نصر الله الأمة وأعزها ومكن لها تدبر القرءان {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ}
{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم}
لابد أن نحقق الإيمان أيها الأفاضل
بل والله الذي لا إله غيره لن نجني ثمرة الأمن الذي افتقدناه كثيراً الآن وانتشرت البلطجة بصورة لا سابق لها
بسبب ماذا؟!!
بسبب قلة الإيمان وضعف الإيمان ألم تقرأ قول الله جل وعلا: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ(82)}الأنعام
فلو حققنا الإيمان ونبذنا الشرك كله كبيره وصغيره لرزقنا الله الأمن فهذا الذي يخرج في جوف الليل ليقطع الطريق على رجل وزوجته يريد أن يسرق ماله وأن يغتصب امرأته أمام عينيه وبين يديه هل يحمل إيمان في قلبه يعصمه من مثل هذا الفعل الدنيء الحقير؟!!
هذا الذي يعطل طرق العامة طرق المسلمين هل هذا يحمل إيمان في قلبه يملأ قلبه خوفاً من الملك القدير؟
هذا الذي خرج واعتصم أمام مستشفى من المستشفيات وقطع الطريق على سيارات الإسعاف وحجب الأطباء عن الدخول للمرضى الذين يتلوون على فرش المرض هل هذا يحمل إيمان يملأ قلبه خوفاً من ربه جل جلاله؟
هذا الذي خرج ليخطط ليسرق أموال الناس وليأكل أموال الناس بالباطل هل هذا الرجل يحمل إيمان في قلبه يعصمه من هذا الأكل الحرام والفعل الحرام؟
والله لو فكر في أولئك الذين سادوا ثلاثين سنة وهم الآن في السجون لو فكر هذا المسكين الغافل لحظة والله ما فكر في هذا لحظة لأنه لم يستمع يستفد على الإطلاق من آيات الملك الحق الذي أحدثها في بلدنا وفي كونه ولو جلس لحظة صدق مع نفسه وفكر فيما حدث لعلم أن الملك الحق هو الله وأنه يمهل ولا يهمل
يا غافل يا من تعطل على الناس طرقهم
يا من تأكل أموال الناس بالباطل
يا من تعطل على الناس الطريق العام بسيرك بسيارتك في عكس اتجاه السير لأنك لا ترى جندي من جنود المرور ولا ترى ضابط من ضباط الشرطة
يا من تخطط لاغتصاب مسلمة
يا من تخطط لسرقة ذهب بنت من بناتنا
يا من تخطط لهذه الأعمال الإجرامية والشيطانية
يا من سفكت دماء المسلمين بغير حق انتبه واحذر فورب الكعبة إنك ميت وسينتقم الله منك إن لم تتوب إليه وإن لم ترجع إليه لا تتوهم إنه لا يراك إنه يسمعك ويراك
لا تتوهم أن ضابطا لا يراقبك فالله يراقبك ويمهلك ويهملك ويهملك ولكن احذر فلن يهملك سينتقم منك في الدنيا قبل الآخرة إن لم تتب إليه إن أكلت حراماً فطهر بطنك وبطون أولادك بالتوبة إلى الله ورد المال الحرام إلى أهله
إن سفكت دماً فعليك أن تقدم الدية وأن تستبيح هذه الكبيرة البشعة وإلا فاعلم أن الخاتمة إلى سوء {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)}النساء
اسمع للنبي محمد: [قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا]
ما هذه الفوضى التي نراها الآن باسم الحرية المشئومة المزعومة
الحرية مسئولية الحرية أمانة
الحرية منضبطة بضوابط الشرع بضوابط القرءان والسنة
لن نذوق طعم الأمن إلا بالإيمان
فالإيمان حصن الأمان
جدد الإيمان تذوق طعمه تذوق حلاوته فليشرق الإيمان بنوره في قلبك ليعصمك من الفتن ألم تقرأ قول ربي: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ..(11)}التغابن.
