بسمك اللهم.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته يا شيخ: الله سبحانه وتعالى جعلنا مؤمنين
وخاطبنا بصفة الإيمان وأمرنا بطاعة الله ورسوله وقال(يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ
اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرّسُولَوَأُوْ لِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللّهِوَالرّسُو لِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌوَأَحْسَن ُ تَأْوِيلاً )سورة النساء59
أولاً فنحن مؤمنون مأمورون برد المسئله المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جعلني الله وإياك من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
أولاً فنحن مؤمنون مأمورون برد المسئله المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة وهي مسألة النداء للغائب فوق الأسباب سواً ميتاً أو حياً ؟ فالكلام بالوسائل ألاتصالية مع الغائبين لا يسمى نداء للغائب لأنه بالهاتف والانترنت والقنوات الفضائية يصير الغائب حاضراً سمعاً وعلماً وفهماً لاذتاً فنحن جئنا في السؤال يا رسول الله فكيف تقيس نداء الغائب فوق الأسباب على الكلام مع الغائب تحت الأسباب ألاتصالية وكيف تقيس نداء بيا رسول الله:مع انه قال الله تعالى في شانه( إنك ميت وإنهم ميتون ) على الكلام مع الحي بالهاتف والانترنت الحاضر سمعاً وعلماً وفهماً بالأسباب الغائب ذاتاً
أين رأيتني أقيس يا أخي الفاضل؟
على أي حال دعنا من هذه الجزئية فقد خرجَت بنا عن الموضوع ولم يفهم بعض الإخوة موردها في هذا الكلام، فتجاوزوها أصلحنا الله وإياكم.
أين قسم النداء الذي يكون شركاً كما قلت منه ما هو شرك ومنه ما ليس كذلك حتى يعرف النداء الشركي للغائب من النداء الغير شركي للغائب
في الفقرة الأخيرة أيها الفاضل، ذكرت حقيقة الشرك (والمفهوم أن ما يكون من النداء بهذا المعنى فهو من الشرك)، فراجعها غير مأمور.
أنت قلت بل إن من نداء الغائب ما يكون من قبل المجاز والاتساع اللغوي كما في حالتنا هذه فلا يكون المنادى قاصد للنداء على الحقيقة. وإنما يستحضره في إنشائه كما لو كان يراه ويخاطبه : فهذا هو المهم الذي يجب أن يحذر المسلمون منه لان من مفاسد نداء الغائب فوق الأسباب جعل الغائب حاضراً كما أنت صرحت به جزآك الله خيراً كثيراً واليه أشرت في السؤال بقولي : مع أن المنادى : هو المطلوب إقباله عند النحاة
أخي الكريم، هل تتفق معي على أن اللغة تقبل الاتساع وإطلاق الكلام مع إرادة مجازه لا حقيقته (أو إرادة وجه دون وجه في المعنى) أم لا تتفق؟ فإن نفيت هذا فقد انتهى الحوار بيننا! أما كلامك في أن المسلمين يجب أن يحذروا من نداء الغائب فالعبرة بالمعنى الذي يعرف بمجموع القرائن، فما كان باطلا أو مفضيا إلى الشرك حذرنا منه وما لم يكن كذلك فلا نحتظر على عباد الله واسعا يا أخانا الفاضل!!
ما ذكرتَه من تعريف المنادى عند النحاة فهو حقيقة النداء وهو أصل المراد منه، وما في هذا تنازعنا أصلا، لأننا نقرر أن هذا النداء من المجاز! فإن كنت ممن يقولون (لا مجاز في اللغة)، فلا بأس: هي حقيقة أخرى إذن غير حقيقة النداء، مما يجري على لسان العرب من المعاني وكانت له نظائره! فهل الرجوع إلى لسان العرب في تصور الكلام العربي داخل عندك في عموم الاحتكام إلى الكتاب والسنة أم ليس بداخل؟؟
سبحان الله! وهل قلت لك خذ عقيدتك من شاعر؟؟
يا أخي الفاضل، المبحث الآن مبحث لغوي صرف كما أرجو ألا يخفى على طالب علم!
فهل تجيز الرجوع إلى المعاجم وأشعار العرب لمعرفة أساليبهم في الكلام ومن ثمّ تحقيق الفهم الصحيح لمرادات المتكلم بهذا اللسان من ألفاظه وأساليبه؟
فإن كان جوابك إيراد قوله تعالى: ((والشعراء يتبعهم الغاوون))، فلا أستجيز المواصلة معك، وإلى الله المشتكى!
