بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد فلقد تابعت على صفحات هذا المنتدى المبارك حوارا علميا رائعا حول مدح ابن تيمية بتخطئة سيبويه ، وأردت أن أكتب تعليقا في الموضوع ذاته ثم رأيت أن أجعله موضوع مستقلا ، وأدعو الجميع للمشاركة بإباداء الرأي والتوجيه والنصح .
ولنبدأ بذكر طرفي المنافرة
الإمام ابن تيمية وهو غني عن التعريف ولد عام 661هـ وتوفي عام 728هـ .
أبو حيان الأندلسي وهو محمد بن يوسف ولد عام 654هـوتوفي عام 745هـ.
وحتى نحقق هذه الرواية نذكر المؤرخين المعاصرين لهما :-
1- أبوالفداء ( 672- 732)
2- الذهبي ( 673- 748)
3- ابن الوردي المتوفى في 749
4- الصفدي (696- 764)
5- ابن فضل الله العمري (700- 749)
6- ابن كثير (701- 774)
وهذا ما استطعت حصره من المؤرخين
ولنأخذ رواية ابن الوردي :-
(ولما سافر ابن تيمية على البريد إلى القاهرة سنة سبعمائة وحض على الجهاد رتب له مرتب في كل يوم وهو دينار وتحفه وجاءته بقجة قماش فلم يقبل من ذلك شيئاً . وقال القاضي أبو الفتح ابن دقيق العيد : لما اجتمعت بابن تيمية رأيت رجلاً كل العلوم بين عينيه يأخذ ما يريد ويدع ما يريد وحضر عنده شيخ النحاة أبو حيان وقال ما رأت عيناي مثله . وقال فيه على البديهة أبياتاً منها :
( قام ابن تيمية في نصر شرعتنا ** مقام سيد تيم إذ عصت مضر )
( فأظهر الحق إذ آثاره درست ** وأخمد الشر إذ طارت له الشرر )
( كنا نحدث عن حبر يجيء فها ** أنت الإمام الذي قد كان ينتظر )
نلاحظ أن هذه الرواية لم تذكر شيئا عن هذه المنافرة ، ونحن نركز على المؤرخين الذين عاصروا الواقعة .
الروايات التي أثبتت المنافرة
ترجمة الحافظ بن حجر لابن تيمية والإمام ابن حجر ولد عام 773هـ
قال الشهاب ابن فضل الله لما قدم ابن تيمية على البريد إلى القاهرة في سنة سبعمائة نزل عند عمي شرف الدين وحض أهل المملكة على الجهاد فأغلظ القول للسلطان والأمراء ورتبوا له في مقر إقامته في كل يوم دينارا ومخفقة طعام فلم يقبل شيئا من ذلك وأرسل له السلطان بقجة قماش فردها قال ثم حضر عنده شيخنا أبو حيان فقال ما رأت عيناي مثل هذا الرجل ثم مدحه بأبيات ذكر أنه نظمها بديها وأنشده إياها
لما أتانا تقي الدين لاح لنا **داع إلى الله فرد ما له وزر
على محياه من سيما الأولى صحبوا **خير البرية نور دونه القمر
حبر تسربل منه دهره حبرا ** بحر تقاذف من أمواجه الدرر
قام ابن تيمية في نصر شرعتنا ** مقام سيد تيم إذ عصت مصر
وأظهر الحق إذ آثاره اندرست ** واخمد الشر إذ طارت له شرر
كنا نحدث عن حبر يجيء بها ** أنت الإمام الذي قد كان ينتظر
قال ثم دار بينهما كلام فجرى ذكر سيبوبه فأغلظ ابن تيمية القول في سيبويه فنافره أبو حيان وقطعة بسببه ثم عاد ذاما له وصير ذلك ذنبا لا يغفر
قال وحج ابن المحب سنة 34 فسمع من أبي حيان أناشيد فقرأ عليه هذه الأبيات فقال قد كشطتها من ديواني ولا أذكره بخير فسأله عن السبب في ذلك فقال ناظرته في شيء من العربية فذكرت له كلام سيبوبه فقال يفشر سيبوبه قال أبو حيان وهذا لا يستحق الخطاب ويقال إن ابن تيمية قال له ما كان سيبويه نبي النحو ولا كان معصوما بل أخطأ في الكتاب في ثمانين موضعا ما تفهمها أنت فكان ذلك سبب مقاطعته إياه وذكره في تفسيره البحر بكل سوء وكذلك في مختصره النهر.
ترجمة السيوطي لأبي حيان في البغية
(قال الأدفوي : وكان يفخر بالبخل كما يفخر الناس بالكرم ،......وكان يعظم ابن تيمية ،ثم وقع بينه وبينه مسألة نقل فيها أبوحيان شيئا عن سيبويه فقال ابن تيمية :وسيبويه كان نبي النحولقد أخطأ سيبويه في ثلاثين موضعا في كتابه...)
تلك مصادر الرواية التي استطعت الاطلاع عليها حتى الآن ومن عنده مصدر آخر متقدم يرشدني إليه .
وبالنظر إلى الروايتين نجد تعارضا واضحا في كم الأخطاء ، كما نجد مخالفة للواقع فمن يطلع على تفسير البحر لم يجد ما ذكر في الرواية .
إن هذا التعارض يشكك الباحث في مصداقية الرواية كما نلاحظ صيغة التمريض في الرواية التي ذكرها ابن حجر ( ويقال ....)
ونرجو ممن أن يطلع على الموضوع إبداء ملاحظاته وجزاكم الله الخير الوافر.