السلام عليكم :
الإخوة الكرام : أود أن أسأل في ضوء عقيدة أهل السنة في إنجاز الوعد و إرجاء الوعيد ....هل الوعيد على الظلم ناجز لا محالة أم أنه تحت المشيئة ؟؟
و بارك الله فيكم .
السلام عليكم :
الإخوة الكرام : أود أن أسأل في ضوء عقيدة أهل السنة في إنجاز الوعد و إرجاء الوعيد ....هل الوعيد على الظلم ناجز لا محالة أم أنه تحت المشيئة ؟؟
و بارك الله فيكم .
بارك الله تعالى فيك ..
إن كان ما فهمته من سؤالك صحيحًا
فستجد إن شاء الله تعالى جوابك في كلام شيخ الإسلام
---------------------
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(( فصل قوله يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار ))
وأما قوله: «يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا» وفي رواية: «وأنا أغفر الذنوب ولا أبالي» «فاستغفروني أغفر لكم» فالمغفرة العامة لجميع الذنوب نوعان:
أحدهما: المغفرة لمن تاب، كما في قوله تعالى: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ } إلى قوله: " { ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ } [1]، فهذا السياق مع سبب نزول الآية يبين أن المعني لا ييأس مذنب من مغفرة الله، ولو كانت ذنوبه ما كانت، فإن الله سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لعبده التائب. وقد دخل في هذا العموم الشرك وغيره من الذنوب، فإن الله تعالى يغفر ذلك لمن تاب منه، قال تعالى: { فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ } إلى قوله: { فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ } [2]، وقال في الآية الأخري: { فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ } [3]، وقال: { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } إلى قوله: { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُو نَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [4].
وهذا القول الجامع بالمغفرة لكل ذنب للتائب منه كما دل عليه القرآن والحديث هو الصواب عند جماهير أهل العلم، وإن كان من الناس من يستثني بعض الذنوب، كقول بعضهم: إن توبة الداعية إلى البدع لا تقبل باطنًا؛ للحديث الإسرائيلي الذي فيه: «فكيف من أضللت».
وهذا غلط؛ فإن الله قد بين في كتابه وسنة رسوله أنه يتوب على أئمة الكفر، الذين هم أعظم من أئمة البدع. وقد قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } [5]، قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم! عذبوا أولياءه وفتنوهم، ثم هو يدعوهم إلى التوبة.
وكذلك توبة القاتل ونحوه، وحديث أبي سعيد، المتفق عليه، في الذي قتل تسعة وتسعين نفسًا يدل على قبول توبته، وليس في الكتاب والسنة ما ينافي ذلك، ولا نصوص الوعيد فيه وفي غيره من الكبائر بمنافية لنصوص قبول التوبة، فليست آية الفرقان بمنسوخة بآية النساء؛ إذ لا منافاة بينهما، فإنه قد علم يقينًا أن كل ذنب فيه وعيد فإن لُحوق الوعيد مشروط بعدم التوبة؛ إذ نصوص التوبة مبينة لتلك النصوص، كالوعيد في الشرك وأكل الربا، وأكل مال اليتيم والسحر، وغير ذلك من الذنوب. ومن قال من العلماء: توبته غير مقبولة. فحقيقة قوله التي تلائم أصول الشريعة أن يراد بذلك أن التوبة المجردة تسقط حق الله من العقاب.
وأما حق المظلوم فلا يسقط بمجرد التوبة، وهذا حق. ولا فرق في ذلك بين القاتل وسائر الظالمين. فمن تاب من ظلم لم يسقط بتوبته حق المظلوم، لكن من تمام توبته أن يعوضه بمثل مظلمته، وإن لم يعوضه في الدنيا فلابد له من العوض في الآخرة، فينبغي للظالم التائب أن يستكثر من الحسنات، حتى إذا استوفي المظلومون حقوقهم لم يبق مفلسًا. ومع هذا فإذا شاء الله أن يعوض المظلوم من عنده فلا راد لفضله، كما إذا شاء أن يغفر ما دون الشرك لمن يشاء؛ ولهذا في حديث القصاص الذي ركب فيه جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن أنيس شهرًا حتى شَافَهَهُ به، وقد رواه الإمام أحمد، وغيره، واستشهد به البخاري في صحيحه، وهو من جنس حديث الترمذي صِحَاحه أو حسانه، قال فيه: «إذا كان يوم القيامة فإن الله يجمع الخلائق في صعيد واحد، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر. ثم يناديهم بصوت يسمعه من بَعُدَ كما يسمعه من قَرُبَ: أنا الملك، أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، ولا لأحد من أهل النار قِبَلَه مظلمة، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار ولا لأحد من أهل الجنة حتى أقصه منه». فبين في الحديث العدل والقصاص بين أهل الجنة وأهل النار.
وفي صحيح مسلم، من حديث أبي سعيد: «أن أهل الجنة إذا عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة»، وقد قال سبحانه لما قال: { وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا } [6] والاغتياب من ظلم الأعراض قال: { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ } [7]. فقد نبههم على التوبة من الاغتياب وهو من الظلم.
