قال الشاطبي في الموافقات : (198 / 4 ، ط دار ابن عفان ، تحقيق : مشهور بن حسن ):ـ
( المسألة السابعة: العلوم المضافة إلى القرآن تنقسم على أقسام:ـ
- قسم هو كالأداة لفهمه واستخراج ما فيه من الفوائد ، والمعين على معرفة مراد الله تعالى منه ؛ كعلوم اللغة العربية التي لا بد منها وعلم القراءات ، والناسخ والمنسوخ ، وقواعد أصول الفقه ، وما أشبه ذلك ؛ فهذا لا نظر فيه هنا.
ولكن قد يدعى فيما ليس بوسيلة أنه وسيلة إلى فهم القرآن ، وأنه مطلوب كطلب ما هو وسيلة بالحقيقة : فإن علم العربية ، أو علم الناسخ والمنسوخ ، وعلم الأسباب ، وعلم المكي والمدني ، وعلم القراءات ، وعلم أصول الفقه ، معلوم عند جميع العلماء أنها معينة على فهم القرآن .
وأما غير ذلك : فقد يعده بعض الناس وسيلة أيضًا ولا يكون كذلك ، كما تقدم في حكاية الرازي في جعل علم الهيئة وسيلة إلى فهم قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} [ق: 6].
وزعم ابن رشد الحكيم في كتابه الذي سماه بـ"فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال" أن علوم الفلسفة مطلوبة ؛ إذ لا يفهم المقصود من الشريعة على الحقيقة إلا بها ، ولو قال قائل: إن الأمر بالضد مما قال لما بعد في المعارضة.
وشاهد ما بين الخصمين شأن السلف الصالح في تلك العلوم ، هل كانوا آخذين فيها ، أم كانوا تاركين لها أو غافلين عنها ؟ مع القطع بتحققهم بفهم القرآن ، يشهد لهم بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - والجم الغفير . فلينظر امرؤ أين يضع قدمه .... )