عن عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة أخبره أنه قدم وافداً على معاوية بن أبي سفيان فقضى حاجته ، ثم دعاه فأخلاه فقال يا مسور ما فعل طحنك في الأئمة ؟ فقال المسور : دعنا من هذا واحسن فيما قدمنا له . فقال معاوية : لا والله لتكلمني بذات نفسك ، والذي تعيب علي: قال المسور: فلم أترك شيئاً أعيبه عليه إلا بينته له. قال معاوية : لا بريء من الذنب ، فهل تعد يا مسور مالي في الإصلاح في أمر العامة ، فإن الحسنة بعشر أمثالها ؟ أم تعد الذنوب وتترك الحسنات قال المسور: والله ما نذكر إلا ما ترى من هذه الذنوب . قال معاوية فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه ، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلك أن لم يغفرها الله؟ قال مسور: نعم قال معاوية : فما يجعلك أحق أن ترجو المغفرة مني؟ فوالله لما إلى من الإصلاح أكثر مما تلي ، ولكن والله لا أُخير بين أمرين وبين الله وغيره إلا اخترت الله تعالى على ما سواه ، وأنا على دين يقبل الله فيه العمل ويجزي فيه بالحسنات ويجزي فيه بالذنوب إلا أن الله يعفو عمن يشاء فأنا أحتسب كل حسنة عملتها بأضعافها وأوازي أموراً عظاماً لا أحصيها ولا تحصيها من عمل لله في إقامة صلوات المسلمين والجهاد في سبيل الله عز وجل والحكم بما انزل الله تعالى ، والأمور التي ليست تحصيها وإن عددتها لك. قال المسور : فعرفت أن معاوية قد خصمني حين ذكر لي ما ذكر.قال عروة : فلم يُسمع المسور بعد ذلك يذكر معاوية إلا استغفر له.
رضي الله عن صحابة رسول الله
فلا تجد مسألة مشكلة، إلا وتجد في هديهم وطريقتهم قدوة لمن وفقه الله للاقتداء بهم
(والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)