وأما إن كان جوابك بنعم أجيز ذلك، كما أرجو أن يكون، فدعني أسألك:
هل نداء الجماد نداء حقيقي أم مجازي؟ الذي ينشئ في كلامه نداءً للجماد الذي لا حياة فيه، هل يقال إنه يريد إقباله وإجابته كما هو تعريف النداء عند النحاة؟
فهذا امرؤ القيس يقول مناديا الأطلال:
أَلا عِمْ صَباحاً أَيُّها الربْعُ وانْطِقِ ......... وحَدِّثْ حديثَ الرَّكْبِ إِنْ شئتَ واصْدِقِ
فهل يريد إقبال الأطلال وإجابتها على الحقيقة؟
ويقول مخاطبا الليل:
أَلا أيُّها الليلُ الطويل ألا انجلِ ......... بِصُبْحٍ وما الإِصْباحُ منكَ بأَمْثَلِ
فهل هذا نداء حقيقي أم مجازي؟؟ وهل مثل هذا يكون من الشرك عندك، إذ يخاطب المتكلمُ به ما يدري أن الأسباب تمنع إجابته وإقباله على الحقيقة؟
نعوذ بالله من الغلو والتنطع!
وهذا الأحوص (الشاعر الأموي) يقول:
سَلامُ اللهِ يا مَطَرٌ عليها .............. وليسَ عليكَ يامَطَرُ السَّلامُ
فهل الأحوص يقصد نداء المطر على الحقيقة؟؟
فإذا ما تأملت هذه الأمثلة، فلا ترجعنّ إلي بقولك إن هذا نداء للجماد وليس نداء للغائب، ونحن إنما نتكلم في نداء الغائب! أو بمثل قولك إن امرأ القيس كان في الجاهلية وكلامنا في الإسلام! فإنما أردت أن أضرب لك مثالا لإطلاق النداء وإرادة مجازه دون حقيقته، فتأمل في وجه ذلك جيدا! وإلا فلا أحسبك تشترط على قارضي هذه الأبيات حتى لا يكون كلامهم من الشرك، أن يقف امرؤ القيس مواجها الأطلال مباشرة حتى يُسمعها نداءه ولا يكون من "نداء الغائب فوق الأسباب"، أو أن ينادي الأحوص المطر في حال جريانه على وجهه لا في غيابه حتى لا يكون من ذاك الباب!!! ولا أرجو أنك تشترط على كل من كتب نداء أدبيا لجماعة من الناس – أيا ما كان مضمونه وغرضه - أن يذهب إليهم ليخاطبهم عيانا بما كتب، أو أن يحرص على أن تكون تحته أسباب توصل إلى تحقق ذلك حتى يقبل عليه المنادى ويجيبه، فيسلم بذلك من الشرك!!
فإن تقرر أنه ليس كل نداء لغائب أو حتى لحاضر في اللغة يراد على حقيقته وعلى الوجه الذي عرفه النحاة ولابد، بقي عليك أن تثبت أن هذا النداء بعينه في هذه العبارة بعينها، مراد على حقيقته ممن يتكلمون به. فإنني لا أحسب أحدا ممن يكتبونه أو يتكلمون به يقصد به الإقبال والاستماع من النبي عليه السلام أصلا! فإن تجشمت عناء ذلك وتكلفته وأتيت بدليلك فيه، فاثبت لنا بعدُ أنه يكون إذن من الشرك! ونقول لو ثبت أن النداء مراد على حقيقته هنا فإن غايته أن يكون بدعة (لا شركا) لبطلان الدليل الذي يتعلق البعض به في كون أعمالنا تعرض على النبي عليه السلام وتوصلها الملائكة إليه! ولأن الخطاب يخلو – كما هو واضح بجلاء من مجرد تدبر معناه - مما لا يجوز صرفه إلا لله تعالى!
فهل تصبر على هذه المسالك في النظر والفحص في أقوال الخلائق وتصورها قبل الحكم عليها أم لا تصبر يا أخانا الفاضل؟
أسأل الله أن يرزقنا وإياك الحلم والعلم والروية ودقة النظر!