يمسك أعرابي بأعرابية في الصحراء ويريد أن يفعل بها الفاحشة فأرادت أن تذكره بالله بأسلوب جميل فقالت اذهب وانظر هل نام الناس في الخيام هل لا يرانا أحد فانصرف هذا وظن أنها قد استجابت لرغبته الدنيئة فانطلق يجري ثم عاد وقال أبشري لقد نام الناس جميعاً في الخيام ولا يرانا أحد ثم نظر إليها مبتسما وقال لا يرانا إلا الكواكب فنظرت إليه وقالت أين خالقها الذي يسمع ويرى
إذا ما قال لي ربي
أما استحييت تعصيني
وتخفي الذنب من خلقي
وبالعصيان تأتيني
فما قولي له لما يعاتبني ويحصيني
يا من أمسكت بالريموت كنترول وظللت طوال الليل تبحث عن الفضائيات الفاضحة الله يسمعك ويراك
يا من قضيت الليل أمام المواقع الإباحية على شبكة النت الله يسمعك ويراك
يا من تخطط للجريمة بأنواعها الله يسمعك ويراك
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ(82)}الأنعام
حققوا الإيمان ليحقق الله لنا الأمن
حققوا الإيمان قولاً واعتقاداً وعملاً ليتفضل علينا ربنا جل وعلا بالأمن
هذا مفهوم آخر بخلاف المفهوم الذي يطرح على الفضائيات هذا مفهوم المنابر هذا مفهوم المساجد هذا مفهوم العلماء هذا مفهوم القرءان والسنة لا أمن إلا بالإيمان {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَن َّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّ َهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ..(55)}النور
يتبع إن شاء الله
العمل الصالح بعد الإيمان
آلا تتفق معي أننا لا زلنا إلى الآن بعد هذه الثورة لم نعمل بعد لم نعمل العمل الذي يرضي ربنا لم نعمل العمل الذي ننتشل به بلدنا من هذا المأزق الحرج الذي تمر به ألم نشبع من الاعتصامات والمظاهرات والاحتجاجات ألم يتعطل العمل بما فيه الكفاية ألم يتأزم اقتصادنا بما فيه الكفاية ألم نتكلم في هذه المدة بما يكفي لألف سنة لما لا نصمت قليلاً لنبدأ العمل
لما لا نوقف ثقافة الضجيج لما لا تقف ثقافة الضجيج لم لا تتوقف ثقافة الإثارة لتبدأ ثقافة الإنارة
لما لا يتوقف الجدال والمراء ليبدأ من جديد العمل والبناء نريد عمل نريد أن تبدأ في الدوران عجلة الاقتصاد والتنمية
مصر ليست فقيرة.. مصر لا ينبغي لها أبداً أن تمد يدها لصندوق النقد الدولي وأنا أحيي الحكومة والمجلس الأعلى على استجابتهم للنصيحة ورفضهم لهذه المعونة التي كانت ستكلف مصر الكثير والكثير لكن فليشهد أهل مصر الشرفاء فليشهد أهل مصر الأوفياء لدينهم ثم لبلدهم شهادة عملية على أرض الواقع وأنا أعلم أنني أقف هنا على أرض قلعة من قلاع الصناعة والعمل في مصر في محافظة دمياط في مدينة فارسكور أعلم أنني بين الشرفاء بين العمال والموظفين والمبدعين
يا أحبابي
نريد أن نشهد لديننا ثم لبلدنا شهادة عملية كل في موقعه كل في ورشته كل في مصنعه كل في مزرعته كل في متجره كل في مدرسته أينما وجدت فعملك للدين ثم لبلدك نصرة لله ثم نصرة لهذا البلد {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون َ (105)}التوبة.
