السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هناك خلاف حاصل في نسبة كتاب: " التَّعريجُ والتَّبرِيجُ في ذكر أحكام المُغَارَسَة والتَّصْبِيرِوالتَّوْلِيجِ " أو " التَّبْييّن والتَّسْهِيل في ذكر ماأَغفَل عَنْهُ الشَيخُ خَلِيل من أحْكَام المُغَارَسَة والتَّوْلِيجِوالتَّصْبِيرِ " فالبعض ينسبه إلى أبي زيد عبد الرحمن بن عبد القادر بن عليالفاسي ( المتوفي سنة 1096هـ)، والبعض الأخر إلى أبي زيد عبد الرحمن بن عبد القادرالمجَّاجي الراشدي الجزائري( المتوفي 1020 هـ)، وقد يكون هذا الخلاف أو الخلط بسبب التشابه الكبير بين الاسمين.
هذا الكتاب قام إخواننا في المغرب الأقصى جزاهم الله خيرا بطبعه عدة مرات، منها طبعة سنة 1318 هـ طبعة حجرية بفاس طبعة المولى عبدالعزيز، بتصحيح محمد المهدي بن محمد بن محمد بن الخضر العمراني الوزاني في 139صفحة، وطبعة سنة 1332 هـ في 117 صفحة.[ أنظر المطبوعات الحجرية في المغرب، جمع وإعداد فوزي عبد الرزاق ص 34].
كما طبع في مطبعة فونتانا حيث قام الدكتور الجزائري محمد بن ابي شنب المدرس في جامعة الجزائر سنة 1926 م، بترجمة الكتاب الى الفرنسية، تحتعنوان: La plantation a Frais Commun وكلهم نسبوه إلى أبي زيد عبد الرحمنبن عبد القادر الفاسي ( المتوفي سنة 1096هـ) صاحب التصانيف الكثيرة والذي كان يلقب بسيوطي زمانه.
لكني بعد الإطلاع على بعض المخطوطات والمصادر التي ترجمت للمجّاجي الجزائري، وبعد قراءتي للرسالة الجامعية الماتعة الرائعة التي تقدم بها الأستاذ خالد بوشمة لنيل الماجستير في كلية أصول الدين، جامعة الجزائر، تحت إشراف الأستاذ الدكتور نور الدين عباسي رئيس قسم الشريعة بالكلية، والتي نالت درجة تقدير مشرف جدا، وقامت بطبعها مشكورتين دار ابن حزم بيروت، بالاشتراك مع دار التراث ناشرون باش جراح ، الجزائر سنة 1426هـ/ 2005م.
قلت أكاد أجزم بأن الكتاب هو من تأليف أبو زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الراشدي المجَّاجي الجزائري ( ت 1020 هـ)، للأسباب التالية:
1 - ذكر الكثير ممن ترجم للشيخ أبي زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الراشدي المجَّاجي الجزائري هذا الكتاب ضمن مؤلفاته ، ومنهم بلدييه:
- الشيخ أبيراس الناصري المعسكري في كتابه " عجائب الاسفار ولطائف الاخبار" [ تقديم وتحقيق: الأستاذ محمد غالم، منشورات مركز البحث في الانثربولوجية الاجتماعية والثقافية، وهران 2005م].
- الشيخأبو القاسم محمد الحفناوي في كتابه " تعريف الخلف برجال السلف"[ مؤسسة الرسالة سوريا المكتبة العتيقة تونس الطبعة الأولى 1402هـ- 1982م (2 / 224.].
وكذا الشيخ محمد بشير ظافر الأزهري في كتابه " اليواقيت الثمينة في أعيان مذهب المدينة (2/ 190)].
والمؤرخ الشيخ مصطفى بن فتح الله في كتابه " فوائد الارتحال ونتائج السفر في أخبار أهل القرنالحادي عشر" .
2 – لم تذكر المصادر التي تقصت مؤلفات الشيخ الفاسي ضمن مؤلفاته هذا الكتاب، وهو دليل على بطلان من ينسبه إليه رغم وزنهم في عالم الفهارس والكتب، فمن يلقي نظرة على كتب مثل "صفوة من انتشر من اخبار صلحاء القرن الحادي عشر "، و" نشر المثاني" وغيرها التي أحصت جميع مؤلفات ابي زيد الفاسي، فلن يجد الكتاب موضوع البحث.
3 - إضافة إلى هذا فإن اسمه الكامل مذكور في بعض المخطوطات، مثل مخطوطة المكتبة الوطنية الجزائررقم 1310 المكتبة الوطنية الجزائر [ عدد أوراقها 49 ورقة، والحجم 260 ملم × 180 ملم، وعدد الاسطر 32 سطر، خطها مغربي،أما الناسخ فقد كتبه لنفسه محمود بن علي بن العرب بن الباجي بن يحي بن محمود بن علي بن أمحمد المهبالي نسبا ووطنا، وتم نسخه في 18 من شهر محرم 1144هـ] فقد جاء في مقدمة المتن بعد البسملة : " ... يقول العبد الفقير إلى الله المضطر إلى رحمة ربّه، المنكسر خاطره لكثرة ذنوبه وفضيح عيبه، عبدالرحمن بن عبد القادر المجّاجي، تاب الله عليه، وغفر له ولوالديه، آمين..." .
- وكذا في النسخة تحت رقم 2778 المكتبة الوطنية الجزائر[ عدد أوراقها 70 ورقة، والحجم 235 ملم × 170 ملم، وعدد الاسطر 24 سطر، خطها مغربي،أما الناسخ فهو علي بن عيسى بن حميدة بن علي بن عمر الزواوي نسبا المداني دارأ انتهى من نسخها بعد صلاة الظهر يوم الجمعة في 06 من ذي القعدة سنة 1181هـ].
- وكذا في مخطوطة المكتبة القاسمية بزاوية الهامل [ تحت رقم: 233هـ، عددأوراقها: 47 وعنوانها: "التصريح والتبريح في أحكام المغارسة".
- كما ذكر اسمه كاملا ( المجاجي الراشدي ) بعض نساخ مخطوطاته مثل ما ورد على هامش نسخة وزارةالشؤون الدينية الجزائر [ تحت رقم 633 م1: وهي ضمن مجموع ترتيبها الأول من الحجم المتوسط، عدد أوراقها 25 ورقة، والحجم 5،9 سم × 15 سم، وعدد الاسطر35 سطر، خطها مغربي، أما الناسخ فهو بلقاسم بم المهدي بن محمد صالح بن علي بن سليمان، وتم نسخه في سنة 1166هـ، والنسخة مبتورة الثلث بعد الورقة 11 وتقف عند قوله: " والنظر فيها للإمام أو نائبه " وتستمر عند قوله: " لصلة رحم أو لفقير كالصدقة"، وعلى المخطوطختم باسم الجانع العتيق لمدينة البرواقية، ولاية المدية]

4 – استشهد المجَّاجي الراشدي بنصوص فقهية لبعض العلماءالجزائريين الذين لا توجد لهم ترجمة في المصادر والمراجع التي اطلعت عليها ( في حدود علمي)، ولا أظن أنهم من شيوخ الفاسي أو أنه يعرفهم؟ وهاهي مؤلفاته الأخرى ولاذكر فيها لأي منهم، ومن هؤلاء الشيوخ الأعلام: ابن عبد السلام الملياني( ص241 وص 247 من رسالة خالد بوشمة)، وعبد الرحمن بن مغلاش الوهراني (ص 229 و 239 و240 الرسالة)، وموسى بن عمر فقيه الجزائر ( ص 300 – 302).
5 – ينقل لنا المجّاجي بعض العادات والتقاليد، وكذابعض الألفاظ والعبارات التي لا يعرفها إلا المجتمع الجزائري وبعضها لا يزال ساري المفعول إلى يومنا هذا منها على سبيل المثال:
- ينقل لنا عادة أعتادها العوام في معرفة البلوغ في القطر الجزائري، وهي أن يؤخذ خيط ويثنيه ويديره برقبته، ويجعل طرفيه في أسنانه، فإن دخل رأسه منه فقد بلغ، وإن كان العكس فإنه لم يبلغ ( ص 212)
- ويذكر كذلك المراح: وهي كلمة يستعملها سكان الجزائر فقط ( المكان الذي يحاط بسياج من الأخشاب لتوضع فيه الحيوانات) انظر ص 493.
4 - يذكر تشتّت أمور الأوقاف في الغرب الجزائري إبان العهد التركي (العثماني)، كما نقل إلينا عدم اهتمام الأتراك باختيار الأنسب في المناصب القضائية، وأصبحت هذه المناصب مغنما، بينما المغرب الأقصى لم يكن تابعا للعثمانيين كما هو معروف.
كل هذه الأدلة أقدمها بين يدي القراء، وهي قابلة للمناقشة والإثراء،

والله أعلى وأعلم.