أنت قلت في كلام الأدباء هل رأيت شخصاً أديباً من الصحابة رضي الله عنهم أو يمكن ذلك كلا وحاشا وما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم النداء بيا رسول الله بعد الموت أو بفداء لك يا رسول الله مع انه ثبت عنهم مرات وكرات في حياته في حضوره فداء بابي أنت وأمي يا رسول الله فلو كان هذا خيراً لسبقونا إليه ولنقلوا إلينا هذا النداء مع أنهم أحب الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لهذا لا يحتج بكلام الأدباءفوق الصحابة رضي الله عنهم في باب العقائد.
وهل "الأدب" هذا حرام أو منكر أو بدعة في الدين يا أخي المحترم؟ ما أسهل التعلق بعبارة "لو كان خيرا لسبقونا إليه"، وما أكثر ما يرتكب باسمها من جنايات على العلم ومن تضييق على عباد الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
اعلم وفقني الله وإياك للرشاد، أننا لا نتكلف البحث فيما أثر عن الصحابة رضي الله عنهم إلا في شيء لا تثبت مشروعيته أو صحته إلا بنص أو ما في حكمه! فإذا كان مخالفك يتعلق بدعوى أن المعنى المبحوث ههنا باق على الإباحة الأصلية، فلا يقال له أثبت لنا ذلك بالإتيان بمثله من مأثور الصحابة! هذه مغالطة واضحة! وجوابها أن يقال للنافي: أثبت أنت دعواك المنع بنص أو أثر أو دليل معتبر، فإنما البينة على المدعي! نحن نقول إن هذا الأمر لا بأس به وليست فيه شبهة شرك، فلا يقال لنا إن لم تأتوا بمثله من مأثور الصحابة فلا يحل لكم اقترافه، إذ لو كان خيرا لسبقوكم إليه!!
فإذا علمتَ هذا، فأعد النظر في قولك "إنه لا يُحتج بكلام الأدباء فوق الصحابة في العقائد"، يتبين لك ما فيه من حيدة ومصادرة بل تشويش على المطلوب!!
أنها وصفت النبي صلى الله عليه وسلم في كلامها مرثية له وندبة عليه بإرجاع الضمائر الغائبة إليه مستتراً في أجاب ومبرزاً في دعاه ومأواه وننعاه ووصفته بمن الموصولة
حيدة أخرى! فإنه لو كان مطلق نداء الغائب بالندبة أو غيرها من الشرك ما كفاها هذا الذي تقول، رضي الله عنها، وإنما لوجب عليها الامتناع عنه جملة واحدة!! نعم توجهَت إليه بنداء ثم أتبعت ذلك بضمير الغائب، فكان ماذا؟؟ يعني لو جاء أصحاب هذه العبارة محل البحث هنا فكتبوا مثلا: "فداك أبي وأمي يا رسول الله! اللهم اسقنا من حوضه شربة لا نظمأ بعدها أبدا"، بهذا ينتفي وجه كون النداء من الشرك عندك، لأنهم جمعوا الضميرين في كلامهم، المنادى والغائب؟ ما أعجب هذا التقعيد!
أنها حاضرة إليه عليه الصلاة والسلام قبل دفنه فهو ما كان غائب
ا عن أعينها لأنه دفن بعد ذلك وما نادت بعد دفنه ولو كانت حاضرة إلى قبره لكثرت احتياطها رضي الله عنها.
تكلف لم أر مثله! إذن شرط النداء حتى لا يكون شركا عندك أن يكون المنادَى حاضرا جسدُه بإزاء عين المنادِي؟ سبحان الله! في أول مشاركتك الطويلة هذه نفيتَ اعتبار المخاطب عبر الهاتف غائبا لأنه حاضر بالحس والسمع وإن غابت صورته وجسده، والآن تزعم أن مجرد حضور الجسد دون الحس والسمع يخرج به المنادى من كونه غائبا، فأي تناقض بعد هذا؟
أنت قلت في تعريف الشرك : هو حقيقة صرف ما لا يصرف ألا لله إلى غيره : مع أن النداء للغائب فوق الأسباب صرف ما لا يصرف ألا لله لغيره جل وعلى لان النداء للغائب فوق الأسباب يجعل الغائب حاضراً سمعاً وعلماً وفهماً شريكاً لله في هذه الصفات الخاصة به جل وعلى كما هي عقيدة أكثر الصوفية والشيعة لذلك ينادون بيا رسول الله ويا زينب ويا علي ويا حسين ويا عبد القادر الجيلاني ويبكون محبة للرسول الله صلى الله عليه وسلم وزينب وعلي وحسين رضي الله عنهم
قد تقدم أننا نفرق بين ما كان من النداء على قصد الإسماع وطلب الإجابة من السامع، وما كان على خلاف ذلك! هذا بصرف النظر عما في مضمون النداء نفسه، وهو باب آخر للنظر. وقد نقل أحد الأفاضل فتوى الشيخ عبد الكريم الخضير في هذه العبارة التي نحن بصددها، وأجاب بمشروعيتها، فهل تفهم من هذا أن الشيخ حفظه الله يجيز نداء الغائب بخرق الأسباب واعتقاد سماعه وإجابته فوق الأسباب كما يستغيث هؤلاء المذكورون بأصحاب القبور؟؟ أرجو أن لا!
فهل محبة الله والرسول تكون في الإخلاص والأتباع أم في الشرك والابتداع
أسأل الله أن يهديني وإياك إلى تمام الإخلاص وحسن الاتباع وأن يعيذني وإياك من الشرك والابتداع!
شكر الله لك ما سقته من موعظة في حقيقة الاتباع والمحبة، ولكن لا داعي لهذا في مقام المباحثة العلمية وتمحيص الأدلة حتى لا تطول بنا الموضوعات، فإن هذا الذي سقتَه في هذا المعنى يا رعاك الله أرجو أن يكون ظنك بأخيك هذا وبالعلامة الخضير حفظه الله وبغيرنا ممن يقولون بما نقول أننا لا نماري فيه، والله المستعان!
فهذه بعينها حقيقة النداء للغائب حتى يجعل الغائب حاضراً سمعاً وعلماً وفهماً كما قلنا من قبل : أن المنادى هو المطلوب إقباله وحضوره بحرف من حروف النداء مع أن الياء أم حروف النداء في هذا الباب
أرجو أن فيما تقدم من الجواب كفاية!
على سبيل المثال لو قلنا بالمجاز بالخصوص في المسائل ألإعتقادية كما تقول : لفتحنا أبواب الفتن لأن كل إنسان إذا وقع في أي المشكلة أو صعبت عليه أي الكلمة يذهب من الحقيقة الى المجاز وبالعكس ويأول الكلمة ألى ما تشتهي نفسه ويثبت به مسئلته ومقصوده فكيف نرد على الصوفية والشيعة وجميع الفرق الباطلة فلكل واحد منهم متمسك إما بالمجاز أو الحقيقة في بعض الأوقات أو التأويل أو التشبيه أو القياس الباطل : ومن هذه الأبواب تخرج الشركيان والبدعات وجميع الخرافات لأنهم خرجو من المحاكمة إلى الكتاب والسنة إلى محاكمة المجاز والتأويل والتشبيه حتى والتعطيل .
أخي الفاضل، اللغة علم – بل علوم – له أهله الضابطون له! فإن كنت من نفاة المجاز، فليس لك أن تدعي أن القائلين به في اللغة – وهم الكثرة الكاثرة من علمائها (وأخص منهم أهل سنة لا أهل الضلالة) - لا دراية لهم بكيفية تمحيص الأقوال وتحقيق ما كان منها مرادا على حقيقته وما كان منها مرادا على المجاز!! المعنى المراد – سواء كنتَ من نفاة المجاز أو مثبتته – إنما يعرف بالقرائن والسباق واللحاق وغير ذلك من أدلة اللغة، فلا يلزمني – بارك الله فيك – أن أجيبك عن سؤالك هذا "كيف يرد أصحاب المجاز على كذا وكذا" في فقرة أو فقرتين!
فلتنظر ذلك في مظانه، علمنا الله وإياك ما ينفعنا!
أخي الفاضل، ليس ما أوردته بسوق هذا الآية الكريمة مما نحن فيه في شيء! فنحن نتفق على أن الكلمة المشتركة التي تحتمل معنيين، أحدهما خبيث والآخر صالح، ينبغي تركها لغيرها مما لا اشتباه فيه، عند الكلام في دين الله تعالى! وقد دلت القرائن على أن بني إسرائيل يريدون المعنى الخبيث – لعنهم الله – فنزل النهي لنا في القرءان عن استعمال الكلمات المشتبهة التي قد يُفهم منها وجه خبيث! فإن كنت ترى أن العبارة التي بين أيدينا فيها من الألفاظ ما يحتمل وجها خبيثا، فلتأتنا بالبينة على ذلك، يرحمك الله!
فمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان كما جاء في كتاب الإيمان للبخاري : عن ابي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( فو الذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده ) 14 ( وعن انس رضي الله عنه الحديث بعينه وزاد في أخره (والناس أجمعين ) 15 ولأجل هذه المحبة يفتدي المؤمن بماله ووقته وروحه على أتباعه : فصار الحال كما نرى : أن كل من ينتسب إلى الإسلام يدعي محبة الرسول صلى الله عليه وسلم : فكيف نعرف الحق من الباطل : فنذهب إلى كتاب الله إلى كلمة مميزة بين الحق والباطل وهي ( فاتبعوني يحببكم الله)
مرة أخرى أكرر: لا تعد إلى الخطابة والوعظ بارك الله فيك، فإنه يطيل الرد ويثقل الصفحة ولا يحقق لك ما تريد، هدانا الله وإياك إلى أقوم السبل!
فالإتباع يكون بالاعتقاد والقول والعمل بما جاء به رسول الله صلى عليه والسلم لا بكتابة فداء لك يا رسول الله على الدكاكين والمحلات والسيارات والجدران والمحاريب كالصوفية والشيعة وأتباعهم
لا نخالفك في هذا بالجملة أيها فاضل، ولكن لا يكون تفريط أولئك الذين يكتبون هذه الكلمة فيما يجب عليهم من حسن الاتباع والعمل بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم = دليلا على نكارتها في نفسها وأنها من الشرك!!!
مع أننا لو سلمنا أن نداء الغائب هذا وكتابة فداء لك يا رسول الله لأجل المحبة كما تقول فالا يخلو هذا من أمرين الأول أن يقصد معناه الأصلي فلا يخرج من الشرك : والثاني وإن لم يقصد معناه الأصلي فاقل الشيء تكون بدعة لأن المحبة لرسول الله صلى الله عليه والسلم : عبادة والعبادة بلا دليل بدعة :
غلط!
إنشاء الكلام الأدبي بما مفهومه محبة النبي عليه السلام ليس من البدعة في شيء، وهذا مما لا نزاع بيننا ولا بين اثنين من المسلمين فيه، فآل الأمر إلى تحرير محل النزاع بيني وبينك في هذا النداء المجازي محل البحث! فالآن غايتك إثبات أن هذه الصيغة بعينها التي ظاهرها النداء = منكرة بدليل كذا وكذا، لا أن يقال إن مجرد التعبير عن محبة النبي عليه السلام بما لم يؤثر = بدعة لأن العبادة توقيفية! ثمة فرق دقيق بين الاستدلال بأصل كلي في كون هذا الجنس من الأفعال بدعة لعدم النص عليه من كتاب أو سنة أو مأثور الصحابة، وبين الاستدلال بدليل جزئي على نكارة فعل من أفعال ذلك الجنس لدخوله في الشرك أو فيما يفضي إليه، والله يحفظنا وإياك من الشرك والبدع وأهل البدع، آمين!
واما نداء اليتيم وعامة الأطفال لأمهاتهم لا يستدل به لأنهم غير مكلفين بالدين مرفوع عنهم القلم
عجيب والله! أتخترع الدليل تضعه على لسان مخالفك ثم ترد عليه؟ من الذي استدل بنداء الطفل لأمه على ما نحن فيه أيها الفاضل؟ وأين ظهر ذلك في هذه الصفحة؟
فعلينا أن نرجع في مسائل العقائد إلى الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح ونرجع في معاني الحروف إلى أصول النحو والصرف وعلم البلاغة والأدب
صدقت، وهذا ما أحسب أننا بصدده ههنا! نرجع إلى أصول النحو والصرف وعلم البلاغة والأدب، والله يهدينا وإياك للصواب!
وفي الختام أتوجه إليك بنصيحة من أخ لك محب، فإنني أراك حريصا على محاربة الشرك وصيانة جناب التوحيد، ذا غيرة وحمية في ذلك، وهذه خصلة مباركة أحمدك عليها ولا أزكيك على الله! ولكن يا أخي الفاضل اعلم أن الإسلام وسط بين طرفين، إفراط وتفريط، والتنطع في الدين مهلكة لصاحبه عافانا الله وإياك!
فلا أقول لك إلا كما قال حبيبك عليه السلام لأبي بكرة رضي الله عنه:
زادك الله حرصا ولا تعد..
والله أسأل أن يعلمني وإياك ما ينفعنا، والحمد لله رب العالمين.