هذا الكلام لا أساس له من الصحة وهو نقد غير علمي
______________________________ __________
لأنّني أستاذ تعليم عالٍ بالجامعة التونسية، ولأنّني أغار على ديني وإيماني وعقيدتي السنية، أنا الدكتور مختار الاخضر الفجاري، أودّ أن أعلّق على هذا المقال بالطريقة العلمية التالية:
1 ـ هذا النقد يتعارض مع قواعد البحث العلمي لأنه خرج عن النقد الداخلي للنص وتعرّض لشخصية الكاتب ورتبته العلمية بغير موجب علمي. فالناقد لا يعرف الفرق بين "أستاذ تعليم عال" المثبتة في الكتاب والدالة على أستاذ جامعي و"أستاذ التعليم العالي" المعرّفة بالألف واللام والدالة على أعلى رتبة علمية في التعليم الجامعي. وهذا ضعف لغوي لا يتجلى فقط في هذه النقطة بل في كامل المقال ومن خلال أخطاء رسم الهمزة خاصة. ولذلك لا يمكن أن يكون هذا النقد علميا بل هو كلام تُشم منه رائحة الدسيسة والمكيدة والاستهداف الشخصي خاصة بعد المعركة التي حدثت مؤخرا بيني وبين أنصار محمد أركون في تونس والتي خرجت منها منتصرا بالله سبحانه، إذ جعل إلى جانبي الرأي العام التونسي. (تابعوا ذلك على النات). والفرضية التي تفرض نفسها بشدة هنا هي "ألا يكون هذا الكلام مجرد ردة فعل متخفية على هزيمة معلنة؟" لاسيما أنّ صاحبه يصرّح علنا أنه <<اتصل بصديق له مدرس بجامعة 7 نوفمبر بقرطاج ليستوضحه الأمر عن المؤلف>>. وهذا كلام يسقط القناع لأنّ رأس تلك المعركة أحد تلاميذ محمد أركون الذين يدرّسون في جامعة 7 نوفمبر بقرطاج والذي مكنوه من ملفي للتأهيل الجامعي حتى يقدم تقريرا سلبيا عنه.
2 ـ من وجهة نظر تحليل الأسلوب يبدو هذا النص مكتوبا بأسلوب تونسي وإن كان الإسم المسجل تحته مجهول الهوية والجنسية والرتبة العلمية. وهذا أيضا خرق آخر لقواعد النقد العلمي. قلت إنّ أسلوب هذا النص تونسي بدليل قوله: <<وقد رفعنا عبارة كتاب بين ظفرين>>. وهذه عبارة تونسية معتمدة في تقاليد الخطاب العلمي والنقدي في الجامعة التونسية. وقد لاحظنا أنّ جل الباحثين العرب من غير التونسيين يستعملون عبارة "بين مزدوجتين" أو عبارة "بين هلالين" أو عبارة "بين معقفين". كما أنّ عبارة "التأهيل الجامعي" هي المصطلح المستعمل تونسيا للتعبير عن الترشح لترقية الأستاذ المحاضر في تونس/المشارك في السعودية. واستعمالها هنا دون توضيح يبرز البداهة التي تعامل بها صاحب النص مع المصطلح باعتباره مصطلحا معهودا في تونس. وهكذا تصبح فرضية المؤامرة مؤكدة.
3 ـ من وجهة نظر تحليل الخطاب. قوّلني صاحب النص ما لم أقله. بل عمد بشكل تعسفي ليلحق موقفي من التفسير الصوفي بالقرآن الكريم. فصفة "افتراضي" كما هو صريح في النص ملحقة بالتفسير الصوفي. ولم أقل على الإطلاق إنّ القرآن نص افتراضي. كما أنّ موضوعي حين تحدثت عن الافتراضية ليس دراسة القرآن الكريم بل دراسة التفسير الصوفي. أما موقفي من القرآن الكريم فيجب أن يبحث عنه في المواطن التي يكون فيها القرآن موضوع البحث. والدليل ما ذكرته عن القرآن الكريم في كتابي "نقد العقل الإسلامي عند محمد أركون" وعندما كان القرآن الكريم موضوعا للبحث. لقد أراد أركون في كتابه "قراءات في القرآن"، وحين مّيز بين القرآن باعتباره خطابا شفويا والمصحف باعتباره نصا مكتوبا، أن يفكك بنية المقدس انطلاقا من تفكيك رأس كل تقديس، كما يزعم، وقد عارضته في ذلك حين قلت في الفقرة الثانية من الفصل الرابع من الصفحة 170: <<يريد أركون أن يجدّد العقل الإسلامي المعاصر بتفكيك بنية المقدّس، وبالتحديد حل المقدس الخاص بالنص القرآني. ويبرّر ذلك بأنّه رأس كل مقدّس وينبوعه الأول. ويقول في تحليله هذا إنّ المصحف ليس قرآنا، وإنما قرآن المسلمين هو القرآن الشفوي. وأنّ الله لم يفترض وجود قرآن مكتوب. وهو يرى أنّ تدوين القرآن أضر بالمسلمين أكثر ممّا نفعهم. ولكنّنا لا نشاركه الرأي (...) إذ ينبغي الإشارة إلى أنّ تأصيل الكيان لا يقل قيمة عن تحقيق تقدم في المعرفة. فتدوين القرآن أدى إلى توحيد الأمة وتثبيت وجودها. ولا يعقل علميا أن يلام المسلمون على تدوين قرآنهم>>. هذا موقفي الصريح من أعداء قرآننا العزيز. ولا يمكن أن يزايد أحد على إيماني أو يطعن في موقفي المعروف من الاستشراق ودعوتي إلى التاريخية المؤمنة.
