ألقى الدكتور أحمد قدور عضو مجمع اللغة العربية منذ أيام محاضرة بعنوان (سيبويه وأصوات اللغة) وذلك في قاعة المحاضرات بمجمع اللغة العربية بدمشق.

عرض قدور من خلال المحاضرة الدرس الصوتي عند سيبويه في باب الإدغام وذلك ضمن باب فرعي قدّم فيه المبادئ الرئيسية للدرس النظري للأصوات، أما ما عدا ذلك من أبواب ومسائل فيها درس تطبيقي أو نظري فيمكن أن يأخذ مكانه كلما اقتضت حاجة الدرس ذلك.

وقد ذكر سيبويه لأجل فهم الإدغام ما يحتاج إليه من عدد حروف العربية، ومخارجها، ومهموسها ومجهورها، ومعظم صفاتها، ومع أن هذا الباب الفرعي لا يمتد إلا على خمس صفحات ونصف الصفحة فإنه ضمّ مسائل رئيسية من مسائل الدرس الصوتي التي أثرت في الدراسات اللاحقة، وكشفت عن أفكار عميقة وآراء مبتكرة.
ويضيف قدور يمكن للدارس أن يمر ببعض ما أورده سيبويه مروراً سريعاً لوضوحه وعدم الاختلاف فيه، نحو عدد حروف العربية والحروف الفرعية المستحسنة وغير المستحسنة، والإطباق والشدة والرخاوة، لكنه مدعو للتدقيق في ترتيبه للمخارج، وجمعه الصحاح والعلل.
وكذلك حديثه عن الضاد الضعيفة، وعدم وضوح درسه للتوسط بين الشديد والرخو، أما مفهومه للجهر والهمس فهو لب المسائل المختلف فيها على امتداد العصور قديماً وحديثاً.
وبين قدور أن سيبويه أول من قدم تعريفاً للهمس والجهر في درسنا اللغوي وليس بعيداً أن يكون قد أخذ ذلك عن الخليل، إذ يؤنس ذلك وجود إشارات إلى الخليل وتلاميذه في بعض النصوص وهدف المحاضرة يكمن بضرورة تقسيم المسألة إلى قسمين الأول هو أن كلام سيبويه عن الجهر والهمس لا علاقة له بحركة الوترين مطلقاً إذ لا يعدو كونه تلقياً لأثر سمعي للذبذبات غير الحنجرية التي تحدث نتيجة لاحتكاك الهواء بالأعضاء الصوتية عند خروجه من الفم أو الأنف وهو تفسير لمصطلح (الاعتماد) الذي لوحظ فيه قوة التصويت بسبب الاحتكاك والحصر والضغط فوق مستوى الحنجرة.
والثاني هو أن ما ذكره سيبويه في موضع متقدم عن الأصوات المشربة وصوت الصدر يصلح تفسيراً لما يحسه السامع من صوت قوي موضعه الصدر أي ما هو أدنى من الحلق حسب مفهوم القدامى.
وختم قدور محاضرته باقتراح تفسيري مبني على نتائج الدرس المخبري الأجنبي الذي يؤكد الآن أن الجهر ليس من الضرورة أن يكون ناتجاً عن حركة الوترين الصوتيين وبناء على ذلك فإن ما انتهى إليه سيبويه هو الأوفق والأشمل في درس الجهر والهمس.
ويعود تأخر سيبويه في درسه الصوتي لسببين أحدهما لغوي يتصل بأسلوب سيبويه وعباراته والآخر علمي يعود إلى عدم التوصل إلى مفهوم شامل للجهر على المستويين المنطقي والسمعي.
والجدير بالذكر أن أحمد قدور من مواليد حلب حاصل على دكتوراه في اللغة العربية وآدابها من جامعة دمشق وهو عضو مجمع اللغة العربية بدمشق ودرس في العديد من جامعات القطر والوطن العربي وله العديد من المؤلفات منها العربية القصص المعاصرة، مدخل إلى فقه اللغة، مبادئ اللسانيات وأصالة علم الأصوات عند الخليل وغيرها.