البحث عن (المقاطعة) و: شبهات حول المقاطعة , لا ادري ان كان في البحث اخطاء او اغلاط ولكنه مميز من حيث افادتنا بادلة مشروعية المقاطعة الاقتصادية لمنتجات المعتدين:
http://www.uae4ever.com/vb1/Emara3/thread110119.html
البحث:
مشروعية «المقاطعة» و شبهات حول «المقاطعة»
مشروعية «المقاطعة»
المقاطعة في اللغة: كلمة المقاطعة أو التَّقَاطُعُ في المعاجم القديمة تدور حول: الإبانة والهجران وعدم التواصل. (مختار الصحاح: 226، لسان العرب: 8/276، وأساس البلاغة للزمخشري: 2/262-263).
والمقاطعة بالمعنى المعاصر لم ترد في المعاجم القديمة تفصيلاً؛ ولهذا جاء في المعجم الوسيط: [قاطع فلانًا: هجره. وقاطع القومَ: امتنع عن التعاون معهم. وقاطع: حرَّم الاتصال بهم اقتصاديًا أو اجتماعيًا وفق نظام جماعي مرسوم، ويقال: قاطع بضائعهم ومنتجاتهم. (محدثة)]. (انظر: المحجم الوسيط: 2/774).
والمقصود هنا، في بحثنا هذا المعنى العصري المحدَث: قطع الصلة بين المسلمين - بصورة جماعية - مع عدوهم الكافر الحربي، وعدم التعاون معه في أي مجال من المجالات. وأيسر مراتبها: الامتناع عن شراء بضائعه ومنتجاته، والامتناع عن الاستمتاع بخدماته.
المفروض أن لا يكون هناك أي جدال، وأن لا تعتري المسلم أي شبهة في مشروعية «المقاطعة»، بالمعنى المذكور آنفاً. ومع ذلك فقد وجد من منافقة القراء، فقهاء السلاطين الخونة، من يروج القول بعدم مشروعيتها، ويحذر الناس من «مغبة» الالتزام بها.
لذلك فلا بد من معالجة «مشروعية المقاطعة» معالجة مستفيضة، ودحض شبهات أعداء الله من فقهاء السلاطين حتى لا تقوم لهم بعد ذلك قائمة.
الدليل الأول: أن العدو الكافر الحربي قد حل دمه وماله، ما دام حربياً. فإن جاز أخذ ماله غنيمة، فمن باب أولى يجوز حرمانه من كسب المال بكل عمل حربي، وأولى وأولى أن تجوز مقاطعة بضائعه بعدم شرائها بنية إلحاق الضرر به، وحرمانه من فائدة ثمنها.
وقد ثبت حل مال الكافر الحربي بالكتاب والسنة والإجماع المتيقن المقطوع به في نصوص تتعلق بحوادث كثيرة يصعب حصرها، ومنها أهمها: خروج النبي، عليه وعلى آله الصلاة والسلام، لاعتراض قافلة قريش وأخذها غنيمة للمسلمين، كما هو معلوم بنقل التواتر. وكان الله، جل جلاله، قد وعده إحدى الطائفتين: إما القافلة، وإما جيش قريش، كما هو في نص القرآن.
الدليل الثاني: أن العدو الكافر الحربي يجوز التنكيل به، وزلزلته معنوياً، بإتلاف بعض ممتلكاته، مثل ما فعل النبي، عليه وعلى آله الصلاة والسلام، إبان حصار بني النضير، عندما قطع وحرَّق بعض أشجارهم، مع أنه قد علم أنها ستكون قريباً غنيمة للمسلمين. وقد أنكرت عليه اليهود، وأولياؤهم من المنافقين، ذلك وزعموا أنه (فساد)، فرد عليهم القرآن: }
COLOR=#005700]مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ[/COLOR]{، (الحشر؛ 59:5). فمن باب أولى يجوز أن يلحق به الضرر بالمقاطعة، التي هي أهون من ذلك بكثير، ولا ضرر فيها، ولا خسارة على المسلمين.
