بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على خيرِ عِباد الله، نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحْبه ومَن والاه.
أمَّا بعد:
لَمَّا ظهَر الإرجاء[1] في عهْد السَّلف، وقَف له أهلُ العلم الرَّاسخون، العالِمون بالدليل وحقيقةِ القول، وما عدَاهم لم يكن له موقِفٌ مشهود، تشهَد بذلك التراجمُ والمصنَّفات التي وصلَتْ إلينا، فإنه متى ما تخلَّل النقص في أحدِ هذين الأصلين: (العلم بالدليل ومقاصِد الشريعة)، و(حقيقة القول المخالِف)، رأيت تخبُّطًا وخلْطًا عجيبًا، إمَّا جناية على الإسلام، وتصويرًا له على غير ما أراده الله، أو رفعة مِن قدْر المقالة المخالِفة، بالتسامُح واللِّين معها مع شناعتها، ومَن يمتاز بهذين الأصلين قليلٌ اليوم، فإنَّك ترى مَن لديه علمٌ بالشَّرْع يصل إلى حدِّ الإحاطة، ولكنَّه ضعيفٌ في سبْر أغوار أقوال المخالفين، فلا يستطيعُ معرفةَ حقائقها، وكشف عوار مكنوناتها، وإمَّا أنْ تجد مَن أُشرِب هذه المقالات على قلَّة بضاعته في العِلم الشرعي، فيظهر لك التخليطُ في كلامه.
وهذا - الأخير - مِن جنس بعضِ رجالِ أهل الكلام الذين حسنُت نيَّتهم، وساءَ عملُهم، بسبب قلَّة عِلمهم بالأدلَّة الشرعيَّة مع عِلمهم العميق بأصول عِلم الكلام، فأرادوا الدِّفاع عن الدِّين، ولكن قلَّة البضاعة الشرعيَّة لم تُسْعِفْهم، وفريقٌ منهم تسرَّبت إليه بعضُ شُبه القوم، فلم يستطعْ أن يدفعَها، فصار ينضح بها فؤادُه، وينمِّقها لسانه (وكلُّ إناءٍ بما فيه ينضَح).
يقول الإمام النخعي: لَفِتْنتُهم عندي أخوفُ على هذه الأمَّة مِن فتنة الأزارقة[2]، وصدق - رحمه الله - لأنَّ القعود عن التكليفِ تَرْغَبه النفس، بعكس تنطع الخوارج الأزارقة، ونحن نُعاني اليومَ مِن التفلُّت مِن الأوامر، والتقحُّمٍ في المناهي، مع مصيبةٍ أعمَّ وأطمَّ، وهي: تبرير هذا وتسويغه ممَّن اختلَّ عندهم أحدُ الأصلين السابقين، وهم منتسِبون مع هذا للإسلاميِّين.
وبرَز لنا إرجاءٌ فِكري، يحاول مدَّ حبل الوصال بالطائفتين، على غرارِ ما فعل الفلاسفة المنتسِبون للإسلام بيْن الفلسفة والإسلام، فأراد هؤلاء المُحْدَثون تخفيفَ شناعة بعض المقالات وتهوينها مِن جهة، ونبْذ التشدُّد والغلو – بزعمهم - مِن جهة؛ لينتج لنا حينَها - بناءً على رأيهم - الإسلام الوسطي.
ونحن اليومَ في مواجهة سَيْل من الأفكار الهدَّامة، يقِفُ النص الشرعي سدًّا أمامَها، ومتى ما عُدِم النص اجتاحَ السيل الفِكر البشري، فأصبحتِ البشرية حينها أثرًا بعدَ عيْن، وعُدْنا كما كنَّا في ظُلماتٍ بعضُها فوقَ بعض.
وهذا لا يكون مع وجودِ الوحي المنزَّل، ولكن الوحي لا يسيرُ على الأرْض، بل يحمله ﴿ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾ [الأحزاب: 23].
والإرْجاء الفِكري هو نوعٌ من الخنوع والضعْف أمامَ هذه المقالات، وصاحِبُه عبدٌ لغيرِ منزل الوحي، أسيرٌ لظنون وتخرُّصات تكون تارةً باسم (المصلحة)، وتارةً باسم (المجادلة بالحُسْنَى)، وتارةً أخرى باسم (عدم التشدُّد والغلو)... إلى آخِر هذه القيود والأغلال، التي هي حقٌّ أُريدَ به باطل.
والإرْجاء الفِكري اليوم لا يُصرِّح بمقالات الإرْجاء القديم، ولكن أفكار ذاك القديم تُعشِّش في فِكر هذا الحديث، والمحصِّلة واحدة كما سبق، وهي: (التفلُّت من الأوامِر، والتقحُّم في النواهي)[3]، وكما كان أهلُ الإرْجاء القدماء على درجاتٍ في مقالتهم، فإنَّ أهل الإرْجاء الفكري هم كذلك في فِكْرهم.
