السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

هذا تخريج لحديث جابر رضي الله عنه في الوضوء مما مست النار , وقد اخترته لأمرين :
1- لأنه مما استدل به أهل العلم على نسخ الوضوء مما مست النار , وخالفهم آخرون , والمسألة مبسوطة معروفة .
2- لأنني وجدت فيه علة أخرى غير علة الاختصار المشهورة , وبينتها بيانا - يحتاج إلى تعقيب وتهذيب من الإخوة الأفاضل فلا تبخلوا علينا -

وهذا بيانه :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال " قَرَّبْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خُبْزًا وَلَحْمًا فَأَكَلَ , ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ , ثُمَّ صلى الظُّهْرَ , ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ طَعَامِهِ فَأَكَلَ , ثُمَّ قام إلى الصَّلَاةِ ولم يَتَوَضَّأْ "

أخرجه عبد الرزاق في المصنف 1/165(639-640 ) وابن حبان في صحيحه 3/415(1132) , من طريق معمر
وعبد الرزاق في المصنف 1/165(639-640 ) – ومن طريقه ابن حبان في صحيحه 3/413(1130) , وفي 3/418(1136) - , وأبو داود في سننه 1/49(191) كتاب الطهارة , باب في ترك الوضوء مما مست النار , - ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد 12/267 - من طريق ابن جريج
و ابن أبي شيبة في المصنف 1/51(521) من طريق علي بن يزيد
وابن ماجه في سننه 1/164(489) كتاب الطهارة وسننها , باب الرخصة في ذلك , والترمذي في سننه 1/116(80) كتاب الطهارة , باب ما جاء في ترك الوضوء مما غيرت النار, وابن عبد البر في التمهيد 12/267 والبيهقي في الكبرى 1/154(696) من طريق ابن عيينة
وأبو يعلى في مسنده 4/75(2098) من طريق أبي معشر
والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/65 , وابن حبان في صحيحه 3/420(1139) من طريق روح بن القاسم
وابن حبان في الثقات 8/498 من طريق الأوزاعي – مختصرا -
وابن حبان في صحيحه 3/418(1137) من طريق أيوب , وجرير
وفي 3/418(1135) من طريق أبي علقمة عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة
والبيهقي في الكبرى 1/156 من طريق أسامة بن زيد
وابن عبد البر في التمهيد 12/267 من طريق عبدالعزيز بن أبي سلمة , وعبد الوارث بن سفيان
كلهم ( معمر , وابن جريج , وعلي بن يزيد , وابن عيينة , وأبو معشر , وروح , والأوزاعي , وأيوب , وجرير , وابن أبي فروة , وأسامة بن زيد , وعبد العزيز بن أبي سلمة , وعبد الوارث بن سفيان ) عن ابن المنكدر عن جابر بنحوه , وفي بعض الطرق اختصارا .
وخولفوا /
فأخرجه أبو داود في سننه 1/49(191) كتاب الطهارة , باب في ترك الوضوء مما مست النار ,- ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد 12/267 - , وابن خزيمة في صحيحه 1/28(43) – ومن طريقه ابن حبان في صحيحه 3/416(1134) ,والنسائي في سننه 1/108(185) ,وابن أبي حاتم في العلل 1/66 , وابن الجارود في المنتقى ص 19(24) ,وابن قانع في معجمه 1/ 136 , والطبراني في الصغير 2/3(671), وفي الأوسط 5/59(4663), وفي الشاميين 4/149(2973) , وابن عبد البر في التمهيد 3/347 ,وابن شاهين في ناسخه ص73(64) والبيهقي في الكبرى 1/155(698) , وفي 1/156 (698) , والذهبي في تذكرة الحفاظ1/385
كلهم من طريق علي بن عياش عن شعيب بن أبي حمزة عن ابن المنكدر عن جابر قال " كان آخِرَ الْأَمْرَيْنِ من رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ "

وهذا الوجه فيه اختصار من القصة الواردة في الحديث , ومدار هذا الاختصار على شعيب بن أبي حمزة , وقد خالف الحفاظ الكبار كمعمر , وابن عيينة , وابن جريج , وأيوب , وغيرهم ,
وعليه فإن الراجح هو ما رواه الأئمة الحفاظ عن ابن المنكدر , فهم أكثر عددا , والمخالف لهم : شعيب بن أبي حمزة ثقة حافظ ؛ إلا أنه انتقد عليه هذا الحديث , ووهمه أبو حاتم – كما سيأتي –

ثم إن ابن المنكدر قد توبع على هذا الوجه الراجح عنه :
فأخرجه ابن ماجه في سننه 1/164(489) كتاب الطهارة وسننها , باب الرخصة في ذلك , من طريق عمرو بن دينار وأحمد في مسنده 3/374(15062)ابن ماجه في سننه 1/164(489) كتاب الطهارة وسننها , باب الرخصة في ذلك , والترمذي في سننه 1/116(80) كتاب الطهارة , باب ما جاء في ترك الوضوء مما غيرت النار , والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/65 , وابن عبد البر في التمهيد 3/331 من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل
والطبراني في الأوسط 8/293(8674) من طريق أبي الزبير
ومحمد بن عبدالرحمن بن ثوبان – ذكره مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه 1/463 وعزاه للحاكم في تاريخ نيسابور –ولم أقف عليه .
أربعتهم ( عمرو بن دينار , وابن عقيل, وأبو الزبير , ومحمد بن عبد الرحمن ) عن جابر بنحو حديث الجماعة الحفاظ عن ابن المنكدر .