3 ـ يدّعي صاحب هذا النص أني أعاني من الكسل الذهني. والغريب أن البعض صدّقه. فكم أنت سريع النسيان أيها الإنسان. إنك دائما عجول. يبلي الدهر ذاكرتك بسرعة. وللتذكير أقول: إني أكتب، منذ 2005، بمعدل كتاب كل سنة. وكتبت إلى حد الآن أكثر من ألفي صفحة دفاعا علميا عن الإسلام ومعتمدا السلاح نفسه الذي يرفعه أعداء الإسلام من مناهج لغوية وتفكيكية ونقدية. ومع ذلك يذاع شتمي سرّا وعلانية من قِبل شخص أجزم أنه لم يبلغ ما كتبته لا من حيث الكم ولا من حيث الكيف. والماء، كما يقال، يكذّب الغطاس.
4 ـ من وجهة نظر تحليل الخطاب دائما. يقع صاحب النص في اللامفكر فيه حين فكر في مسألة إعجابه بالجامعة التونسية. وأنا من أين حصلت على الدكتوراه؟ ألم تكن من أحسن جامعاتها؟ (كلية الآداب بمنوبة) ألم يكن الأستاذ الدكتور كمال عمران رئيسا للجنة المناقشة. وهو، كما يجهل شاتمي، إمام خطيب بأكبر جوامع العاصمة ومدير إذاعة الزيتونة التي تدافع عن الإسلام والمسلمين في تونس. ثم إنّ صاحب النص حين يقول إنه معجب بالجامعة التونسية ويصاب بخيبة أمل كبيرة بعد أن قرأء كتابي يكون قد أساء إلى الجامعة التونسية في مستوى اللامفكر فيه في الوقت الذي يفكر فيه بالإساءة إليّ. وذلك لسببين: الأول أني خريج هذه الجامعة بامتياز. إذ تحصلت على ملاحظات التميّز في كل مراحل تعليمي الجامعي لاسيما مرحلة الباكلريوس، (يمكن الاطلاع على شهادة الأستاذية بجامعة طيبة) والثاني أنّ هذا الكتاب بالذات هو تتمّة للأطروحة. وقد ذكرت في مقدمته ذلك كما ذكرت في مقدمة الأطروحة أني سأقوم بعمل مكمّل للأطروحة هو العمل نفسه الذي بدأ به ماسينيون ولم يتمه وحاول تلميذه بول نويا بعده استيفاءه ولم يستكمله أيضا.
5 ـ من وجهة نظر تحليل الخطاب أيضا، يدعي صاحب النص أني أسرق جهد غيري في هذه النصوص الثلاثة وهذا هراء لأنّ الكتاب الأول نشر مخطوطا بأخطاء شنيعة في آيات القرآن الكريم وعملي من خلال توسيع دائرة المصادر إلى حقائق التفسير هو من أجل إصلاح الأخطاء بل إنّ الذي سرق فعلا ونشر مخطوط ماسينيون كما هو، ونسخة طبق الأصل هو الآن ينعم بالطمأنينة ويتجاهله صاحب النص أو يجهله مع العلم أني ذكرت في كتابي ذلك وبيّنت أني بهذا التحقيق أصحح الأخطاء التي وقع فيها هذا المستشرق.لقد قلت حرفيا في الهامش رقم 6 الخاص بالآية السادسة من الفاتحة وبالصفحة 27 من الكتاب: <<إنّ ماسينيون جعلها رقم 5 وهو خطأ. وهذا النوع من الأخطاء متكرّر عنده بشكل ملفت. وسنقوم بتصحيحه والإشارة إليه دائما. مع العلم أنّ نصّ التفسير هو نسخ بخط اليد. وللأسف فإنّ هذا النص طبع ونشر بأخطائه المسّونية الكثيرة عن دار رياض الريس للكتب وادّعى قاسم عبّاس محمد أنّه حقّقه والحق أنه لم يفعل شيئا سوى نسخ النص الذي أثبته ماسينيون بحذافيره. ولذلك رأينا أنّ الواجب العلمي يدعونا إلى إعادة التحقيق والمراجعة وتوسيع نسخ المدونة للمقارنة بينها وعدم الاكتفاء بماسينيون.>> ومن الطريف أنّ الملاحظة نفسها ذكرتها في أطروحتي الموسومة بـ"حفريات في التأويل الإسلامي" بالصفحة 160. والهامش هذا نفسه أشار إلى الملاحظة. كما أن المطلع على مقدمة الكتاب يجد تفصيلا لذلك. وأنا أدعو كل نزيه إلى أن يقرأ مقدمتي للكتاب بعد قراءة نص السيد عماد ثم يحكم. ثم أتساءل بحيرة. لماذا لم يوجه العيب إلى المستشرق الذي أساء إلى القرآن الكريم؟ ولمَ لمْ يوجه العيب إلى المحقق العربي الذي سرق جهد غيره ونشر نسخة مطابقة لنسخة ماسينيون؟ لماذأ أنا بالذات يوجه لي هذا التجني غير العلمي في حين أني أجهدت نفسي في تنويع المصادر من أجل المقارنة والترجيح والتصحيح. هذا فضلا عن اعتبار هذا الكتاب عملا تابعا لأطروحة جامعية أنجزت في الجامعة التونسية؟ وبالإضافة إلى كل ذلك فبول نويا الممجّد هنا له كتاب يكاد يتطابق مع كتابي هذا عنوانه "نصوص صوفية غير منشورة" جمع في تفاسير من نصوص مطبوعة فلِمَ لا يوجه له اللوم نفسه. أكيد النقد غير مطلوب لذاته هنا، بل للإساءة إلى شخصي.