من ملامح هذا الإرجاء الفِكري:
أولاً: عدم التصريح بالأحكام الشرعية: فيتهرَّب مَن أصيب بهذا المرَض مِن قول: (حرام)، أو (كفر)، أو (شرك) لِمَا هو كذلك بالنص الشرعي، ويستبدل بهذه الألفاظِ الشرعية أخرى مُبتدعةً هي أخفُّ (حِدَّة ووطأة) - بزعمه - على مخالفيه، أو الناس عمومًا، فيقول: (الأَوْلى ترْكُه) مع علمه بحُرْمته! أو (فيه خلاف) مع أنَّ الخلاف مطروحٌ وغير معتبَر، فيُوحي إلى سامعه بأنَّ الأمر (سهل ميسور).
ثانيًا: عدم استخدام المصطلحات الشرعية: فلا تجد في قاموسِه (كفَّار)، أو (فسَّاق)، أو (منافقون)، فهؤلاء لا يَعيشون على الأرض، وكأنَّهم - لدَى مَن أُصِيب بهذا المرَض العُضَال - تاريخ مندثِر ولَّى، ولا يظنَّ ظانٌّ بأنَّ المطلوب هو إقحام مثْل هذا في الكلام إقحامًا، لا، ليس هذا المراد، بل المقصود: هو التولِّي عن استخدامِ هذا المصطلح الذي هو شرْعيٌّ دلَّتْ عليه النصوص، إلى غيره، فيستخدم (غير المسلمين)، أو (الآخر)، أو يستخدم (أهل التقصير) لِمَن هم رؤوسُ الضلالة والفجور في الأمَّة.
ولا يَخفَى أنَّ المصطلحَ الشَّرْعي هو الذي لا يُطلب به بدلٌ، ولا عَنْه حِولٌ؛ لدقَّة معناه، وعُمْق مرْماه، وقد تكلَّم أهلُ العلم كابن تيمية وغيره في أهميَّة التمسُّك بالمصطلح الشرعي، وأنه يُزيل كثيرًا من الإشكال.
ثالثًا: الذِّلَّة على الكافرين والكِبْر على المؤمنين: وهم بهذا يُعارِضون مرادَ الله - تعالى - حين حكَى حالَ أهل الإيمان فقال: ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 54]، وحين أمَر نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِي نَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾[التوبة: 73]، ولكنَّ أهلَ الإرْجاء الفِكري تجد لديهم تمامَ التودُّد للكفَّار والزنادقة، ولِين الخطاب والتسامُح معهم، مع غِلْظة وشدَّة وجفوة، واستعلاء على إخوانهم مِن أهل الإيمان.
رابعًا: كَتْم بعضِ النصوص الشرعيَّة: تلك التي فيها الوعيدُ والتهديد، أو التي يتوهَّمون شدتَها وعنفَها كالحدود، فيحاولون تجنُّبَ ذِكْرها تمامًا، والتنصُّل منها؛ وكأنَّها غير موجودة أصلاً، مع إبرازهم في المقابل للنصوصِ الشرعية في الوعْد والتسامُح والعفو، وقد خاطَب الله - تعالى - أهل الكِتاب، فقال: ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 85].
خامسًا: محاولة الوقوع على نقطة التقاء مع أصحاب المذاهب: فيكون أحدُهم صامتًا ساكتًا ردحًا طويلاً، والأُمَّة حوله تئِنُّ من أعدائها المختلفين في مشاربهم ومذاهبهم، وكل منهم ينهَش نهشًا، وهو لا يحرِّك ساكنًا، فإذا رأى قولاً لصاحِب فِكْر منحرِف، أو مذهب هدَّام، بادَر بإعلانِ الموافقة، وتعاضد الفِكرة، وهو في هذا كلِّه يغضُّ الطَّرْف عنِ الانحرافات الكُفريَّة، أو البِدعية، أو الهدَّامة، فلا يُنبِّه الناس عليها، فيكون عندَ ذلك الغش الذي يتسرَّب لعمومِ المسلمين: أنَّ الشيخ فلانًا وافق فلانًا، فهو على الخير، فنال تزكيةً لدَى عوامِّ الناس، فلا يمسُّه بعدَ هذا نكير، إلا وصاح الناسُ في المنكِر عليه باطلَه؛ أخْذًا بتزكية مَن أُصيب بالإرْجاء الفِكري من قَبل.
