هذه قصيدة جوابية كتبتها من ليلتي -ولعل هذا عام 1423- لأحد الفضلاء النجباء الأدباء وكان قد كتب إلى بقصيدة فراقية يعارض فيها قصيدة شوقي:
رمضان ولى هاتها يا ساقي × مشتاقة تسعى لمشتاق
وقبل ذكر القصيدة أنقل شيئاً مما كتبه صاحبنا قال لا فض الله فاه:
رمضان ولى هاتها يا ساق × ملء الكئوس دماً من الأحداق
عبرات صب عاشق وموله × ذابت مآقـيه أسى لفراق
خفقات قلب ذاهل قد راعه × صرم تبدى بعـد حين تلاق
زفرات روح شاقها من ليله × طول القيام وأنة الإشفاق
وتقاطر الأفواج نحو مساجدٍ × ترجو الكريم ورحمة الخلاق
ترداد آي الذكر في آنائه × من قانت من مدنف مشتاق
وترقبٌ للشمس دون شعاعها × تبدو عياناً ساعة الإشراق
وهبات رب العرش تغشى أنفساً × يختارهـن تفوز بالإعتاق
:
رمضان قعقعةِ السيوف أما لنا × بـدرٌ تهلُّ بعيد طول محاق
وذكر شيئاً من مآسي الأمة وتساءل ما بها وكيف طريق حلها...
فكان مما كتب جواباً :
رمضان ولى سنة الخَلَّاقِ × أتخال شيئاً غير ربِّك باقي!
رمضان ولى والأنامُ طرائقٌ × منهم شّقيٌّ في لظىً وشِقاقِ
رمضان ولى والسعيد مُشيِّعٌ × والقلب مملوء من الإشفاقِ
ماذا أقول لواجِدٍ مُتَألِّهٍ × قام الليالي سَحَّ في الإنفاقِ
بَذْلُ الطعامِ لأهله لم يُطْغِه × روّى الكتاب بدمعه الدفّاقِ
وبباب كل فضيلةٍ إن جئته × ألفيته متزعماً لبقية السبَّاقِ
رمضان ولى والعزاء بمثله × أن اللّقـاء مأملٌ بلحاق
رمضان ولى قائلاً لمحـِّبه × عهدي الكتاب فلاتُضِع ميثاقي
----
يا صاحبي دعني أبوح بخَطْرةٍ × جالت بفكري، خالجت أعماقي
أتُرى صحيح الودِّ يَصْدُق في الذي × يُعطي الحبيبَ حَدائق الأخلاقِ
فإذا تولى بعده ترك الذي × يَرضى الحبيبُ وشذَّ في الآفاقِ
أيكون راجي الصفح عن تفريطه × متمادياً في البغي والإخفاق؟
يا أمتي وَجَبَ الرجوع لصفحةٍ × مطوِيَّـةٍ من جملةِ الأوراقِ
عنوانها الإخلاصُ والصدق الذي × ما شـابه التكديرُ بالأعلاقِ
---
يا أمتي إن رُمْتِ بدراً أخرجي × من رحمِْكِ المقداد ثم الباقي
يا أمتي عَيناً لجالوتٍ أرى × ترنوا لوجه الفارسِ البرّاقِ
يا أمتي اليرموكُ نادى ربُّها × لانامـت الجبناء بالإطلاق
يا أمتي حطينُ يَعْجَبُ أهلُها × أيبيعُ بعضُ الكردِ أرضَ عراقِ؟
يا شهرنا عذراً فإني لا أرى × في حِقْبَةِ اللدغاء -بَعدُ- الراقي
رمضان أرجو أن تعود فتُلفيَ الـْ × ـفُرقاء جُمِّع شملهم لتلاقي
رمضان آملُ أن تَحُول فتُبْصِر الـ × ـفاروق والقعقاع في الآفاق
يا أمتي رمضانُ كفٌ واحدٌ × لابد من أخرى لدى التصفَّاقِ
وبعدها كتب إلي صاحبنا القصيدة وكان مما أضاف أو عدل فيها قوله:
رمضان شهرُ النصر أين فتوحنا × أين المهـند مصـلتاً لتلاق
ما لي أرى جالوت غارت عينُها × صفحاتِ عزٍ غاض في الأعماق
ما لي أرى حطين تجتر الأسى × والذكرياتِ بنـاظرٍ دفَّاق
رمضان واليرموكَ ترقب خالداً × سيفـاً لهام الكفر والأعناق
رمضان كنت الأمس موعدَ نصرنا × واليوم يهدم فيك صرحُ عراق
ويُدنَّس الأقصى وتؤسر كابُلٌ × والعلج يخطر قائـداً لنفاق
رمضان من منّا تغير عهده × من ذا تنكب شرعةً للباقي
فأسامه سوء العذاب وناله × وهنٌ تمكَّن أضلعاً وتـراقي
يا أمتي عذراً فرجعُ نواحنا × والنائبات تجيش في أعماقي
حتى متى والعجز فينا ضاربٌ × أطناب ذلٍ أحكمت بوثاق
حتى متى والبغي سرمد ليله × نقتات طعم اليتمِ والإملاق
يا أمتي حتَّـام نبكي أمسنا × ومتى سنثأر للـدم المهـراق