أمّا التفسير الثاني: تفسير الجنيد فإني أتحدى أي شخص يثبت لي أنه نشر وحقق من قِبل شخص آخر قبلي. وأعلن هنا أن صاحب النص كذب عليّ كذبا موصوفا. وأماّ التفسير الثالث:"كتاب مفتاح الباب المقفل..." للحيرالي. فصاحب النص يقول أنيّ <<لم أعد إلى نص المخطوط>>. وهذا تجني موصوف أيضا لأني أملك المخطوط. ثم إني بكل أخلاق علمية لم أتفطن عندما باشرت التحقيق إلى أنه نشر من قبل ومع ذلك لما نظرت فيه وجدت فيه فرقا بين المخطوط الذي أملكه والمخطوط الذي ااعتمده من سبقني.
5 ـ من الكذب الموصوف أيضا قوله: إنّ هذا الكتاب كان، بضعفه، سببا في عدم قبول ملفي للتأهيل الجامعي. والحال أنه سقط في اللامفكر فيه مرة أخرى لأنّ قانون الترشح للتأهيل الجامعي في تونس يمنع بحوث التحقيق. وقد قدّمت لهذا الملف الذي رفضه تلميذ أركون المذكور أعلاه كتابي "الفكر العربي الإسلامي: من تأويلية المعنى إلى تأويلية الفهم" وهو البحث القانوني والشرعي كما هو مثبت في كلية الآداب بمنوبة. فمن أين له بهذا الافتراء لو لم تكن غايته الإساءة إلي والتشويش على نجاحي الأكاديمي الذي يشهد القاصي والداني.
وهكذا أقرّ بكل أخلاق علمية ودون شتم أو قذف أنّ كل ما كتب هنا عني عار من الصحة ولا يصل يأية حال من الأحوال إلى مستوى النقد العلمي ولا يعتد به نظرا لكل الملاحظات السابقة وكذلك لعدم تقديم صاحبه لرتبته العلمية بل للشكوك التي تحوم حول إسمه فقد سأله أحد المعلقين عن اسمه في ملتقى أهل التفسيرقائلا: هل أنت (نادر جون رحيموف) كما في المعرف؟ أم (عماد علي حسن) كما في ختام المشاركة؟ فأجاب: <<أنا نادر جون رحيموف>>. فمن هو هذا الشخص وهل هذا اسم عربي حتى يتكلم في اللغة العربية وفي فكرها وأساتذتها؟ إني لا أرى فيه إلا قول أبي حيان التوحيدي حين قال عن بعض من تكلم في اللغة العربية بغير علم إذ قال: أراكم تتكلمون في كلامنا بغير كلامنا. ومن يتثبت في لغته يعرف مدى مسكه بناصية اللغة العربية.
هذا ردي أتوجه به إلى قرّائي الذين يحترمون أفكاري وكتاباتي . وأقول لهم إنّ أخلاق صاحب هذا النص وصلت به إلى حدّ استخراج نسخ من النات وتوزيعها في رفوف زملائي بقسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة طيبة قصد تشويه صمعتي العلمية. ولكن الكفاءات العالية التي أسّست هذه الكلية الفتية وقامت بانتدابي لتقديم الإضافة العلمية لجامعة طيبة الطيّبة يعرفون جيدا كفاءتي . وسيزيدهم ذلك قناعة بجديّتي ونجاحي. ولن يزيد ذلك زملائي إلا تعاطفا معي ومحبة لي. ورب ضارة نافعة. وحسبي الله ونعم الوكيل.