وفي الحديث الصحيح: «من كان عنده لأخيه مظلمة في دم أو مال أو عرض فليأته فليستحل منه قبل أن يأتي يوم ليس فيه درهم ولا دينار إلا الحسنات والسيئات. فإن كان له حسنات وإلا أخذ من سيئات صاحبه فطرحت عليه، ثم يلقي في النار» أو كما قال. وهذا فيما علمه المظلوم من العِوَض، فأما إذا اغتابه أو قذفه ولم يعلم بذلك فقد قيل: من شرط توبته إعلامه، وقيل: لا يشترط ذلك، وهذا قول الأكثرين، وهما روايتان عن أحمد. لكن قوله مثل هذا أن يفعل مع المظلوم حسنات، كالدعاء له، والاستغفار، وعمل صالح يهدي إليه، يقوم مقام اغتيابه وقذفه. قال الحسن البصري: كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته.
وأما الذنوب التي يطلق الفقهاء فيها نفي قبول التوبة، مثل قول أكثرهم: لا تقبل توبة الزنديق وهو المنافق، وقولهم: إذا تاب المحارب قبل القدرة عليه تسقط عنه حدود الله، وكذلك قول كثير منهم أو أكثرهم في سائر الجرائم، كما هو أحد قولي الشافعي وأصح الروايتين عن أحمد، وقولهم في هؤلاء: إذا تابوا بعد الرفع إلى الإمام لم تقبل توبتهم فهذا إنما يريدون به رفع العقوبة المشروعة عنهم، أي: لاتقبل توبتهم بحيث يخلي بلا عقوبة، بل يعاقب: إما لأن توبته غير معلومة الصحة، بل يظن به الكذب فيها، وإما لأن رفع العقوبة بذلك يفضي إلى انتهاك المحارم وسد باب العقوبة على الجرائم، ولا يريدون بذلك أن من تاب من هؤلاء توبة صحيحة فإن الله لا يقبل توبته في الباطن؛ إذ ليس هذا قول أحد من أئمة الفقهاء، بل هذه التوبة لا تمنع إلا إذا عاين أمر الآخرة، كما قال تعالى: { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عليهمْ وَكَانَ اللهُ علىمًا حَكِيمًا وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } الآية [8].
قال أبو العالية: سألت أصحاب محمد عن ذلك، فقالوا لي: كل من عصي الله فهو جاهل، وكل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب. وأما من تاب عند معاينة الموت فهذا كفرعون الذي قال: أنا الله، فلما أدركه الغرق قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين. قال الله: { آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } [9]، وهذا استفهام إنكار بَين به أن هذه التوبة ليست هي التوبة المقبولة المأمور بها، فإن استفهام الإنكار؛ إما بمعني النفي إذا قابل الإخبار، وإما بمعني الذم والنهي إذا قابل الإنشاء، وهذا من هذا.
ومثله قوله تعالى: { فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا } الآية [10]. بين أن التوبة بعد رؤية البأس لا تنفع، وأن هذه سنة الله التي قد خلت في عباده؛ كفرعون وغيره، وفي الحديث: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغِرْ»، وروي: «ما لم يعاين».
وقد ثبت في الصحيحين أنه عرض على عمه التوحيد في مرضه الذي مات فيه، وقد عاد يهوديًا كان يخدمه فعرض عليه الإسلام فأسلم، فقال: «الحمد لله الذي أنقذه بي من النار»، ثم قال لأصحابه: «آووا أخاكم».
ومما يبين أن المغفرة العامة في الزمر هي للتائبين أنه قال في سورة النساء: { إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } [11]، فقيد المغفرة بما دون الشرك وعلقها على المشيئة، وهناك أطلق وعمم، فدل هذا التقييد والتعليق على أن هذا في حق غير التائب؛ ولهذا استدل أهل السنة بهذه الآية على جواز المغفرة لأهل الكبائر في الجملة، خلافًا لمن أوجب نفوذ الوعيد بهم من الخوارج والمعتزلة، وإن كان المخالفون لهم قد أسرف فريق منهم من المرجئة، حتى توقفوا في لحوق الوعيد بأحد من أهل القبلة، كما يذكر عن غلاتهم أنهم نفوه مطلقًا، ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، ونصوص الكتاب والسنة مع اتفاق سلف الأمة وأئمتها متطابقة على أن من أهل الكبائر من يعذب، وأنه لا يبقي في النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
النوع الثاني: من المغفرة العامة التي دل عليها قوله: «يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا» المغفرة بمعني تخفيف العذاب، أو بمعني تأخيره إلى أجل مسمي، وهذا عام مطلقًا؛ ولهذا شفع النبي في أبي طالب مع موته على الشرك فنقل من غمرة من نار، حتى جعل في ضَحْضَاحٍ من نار، في قدميه نعلان من نار يغلي منهما دماغه. قال: «ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار»، وعلى هذا المعني دل قوله سبحانه: { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ } [12]، { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عليها مِن دَآبَّةٍ } [13]، { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ } [14].
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الله تعالى لا يخلف وعده ولكن قد يخلف وعيده وهذه من رحمته تعالى
من امثلة الوعد
1- قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) سورة النساء /169
2- قوله تعالى : ( إِلا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) سورة الجن / 23
3- إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا(64)خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا(65) سورة الأحزاب
من امثلة الوعيد
قوله تعالى" إن في ذلك لأية لمن خاف عذاب الأخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل معدود يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقى وسعيد فأما الذين شقوا ففى النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموت والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففى الجنة خلدين فيها ما دامت السموت والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ " 104-108