بل لم يأمرنا ربنا بالعمل فقط وإنما أمرنا بإحسان العمل في ثلاث آيات من القرآن الكريم في سورة هود{وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً(7)}في سورة الكهف {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا (7)} في سورة الملك {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ..(2)}الملك
فهيا تحرك يا ولدي ويا حبيبي ويا أخي ويا والدي تحرك للدين ثم للبلد بالعمل بالإبداع بالإنتاج بالعطاء بالصدق بالشهامة بالرجولة بالمروءة بالوفاء بإتقان العمل في مواعيده بالإخلاص لله سبحانه وتعالى تحرك لو أراد النبي أن يجعل الصحابة كلهم دعاة على منابر المساجد لجعلهم دعاة على منابر المساجد ولكنه وضعهم في أماكنهم التي تتلاءم مع إمكانياتهم وقدراتهم وطاقاتهم فأبدع كل صحابي في مكانه الذي اختاره له رسول الله محمد اسمع مني هذه الكلمات وأختم بها الخطبة الأولى لأن الزحام شديد وإن الحر قاس أسأل الله أن يقيني وإياكم حر جهنم أختم بهذه الكلمات الخطبة الأولى وأقول:
لقد نجح المصطفى صلى الله عليه وسلم في أن يقيم للإسلام دولة من فتاة متناثر وسط صحراء تموج بالكفر والجهل والظلم موجه فإذا دولة الإسلام التي بناها سيدنا رسول الله بناء شامخ لا يطاوله بناء في مدة لا تساوي في حساب الزمن شيئاً على الإطلاق اسمع وذلك يوم نجح بأمي وأمي وقلبي وروحي في أن يطبع عشرات الألآف من النسخ من المنهج التربوي الرباني والنبوي لكنه لم يطبعها بالحبر على صحائف الأوراق في بطون الكتب والمجلدات والسديهات والأشرطة وإنما طبعها على صحائف قلوب الصحابة بميدان من التقى والهدى والنور فانطلق هذا الجيل القرءاني الفريد ليحول هذا المنهج القرءاني والنبوي في دنيا الناس إلى واقع عملي يتألق إيماناً واتباعاً وتصديقاً وإخلاصاً ووفاءً وعملاً وإبداعاً وإنتاجاً وشهامة ورجولة وجهاداً وبراً حتى انبهر أهل الأرض بهذا المنهج الذي لم يقرأوه في كتب كما هو الحال وإنما حين رأوا هذا المنهج يتحرك واقعاً عملياً في دنيا البشر {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)}الأحزاب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
يتبع إن شاء الله
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله إمام الغر الميامين صلي اللهم وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد..
الشرط الثاني من شروط التمكين باختصار شديد هو أن ننبذ الشرك
والشرك فاحذره فشرك ظاهر ذا القسم ليس بقابل للغفران وهو اتخاذ الند للرحمن أي كان من حجر ومن إنسان يدعوه أو يرجوه ثم يخافه ويحبه كمحبة الديان
شرك الدعاء شرك الرجاء شرك الخوف شرك المحبة
والشرك الأصغر هو الرياء ولا يتسع الوقت للتفصيل ولا تتوهم أن التحذير من الشرك أمر لا ينبغي أن يطرحه الشيخ على المنبر بين جموع المسلمين فلقد خاف الشرك على نفسه خليل الله إبراهيم ودعى ربه بقوله {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ..(35)}إبراهيم.
بل وقال حبيبنا ونبينا إمام الموحدين قال [اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا أعلمه وأستغفرك من لما لا أعلمه]
وقال له ربه {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)}الزمر.
وهذا هو الشرط الرابع من شروط التمكين {يَعْبُدُونَنِي} والعبادة أرى أننا قصرنا فيها الآن في ظل هذه الأحداث الجارية قصرنا في الصلاة قصرنا في قراءة القرءان قصرنا في الذكر قصرنا في العبادة بصورها لأننا لا أقول قد استغرقتنا الأحداث بل أغرقتنا الأحداث إلى الحد الذي ضيعنا فيه الصلوات إلا من رحم ربي سبحانه وتعالى
العبادة هي الغاية التي من أجلها خلق الله الخلق كله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56) }الذاريات
لابد لها من ركنين آلا وهما كمال الحب مع كمال الذل لله
ولابد لها من شرطين آلا وهما الإخلاص والإتباع لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتسع الوقت للتفصيل المهم أيها الأفاضل فأنا لا أريد أن أشق عليكم
لابد أن نعلم أن الغاية والثمرة من التمكين ليست استعلاءً على أحد أرجوا أن ننبه على هذا حتى لا يتصور شبابنا في مصر أن التمكين استعلاء على الآخرين من النصارى مثلا أو من الأقباط أبداً بل التمكين عدل التمكين تسامح التمكين رحمة التمكين إقامة لمنهج الله في الأرض ذلكم المنهج الذي يضمن فيه الجميع حقوقهم كاملة {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41)}الحج.
