بسم الله الرحمن الرحيم
توفي العلامة العالم العامل محمد الصمدي اليسَّفي الببيضاوي اشتهر بالشيخ الصمدي يوم السبت التاسع من شوال عام احدى وثلاثين واربعمائة والف, والشيخ رحمه الله تعالى من الراسخين في العلم, سلفي المشرب, من المجتهدين في الدعوة إلى الله وبذل العلم والسعي في خدمة المسلمين وإصلاحذات بينهم، جمع إلى ذلك الزهد في الدنيا, والتعفف عن الناس وحب الخمول والبعد عن الشهرة, و كان رحمه الله قوالا للحق مجاهرا به لا تأخذته في الله لومة لائم. حريصا على السنة سالكا سنن السلف الصالح. فالغيرة على حرمات اللهديدنه في كل خطبه، تحبه العامة والخاصة، وهو يحب طلبة العلم ويقدرهم.
وقد فتح الله على يديهوأصلح به جيلا من الشباب، فالحي الذي يسكنه ويخطب ويدرس في مسجده هو من أنقىالأحياء في الدار البيضاء ولله الحمد.
وهذه نبذة عن حياته كما يرويها هو عن نفسه.
يقول رحمه الله: لقد تربيت في قرية "الخِربة" من قبيلة "بني يّسف " إقليم العرائش حاليا, وقد حفظتبها القرءان الكريم على يد والدي الذي كلن يتعاطى مهنة " التدرير" في تلك اللحظة منأيام طفولتي, وقد اهتبلها فرصة حين رأى ما بي من مخايل النبوغ وحدة الحافظة –رحمهالله- فحفظني أيضا على يديه المتون الآتية:
مختصر خليل حيث كنت أحفظه كلهعن ظهر قلب , ومتون الأجرومية وألفية ابن مالك ولامية الأفعال له في النحو والصرفوالجمل في الإعراب للمجرادي ومنظومة الاستعارة في البيان للشيخ الطيب بنكيران , كماحفظني السلم في المنطق للأخضري , وفي الفقه أيضا تحفة ابن عاصم الأندلسي في التوثيقوالمعاملات , ولامية الزقاق في نفس المجال: أي في التوثيق والمعاملات, ومنظومة ابنعاشر في العقيدة والعبادة
هذا , وما يجدر ذكره أن الوالد – رحمة الله عليه – لم يكن من أهل العلم ولم يطلبه في حياته كلها , وإنما كان يحفظ كتاب الله بروايةورش عن نافع و أبي عمرو البصري , لكنه كان يتحسر على نفسه , وكان نادما أن فرط فيطلب العلم أيام التحصيل , لذلك وجهني هذا التوجه , فسهر على تحفيظي لهذه المتون بعدأن حفظت كتاب الله عليه مباشرة.
ثم أرسلني بعد ذلك لطلب العلم من أحدأصهاره : الشيخ الجليل والعالم الفاضل السيد عبد الرحمن البَرّاق حيث درست عليه متنالآجرومية ومتن الألفية في النحو ومنظومة ابن عاشر , وبعد أن ختمت عليه – رحمه الله – ختمة في ألفية ابن مالك وسلكة أخرى وصلتها معه إلى الإضافة , انتقلت للدراسة علىالعلامة الفقيه "المرابط " حيث ختمت عليه أيضا ألفية ابن مالك بالمكودي ومنظومةالاستعارة في البيان للشيخ الطيب بنكيران وختمة في منظومة السلم للأخضري في المنطقبشرح القوَيسِنِي.
ثم تنقلت لطلب العلم على أحد أبناء عمنا العالم الفاضلالسيد عمر الصمدي حيث ختمت عليه الألفية مرتين بشرح المكودي ومتن ابن عاشر فيالعقيدة والعبادة وختمت عليه منظومة الاستعارة الآنفة الذكر , والجزء الأول منمختصر خليل بشرح الدردير في فقه العبادات وفقه الذكاة به أيضا , وأبوابا من تحفةابن عصم و لآمية الزقاق وختمت عليه منظومة الآستعارة للشيخ الطيب بنكيران, والمنطقبشرح القويسني.
ثم رحلت إلى تطوان فأخذت بها عن الفقيه التجكاني صحيحالبخاري بشرح القسطلاني ومقدمة ابن السبكي في الأصول على العلامة الفقيه الفحصي , والعلامة المرابط مفتي الرابطة سابقا , كما درست على هذا الأخير أبوابا من فقهالبيوع بشرح الدردير على خليل ودرست بتطوان أيضا على العلامة المعقولي السيد العربياللّوه فن المعاني من التلخيص بشرح السعد .
ودرست على العلامة الأصولي الشيخالحراق مقدمة ابن السبكي من جمع الجوامع في الأصول وفن البديع من التلخيص بشرحالسعد.
وأخيرا انتفعت كثيرا بدراستي على العلامة المحقق الشيخ محمدالزمزمي ابن الصديق التفسير للبغوي حتى سورة التوبة, ومنها إلى الناس بتفسير ابنكثير, كما درست عليه الخلاف العالي من كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد و درستعليه أبوابا من المستصفى للغزالي في الأصول , كما درست عليه أيضا أجزاء من موطأالإمام مالك بشرح التمهيد إلى ما يقرب من الجزء السابع , ودرست عليه كتابه فيالأصول "المحاذي بجمع الجوامع " وهذا ما تيسر لي جمعه من الدراسات المفيدة علىهؤلاء الشيوخ رحمة الله عليهم.
رحم الله الشيخ رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته, وعوض الامة خيرا منه.