قال أبو داود في سننه 1/49 " وهذا- طريق شعيب- اختصار من الأول "
وقال أبو حاتم – في العلل 1/66- " هذا حديث مضطرب المتن- حديث شعيب- إنما هو أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتفا ولم يتوضأ , كذا رواه الثقات عن ابن المنكدر عن جابر , ويحتمل أن يكون شعيبا حدث به من حفظه , فوهم فيه "
وقال ابن حبان في صحيحه 3/417" هذا خبر مختصر من حديث طويل , اختصره شعيب بن أبي حمزة"
وذكر الدارقطني – كما في أطراف الغرائب والأفراد 2/384- أن ابن عياش تفرد به عن شعيب
قال ابن دقيق في الإمام – نقلا من البدر المنير 2/413- " الذي ذكره أبو داود أقرب مما قاله أبو حاتم ؛ فإن المتنين متباعدي اللفظ أعني قوله : آخر الأمرين , وقوله : أكل كتفًا ثم صلى ولم يتوضأ , ولا يجوز التعبير بأحدهما عن الآخر والانتقال من أحدهما إلى الآخر ؛ إنما يكون عن غفلة شديدة ، وأما ما ذكره أبو داود من أنه اختصار من حديثه الأول فأقرب ؛ لأنه يمكن أن يكون قد عبَّر بهذه العبارة عن معنى الرواية الأخرى "
وعلق عليه ابن الملقن " وفي التعبير أيضًا بذلك نظر ، إلا أن تكون تلك الحالة آخر الأمر عنده ؛ فعبر بها "
و[COLOR=window****]قال ابن القيم – في تهذيب السنن 7/35- " [/COLOR][COLOR=window****]وجابر هو الذي روى هذا وهذا , فاختصره بعض الرواة واقتصر منه على آخره , ولم يذكر جابر لفظا عن النبي [/COLOR][COLOR=window****]e[/COLOR][COLOR=window****] أن هذا آخر الأمرين مني " [/COLOR]
[COLOR=window****][/COLOR]
وقد وقفت على كلام للشيخ عبد الله السعد – حفظه الله – يذكر أن سبب علة الاختصار قد تكون من غير شعيب , فقال " الشاهد في هذا أن شعيب بن أبي حمزة فيما يبدوا أخذ كتاب ابن المنكدر من ابن أبيفروة _ وابن أبي فروة متروك _ ولذلك وقعت المنكرات في رواية شعيب عن ابن المنكدربينما هذه ألفاظ ابن أبي فروة عن ابن المنكدر ... . ا.هـ
وهو يشير – حفظه الله – إلى قول أبي حاتم في رواية شعيب عن ابن المنكدر , [COLOR=window****]فقد ذكر ابن أبي حاتم في العلل 2/173 " [/COLOR]وأما حديث جابر فرواه شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر , وقد طعن فيها , وكان عرض شعيب على ابن المنكدر كتابا , فأمر بقراءته عليه فعرف بعضها وأنكر بعضا , وقال لابنه أو لابن أخيه : اكتب هذه الأحاديث , فروى شعيب ذلك الكتاب , ولم يثبت رواية شعيب تلك الأحاديث على الناس , وعرض علي بعض تلك الأحاديث فرأيتها مشابهة لحديث إسحاق بن أبي فرو[COLOR=window****]ة " [/COLOR]
[COLOR=window****]وهذا الحديث الذي ذكره ابن أبي حاتم هو : حديث " [/COLOR]من سمع النداء فقال اللهم رب هذه الدعوة التامة[COLOR=window****] " وقد بين ابن رجب في شرحه للعلل علة هذا الحديث – انظر شرح علل الترمذي 2/261-263 [/COLOR]
[COLOR=window****]قلت : ما قاله الشيخ فيه تأمل , ويحتاج إلى دليل واضح يدل عليه , ولو كان كما قال لما علق أبو حاتم سبب الاختصار على شعيب -وهو الثقة الحافظ - , ووهمه في ذلك . والله أعلم [/COLOR]
[COLOR=window****][/COLOR]
[COLOR=window****]وفي الحديث علة أخرى / [/COLOR]
[COLOR=window****]وهي عدم سماع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر : [/COLOR]
[COLOR=window****]روي ذلك عن ابن عيينة , أخرجه البخاري في الأوسط 2/250 " قال : [/COLOR]ثنا علي بن المديني قال قلت لسفيان : إن أبا علقمة الفروي روى عن ابن المنكدر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل لحما ولم يتوضأ ؟ فقال : أحسبني سمعت ابن المنكدر قال : أخبرني من سمع جابرا أكل النبي صلى الله عليه وسلم[COLOR=window****] " [/COLOR]
[COLOR=window****]ثم قال البخاري " [/COLOR]وقال بعضهم عن ابن المنكدر سمعت جابرا , ولا يصح "[COLOR=window****][/COLOR]
قال مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه 1/462 معلقا عليه " فهذا حكم فيه بعدم اتصاله "[COLOR=window****][/COLOR]
ونقل البيهقي في المعرفة 1/250 " قال الشافعي - في سنن حرملة - لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر ,إنما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل "
قال البيهقي في المعرفة 1/250 - معقبا- " وهذا الذي قاله الشافعي محتمل : وذاك لأن صاحبي الصحيح لم يخرجا هذا الحديث من جهة محمد بن المنكدر عن جابر في الصحيح ، مع كون إسناده من شرطهما . ولأن عبد الله بن محمد بن عقيل قد رواه أيضا عن جابر . ورواه عنه جماعة ، إلا أنه قد روي عن حجاج بن محمد ، وعبد الرزاق ، ومحمد بن بكر عن ابن جريج ، عن ابن المنكدر ، قال : سمعت جابر بن عبد الله . فذكروا هذا الحديث . فإن لم يكن ذكر السماع فيه وهما من ابن جريج ؛ فالحديث صحيح على شرط صاحبي الصحيح "
قلت : ذكر التصريح بالسماع في الإسناد روي من طريقين – فيما وقفت عليه - /
1- طريق ابن جريج عن ابن المنكدر قال : سمعت - كما عند عبد الرزاق في المصنف 1/165(639) عن معمر وابن جريج عن ابن المنكدر , وليس في طريق معمر قوله " سمعت " – كما أخرجه عبد الرزاق في 1/165(640) وابن حبان في صحيحه 3/415(1132)
وفي طريق آخر : قال أخبرني – كما عند أبي داود في سننه 1/49(191) من طريق حجاج عن ابن جريج به .
2- طريق أبي معشر – كما عند أبي يعلى في مسنده 4/75(2098) عن محمد بن بكار عن أبي معشر قال سألت محمد بن المنكدر عن الوضوء مما مست النار فقال حدثني جابر بن عبد الله ..."
وهذا الطريق فيه أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن , وقد ضعفه أكثر أهل العلم , قال البخاري " منكر الحديث " , وقال أحمد " كان صدوقا ولكنه لا يقيم الإسناد " , ولعله هنا لم يضبط الإسناد , وقال ابن معين " ضعيف , إسناده ليس بشيء , يكتب من حديثه الرقائق " انظر الضعفاء للعقيلي 4/308