الدليل الثالث: أن العدو الكافر الحربي تجوز مقاطعته اقتصادياً بمنع البضائع، بما في ذلك الأطعمة إليه، كما فعل ثمامة بن أثال الحنفي:
v كما جاء في "سنن البيهقي الكبرى" بتمام طولها: [أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن بن إسحاق ثنا سعيد المقبري عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، قال: (ان إسلام ثمامة بن أثال الحنفي، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، دعا الله حين عرض لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، بما عرض له أن يمكنه الله منه وكان عرض له وهو مشرك فأراد قتله. فأقبل ثمامة معتمرا وهو على شركه حتى دخل المدينة فتحير فيها حتى أخذ وأتي به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأمر به فربط إلى عمود من عمد المسجد فخرج عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: "ما لك يا ثمامة، هل أمكن الله منك؟!"، قال: (وقد كان ذلك يا محمد: إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعف تعف عن شاكر، وإن تسأل مالا تعطه!)، فمضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتركه حتى إذا كان الغد مر به فقال: "ما لك يا ثمام؟!"، فقال: (خيرا يا محمد: إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعف تعف عن شاكر، وإن تسأل مالا تعطه)، ثم انصرف عنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قال أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه: (فجعلنا المساكين نقول بيننا: ما نصنع بدم ثمامة؟! والله لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دم ثمامة!)، فلما كان الغد مر به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: "مالك يا ثمامة؟َ"، فقال: (خيراً يا محمد: إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعف تعف عن شاكر، وإن تسل مالا تعطه!)، فقال رسول الله: "اطلقوه فقد عفوت عنك يا ثمام"، فخرج ثمامة حتى أتى حائطا من حيطان المدينة، فاغتسل فيه، وتطهر، وطهر ثيابه، ثم جاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقال: (يا محمد: والله لقد كنت وما وجه أبغض إلي من وجهك، ولا دين أبغض إلي من دينك، ولا بلد أبغض إلي من بلدك، ثم لقد أصبحت وما وجه أحب إلي من وجهك، ولا دين أحب إلي من دينك، ولا بلد أحب إلي من بلدك: وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. يا رسول الله إني كنت قد خرجت معتمرا وأنا على دين قومي فبشرني صلى الله عليك في عمرتي!)، فبشره، وعلمه فخرج معتمرا، فلما قدم مكة وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد من الإسلام قالوا: (صبأ ثمامة!)، فأغضبوه فقال: (إني والله ما صبوت، ولكني أسلمت، وصدقت محمداً، وآمنت به: وايم الذي نفس ثمامة بيده، لا يأتيكم حبة من اليمامة، (وكانت ريف مكة) ما بقيت حتى يأذن فيها محمد، صلى الله عليه وسلم!)، وانصرف إلى بلده، ومنع الحمل إلى مكة، حتى جهدت قريش، فكتبوا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يسألونه بأرحامهم: أن يكتب إلى ثمامة يخلي إليهم حمل الطعام! ففعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم]، هذا إسناد متصل صحيح، غاية في القوة، صرح فيه الإمام ابن إسحاق بالتحديث. وقد أخرج الأئمة البخاري، ومسلم، وابن حبان، والليث بن سعد، وأحمد وغيرهم هذا الحديث من طرق كثيرة مطولة ومختصرة، ولكن هذا هو أتمها في نسق واحد، ونص البخاري مثله باختصار طفيف.
فإن كانت المقاطعة للعدو الحربي مشروعة، حتى بمنع الطعام عنه، فمن باب أولى لا يجوز أن تكون هناك أدنى شبهة في جواز مقاطعته فقط بعدم شراء بضائعه، أو الاستمتاع بخدماته.
كما أن الحديث برهان قاطع على أن الشروع في «المقاطعة» لا يحتاج إلى إذن «ولي الأمر الشرعي» مطلقاً، فقد بدئها ثمامة بن أثال الحنفي من تلقاء نفسه، من غير استئذان مسبق من النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الدليل الرابع: أن المقاطعة بالنحو الموصوف، في أقل أحوالها، تغيظ العدو الكافر الحربي، هذا إذا لم يكن مفعولها أكثر من ذلك بكثير، وقد قال جل جلاله، وسمى مقامه: }مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ، وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ v وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{، (التوبة؛ 9:120-121)
الدليل الخامس: أن العدو الكافر الحربي، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، كان، وما يزال يستخدم الحصار العسكري، والعقوبات الاقتصادية، والمقاطعة بشتى أنواعها ضد المسلمين ممثلين في بعض البلاد الإسلامية: من فلسطين، فالعراق، مروراً بليبيا، وسورياً، وربما ألحقت بها السودان، وغيرها قريباً. وهو في هذا معتد ظالم، وعقوباته باطلة مرفوضة، مهما بررها بقرارت منظمة الأمم المتحدة، وهي منظمة كفر وظلم، وأداة هيمنة واستكبار في يد الدولة الأعظم في العالم.
بل إن الولايات المتحدة الأمريكية قد استخدمت ، فقط فيما بين عامي 1993- 1996م، سلاح المقاطعة الاقتصادية ستين مرة ضد 35 بلداً، بحجج واهية لتحقيق مصالحها السياسية الدنيئة. فأمريكا تمارس سياسة المقاطعة، أو ما تسميه هي بالعقوبات الاقتصادية، ضد شعوب بأكملها، مما جعل تلك الشعوب المظلومة المنكوبة تعاني من الموت والدمار دون أن يستدر ذلك عطف الأمريكان أو شفقتهم، ولم تتحرك في ضمائرهم أية لوعة من أجل صور الأطفال الجياع البائسين!
لذلك جازت معاملتها بالمثل، كما هو مقطوع به، ومعلوم من الدين بالضرورة عند أدنى تأمل للنصوص التالية:
v قال، جل جلاله، وسمى مقامه: }الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ{، (البقرة؛ 2:194). هذا في غاية البيان، بل فيه ملمح بلاغي لطيف إذ سمَّى الله مقابلة العدوان عدواناً حيث قال: }فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ{، على وجه المجاز، مع كونها حق وعدل مأمور به في حقيقة الأمر، وذلك للتأكيد على أنها قد تشبه العدوان الابتدائي، وهو عدوان بحق، في مظهرها ونوعها ونتائجها على الأنفس والأموال. والأمر في الآية، وإن كان الأصل فيه الوجوب، إلا أنه ها هنا للإباحة، بقرينة الآية التالية.
v وحيث قال، تباركت أسماؤه، جل وعز: }وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ{، (النحل؛ 16:126). وهذه كسابقتها، ولكن فيها زيادة بيان، بأن الأمر المذكور للإباحة، لا للوجوب: فإن شئنا عاقبنا، وإن شئنا عفونا وصبرنا، وهو أفضل.
على أنه ينبغي أن يعلم أن العفو إنما يكون عن مقدرة، أما من عجز أو تكاسل عن الأخذ بحقه فهذا إما:
(1) عاجز معذور، أو
(2) متكاسل مذموم،
وليس هو أهل لثواب الصابرين المتسامحين، أي أن «سلام الشجعان» الذي يتمشدق به الخونة في فلسطين، وعلى رأسهم المنافق الكبير المرتد ياسر عرفات، لا وجود له في العالم، مهما طبَّل له هؤلاء السفلة وزمَّروا، وفي الآيات التالية زيادة إيضاح لهذا سنذكره إن شاء الله بعد قليل.
وفي هذه الآية الكريمة نفسها ملمح آخر حيث سمَّى الله ما يصيبنا من ظلم ابتداءً «عقوبة»، مع أن العقوبة في الأصل لا تكون ابتداءً على الإطلاق، وإنما تكون عقوبة لذنب ارتكب، أي تترتب على قيام المعَاقَب بفعل مذموم سابق، وهي من ثم مشروعة حسنة. فلم سمَّى الله ما وقع علينا من ظلم عقوبة؟! هذا والله أعلم لبيان أن الظلم قد يقع تحت مسمَى «العقوبة»، فإذا كانت تلك العقوبة غير مشروعة، فهي على التحقيق ظلم وعدوان، بغض النظر عن مسمّياتها، ولنا الحق في معاقبة المعتدي بالمثل. وخير مثال لذلك «عقوبات» الأمم المتحدة الإجرامية الكافرة لليبيا والعراق، وغيرهما.
v وقال، جل جلاله، وسمى مقامه: }فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ v وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ v وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ v وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ v وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ v إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ v وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ{، (الشورى؛42:36-43). هذا في غاية الوضوح والبيان: فيه، كما اسلفنا، الحث على الانتصار وطلب القصاص والنصرة، فإن تمكن الإنسان منه ثم عفى وصبر فتلك هي العزيمة بحق، وتلك هي الدرجة العالية بحق، وليس "سلام الشجعان" الذي يروج له الدجاجلة العملاء، الخونة السفلاء، في فلسطين.
لاحظ ها هنا ذكر السيئة جزاءً لسيئة سابقة أحدثها المعتدي مما يوجب القطع بأن المعاملة بالمثل مشروعة، ولو بفعل من جنس ما ارتكبه المعتدي، ولو كان ذلك الفعل سيئة في ذاته وعدواناً لو وقع على وجه المبادرة والابتداء، ولكنه ها هنا حلال جائز مسموح به على وجه الجزاء والمعاقبة والقصاص.
v وقال جل من قائل: }إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُم ْ كَافَّةً، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ{، (التوبة: 9:36). ها هنا لفظة "كما" تفيد المماثلة والتشبيه، هي عامة في كل ما يتصور فيه المماثلة، كما بينته الآيات السابقة. نعم: التركيز هنا في هذه الآية الكريمة على القتال جميعاً كافة، كما يقاتلوننا جميعاً كافة، وصدق الله: هذا هو واقعهم عبر العصور في الحروب الصليبية الأولى، وفي الحروب الصليبية الأخيرة، كهذه التي شنت على العراق: لا يحاربون إلا في تحالفات كبيرة، وتكتلات ضخمة، مع أن أمريكا كانت كافية وفوق الكافية للعراق، بل ولعشرة أضعاف العراق، وهي الآن كافية وفوق الكافية لأفغانستان، ولمائة بلد في حجم وقدرات أفغانستان. فالواجب على المسلمين أن ينهضوا لحربهم كافة.
نعم: والقتال إنما يكون لمن قاتلنا، أما المسالم فلا يقاتل، بل لا تجوز مقاتلته ولا قتله، ودمه وعرضه وماله وكرامته وبشرته معصومة، محترمة مصونة. ولكن لا يقال أن ذلك غير منطبق على الشعب الأمريكي بشكل عام، لأن أفراده غير منغمسين في القتال بأعيانهم فرداً فرداً، لا يقال ذلك: لأن القتال ليس لأفراد الشعب الأمريكي بصفتهم الفردية، وإنما هو لأمريكا بوصفها دولة كافرة حربية، وكيان محارب معتد، وهي ليست مسالمة، بل هي التي اعتدت، وتعتدي حتى الآن، في العراق بالعدوان والاحتلال المباشر، وهي التي جاءت من وراء البحار للقيام بذلك، ولم يعبر المسلمون البحار إليها مبتدئين بعمل قتالي، وكذلك في فلسطين، ليس بقتالنا في الدين أو بإخراجنا بنفسها، فهذه تفعله إسرائيل مباشرة، ولكن بـ"المظاهرة" على ذلك، وتقديم الدعم المطلق للسرطان الصهيوني ال**** في فلسطين، أي بطريق غير ماشرة. فهي المبتدئة بالعدوان، وحالة الحرب معها متحققة. والواجب الشرعي حينئذ هو مقاتلتها بالطريق الشرعية، فلا تقتل النساء والأطفال، ولا تدمر المنشئات المدنية، وإنما تكون المنازلة في مبدان القتال محصورة في المقاتلين فقط، هذا هو الأصل، وهو الواجب الشرعي.
إلا أن الواقع أظهر بنقل التواتر، نقل الكواف عن الكواف، وباعتراف أجهزتها الإعلامية، أنها استهدفت المدنيين، في العراق مثلاً، من نساء ورجال وأطفال بالقتل مباشرة بالقصف والسلاح، واستهدفت المنشئات المدنية، وكافة المنافع والبنى التحتية، واستهدفت وتستهدف، المدنيين من نساء ورجال وأطفال بالقتل غير المباشر: بالحصار والتجويع والتسميم بالإشعاعات، وبانتشار الأمراض المترتب على تدمير محطات تنقية المياه، بل وبتسميم مياه الشرب، التخريب المتعمد لمرافق الصرف الصحي.. وقد توجت أمريكا ذلك مؤخراً بفظاعاتها المشهورة في جوانتانامو، وسجون العراق، لا سيما سجن «أبو غريب» المشؤوم، وقد فعلت إسرائيل بعضاً من ذلك في فلسطين (وإن كان بحذر وعناية شديدة) و«ظاهرتها» أمريكا على ذلك،.لذلك جازت معاملتهما بالمثل، من غير تجاوز حدود الاعتدال.
الدليل السادس: أن مشروعية الدفاع عن النفس أمر مقطوع به في جميع الشرائع، وبخاصة في هذه الشريعة المباركة الخاتمة. وحالة الدفاع عن النفس من أحوال الاضطرار التي يؤذن فيها بما لا يجوز فعله في الأحوال العادية من المحرمات، كقتل الصائل الذي لا يندفع شره إلا بالقتل. فمن باب أولى تجوز «المقاطعة» على النحو المشروح أعلاه، حتى ولو سلمنا جدلاً بأنها محرمة في الأصل، وهو قول باطل، لا شك في بطلانه.
ولقد أفتى الإمام الكبير العز بن عبد السلام ـ رضي الله عنه ـ بمقاطعة التتار وعدم بيع الأسلحة لهم أو بيع ما يعينهم على قتال المسلمين. وهكذا فعل صلاح الدين الأيوبي قبل موقعة حطين عندما أراد أن يوحد الأمة الإسلامية ضد الصليبيين الغزاة فأصدر أوامر واضحة بعدم التعامل التجاري مع الصليبيين، خاصة في مجال الأسلحة لعظم تأثيرها في المعركة.
والخلاصة: إن سلاح المقاطعة سلاح مشروع، وليس بدعة مستنكرة، وإنما هو سلاح ناجع مجرَّب:
جربته الهند بقيادة غاندي ونجحت في هز اقتصاد بريطانيا، الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
وجربته كوبا مع أمريكا فلا يعرف شعبها ما يسمي بالمنتج الأمريكي أبداً،
وجربته اليابان مع أمريكا بتلقائية ووعي الشعب الياباني جعل العم سام يقوم بجولات م****ة أكثر من مرة يستجدي فتح السوق الياباني وتشجيع شراء المنتج الأمريكي.
فلماذا يتردد المسلمون في استخدام سلاح المقاطعة السلبية، ليؤدي بعض النتائج، أو ليشعر المسلم على الأقل بأن له ثَمَّةَ دورا - ولو محدوداً- يستطيع أن يقوم به؟ إنه جزء من الإنكار القلبي أو العملي السهل الذي لا يخسر فيه المرء شيئاً، ولا يحتاج لأكثر من أن يختار بضاعة عربية أو إسلامية أو شرق آسيوية: من اليابان، أو الصين، أو حتى أوربية عند الحاجة، وربما تكون بالميزات ذاتها، وبالسعر ذاته.
ثم إن المقاطعة تعد إسهاماً من جميع المسلمين في جهاد أعداء الله؛ لإضعاف الحملة الصليبية الجديدة، ومناصرة إخوانهم المجاهدين.
وأخيراً: ففي ظل الانتفاضة المباركة في القدس الشريف، ومع فعاليات المقاومة العراقية الباسلة، وعودة الجهاد الأفغاني إلى الساحة بقوة، وفي ظل التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني والشعب العراقي والشعب الأفغاني، أطفالاً ونساءً ورجالاً؛ فإن أهم الأولويات وأول الواجبات أن ننادي بالمقاطعة الاقتصادية الشاملة الحازمة للعدو الكافر الحربي الأمريكي، وكذلك البريطاني، ولصنيعتهما: السرطان الصهيوني في فلسطين، وأن نكون جادين في هذه المقاطعة.