إِنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَىْ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُ بِهِ وَنَسْتَغْفِرُه ُ وَنَعُوْذُ بِاللَّهِ تَعَالَىْ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِىَ الْلَّهُ تَعَالَىْ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِىَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا الَلّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ
أَمَّا بَعْــــدُ .........
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيْثِ كِتَابُ الْلَّهِ تَعَالَي وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ ، وَشَرِّ الْأُمُورَ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعِهِ وَكُلْ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِيْ الْنَّارِ ، الْلَّهُمَّ صَلّىِ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِ مُحَمِّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَىَ إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَىَ آَلِ إِبْرَاهِيْمَ فِيْ الْعَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ ، وَبَارِكْ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِ مُحَمِّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَىَ إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَىَ آَلِ إِبْرَاهِيْمَ فِيْ الْعَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ .
هناك سؤالٌ يتألف من كلمتين اثنتين، ومع ذلك أخفق معظم أهل الأرض في الإجابة عنه والذي يوفق للإجابة يجيب إجابة مجملة نظرية لا يشهد لها الواقع،.
هذا السؤال هو: لماذا خُلِقنا؟
العالم الآن في حدود سبعة مليار، أغلب أهل الأرض كفرة، المسلمون أو الذين ينتسبون لدين الإسلام، على عُجرهم وبُجرهم، مليار وأربعمائة مليون، أنا لا أتكلم عن غير المسلمين، لكن أتكلم عن المسلمين مليار وأربعمائة مليون، لو أنك سألت أي مسلم ، لماذا خلقت؟ سيكون جوابه المباشر، قول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ جميل.
ما معنى العبادة؟ هنا يخفق كثير من الناس في الإجابة عمليًّا عن هذا السؤال.
ولذلك فضلت أن أبدأ بهذا السؤال لأن هذا هو الأساس، أي رجل يريد أن يبني بناءًا ضخمًا لابد أن يضع أساسا في مقابل هذا الارتفاع، أطول طفولة في الكائنات هي طفولة الإنسان، تمتد الطفولة إلى ثنتي عشرة سنة، يعني لابد أن يكون ضارب الجذور لأنه كُلف تكاليف صعبة، كم أنك ترفع عمارة عشرة أدوار ، تضع أساس يوازن هذا الارتفاع، وعشرين دور الأثاث يختلف، يعني كلما صعدت إلى فوق نزلت إلى تحت ابتداءً، يعني كل ارتفاع في مقابلة نزول.
لما تعد طفولة الإنسان أطول طفولة في الكائنات كلها، ؟ لأن الله U حمَّلَهُ أمانة، فلنبدأ الحديث من أوله فنقول:
أقدم ميثاقٍ أخذه الله U علينا هو ميثاق العبودية، قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا﴾ أي لئلا تقولوا ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ قال r كما في حديث أبي هريرة وابن عباس وغيرهما رضي الله عن الجميع: «لما خلق الله U آدم مسح ظهره بيده، فاستخرج من ظهره كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، وخاطبهم -وهم في عالم الذر وقال لهم:- ألست بربكم، قالوا جميعاً: بلى، فقال لهم: أن تقولوا -أي إنما أشهدتكم على هذا لئلا تقولوا يوم القيامة - إنا كنا عن هذا غافلين».
ولم يجعل الله U الحساب على هذا الميثاق؛ لأنه لا أحد منا يذكر هذا الميثاق إطلاقًا، إنما بعث الرسل ليذكروا بهذا الميثاق وما يجب لله تبارك وتعالى من الأسماء الحسنى والصفات العلى، وما ينبغي للعبد أن يفعله تجاه ربه تبارك وتعالى، وجعل العذاب معلقًا بوصول البلاغ، كما قال تعالى: ﴿لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ لينذركم بالقرآن ومن بلغه القرآن، فمن لم يبلغه لا يحاسب، وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾.
فأقدم ميثاق إذن هو ميثاق العبودية، فما هي العبودية؟
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ بعض الناس يقصر العبودية على بعض مظاهر الإسلام من أركانه مثل الصلاة مثل الزكاة مثل الحج، لا، العبودية: شهيق وزفير، العبودية: ألا تحرك ساكنًا، ولا تسكن متحركًا إلا إذا أذن لك سيدك، هذه هي العبودية، لو أنك وأنت بشر عندك عبد، حتى أضرب المثل بحديث نبوي أفضل من ضرب المثل الذي كنت سأذكره.
