أختي أمة الستير
أظنها ليست ممنوعة من الصرف لأنها على وزن أفعال و ليست على وزن منتهى الجموع (مفاعل و مفاعيل) و لكن ربما من منع صرفها مجاراة لكلمة أشياء التي جاءت ممنوعة من الصرف في موضع واحد في القرآن الكريم قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾[101-المائدة]. على اختلاف بين النحاة في وزنها أأفعال ام أفعاء و خلاف حول همزتها، ولاحظ النحويون أنها منعت الصرف –أي التنوين- وجعلت من الكسرة الفتحة علامة على الجر. وقد أشكل ذلك عليهم بعض الإشكال؛ ذلك أن الكلمة منعت من الصرف على غير قياس، فهي ليست مما تنطبق عليه شروط المنع من الصرف. ولم يروا وصف ذلك بالشذوذ كما وصفت مخالفات أخرى في غير القرآن. لذلك ذهب النحويون يتأولون محاولين تبين علة منع هذه الكلمة من الصرف. قال ابن جني:"اعلم أنَّه إنَّما ذهب الخليل، وأبوالحسن في (أشياء) إلى ما ذهبا إليه، وتركا أن يحملاها على ظاهر لفظها، فيقولا: إنها (أفعال) لأنهما رأياها نكرة غير مصروفة نحو قوله تعالى:﴿لا تسألوا عن أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكمْ تَسُؤْكُمْ﴾[101-المائدة] فلمّا رأياها نكرة غير مصروفة في حال التنكير ذهبا إلى أنّ الهمزة فيها للتأنيث". وتدور محاولات بعض النحويين في النظر إلى الكلمة على أنها كانت مما تنطبق عليه شروط المنع ثم غيرت؛ فصارت ذات ظاهر لا يقتضي المنع وباطن كان يقتضي المنع؛ ولذا منعت من الصرف. وقد اتخذت محاولات النحويين اتجاهات مختلفة. ولكنها في الغالب ظاهرة التكلف، وهو تكلف أدركه أبوحاتم السجستاني وصرح به، قال النحاس:"قال أبوحاتم: أشياء أفعال مثل أنباء وكان يجب أن تنصرف إلا أنّها سمعت عن العرب غير مصروفة فاحتال لها النحويون باحتيالات لا تصح". وردّ النحاس قول أبي حاتم قال:"وأما أن يكون أفعالاً على قول أبي حاتم فمحال لأن أفعالاً لا يمتنع من الصرف وليس شيء يمتنع من الصرف لغير علة". وليس في كلام أبي حاتم زعم أنها منعت الصرف بدون علة بل فيه ردّ لأقوال النحويين التي هي عنده احتيالات لا تصح.
وقد بلغ من احتفال الناس بهذا الخلاف أن كتب فيه نظم:
فِي وَزْنِ أَشْياءَ بَيْنَ الْقَـوْمِ أَقْـوالُ ... قـالَ الْكِسائِيُّ إِنَّ الْوَزْنَ أَفْعـالُ
وَقالَ يَحْيَى بِحَذْفِ اللامِ فَهْيَ إِذَنْ ... أَفْعاءُ وَزْنًا وَفِي الْقَوْلَيْنِ إِشْكـالُ
وَسِيبَوَيْـهِ يَقُـولُ الْقَلْـبُ صَيَّرَها ... لَفْعاءَ فَافْهَمْ فَذا تَحْصِيلُ ما قالُوا