الحمدلله على فضله والصلاة والسلام على خيرته من خلقه ،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد قيل لا يهدى زمزم على أهل مكة ، وأنا في هذه المشاركة لا أرغب إلى الإفادة أكثر من الإستفادة وإنما هذا طعم ألقيه على طلبة العلم لعلهم ينشطون إلى ما وقفوا عليه فيهدونه إلى إخوانهم ،، واختياري لبن القيم له أسباب منها أنه كان قد تمنى رحمه الله أن يؤلف مؤلفا مستقلا في هذا الباب .
قال رحمه الله :

مذهب أهل السنة في مسألة قيام الحجة مبني على أربعة أصول :
1) أحدها أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه كما قال تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا.
2)أن العذاب يستحق بسببين أحدهما الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها الثاني العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها فالأول كفر إعراض والثاني كفر عناد وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل.

3) أن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان وفي بقعة وناحية دون أخرى كما أنها تقوم على شخص دون آخر إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له فهذا بمنزلة الأصم الذي يلا يسمع شيئا ولا يتمكن من الفهم وهو أحد الأربعة الذين يدلون على الله بالحجة يوم القيامة كما تقدم في حديث الأسود وأبي هريرة وغيرهما .

4) أن أفعال الله سبحانه وتعالى تابعة لحكمته التي لا يخل بها وأنها مصقودة لغايتها المحمودة وعواقبها الحميدة .
ا. هــ من طريق الهجرتين

وهذا الذي ظنه هذا القائل هو شبهة منكري صفات الرب سبحانه وتعالى فإنهم قالوا الإرادة حركة النفس لجلب ما ينفعها ودفع ما يضرها والرب تعالى يتعالى عن ذلك فلا إرادة له والغضب غليان دم القلب طلبا للانتقام والرب منزه عن ذلك فلا غضب له وسلكوا هذا المسلك الباطل في حياته وكلامه وسائر صفاته وهو من أبطل الباطل فإنه أخذ في مسمى الصفة خصائص المخلوق ثم نفاها جملة عن الخالق وهذا في غاية التلبيس والإضلال فإن الخاصة التي أخذها في الصفة لم يثبت لها لذاتها وإنما يثبت لها بإضافتها إلى المخلوق الممكن ومعلوم أن نفي خصائص صفات المخلوقين عن الخالق لا يقتضي نفي أصل الصفة عنه سبحانه ولا إثبات أصل الصفة له يقتضي إثبات خصائص المخلوق له كما أن ما نفي عن صفات الرب تعالى من النقائص والتشبيه لا يقتضي نفيه عن صفة المخلوق ولا ما ثبت لها من الوجوب والقدم والكمال يقتضي ثبوته للمخلوق ولا إطلاق الصفة على الخالق والمخلوق وهذا مثل الحياة والعلم . ص (180)
* وهذا الغلط منشؤه إنما هو توهم صفة المخلوق المقيدة به أولا وتوهم أن إثباتها لله هو مع هذا القيد وهذان وهمان باطلان فإن الصفة الثابتة لله مضافة إليه لا يتوهم فيها شيء من خصائص المخلوقين لا في لفظها ولا في ثبوت معناها وكل من نفى عن الرب تعالى صفة من صفاته لهذا الخيال الباطل لزمه نفي جميع صفات كماله لأنه لا يعقل منها إلا صفة المخلوق بل ويلزمه نفي ذاته لأنه لا يعقل من الذوات إلا الذوات المخلوقة ومعلوم أن الرب سبحانه وتعالى لا يشبهه شيء منها وهذا الباطل قد التزمه غلاة المعطلة. ص (180)
* كل كمال في العبد غير مستلزم للنقص فالرب أحق به . ص (371)

* الملائكة فليسوا بداخلين تحت أحكام تكاليف البشر حتى يصح قياسهم عليه فيما يقولونه ويفعلونه فأين أحكام الملك من أحكام البشر فالملائكة رسل الله في خلقه وأمره يتصرفون بأمره لا بأمر البشر وبهذا خرج الجواب عن كل دليل فيه صلاة الملائكة . ص (568) .
انتهى من جلاء الأفهام