وقد خالفهم غيرهم /
فرواه ( معمر , وعلي بن يزيد , وابن عيينة , وروح , والأوزاعي , وأيوب , وجرير , وابن أبي فروة , وأسامة بن زيد , وعبد العزيز بن أبي سلمة , وعبد الوارث بن سفيان ) كلهم عن ابن المنكدر عن جابر , وليس فيه تصريح بالسماع منه - وقد تقدم تخريج أحاديثهم -

ويؤيد عدم سماع ابن المنكدر من جابر هذا الحديث :
ما قاله مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه 1/462-464 " ويزيده وضوحا أيضا: رجوع ابن المنكدر عن هذا الرأي، إلى غيره؛ذكر أبو زرعة الدمشقي في تاريخه عن شعيب بن أبي حمزة: أنّ الزهري ناظرابن المنكدر فاحتج ابن المنكدر بحديث جابر، واحتج الزهري بحديث عمر بنأميّة في الوضوء مما مست النار قال: فرجع ابن المنكدر عن مذهبه إلى مذهبالزهري. ولقائل أن يقول: لو أخذه ابن المنكدر عن جابر شفاها لما رجع عنه ولاساغ له ذلك، ولكن لما أخذه عنه بواسطة ضعيفة رجع عنه مسرعا،. أ.هـ
والقصة التي ذكرها مغلطاي : أخرجها أبو زرعة في تاريخه ص88
الحكم على إسناد الحديث /
تقدم قول الشافعي : أن ابن المنكدر سمع الحديث من ابن عقيل , واحتمله البيهقي , ودلل عليه . فإن كان ما قاله صحيحا , فالحديث ضعيف الإسناد ؛ لضعف ابن عقيل هذا ,
ولكنه متأيد بما رواه البخاري في صحيحه 5/2078(5141) بسنده عن سَعِيدِ بن الْحَارِثِ عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَأَلَهُ عن الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ فقال لَا قد كنا زَمَانَ النبي صلى الله عليه وسلم لَا نَجِدُ مِثْلَ ذلك من الطَّعَامِ إلا قَلِيلًا فإذا نَحْنُ وَجَدْنَاهُ لم يَكُنْ لنا مَنَادِيلُ إلا أَكُفَّنَا وَسَوَاعِدَنَا وَأَقْدَامَنَا ثُمَّ نُصَلِّي ولا نَتَوَضَّأُ "
وصحح الحديث : النووي في الخلاصة 1/144 , وابن الملقن في البدر المنير 2/412 , وابن حجر في التلخيص 1/116