في حديث أبي مالك الأشعري، عن النبي r الذي أوله : «إن الله U أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات، أن يعمل بهن وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، وإن يحيى أبطأ فقال له عيسى: إن الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن يعلموا بهن، وإني أخشى إن تأخرت أن يخسف بنا، فقال يحيى: لا، أنا أخشى إن تأخرت أن يخسف بي، جمع بني إسرائيل في بيت المقدس حتى غص المسجد بأهله وامتلأت الشرف » -فكان من جملة الخمس كلمات يقول يحيى بن زكريا: «إن الله خلقكم ورزقكم وأمركم ألا تشركوا به شيئاً، وإن مثل من يشرك بالله كمثل رجل -هذا الرجل له تجارة - فقال لعبده : اعمل وأدي إلي -يعني تبيع وحصيلة البيع تأتي بها لصاحب التجارة - فكان يعمل ويؤدي إلى غير صاحبه، فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك ، وإن الله خلقكم ورزقكم ، وأمركم ألا تشركوا به شيئاً »
فالعبد إذا أشرك بالله تبارك وتعالى يصبح مثل هذا العبد :، أنت لديك محل مليء بالبضاعة من حر مالك، قلت له: اشتغل وأتي بالحصيلة آخر النهار، يعمل ويعطي الحصيلة لجارك، من الذي يصبر على عبد يفعل فيه هذا؟
لا يجوز لك أن تفعل شيئاً إلا إذا كان مأذونًا لك فيه: نحن في موسم الحج، أكثر الناس لا يعرف كيف يحج، ولا خطر بباله أن يذهب إلى عالم ليقول له كيف أحج، لكن يعرف فروق التذاكر، ويعرف الشركات، ويعرف أن هذا يذهب بك إلى الحج بخمسين، وبخمسة وخمسين وبثلاثين، وهذا الكلام، ويعرف سعر البري وسعر الفنادق، لكن لا يعرف لماذا جاء، يمشي مع الناس، الناس تمشي يمين يمشي يمين، تمشي شمال يمشي شمال، هل يُتصور هذا؟ رجل اغترب عن أهله وربما يموت، ربما لا يرجع إلى أهله مرة أخرى، ولا يعرف لماذا أتى؟هذا صورة مصغرة للفوضى التي يعيشها المسلمون، التي هي خلع مِسلاخ العبودية، كل واحد يتحرك بمزاجه.
عاقبة التعامل مع البنوك: كثير من الناس مثلاً يأتيني لما يأخذ قرض من البنك ويقيم مشاريع، وبعد ذلك يفلس، ما تعامل أحد قط مع البنك إلا لابد أن يفلس قبل أن يموت، أنا ما رأيت أبدًا رجلاً مات مستورًا تعامل مع البنك أبداً، فلما يقع في الورطة يأتيني، يقول أنا وقعت في ورطة وعليّ ديون، وهذا الكلام فماذا أفعل؟ أنت عندما ذهبت إلى البنك أتيتني، لا، هو انطلق من تلقاء نفسه.
كثير من الناس ينطلقون في الحياة من تلقاء أنفسهم،: مع إن أي طريق جديد فيه منازل كثيرة، لما يكون طريق دائري أو صحراوي ، تجد فيه مخارج، أنا عندما أنشأوا عملوا طريق جديد في مصر، الذي يذهب إلى حلوان، كان لي درس في حلوان، من حوالي ثلاثة عشر أو أربعة عشر سنة، وكان الطريق جديد، وفيه منازل، ولا أعرف أي منزل يؤدي بي إلى حلوان، فأخذت أمشي أمشي إلى أن وصلت إلى آخر الرصف وعلمت أني مخطئ فرجعت مرة أخرى، طيب الطريق لما رُصف بهذه الملايين، كان من الصعب أن أضع لافتة بعشرة جنيهات، أقول هنا حلوان، هنا البساتين، أنا عندما أمشي في هذا الطريق وليس لي مرشد، أتوه أم لا؟
طيب، اليوم التجار الكبار ، تجد له مستشار قانوني، وتجد له محاسب، وليس له مفتي. مع أن الأصل في البيوع الحل وليس الحرمة، لكن من المنتج؟ الكافرون، من السوق الذي يستوعب هذا الإنتاج؟ ديار المسلمين، فنحن عالة عليهم، وهذا رجل كافر لا يهمه حلال وحرام، فلأن الأصل في البيوع الحل يمكن أن يضعوا شروطًا تخالف ديننا، المستشار القانوني يأخذ فلوس، والمحاسب يأخذ فلوس، والمفتي يعمل مجانًا، يمكن أن تعطله وتجلس تستفتيه ساعة، وتأتي به أيضًا، لماذا هان عليك أن تدفع راتب للمستشار القانوني، وللمحاسب، والمفتي الذي لا يأخذ شيئاً لماذا لم يخطر ببالك أن يكون لك مفتيًا، حتى على الأقل لتضمن أن هذا الذي جمعته في حياتك يصير حلالا.