أخي الفاضل وليد العدني..
حفظ الله لنا (عدن) من كل مكروه (بسمة)
أخي الفاضل ، عمر خلوف ، حفظك الله ، من كلام الناس نعرف قدرهم ومكانتهم ومنزلتهم العلمية ، أظنك قد أخذت بحظ وافر من هذا العلم .
رفع الله قدرك، وبارك في علمك وعملك..
لستُ إلا طالب علم، يرجو رحمة الله وغفرانه
لكن أنا لا أوافقك على حكمك السابق ، فالدوائر العروضية بناء شامخ متين نفخر به ، وهو مقبول بالنظر إلى الواقع ( المنتوج الشعري ) أيام الخليل رحمه الله ؛
ليس للدوائر العروضية من فائدة تضاف إلى علم العروض سوى إبانتها لما تشترك فيه البحور التي تتضمنها من تشابه في تسلسل نمطها الحركي السكوني، أو المقطعي العروضي، ولذلك فهي كما وصفها حازم القرطاجني: (ملحة عروضية)، ومعرفتها مفيدة من هذا الباب فقط.
لذا لا ننقض شيئًا إلا بذكر الأدلة التي تؤيد ما ذهبنا إليه ، فهل لديك أبيات من المجتث دخل الطيُّ بعض تفعيلاتها ؟
وقد ذكرت أن هناك كمًّا هائلًا من أبيات المجتث .
إذا وجدت الشواهد ، ودخل تفعيلةَ ( مستفع لن ) الطيُّ ، أظن يكون من حقك أن تقول : لقد حصل تجديد في أوزان هذا البحر ، زادته قربًا من البسيط ، فصار بالإمكان إدخاله فيه تحت مسمى جديد .
نعم أخي الكريم، بل نستطيع عكس السؤال: أنْ لا وجود للكف ولا للشكل في المجتث، بينما هو يحتمل الطي، بل والخبل.. وذلك مما لا يتوافق مع (مستفع لن) كما ترى.
جاء في الغصون اليانعة من أبيات لابن حفص:
إنّيَ خمْرٌ ولكنْ ** قد أعقبَتْها حموضَة ْ
ولابن المعتز:
وكنْ مع الدهرِ دهراً ** عُمْرُكُما مِثْلانِ
ومما نقله أبو الحسن العروضي (مشنِّعاً على قائله!!):
عاذلتي في الصباحِ ** قبل أوانِ الصباحِ
ولابن خاتمة الأندلسي:
هذا زمان الربيعِ ** قد ملأَ الأفْقَ نورُهْ
إلى غير ذلك من الشواهد.
لكن تحت أي نوع يدخل ؟ ما الاسم المقترح وليس في البسيط مشطور ولا منهوك ؟
( لا شك أن الإجابة ستولد أسئلة أخرى )
نعم يا أخي، فكلامك صحيح اعتماداً على ما جاء في العروض التقليدي، أما واقع الشعر فشيء مختلف، حيث لم يلتزم الشعراء بقوالب الخليل، وصور عروضه الشعرية، فشطروا كل البحور، وجزؤوها، ونهكوها..
ولا يمتنع أبداً أن يبقى المجتث بحراً قائماً بذاته، تشقق عن البسيط، كما لا يمتنع اعتباره من منهوكات البسيط، وهي أشكال عديدة.
أما البدايات فقد تتشابه في عدد من البحور ، مثل : ( الرجز ، الكامل ) ، ( الوافر ، الهزج ) والذي يفرق بينها سلامة التفعيلة من الإضمار في الكامل ، وسلامتها من العصب في الوافر ، وهذه البحور من دوائر مختلفة .
وتصح مقولة العروض هذه جزئياً، لكنها لا تصح على إطلاقها عندنا..
لأن للكامل إيقاعه المختلف عن الرجز اختلافاً جذرياً، لم يخلط بينهما شاعر يمتلك حساً شعرياً أو أذنا موسيقية.. وقصائد الشعراء خير دليل على ذلك.
وبارك فيكم وفي الأخوة المتابعين، وشكر لكم عنايتكم وفضلكم بهذه الملاحظات.
أخوكم
عمر خلوف