السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت مقالا لكاتب علي أحد المنتديات يتحدث عن قدرة الله وعدم تعلقها بالمستحيلات عقلا وأريد ردا علميا مفصلا علي الكاتب وهذا نص المقال
قدرة الله اللامحدودة تتعلق بالممكنات عقلا
1- المستحيل عادة :
هو ما لا يتناقض مع بديهيات أي عقل بشري , ولكن العادة جرت على خلافه .
ومن أمثلة ذلك :
* سمكة تعيش خارج الماء , وتتكلم مع البشر .
* أنا أذهب إلى مكان عملي طائرا وليس على رجلي .
* الدجاجة تطير في الهواء لمسافات طويلة مثل سائر الطيور .
* السلحفاة تتحرك بسرعة أكبر من سرعة حركة الأرنب .
* القط يخاف من الفأر ويهرب منه .
ومما يندرج في نطاق المستحيلات عادة : معجزات الأنبياء وكذا كرامات الأولياء .
خلق الله حواء من ضلع سيدنا آدم , وهذا ليس مستحيلا عقلا ولكن جرت العادة على خلاف ذلك , أي أن العادة جرت على أن الولد يأتي بعد زواج بين امرأة ورجل .
سيدنا نوح صنع سفينة جمع فيها المؤمنين به ثم تحركت السفينة في وقت غطى الماء الدنيا كلها وأغرق جميع الكفار في ذلك الزمان , وهذا ليس مستحيلا عقلا ولكن جرت العادة على أن في الدنيا مؤمنين وكفارا وعلى أن الأرض منها المغطى بالماء ومنها اليابسة .
ألقي سيدنا إبراهيم في النار ومع ذلك بقي حيا سالما وآمنا لم تصبه النار بأي سوء , وهذا ممكن عقلا ولكن جرت العادة على أن النار تحرق من يرمى فيها ولو لدقيقة واحدة من الزمان .
ألقى سيدنا موسى العصا فإذا هي حية تأكل ما جاء به السحرة , وهذا ليس مستحيلا عقلا ولكن جرت العادة على أن العصا تبقى عصا ولا تتحول إلى حية تأكل غيرها .
كان سيدنا عيسى يحي الموتى بإذن الله , وهذا ليس مستحيلا عقلا ولكن جرت العادة على أن البشر لا يملك أن يحيي ولو ذبابة واحدة .
كان جذع الشجرة يئن لفراق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , وهذا ليس مستحيلا عقلا ولكن جرت العادة على أن الشجر نبات لا يحس ولا يشعر ولا يفرح ولا يحزن ولا ...
وكانت السيدة مريم تجد أمامها فاكهة الشتاء في فصل الصيف وفاكهة الصيف في فصل الشتاء , وهذا ممكن عقلا وإن كان مستحيلا عادة في زمان ليس عند الناس فيه ثلاجات ومبردات و...
ومن أمثلة المستحيلات العادية ما نقدمه للتلاميذ في الثانوية في مادة العلوم الفيزيائية , عندما نتحدث عن الخواص العامة للجسم المادي , والتي منها مبدأ العطالة الذي ينص على أن " الجسم المادي لا يتأثر إلا إذا أثر عليه مؤثر خارجي " ,
أي أن الجسم المادي ( الميت لا الحي ) لا يمكن أن يتحرك أو ينتقل أو يرتفع أو ... من تلقاء نفسه بدون أن يؤثر عليه مؤثر خارجي هو الذي حركه أو نقله أو رفعه أو ... الله قادر على أن يجعل الجسم المادي الميت يتأثر بدون مؤثر خارجي , ولكن جرت العادة على خلاف ذلك .
ومن النكت المتعلقة بما يصدر عن بعض التلاميذ شفويا أو كتابيا في الامتحانات أو في غيرها مما له صلة بالمستحيلات عادة :
أنك تعطي للتلميذ معلومات معينة متعلقة برجل يصعد سلما ارتفاعه كذا في زمن كذا و ... ثم تسأل التلميذ في النهاية " ما هي كتلة هذا الرجل ؟ " , وفي نهاية حل التلميذ للتمرين يعطيك النتيجة النهائية , وهي أن كتلة الرجل تساوي 3500 كغ , أي 35 قنطارا (!!!) , وهي نتيجة مستحيلة عادة حتى ولو كانت ممكنة عقلا .
نعم , الله قادر على أن يخلق شخصا كتلته 35 قنطارا أو أكثر بكثير من ذلك , ولكن العادة جرت على أن كتلة الإنسان تساوي مئة كيلو أو بضع مئات فقط من الكيلوغرامات .
2- قدرة الله هل تتعلق بالمستحيلات عادة أم عقلا ؟ :
" هل قدرة الله التي لا تحدها حدود متعلقة بالمستحيلات عقلا أم بالمستحيلات عادة ؟" , أو " هل الله القادر على كل شيء , هو قادر على المستحيلات عقلا أم عادة ؟ ".
والجواب على السؤال :
وإن كان من غير اللائق أو من غير الجائز أن نقول " الله ليس قادرا على ...", فإنني أقول وأؤكد على أن قدرة الله غير المحدودة لا تتعلق أبدا بالمستحيلات عقلا وإنما هي تتعلق بالممكنات عقلا حتى ولو كانت مستحيلة عادة .
لا يُـقبل أبدا ولا يستساغ أبدا ولا يجوز أبدا أن نسأل " هل الله قادر على أن يجعل 1 مساويا لثلاثة ؟! " , أو " هل الله قادر على أن يجعل الإبن أكبر سنا من أبيه ؟! " , أو " هل الله قادر على أن يجعل الجزء أكبر من الكل ؟! " أو ...
ا- لأننا إن أجبنا ب " الله قادر على ذلك " , يمكن أن يقال لنا عندئذ بأن الله إذن خرافة وكذب ودجل وشعوذة , لأن هذه الأشياء تدخل ضمن المستحيلات عقلا ولا يقبل بها إلا المجانين من الناس , ويصبح الله عندنا نحن المسلمين كما هو الحال عند النصارى الذين حرفوا الإنجيل وكذبوا على الله وعلى أنبيائه وقالوا بأن الله واحد وثلاثة في نفس الوقت , وهو مستحيل عقلا .
ب- وأما إن أجبنا عن السؤال ب " الله ليس قادرا على ذلك " قيل لنا " إذن الله عاجز , فلماذا تقولون لنا بأن الله على كل شيء قدير ؟! " .
والحقيقة هو أن السؤال أساسا لا يجوز طرحه ما دام متعلقا بالمستحيلات عقلا . الله قادر على كل شيء , نعم , ولكن قدرته اللامحدودة متعلقة بالممكنات عقلا حتى ولو كانت مستحيلة عادة , ويدخل في ذلك خلق الله للسماوات والأرض وكذا القدرة على الخلق والإفناء , وكذا اطلاعه على السر والعلن من شؤون المخلوقات وكذا معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء و... إلى آخر القائمة غير المنتهية .
وأما الحديث عن قدرة الله أو عدم قدرته على المستحيلات عقلا فهو لغو لا طائل من ورائه , ولا يجوز لأي مسلم أن ينجر إليه : لا يجوز له أن يسألَ كما لا يليق به أن يجيب .