سادسًا: الإكثار دومًا من ذكْر الخِلاف والرُّخص: إنَّ ذِكْر الرخصة للناس، وتخفيف المشقَّة عليهم - واجبٌ شرعي، فإنَّ الدِّين دِينُ يُسْر، لكن أن يكون هذا بكثرة، ويكون المرادُ مِن ذكر الخلاف دومًا هو نقضَ الشريعة، وتخييرَ العامَّة، وإثارةَ شكوكِ مَن لا خلاقَ له مِن دِين أو عِلم بأنَّ الشريعة متناقِضة - فهذا جنايةٌ على الدِّين، ومهما كان مرادُ صاحِب الإرْجاء الفِكري في هذا التيسير على الناس، فأخطأتِ استُه الحفرةَ بهذا، حين جنَح للإرْجاء الفكري دون التيسير، ودعَا الناسَ للزندقة بتخييرهم بيْن أمور الدِّين، التي يَصير بها المرء أخيرًا ليس على دِين الإسلام، فإنَّ مَن له حظٌّ من عِلم، يعلم أنه لا يحقُّ لمسلِم التخيُّرُ بيْن أقوال أهل العِلم لهوى في نفسِه، بل عليه التقليد إنْ كان جاهلاً، واتباع الدليل إنْ كان عالِمًا.
سابعًا: غياب الفِطنة، ومحاولة تأصيل الأفْكار الهدَّامة شرعًا: إنَّ مِن لازِمِ الخنوع والمسكنة الفِكرية، وعدمِ الاعتزاز بالشَّرْع الإسلامي في جميعِ مناحي الحياة - أن يُصبِحَ هذا المصاب بالإرْجاء الفكري مُسوِّغًا لمشاريع التيارات المنحرِفة، مسبغًا عليها مظلَّة شرعية، خادِعًا بها الراعي والرعية، فيسألونه (أو ربَّما تبرَّع هو محتسبًا) لبيان حُكم العمل للمرأة – مثلاً - وأنَّه كشُرْب العسل، مع أنَّ أهل الأهواء لا يُريدون عملَ المرأة لذاته، بل لِمَا وراءَه مِن إخراج المرأة المسلِمة، وإفسادها، وهل جادَل أحدٌ من أهل العِلم في عملها مع الضوابطِ، حتى يحتسبَ هذا المصابُ بالإرْجاء الفِكري لبيان الحكم؟!
ولنا في ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قدوةٌ حَسَنة حين سألَه مَن في عينيه شرَرٌ عن توبة القاتِل؟ فقال له: لا تُقبل، وسألَه مَن في سيْفه دمٌ عنها، فقال: تُقبل، فسأله مَن حوله عن هذا، فقال: علمت أنَّ ذاك إن قلتُ له: يقبلها الله، ذهَبَ فسفَك دمًا حرامًا، وأنَّ الآخَر أتاني نادمًا فلم أقنِّطْه.
ويقول الشيخ أحمد شاكِر - رحمه الله تعالى - في هذا الباب: لا يزال كثيرٌ من الناس يذكرون ذلك الجدالَ الغريب الذي ثار في الصُّحف بشأن الخِلاف في جواز ولايةِ المرأة القضاء!
والذي أثارَ هذا الجدالَ هو وزارةُ العدْل؛ إذ تقدَّم إليها بعضُ (البنات) اللائي أعطين شهادةَ الحقوق، ورأين أنهنَّ بذلك صِرْن أهلاً لأنْ يَكُنَّ في مناصبِ النيابة؛ تمهيدًا لوصولهنَّ إلى ولاية القضاء، فرأتِ الوزارة ألاَّ تستبد بالفصْل في هذه الطلبات وحدَها، دون أن تستفتيَ العلماء الرسميِّين.
وذهَب العلماء الرسميُّون يتبارَوْن في الإفْتاء، ويحكُون في ذلك أقوالَ الفقهاء: فمِن ذاكرٍ مذاهبَ أبي حنيفة في إجازة ولايتها في الأموالِ فقط، ومِن ذاكرٍ المذهب المنسوب لابن جرير الطبري في إجازة ولايتها القضاءَ بإطلاق، ومِن ذاكرٍ المذهبَ الحقَّ الذي لا يُجوز ولايتها القضاء قطُّ، وأنَّ قضاءَها باطلٌ مطلقًا، في الأموالِ وغير الأموال.
سألتْ وزارة العدل العلماءَ فأجابوا، ولستُ أدري لِمَ أجابوا؟! وكيف رضُوا أن يجيبوا في مسألةٍ فرعية، مبنيَّة على أصلين خطيرين مِن أصول الإسلام، هدَمَهما أهلُ هذا العصر، أو كادوا.
ولو كنتُ ممَّن يُسأل في مِثْل هذا، لأوضحتُ الأصول، ثم بنيتُ عليها الجواب عن الفرْع أو الفروع.
فإنَّ ولايةَ المرأة القضاءَ في بلدنا هذا، في عصرنا هذا - يجب أن يسبقَها بيانُ حُكم الله في أمرين بُنِيتْ عليهما بداهةً:
أولاً: أيجوز في شرْع الله أن يُحكَم المسلمون في بلادِهم بتشريعٍ مقتبَس عن تشريعات أوربة الوثنيَّة الملحِدة، بل بتشريع لا يُبالي واضعُه أوَافَقَ شِرعةَ الإسلام أم خالفها؟!
ويصرحون - ولا يستحيون - أنهم يَعْملون على فصْلِ الدولة عن الدِّين! وأنتم ترَوْن ذلك وتعلمون، أفَيَجوز مع هذا لمسلِم أن يعتنق هذا (الدِّين) الجديد؟! أعْني (التشريع) الجديد! أوَ يجوز لأبٍ أن يُرسِلَ أبناءَه لتعلُّم هذا واعتناقه، واعتقاده والعمل به، ذَكَرًا كان الابن أو أنثى، عالِمًا كان الأبُ أو جاهلاً؟!
وثانيًا: أيجوز في شرْع الله أن تذهَبَ الفتيات في فورةِ الشباب إلى المدارس والجامعات؛ لتدرسَ القانون أو غيره، سواء ممَّا يجوز تعلُّمه وممَّا لا يجوز؟! وأن يختلطَ الفتيانُ والفتياتُ هذا الاختلاطَ المعيب، الذي نراه ونسمع أخبارَه، ونعرف أحواله؟!
أيجوز في شرْع الله هذا السُّفورُ الفاجِر الداعر، الذي تأْبَاه الفِطرة السليمة، والخُلُق القويم، والذي ترْفُضُه الأديان كافَّةً، على الرغم مما يظنُّ الأغرار وعُبَّاد الشهوات؟!
يجب أن نجيبَ عن هذا أولاً، ثم نبحث بعدُ فيما وراءَه.
ألا فلْيُجبِ العلماء، وليقولوا عمَّا يعرفون، وليبلِّغوا ما أُمِروا بتبليغه، غيرَ متوانين ولا مقصِّرين.
سيقول عني عبيدُ (النسوان) الذين يحبُّون أن تَشيعَ الفاحشةُ في الذين آمنوا: أنِّي جامد، وأنِّي رجعي، وما إلى ذلك مِن الأقاويل، ألاَ فليقولوا ما شاؤوا، فما عَبَأْتُ يومًا ما بما يُقال عنِّي، ولكنِّي قلتُ ما يجب أنْ أقول؛ انتهى كلامه - رحمه الله تعالى[4].
وإنَّما أطلتُ في هذا؛ لفشوِّه اليومَ بيْن طلبة العلم، وموافقته لشهوةِ الرياسة وحبِّ الظهور، وما عَلِم المسكين (صاحب الإرْجاء الفكري) أنَّ مَن كذا حاله رُمِي بعد إتمام الغرَض منه، وكثُر ذامُّوه، وقلَّ حامدوه أو عدموا!
وأعظَم مِن هذا: أنَّ الله هو الذي مدْحُه زَيْن، وذمُّه شَيْن، وإذا أحبَّ الله عبدًا أمَر جبريل أن يحبَّه فيحبه، ثم ينادي في الملائكة أنَّ الله يحبُّ فلانًا فأحبوه فيحبونه، ومَنِ ابتغى رِضَا الله بسخط الناس، رَضِي الله عنه وأرْضى عليه الناس، ومَنِ ابتغى سخطَ الله برضا الناس، سخِط الله عليه وأسْخَط عليه الناس.
ومَن تمسَّك بالنصِّ الشرعي، وأذْعَن له فكره، وخضَع له عقله، نجَا مِن هذا الإرْجاء، مع تعلُّق بفَهْم السلف الصالح لا سواه، والبُعْد عن المُحْدثات الفِكرية، أو محاولة تطويعِ الدِّين بما لم يأذنْ به الله، والعِلم النظري بأنَّنا في زمن الفِتن كما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فِتن كقِطَعِ الليل المظلم، يُصبِح فيها الرجل مؤمنًا ويُمسي كافرًا، أو يُمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دِينَه بعرَض من الدنيا قليل)).
ثم تَطبيق هذا العِلم النظري، مع دعاءِ الله بالثبات، كما كان يفعل - صلَّى الله عليه وسلَّم - حينما يُكثِر من قول: ((اللهمَّ يا مقلبَ القلوب والأبصار، ثبِّتْ قلبي على دِينك))، ويسأل الله حسنَ الخاتمة.
أسأل الله لي ولكم حسنَ الخاتمة.
مصدر المقال