هل وقفت على ثمرات التمكين وغاياته؟!
{الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ} نعم تواضعوا لله جل وعلا
لا تسمع صنعنا وغيرنا وفعلنا وبدلنا
يا حبيبي أنت ما صنعت شيئاً
يا حبيبي أنت ما فعلت شيئاً ولا تملك أصلاً أن تصنع أو أن تفعل شيئاً أنت لا تملك أن تصنع لنفسك أنت أي شيء
فلا تتوهم أنك تملك أي شيء أنت لا تملك أي شيء وأنا لست شيئاً على الإطلاق ولولا فضل الله وستره لظلت دماؤنا تنزف إلى هذه اللحظة والواقع تعرفونه في سوريا واليمن وليبيا
فثمرات التمكين سجود لله وتواضع لله صلاة وزكاة وأمر بمعروف بمعروف ونهي عن المنكر بغير منكر
ولله عاقبة الأمور
فالأرض لله جل جلاله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة بموعوده وموعود رسوله للمتقين
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51)}غافر.
فعلينا أن نتواضع لربنا وأن نحرص على منهج ربنا وأن نحافظ على ديننا فإن الحرب في الأيام المقبلة على الدين شرسة فلا تفرطوا في دينكم أبداً ولا تسمحوا لأحد أن يخطف منكم بلدكم ولا إسلامكم
وتحركوا لدين الله ثم لبلدكم بأدب وحكمة ورحمة وتواضع وعلم وخلق وعمل
نريد أيها الأفاضل أن يقوم كل واحد منا بواجبه لله سبحانه وتعالى ثم لهذا البلد التي أعطتنا جميعاً الكثير والكثير وإن لم تقتنع بأنها أعطتك فلا أقل من أن تمتثل ما أقوله لك استجابة لأمر نبيك صلى الله عليه وسلم الذي أوصانا بمصر وأهلها كما في صحيح مسلم من حديث أبي ذر أنه بأبي وأمي وروحي قال لأصحابه [إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما]
أسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وبصفاته العلى
ألَّا يحرم مصر من نعمة الأمن والأمان
اللهم لا تحرم مصر من نعمة الأمن والأمان
اللهم لا تحرم مصر من الرخاء والاستقرار
اللهم انزل على مصر من رحماتك وبركاتك
اللهم انزل على مصر من رحماتك وبركاتك
اللهم انزل على مصر من رحماتك وبركاتك
اللهم ارزقها الحكام الصالحين المصلحين
اللهم ارزقها الحكام الصالحين المصلحين
وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة النافعة يا رب العالمين
اللهم استر نساءنا واحفظ نساءنا واحفظ بناتنا واهد شبابنا واصلح أولادنا واكتب لهم النجاح والسداد والتوفيق
{ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}
اللهم لا ترد هذا الجمع المبارك إلا بذنب مغفور وسعي مشكور وتجارة لن تبور برحمة منك يا عزيز يا غفور اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
اللهم لا تدع لأحد منا في هذا الجمع الكريم ذنباً ألا غفرته ولا مريضاً إلا شفيته ولا ديناً إلا قضيته ولا ميتاً لنا إلا رحمته ولا عاصياً بيننا إلا هديته ولا طائعاً إلا زدته وثبته ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسرتها يا أرحم الراحمين
اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
وواجب علي أن أقدم هذا الاعتذار لمشايخنا الأفاضل مشايخ الأوقاف جزاهم الله خيراً وزادهم الله تواضعاً وفضلاً فما كان لمثلي أن يقف على المنبر خطيباً وهم يجلسون بين يدي في هذا الجامع فاستميحهم عذراً وأسأل الله أن يتقبل مني ومنهم وأن يرزقني وإياهم الإخلاص وأن يجعلني وإياهم مفاتيح خير وأئمة هدى وأن يتقبل منا ومنكم جميعا صالح الأعمال
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم