تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 17 من 17

الموضوع: تحقيق القول في علة النهي عن النمص

  1. #1

    افتراضي تحقيق القول في علة النهي عن النمص

    بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد


    قال الإمام البخاري – رحمه الله حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَا تِ وَالْمُتَنَمِّص َاتِ وَالْمُتَفَلِّج َاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ فَجَاءَتْ فَقَالَتْ إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ فَقَالَ وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَتْ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ قَالَ لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ أَمَا قَرَأْتِ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا قَالَتْ بَلَى قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ قَالَتْ فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ قَالَ فَاذْهَبِي فَانْظُرِي فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا فَقَالَ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعْتُهَا

    خرجه الشيخان

    وله ألفاظ أخرى منها : ما خرجه النسائي :

    ولفظ النسائي : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ زَعْرَاءُ أَيَصْلُحُ أَنْ أَصِلَ فِي شَعْرِي فَقَالَ لَا قَالَتْ أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ لَا بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ ) وفي سنده خلف بن موسى صدوق له يخطيء ووالده (صدوق له أوهام )


    و منها خرجه الإمام أحمد في مسنده حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ الجَزَّارِ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَتْ أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تَنْهَى عَنْ الْوَاصِلَةِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَتْ أَشَيْءٌ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَمْ سَمِعْتَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَقَدْ تَصَفَّحْتُ مَا بَيْنَ دَفَّتَيْ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ الَّذِي تَقُولُ قَالَ فَهَلْ وَجَدْتِ فِيهِ مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ قَالَتْ الْمَرْأَةُ فَلَعَلَّهُ فِي بَعْضِ نِسَائِكَ قَالَ لَهَا ادْخُلِي فَدَخَلَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ فَقَالَتْ مَا رَأَيْتُ بَأْسًا قَالَ مَا حَفِظْتُ إِذًا وَصِيَّةَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ) وفيه زيادة (الواشرة ) وفي القلب منها شي و عبدالوهاب بن عطاء لخص الحافظ القول فيه (صدوق ربما أخطأ ) وفيه عنعنة قتادة والله أعلم

    ومنها ما رواه الشاشي في مسنده 830 عن العريان بن الهيثم عن قبيصة بن جابر قال كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود في بيته فرأى جبينها يبرق فقال أتحلقينه فغضبت ثم قالت التي تحلق جبينها امرأتك قال فادخلي عليها فإن كانت تفعله فهي منى بريئة فانطلقت ثم جاءت فقالت لا والله ما رأيتها تفعله فقال ابن مسعود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن المتنمصات والمتفلجات والمتوشمات اللاي يغيرن خلق الله تعالى ) وهذا سند ضعيف تفرد به العريان بن الهيثم ودرجته عند ابن حجر مقبول ، فلا يصح هذا اللفظ. والله أعلم



    معنى النمص : قال في لسان العرب ج7:ص101(النمص نتف الشعر ) قال ابن الأثير في النهاية : (النهاية في غريب الأثر ج5/ص(118النامصة التي تنتف الشعر من وجهها ) وقال في القاموس: النمص نتف الشعر )
    واستدل الألباني – رحمه الله -في ( آداب الزفاف ص 204) بإن النمص يشمل الحلق بما جاء في أحد ألفاظ حديث ابن مسعود ،

    ما رواه الشاشي في مسنده عن قبيصة بن جابر قال كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود في بيته فرأى جبينها يبرق فقال أتحلقينه فغضبت ثم قالت التي تحلق جبينها امرأتك..) فأنكر عليها ابن مسعود الحلق ، وقد تقدم أن هذه اللفظة منكرة لتفرد العريان بن الهيثم ولم يوثقه معتبر ، ولذلك قال الحافظ في التقريب (مقبول)

    علة النهي عند العلماء

    القول الأول : كل ما كان تغييرا لخلق الله طلبا للحسن ، فهو محرم حتى لو ظهرت للمرأة لحية فأرادت أن تحلقها فليس لها ذلك ، وهذا مذهب ابن جرير الطبري نقله كلامه بطوله ابن بطال في شرح البخاري: (9/167) ( قال لا يجوز لأمرأة تغيير شيء من خلقها الذي خلقها الله عليه بزيادة فيه أو نقص منه التماس التحسن به لزوج أو غيره...) لكنه يجوز عنده أن تأخذ من شاربها ، ومن لحيتها إن طالت كالرجل! ، وهذا منقوض بالحناء فإنه تغيير لأجل الحسن ، واعتذر له الصنعاني أنه مستنثى بالإجماع ، وكذا التقصير ، وحلق الرأس فهو تغيير ، والكحل ، وأخذ شعر العانة ، والإبطين ، والأخذ من الشارب ، وتصفير المرأة وجهها . ولا يُقال أنه تغيير مؤقت ، فالنمص تغيير مؤقت ، وهو محرم ، وأما القول أنه مستنثى بالإجماع فلا إشكال ، وإنما الكلام في عموم العلة ( المغيرات خلق الله للحسن ) فهي لم تشمل الأمور التي ذكرتُ آنفا ، والشريعة لا تفرق بين متماثلات ، فلو كانت العلة مضطردة لكان كل ما ذكرتُ لك محرماً ، فدل على أنه ليست مضطردة
    والله أعلم

    القول الثاني: ما كان منه على وجه التدليس ، ذكره القرطبي في المفهم عن بعضهم (5/444 ) وهو قول ابن الجوزي في( أحكام النساء ص 253 طبعة عمرو عبدالمنعم ) ، وهذا فيه إهدار للتعليل في الحديث ، وابن مسعود أنكر أن تفعل زوجته ذلك ، لو كانت العلة التدليس لما أنكر على زوجته ، لأنه يعلم حقيقة زوجته

    القول الثالث: لأن ذلك شعار الفاجرات ذكره ابن الجوزي في كتابه أحكام النساء ، وعلى هذا إذا خرج عن كونه مختص بالفاجرات جاز ، وفيه ما فيه ، وظاهر حديث ابن مسعود يرده لأن لفظه عام ، وأيضا اهدار للتعليل الحديث

    القول الرابع : لأنه مع تغيير خلق الله فيه زيادة أذى وألم وهو قول ابن الجوزي ، وهذا يرد عليه الواصلة فإنه ليس فيه زيادة أذى ، أما باقي الأمور الثلاثة. الوشم ، والتفليج والنمص ، فهي مشتركة في هذه العلة ، وهذا القول قد يكون متجها ، لأن كون الواصلة مغيرة خلق الله للحسن ، لم ترد إلا عند النسائي وهي زيادة ضعيفة ، وإنما ورد لعن الواصلة مطلقا كما جاء من حديث أسماء في الصحيحين : (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِ لَةَ ) وهو عندهما من حديث ابن عمر (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِ لَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِ مَةَ ) ، فحديث ابن مسعود تغيير خلق الله للحسن لم يصح فيه إدخال الواصلة ، وبعضهم صحح إدخاله بطرق أخرى عند الطبراني وغيره . لكن الذي يرد على هذه العلة هو إباحة ثقب المرأة لوضع القرط ، وفيه ألم للتجمل ، لو كانت العلة مضطردة لكان ذلك محرما

    القول الخامس: التفريق بين التغيير الذي يبقى والذي لا يبقى ، فالتغيير الذي يبقى محرم لأنه تغيير خلق الله للحسن ، وهو قول المالكية كما في المفهم للقرطبي (5/444) وهذا يرد عليه النمص فإنه لا يبقى بل بقاء الحناء أطول من بقاء النمص ، والله أعلم

    القول السادس : أنه يقتصر على ما جاء في النص ، وهو ظاهر أحمد كلام ، حيث قال ابن قدامة في المغني(1/131) حيث قال : (فأما النامصة : فهي التي تنتف الشعر من الوجه , والمتنمصة : المنتوف شعرها بأمرها , فلا يجوز للخبر . وإن حلق الشعر فلا بأس ; لأن الخبر إنما ورد في النتف . نص على هذا أحمد ) وهو أرجح الأقوال والله أعلم



    آثار السلف : 1) عن عائشة ، خرج علي بن الجعد في مسنده (1/ 156) عن أبي إسحاق السبيعي قال : وسألتها امرأتي عن المرأة تحف جبينها؟ قالت اميطي عنك الأذى ما استطعت ) أعله الألباني في (غاية المرام ) 77) بجهالة امرأة أبي إسحاق السبيعي ، وهي العالية بنت أيفع ، قال الشافعي والدراقطني أنه مجهولة ، وقال ابن الجوزي بل تابعية جليلة القدر ذكرها ابن سعد في الطبقات ، وقال ابن عبدالهادي في التنقيح (2/558/ العلمية)- في هذا الإسناد بعينه وهو متن لحديث آخر في البيوع ( وهذا إسناد جيد ، وقول الشافعي والدراقطني فيه نظر فقد خالفه غيره ) وانظر نصب الراية فقد نقل كلام ابن عبدالهادي بعينه (4/16 ) و قال ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود ج9/ص246 )
    ( وأما العالية فهي امرأة أبي إسحاق السبيعي وهي من التابعيات وقد دخلت على عائشة وروى عنها أبو إسحاق وهو أعلم بها وفي الحديث قصة- يقصد حديث زيد - وسياق يدل على أنه محفوظ وأن العالية لم تختلق هذه القصة ولم تضعها بل يغلب على الظن غلبة قوية صدقها فيها وحفظها لها ولهذا رواها عنها زوجها ولم ينهها ولا سيما عند من يقول رواية العدل عن غيره تعديل له والكذب لم يكن فاشيا في التابعين فشوه فيمن بعدهم وكثير منهم كان يروي عن أمه وامرأته ما يخبرهن به أزواج رسول الله ويحتج به ) قلت : و تنزيل كلام ابن القيم من باب أولى على أثر عائشة لأنه نفس سند حديث زيد( وقال ابن التركماني في الجوهر النقي – كما في حاشية نصب الراية- (4/16)( العالية معروفة روى عنها زوجها وابنها وهما إمامان ، وذكرها ابن حبان في الثقات )

    2) عن ابن عمر

    الطبقات الكبرى ج4/ص155
    أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك قال رأيت بن عمر حلق رأسه على المروة ثم قال للحلاق إن شعري كثير وإنه قد آذاني ولست أطلي أفتحلقه قال نعم قال فقام فجعل يحلق صدره واشرأب الناس ينظرون إليه فقال يا أيها الناس إن هذا ليس بسنة ولكن شعري كان يؤذيني ) وهذا سند صحيح ، أبو بشر هو جعفر بن اياس من الثقات ، وإن كان فيه هذا الأثر نظر لأن الإزالة ليست للتجمل ، بل لدفع الأذى لكن قد يقال انه يمكن دفعه بالقص لا بالحلق والإستئصال والله أعلم.

    وأما مذاهب الفقهاء في الحكم الشرعي للنمص ، فأسوقها مختصرة من الموسوعة الفقهية الكويتية تحت مادة (تنمص )
    (تنمص التعريف 1 - النمص : هو نتف الشعر , وقيل : هو نتف الشعر من الوجه . والنامصة : هي التي تنتف الشعر من وجهها أو من وجه غيرها والمتنمصة : هي التي تنتف الشعر من وجهها , أو هي من تأمر غيرها بفعل ذلك . والمنماص : المنقاش , الذي يستخرج به الشوك وتنمصت المرأة : أخذت شعر جبينها بخيط لتنتفه . وانتمصت : أمرت النامصة أن تنتف شعر وجهها , ونتفت هي شعر وجهها . والنمص : رقة الشعر ودقته , حتى تراه كالزغب . ولا يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن معناها اللغوي , إلا أن بعضهم قيد النمص بترقيق الحواجب .
    ( الألفاظ ذات الصلة ) : أ - الحف : 2 - من معاني الحف الإزالة يقال : حف اللحية يحفها حفا : إذا أخذ منها ويقال : حفت المرأة وجهها حفا وحفافا : أي أزالت عنه الشعر بالموسى وقشرته . فالفرق بين الحف والتنمص أن الحف بالموسى .
    ب - الحلق : 3 - الحلق هو استئصال الشعر بالموسى ونحوها , قال تعالى : { محلقين رءوسكم ومقصرين } ويطلق - أيضا - على قطع الشعر , والأخذ منه .

    ( الحكم التكليفي ) : 4 - اتفق الفقهاء على أن نتف شعر الحاجبين داخل في نمص الوجه المنهي عنه بقوله صلى الله عليه وسلم : { لعن الله النامصات , والمتنمصات } . " واختلفوا في الحف والحلق , فذهب المالكية والشافعية إلى أن الحف في معنى النتف . وذهب الحنابلة إلى جواز الحف والحلق , وأن المنهي عنه هو النتف فقط . وذهب جمهور الفقهاء إلى أن نتف ما عدا الحاجبين من شعر الوجه داخل أيضا في النمص ,
    وذهب المالكية في المعتمد وأبو داود السجستاني , وبعض علماء المذاهب الثلاثة الأخرى إلى أنه غير داخل . واتفق الفقهاء على أن النهي عن التنمص في الحديث محمول على الحرمة , ونقل عن أحمد وغيره أن النهي محمول على الكراهة . وجمهور العلماء على أن النهي في الحديث ليس عاما , وذهب ابن مسعود وابن جرير الطبري إلى عموم النهي , وأن التنمص حرام على كل حال . وذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز التنمص لغير المتزوجة , وأجاز بعضهم لغير المتزوجة فعل ذلك إذا احتيج إليه لعلاج أو عيب , بشرط أن لا يكون فيه تدليس على الآخرين .
    قال العدوي : والنهي محمول على المرأة المنهية عن استعمال ما هو زينة لها , كالمتوفى عنها والمفقود زوجها . أما المرأة المتزوجة فيرى جمهور الفقهاء أنه يجوز لها التنمص , إذا كان بإذن الزوج , أو دلت قرينة على ذلك ; لأنه من الزينة , والزينة مطلوبة للتحصين , والمرأة مأمورة بها شرعا لزوجها . ودليلهم ما روته بكرة بنت عقبة أنها سألت عائشة رضي الله عنها عن الحفاف , فقالت : إن كان لك زوج فاستطعت أن تنتزعي مقلتيك فتصنعيهما أحسن مما هما فافعلي
    . وذهب الحنابلة إلى عدم جواز التنمص - وهو النتف - ولو كان بإذن الزوج , وإلى جواز الحف والحلق . وخالفهم ابن الجوزي فأباحه , وحمل النهي على التدليس , أو على أنه كان شعار الفاجرات . وذهب جمهور العلماء إلى أنه يستحب للمرأة إذا نبتت لها لحية أو شوارب أو عنفقة أن تزيلها , وقيد بعضهم ذلك بإذن الزوج . وأوجب المالكية عليها - في المعتمد - أن تزيلها ; لأن فيها مثلة . أما ابن جرير فذهب إلى تحريم ذلك .
    5 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجوز للمرأة أن تزيل شعر يديها ورجليها وظهرها وبطنها . وذهب المالكية إلى وجوب ذلك عليها ; لأن في ترك هذا الشعر مثلة . يحرم على الرجل التنمص , ويكره له حف حاجبه أو حلقه , ويجوز له الأخذ منه ما لم يشبه المخنثين . ) أ.هـ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    228

    افتراضي

    مبحث جيد ، جزاك الله خيرا ..
    سمعت من ينقل عن الشيخ محمد بن عثيمين جواز حلق الحاجبين فأنكرت ذلك ،
    ولم أعلم أن هذا مذهب الحنابلة ..
    هل لى أن أعرف رأي الجمهور في هذه المسألة ؟
    إِذَا مَرَّ بى يَـوْمٌ وَلمْ أَقْتَبِـسْ هُدَىً وَلَمْ أَسْتَفِدْ عِلْمَـاً ، فَمَا ذَاكَ مِنْ عُمْرِى !

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    244

    Post

    السلام عليكم

    أخي الكريم / أبو عبدالرحمن حفظك الله.

    أشكرك على هذا الموضوع , فقد سألتني بالأمس امرأة عن حكم حلق الحاجب

    فقلت لها حرام هو مثل النتف .

    ولقد قرأت مرة عن اختلاف العلماء في هذه المسألة

    وأنه يجوز للزوج , ولكني تركت نقل هذا الكلام للعامة احتياطاً وتورعاً .
    .............................. ..........................


    الآن بعد ما قرأت ماكتبته كاملاً ...

    وعرفت معنى النمص في اللغة وهو: نتف الوجه.

    عرفت أن نتف الوجه يدخل في النهي!

    * والدراج في وسط النساء اليوم أن النمص المحرم : هو نتف

    الحواجب , لا الوجه !

    فالواجب أن يتم توجيه النساء من هذه الناحية !

    * وعلة النهي ورادة في نص الحديث وهو فعلهن لهذا طلباً للحسن , فالواجب الرضا

    والتسليم ؛ لأنه ورد فيه الخبر كما قال الإمام أحمد.

    وبناءً على هذا أقول:

    نتف الوجه محرم لورود النص فيه .

    لكن الحلق جائز؛ لأنه لم يرد فيه النص.


    ولكني أرى - والله أعلم - : أن الحلق أو التشقير -المنتشر هذه الأيام- لو تُرك تورعاً واحتياطاً

    أفضل ؛ نظراً لاختلاف المذاهب , وكذلك المسألة ليست بالهينة ففيها لعن, وطرد من رحمة الله !

    إلا إن دعت الحاجة لذلك فالضرورة تبيح المحظور !

    هذا والله أعلم .

    أتمنى أن أرى تعليقك وتعليق الأخوة على هذا الموضوع المهم في وسط النساء.
    كلمات تُرسم وتُمحى...ومعانٍ تُحفر كأوسمة

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,469

    افتراضي

    بحث رائع وتعقيب جميل ....
    وفق الله الجميع لكل خير .
    قال العلامة الأمين : العقيدة كالأساس والعمل كالسقف فالسقف اذا وجد أساسا ثبت عليه وإن لم يجد أساسا انهار

  5. #5

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ظــــاعنة مشاهدة المشاركة
    مبحث جيد ، جزاك الله خيرا ..
    سمعت من ينقل عن الشيخ محمد بن عثيمين جواز حلق الحاجبين فأنكرت ذلك ،
    ولم أعلم أن هذا مذهب الحنابلة ..
    هل لى أن أعرف رأي الجمهور في هذه المسألة ؟

    وياك أختي الفاضلة ، الشافعية والمالكية على أن الحف في معنى النمص ، وفيه نزاع هل ذلك يشمل جميع الوجه أم يختص بالحاجين ؟ والذي يظهر والله أعلم أن النمص هو النتف ، وأنه يختص بالحاجبين ، وتعديته إلى سائر الوجه يفتقر إلى دليل ، فإن قيل إن النص عام ( النامصة ) ، قيل هذا النص مخصص في مواضع بالإجماع منها العانة والأبطين ، ولم يخالف في ذلك إلا ابن العربي المالكي ، والإجماع الثاني أن النهي يختص بالحاجبين إن كان حلقا أو نتفا أو مكروها ، وسائر الوجه موضع نزاع بين أهل العلم ، والذي يظهر لي أنه يبقى على البراءة الأصلية وهو الجواز ، ويعضده أثر عائشة الصحيح ، وإن ورد في الحف وهو مغاير للنتف والله أعلم

  6. #6

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وسم المعاني مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم
    أخي الكريم / أبو عبدالرحمن حفظك الله.
    أشكرك على هذا الموضوع , فقد سألتني بالأمس امرأة عن حكم حلق الحاجب
    فقلت لها حرام هو مثل النتف .
    ولقد قرأت مرة عن اختلاف العلماء في هذه المسألة
    وأنه يجوز للزوج , ولكني تركت نقل هذا الكلام للعامة احتياطاً وتورعاً . ).

    أخي الحبيب وسيم المعاني ، التورع والاحتياط يعمل به في النفس لا في الفتيا
    .............................. ..........................
    قولكم : (الآن بعد ما قرأت ماكتبته كاملاً ...

    * والدراج في وسط النساء اليوم أن النمص المحرم : هو نتف
    الحواجب , لا الوجه ! )
    اقول: وهذا هو اللي يظهر لي والله أعلم ، وهو مذهب المالكية وقول أبي دواد السجستناني وسبق الكلام في التعليق على الأخت الظاعنة

    بارك الله فيكم ونفع بكم على تعليقكم المفيد

  7. #7

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آل عامر مشاهدة المشاركة
    بحث رائع وتعقيب جميل ....
    وفق الله الجميع لكل خير .
    جمله مرورك العطر بارك الله فيكم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    111

    افتراضي رد: تحقيق القول في علة النهي عن النمص

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أخرج عبد الرزاق في مصنفه (3|146): عن معمر (ثقة ثبت، عن غير العراقيين) والثوري (ثقة ثبت) عن أبي إسحاق (السبيعي الكوفي، ثقة ثبت بمستوى الزهري) عن امرأة ابن أبي السفر أنها كانت عند عائشة. فسألتها امرأة فقالت: «يا أم المؤمنين. إن في وجهي شَعَراتٍ، أَفَأَنْتِفُهُن َّ: أتزيَّنُ بذلك لزوجي؟». فقالت عائشة: «أَمِيطِي عنك الأذى. وتصنَّعي لزوجك كما تصْنَعين للزيارة. وإذا أمركِ فلتطيعيه. وإذا أقسم عليك فأبرّيه. ولا تأذني في بيته لمن يكره».

    وهذه الشعرات محمولة على أنها بين الحاجبين. وهذه يجوز نتفها أو حلقها كما في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (5|197)، لأنها ليست من الحاجبين.


    أما استعمال الشعر الصناعي، فلا بأس به إذا كان بإذن الزوج، وإلا يحرم لما فيه من غش وتدليس. قال ابن قدامة في المغني (1|107): «والظاهر أن الْمُحَرَّمَ إنما هو وصل الشَّعْرِ بالشعر لما فيه من التدليس واستعمال المختَلَف في نجاسته. وغير ذلك لا يَحْرُمُ، لعدم هذه المعاني فيها وحصول المصلحة من تحسين المرأة لزوجها من غير مَضَرَّةٍ».
    قال الحسن البصري : لقد وقذتني كلمة سمعتها من الحجاج. سمعته يقول: إن امرؤا ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لحري أن تطول عليه حسرته يوم القيامة.

  9. #9

    افتراضي رد: تحقيق القول في علة النهي عن النمص

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمّد الأمين مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    أما استعمال الشعر الصناعي، فلا بأس به إذا كان بإذن الزوج، وإلا يحرم لما فيه من غش وتدليس. قال ابن قدامة في المغني (1|107): «والظاهر أن الْمُحَرَّمَ إنما هو وصل الشَّعْرِ بالشعر لما فيه من التدليس واستعمال المختَلَف في نجاسته. وغير ذلك لا يَحْرُمُ، لعدم هذه المعاني فيها وحصول المصلحة من تحسين المرأة لزوجها من غير مَضَرَّةٍ».
    لكن يرد هذا ما جاء في البخاري عن عائشة أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقالت إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها فقال لا إنه قد لعن الموصلات )

  10. #10

    افتراضي رد: تحقيق القول في علة النهي عن النمص

    [quote=محمّد الأمين;188809]
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أخرج عبد الرزاق في مصنفه (3|146): عن معمر (ثقة ثبت، عن غير العراقيين) والثوري (ثقة ثبت) عن أبي إسحاق (السبيعي الكوفي، ثقة ثبت بمستوى الزهري) عن امرأة ابن أبي السفر أنها كانت عند عائشة. فسألتها امرأة فقالت: «يا أم المؤمنين. إن في وجهي شَعَراتٍ، أَفَأَنْتِفُهُن َّ: أتزيَّنُ بذلك لزوجي؟». فقالت عائشة: «أَمِيطِي عنك الأذى. وتصنَّعي لزوجك كما تصْنَعين للزيارة. وإذا أمركِ فلتطيعيه. وإذا أقسم عليك فأبرّيه. ولا تأذني في بيته لمن يكره».

    وهذه الشعرات محمولة على أنها بين الحاجبين. وهذه يجوز نتفها أو حلقها كما في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (5|197)، لأنها ليست من الحاجبين.


    شيخنا الفاضل من هي امرأة ابن أبي السفر ؟

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    111

    افتراضي رد: تحقيق القول في علة النهي عن النمص

    الحمد لله

    امرأة ابن أبي السفر هي أم محبة رحمها الله، وهي تابعية، وزوجها هو عبد الله بن أبي السفر الكوفي (سعيد بن يحمد): ثقة بن ثقة.

    كما أن الخبر فيه اختصار. أبو إسحاق يروي عن امرأته العالية وهي التي سألت أم المؤمنين عن الحف، وامرأة أخرى سألت عن النتف. أما صاحبتها أم محبة فقد كانت معها وسألت عن بيع الجارية (قالت: بعت زيد بن أرقم جارية إلى العطاء بثمان مئة درهم وابتعتها منه بست مئة) كما رواه عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق. وكلا السؤالين في مجلس واحد، ولذلك أخطأ بعض الرواة.

    جاء في العلل للدارقطني (14|443): وسُئِل عَن حَدِيثِ امرَأَةِ أَبِي إِسحاق السَّبِيعِيِّ، عَن عائِشَة، فِي قِصَّةِ زَيدِ بنِ أَرقَم. فَقال: هِي أُمُّ يُونُس، واسمُها العالِيَةُ، امرَأَةُ أَبِي إِسحاق. ويَروِيهِ أَبُو إِسحاق، عَنِ امرَأَتِهِ أُمِّ يُونُس، عَن عائِشَة. وقال عَمّارُ بن رُزيَقٍ، عَن أَبِي إِسحاق، عَنِ العالِيَةِ امرَأَةِ أَبِي السَّفَرِ. ووَهِم فِي ذَلِك، وإِنَّما أَراد امرَأَة أَبِي إِسحاق.

    وأخرج علي بن الجعد في مسنده (1|80 #451) قال: حدثنا شعبة (ثقة ثبت) عن أبي إسحاق (السبيعي، ثقة ثبت) قال: دخلت امرأتي (هي العالِية بنتُ أيْفَع) على عائشة وأم ولد لزيد بن أرقم. قال: وسألتها امرأتي (وفي رواية الطبري: وكانت شابة يعجبها الجمال) عن المرأة تحف جبينها؟ قالت: «أَمِيطِي عنكِ الأذى ما استطعت».

    فالتي سألت عن الحف هي العالية، وهي التي روى عنها أبو إسحاق.
    قال الحسن البصري : لقد وقذتني كلمة سمعتها من الحجاج. سمعته يقول: إن امرؤا ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لحري أن تطول عليه حسرته يوم القيامة.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    111

    افتراضي رد: تحقيق القول في علة النهي عن النمص

    أيضاً قال ابن سعد (8|487): أخبرنا يحيى بن عباد حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أمه العالية بنت أيفع بن شراحيل أنها حجت مع أم محبة فدخلتا على عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين فسلمتا عليها وسألتاها وسمعتا منها قالت ورأيت على عائشة درعا موردا وخمارا جيشانيا فلما أردن الخروج قالت لهن حرام على امرأة منكن أن تصغي لزوجها (كأن المتن فيه سقط)

    وهذا مما يدل كذلك على أن دخولهن في مجلس واحد
    قال الحسن البصري : لقد وقذتني كلمة سمعتها من الحجاج. سمعته يقول: إن امرؤا ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لحري أن تطول عليه حسرته يوم القيامة.

  13. #13

    افتراضي رد: تحقيق القول في علة النهي عن النمص

    جزاكم الله خيرا شيخنا والظاهر أنه مجلس واحد كما قلتم ، ويؤيد أيضا ما جاء عند الدارقطني والبيهقي في (معرفة السنن ) ( والنقل بواسطة الشاملة )

    سنن الدارقطني - (ج 7 / ص 291)
    3045 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أُمِّهِ الْعَالِيَةِ قَالَتْ خَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مُحِبَّةَ إِلَى مَكَّةَ فَدَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهَا فَقَالَتْ لَنَا مِمَّنْ أَنْتُنَّ قُلْنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَكَأَنَّهَا أَعْرَضَتْ عَنَّا فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ مُحِبَّةَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ لِى جَارِيَةٌ وَإِنِّى بِعْتُهَا مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ الأَنْصَارِىِّ بِثَمَانِمِائَة ِ دِرْهَمٍ إِلَى عَطَائِهِ وَأَنَّهُ أَرَادَ بَيْعَهَا فَابْتَعْتُهَا مِنْهُ بِسِتِّمِائَةٍ نَقْدًا قَالَتْ فَأَقْبَلَتْ عَلَيْنَا فَقَالَتْ بِئْسَمَا شَرَيْتِ وَمَا اشْتَرَيْتِ فَأَبْلِغِى زَيْدًا أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ فَقَالَتْ لَهَا أَرَأَيْتِ إِنْ لَمْ آخُذْ مِنْهُ إِلاَّ رَأْسَ مَالِى قَالَتْ (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ) قَالَ الشَّيْخُ أُمُّ مُحِبَّةَ وَالْعَالِيَةُ مَجْهُولَتَانِ لاَ يُحْتَجُّ بِهِمَا.

    معرفة السنن والآثار للبيهقي - (ج 9 / ص 342)
    - أخبرنا أبو عبد الله ، وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال : أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : « ومن باع سلعة من السلع إلى أجل وقبضها المشتري فلا بأس أن يبيعها من الذي اشتراها منه بأقل من الثمن وأكثر أو دين ونقد ؛ لأنها بيعة غير البيعة الأولى . وقال بعض الناس : لا يشتريها البائع بأقل من الثمن ، وزعم أن القياس أن ذلك جائز ، ولكنه زعم تبع الأثر ، ومحمود منه أن يتبع الأثر الصحيح ، فلما سئل عن الأثر إذا هو : أبو إسحاق ، عن امرأته عالية بنت أيفع أنها دخلت مع امرأة أبي السفر على عائشة ، فذكرت لعائشة بيعا باعته من زيد بن أرقم بكذا أو كذا إلى العطاء ، ثم اشترته منه بأقل من ذلك نقدا ، فقالت عائشة : بئس ما شريت ، وبئس ما اشتريت ، أخبري زيد بن أرقم أن الله عز وجل أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب . قال الشافعي : فقيل له : أيثبت هذا الحديث عن عائشة ؟ فقال : أبو إسحاق رواه عن امرأته . قيل : فتعرف امرأته بشيء يثبت به حديثها ؟ فما علمته قال شيئا ، فقلت له : ترد حديث بسرة بنت صفوان مهاجرة معروفة بالفضل بأن تقول حديث امرأة ، وتحتج بحديث امرأة ليست عندك منها معرفة أكثر من أن زوجها روى عنها ، زاد أبو سعيد في روايته : قال الشافعي : قد تكون عائشة لو كان هذا ثابتا عنها عابت عليه بيعا إلى العطاء ؛ لأنه أجل غير معلوم قال : ولو اختلف بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في شيء كان أصل ما نذهب إليه أنا نأخذ بقول الذي معه القياس ، والذي معه القياس قول زيد بن أرقم ، وجملة هذا أنا لا نثبت مثله على عائشة ، وزيد بن أرقم لا يبيع إلا ما يراه حلالا ولا يبتاع إلا مثله ، ولو أن رجلا باع شيئا أو ابتاعه نراه نحن محرما وهو يراه حلالا لم يزعم أن الله عز وجل يحبط به من عمله شيئا » . قال أحمد : وهذا الأثر قد رواه أيضا يونس بن أبي إسحاق ، عن أمه العالية بنت أيفع أنها دخلت مع أم محبة على عائشة ، والعالية هذه لم يرو عنها غير زوجها وابنها )

    ولكن لم تبينوا توجيه رواية البخاري التي أوردتها لكم في مسألة الوصل وجزاكم الله خيرا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    111

    افتراضي رد: تحقيق القول في علة النهي عن النمص

    جزاك الله خيرا

    لعل الأمر كما قال ابن قدامة: والظاهر أن الْمُحَرَّمَ إنما هو وصل الشَّعْرِ بالشعر لما فيه من التدليس واستعمال المختَلَف في نجاسته.
    قال الحسن البصري : لقد وقذتني كلمة سمعتها من الحجاج. سمعته يقول: إن امرؤا ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لحري أن تطول عليه حسرته يوم القيامة.

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي

    السؤال :

    هل قول السيدة عائشة بمعنى "لو استطعت أن تنزعي مقلتيك فتضعيهما أحسن مما هما عليه" صحيح، وإن كان فهل يدل هذا على جواز عمليات التجميل للتجمل بدون وجود داع طبي؟


    الفتوى:
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
    فهذا الأثر رواه ابن سعد من طريق بكرة بنت عقبة: أنها دخلت على عائشة وهي جالسة في معصفرة فسألتها عن الحناء، فقالت: شجرة طيبة وماء طهور. وسألتها عن الحفاف -تعني إزالة شعر من الوجه- فقالت لها: إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك فتصنعيهما أحسن مما هما فافعلي. الطبقات الكبرى، وأورده الذهبي في ترجمة عائشة من تاريخه ومن السير (تاريخ الإسلام، سير أعلام النبلاء).
    وبكرة بن عقبة لم نجد من ذكرها إلا ابن حبان، فذكرها في الثقات بما في هذا الإسناد وحسب -الثقات- وهو معروف بتوثيق المجاهيل، ولذلك قال محقق سير أعلام النبلاء: رجاله ثقات خلا بكرة بنت عقبة فإنها لا تعرف. انتهى.
    وعليه فهذا الإسناد لا يثبت.. هذا من ناحية ثبوت الأثر، وأما من ناحية فقهه فقد استدل به بعض أهل العلم على جواز تنمص المرأة تزيناً لزوجها، وحملوا حديث لعن النامصة على من فعلت ذلك للتدليس، وقد سبق ذكر ذلك في الفتوى رقم17609.
    وقال عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي: إذا أخذت المرأة من وجهها لأجل زوجها بعد رؤيته إياها فلا بأس، وإنما يذم إذا فعلته قبل أن يراها لأن فيه تدليساً. انتهى. نقل ذلك ابن الجوزي واستدل في ما استدل بأثر عائشة هذاكما في غذاء الألباب.
    ولكن الراجح خلاف هذا وهو حرمة نمص الحاجبين سواء للزوج أو غيره، وإن صح ما ورد عن عائشة رضي الله عنها يحمل على ما عدا الحاجبين، كما سبق بيانه تفصيلاً في الفتوى رقم 75840.
    وأما بالنسبة للاستدلال بهذا الأثر على جواز عمليات التجميل بالإطلاق فلا يصح، لأن ظاهر القرآن والسنة على خلافه وهو تحريم تغيير خلق الله، كما قال تعالى على لسان الشيطان: وَلأُضِلَّنَّهُ مْ وَلأُمَنِّيَنَّ هُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنّ َ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنّ َ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا {النساء:119}، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتلفلجات للحسن المغيرات خلق الله. رواه البخاري ومسلم.. هذا وقد روي عن عائشة نفسها ما يخالف عموم هذا الأثر السابق، حيث سئلت رضي الله عنها عن قشر الوجه، فقالت: إن كان شيء ولدت وهو بها فلا يحل لها إخراجه، وإن كان شيء حدث فلا بأس بقشره. عمدة القاري وغذاء الألباب. وقد سبق بيان حرمة عمليات التجميل التي لا يطلب منها إلا الحسن والجمال، لما فيها من تغيير خلق الله، وأن الجائز هو ما كان منها لإزالة ضرر أو عيب مشوه للخلقة تشويهاً واضحاً، وذلك في عدة فتاوى منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1509، 17718، 33999.
    والله أعلم.

    http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/S...ng=A&Id=114240

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي

    ما الردّ على مَن يقول إنّ عائشة رضي الله عنها أجازت للنساء النمص ؟


    السلام عليكم أحسن الله إليكم ياشيخ بعضهن تستدل بحديث حتى تُجيز النمص وهو بالصورة هل يصح ؟
    ألم تسمع لأم المؤمنين عائشة وهي أقرب لرسول الله من ابن مسعود في حديثها أنها قالت للسائله التي سألتها عن إمكانية إزالة الشعر من وجهها تتزين لزوجها (أميطي عنك الاذى مااستطعت وتصنعي لزوجك كما تتصنعين للزيارة) وتقول للمرأة الأخرى لو استطعت أن تخلعي مقلتيك وتبدليها بخير منها فافعلي إرضاء لزوجك وتقول لوكان في وجه بنات أخي عبدالرحمن شعرا لأزلته ولو بحد الشفر .
    وورد في صحيح البخاري10/378 أخرج الطبري عن طريق أبي إسحاق عن امرأتة أنها دخلت على عائشة وكانت امرأة أبي إسحاق شابة يعجبها الجمال فقالت المرأة تحف جبينها لزوجها، فقالت عائشة أميطي الأذى ما استطعت
    و جزاك الله خيرا






    الجواب :


    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    آمين ، ولك بمثل ما دعوت .


    أولاً :
    القول بأن تلك الرواية في صحيح البخاري تضليل وتلبيس ، وهو دال على جَهْل قائلها !
    إذ يقول : ( وورد في صحيح البخاري أخرج الطبري ) ! فإن البخاري لم يرو عن الطبري ، والطبري أصغر من البخاري فإن البخاري توفيّ سنة 256 هـ وولادة ابن جرير سنة 224 هـ .
    بل لم يروِ أحد من أصحاب الكتب الستة عن ابن جرير الطبري رحمه الله ، فهو في طبقة تلاميذهم .
    والقول بأن تلك الرواية في صحيح البخاري كذب وتضليل وتلبيس ، كما قلت .
    وإنما أوْرَده بعض شُرّاح صحيح البخاري ، كـ ابن بطّال .


    ثانيا :
    الرواية لا تصِحّ عن عائشة رضي الله عنها ، فإن الراوية عنها هي العالية بنت أيفع امرأة أبي إسحاق ، وقد ذَكَرها ابن حبان في " الثقات " ولم يذكر هو ولا غيره فيها جرحا ولا تعديلا . فمثلها لا تُقبَل روايتها ؛ لأنها في عِداد المجاهيل ، ولذلك قال الإمام الدراقطني : أُمُّ مَحَبَّةَ وَالْعَالِيَةُ مَجْهُولَتَانِ ، لا يُحْتَجُّ بِهِمَا. اهـ .


    ولو افتَرَضْنا صِحّة الرواية عن عائشة رضي الله عنها ، فما في الصحيحين مِن تحريم النمص - أصحّ ، وما في الصحيحين مُقدَّم على ما في غيرهما .
    ولو صَحّت الرواية عن عائشة رضي الله عنها ، فلا يُقدَّم قولها على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    وهذه طريقة أهل الأهواء والبِدَع في الاستدلال : أنهم يُقدِّمون قول غير النبي صلى الله عليه وسلم على قوله عليه الصلاة والسلام فيما وافَق أهواءهم !
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَلَيْسَ لأَحَدِ أَنْ يَحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحَدٍ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ النَّصُّ وَالإِجْمَاعُ ، وَدَلِيلٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ ذَلِكَ تُقَرَّرُ مُقَدِّمَاتُهُ بِالأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لا بِأَقْوَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ؛ فَإِنَّ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ يُحْتَجُّ لَهَا بِالأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لا يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ .


    ثالثا :
    إذا صحّ النص في المسألة عن المعصوم صلى الله عليه وسلم ، فلا يَجوز العُدول عنه إلى غيره .
    ومن ردّ النص الصحيح فإنه يُخشى عليه من الزيغ والفتنة !
    قال تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
    قال القرطبي : بهذه الآية احتجّ الفقهاء على أن الأمر على الوجوب ، ووجهها أن الله تبارك وتعالى قد حَذَّر مِن مخالفة أمْرِه وتوعَّد . اهـ .
    وجاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس فسأله ، فقال : قال رسول الله كذا ، فقال : أرأيت لو كان كذا ؟ قال الإمام مالك : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) فقال مالك : أوَكُلَّما جاء رجل أجْدل مِن الآخر رُدّ ما أنْزَل جبريل على محمد ؟!


    كما أن ردّ النصوص الصحيحة الصريحة ليس من شأن أهل الإيمان !
    قال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) .
    قال العلامة القاسمي في تفسيره " محاسِن التأويل " :
    اعْلَم أن كل حديث صَحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن رواه جامِعو الصِّحاح ، أو صَحَّحَه مَن يُرْجَع إليه في التصحيح من أئمة الحديث ، فهو مما تشمله هذه الآية ، أعْنِي قوله تعالى : (مِمَّا قَضَيْتَ) فحينئذٍ يَتعيّن على كل مؤمن بالله ورسوله الأخْذ به وقبوله ظاهراً وباطنا ، وإلا بأن الْتَمَس مخارِج لِردِّه أو تأويله ، بِخلاف ظاهره ، لِتَمذهُبٍ تَقَلَّدَه ، وعَصَبيّة رُبِّـيَ عليها - كما هو شأن الْمُقَلِّدَة أعداء الحديث وأهله – فيَدخُل في هذا الوعيد الشديد المذكور في هذه الآية ، الذي تقشعّر له الجلود ، وتَرجف منه الأفئدة .


    واتّفَقَتْ كلمة الأئمة على ردّ أقوالهم إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلى سُنّتِه


    قال الشافعي في مسنده وفي الرسالة : أخبرني أبو حنيفة بن سماك بن الفضل اليماني قال : حدثني بن أبي ذئب عن المقبري عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح : من قُتِلَ له قتيل فهو بِخَير النَّظَرَين ؛ إن أحب أخذ العَقْل ، وإن أحب فَلَه القَوَد . فقال : أبو حنيفة : فقلت لابن أبي ذئب : أتأخذ بهذا يا أبا الحارث ؟ فضرب صدري ، وصاح عليّ صياحا كثيراً ، ونال مَنِّي ! وقال : أُحَدِّثُك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتقول : تأخذ به ؟ نعم آخذ به ، وذلك الفَرْضُ عليّ وعلى مَن سَمِعَه ، إن الله عز وجل اختار محمدا صلى الله عليه وسلم من الناس فهداهم به وعلى يديه ، واختار لهم ما اختار له على لسانه ، فعلى الخلق أن يَتَّبِعُوه طائعين أو داخرين ، لا مَخْرَج لِمُسْلِم من ذلك . قال : وما سكت عَنِّي حتى تمنيت أن يسكت !


    وهذا واجب كل مسلم أن يُسلِّم للنصوص ، ويَنقاد لها .


    قال الإمام الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة : ولا تثبت قَدم الإسلام إلاَّ على ظهر التسليم والاستسلام .
    قال ابن أبي العز : أي : لا يثَبت إسلام مَن لم يُسَلِّم لِنُصوص الوحيين وينقاد إليها ولا يعترض عليها ولا يُعارضها بِرأيه ومَعْقُولِه وقِياسه . روى البخاري عن الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه الله أنه قال : مِن الله الرسالة ، ومِن الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم . وهذا كلام جامع نافع . اهـ .


    وقال ابن القيم في ذِكر علامات أهل السنة :


    أَهْل السُّنَّةِ إِذَا صَحَّتْ لَهُمُ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَوَقَّفُوا عَنِ الْعَمَلِ بِهَا وَاعْتِقَادِ مُوجِبِهَا عَلَى أَنْ يُوَافِقَهَا مُوَافِقٌ ، بَلْ يُبَادِرُونَ إِلَى الْعَمَلِ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى مَنْ وَافَقَهَا أَوْ خَالَفَهَا ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِهِ ، وَعَابَ عَلَى مَنْ يَقُولُ: لا أَعْمَلُ بِالْحَدِيثِ حَتَّى أَعْرِفَ مَنْ قَالَ بِهِ ذَهَبَ إِلَيْهِ ، بَلِ الْوَاجِبُ عَلَى مَنْ بَلَغَتْهُ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يَقْبَلَهَا وَأَنْ يُعَامِلَهَا بِمَا كَانَ يُعَامِلُهَا بِهِ الصَّحَابَةُ حِينَ يَسْمَعُونَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيُنْزِلُ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ مَنْ سَمِعَهَا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَبَانَتْ لَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدَعَهَا لِقَوْلِ أَحَدٍ . وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ عَلامَاتِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ لا يَتْرُكُونَهَا إِذَا ثَبَتَتْ عِنْدَهُمْ لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كَائِنًا مَنْ كَانَ . اهـ .


    وقال العلامة الطيبي في شرح المشكاة – فيما نقله عنه القاسمي – : عَجبتُ ممن سُمِّي بالسُّنِّي ، إذا سمِع مِن سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وله رأي ، رَجّـح رأيه عليها ! وأي فَرْق بينه وبين المبتدِع ؟! ... وها هو ابن عمر – وهو من أكابر الصحابة وفقهائها – كيف غضِب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وهَجَر فلذة كبِدِه لِتلك الْهَنَة ؟ عِبرة لأولي الألباب . اهـ .


    رابعاً :
    ما أورده القائل بهذا القول من أقوال عن بعض الصحابة أو من بَعدهم ، ليست بِحجّة ، لأن قول الصحابي إنما يكون حجّة في حال عدم المخالَفة ، فإن الصحابي إذا خالَفَه غيره من الصحابة لزِم الترجيح بين أقوالهم من خلال مُرجِّحات خارجية - بسطها أهل العلم في واضعها - ، كما أن قول الصحابي حُجّة إذا لم يُخالِف النصّ .


    ومُعارَضَة النصّ بِقول صحابي خَلل في الاستدلال !
    كيف ؟
    النص الثابت مِن سُنّته صلى الله عليه وسلم حُجّة بالإجماع ، والسُّنَّة هي المصدر الثاني للأدلّة ، بِلا خِلاف .
    وقول الصحابي من الأدلّة المختَلَف فيها .
    فإذا عُورِض الحديث الصحيح بِقول الصحابي كان هذا مُعارَضَة للدليل الذي لم يُختَلَف فيه بالذي اختُلِف فيه !


    قال ابن القيم : ولا يُتْرَك الحديث الصحيح المعصوم لمخالَفَة رواية له ، فإن مخالفته ليست معصومة . اهـ .


    فلا يُعارَض قول النبي صلى الله عليه وسلم بِقول غيره من البشر كائنا من كان ، ولو كان قول أبي بكر وعمر – وقد أُمِِرْنا بالاقتداء بهما – .


    وَكَتَب عمر بن عبد العزيز إلى الناس : إنه لا رأي لأحدٍ مع سُـنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم


    ويُنظر ما كتبته هنا :
    أرجو الرد على هذه المسائل التي يحتج بها مخرجو زكاة الفطر نقودا؟!!
    http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=40972


    والنمص كبيرة مِن كبائر الذنوب .
    وسبق :
    النمص ( حكمه - خطورته - أضراره - فتاوى فيه )
    http://almeshkat.net/index.php?pg=art&cat=&ref=85


    والله تعالى أعلم .


    المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
    الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •