أما حديث عبد الله بن مسعود :
أخرجه البزار ـ واللفظ له ـ في (( مسنده )) (5/178/1776) ، والطبراني (10/182) من طريق سهل بن عامر البجلي قال حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن من ورائكم أيام الصبر الصبر فيهن كقبض على الجمر للعامل فيهن أجر خمسين شهيدًا . قالوا : يارسول الله ! أجر خمسين منهم أو خمسين منا ؟ قال : خمسون منكم ))
قلت : هذا إسناد باطل ، آفته سهل بن عامر البجلي وهو متهم .
قال ابن أبي حاتم (( الجرح والتعديل )) (4/202) : سمعت أبي يقول : (( هو ضعيف الحديث ، روى أحاديث بواطيل ، أدركته بالكوفة وكان يفتعل الحديث ... ثم قال : روى عنه أحمد بن عثمان بن حكيم )) .
قال الذهبي (( الميزان )) (2/239) : (( كذبه أبو حاتم ، وقال البخاري : منكر الحديث )) .
تنبيه :
قد وقع في إسناد الطبراني سهل بن عثمان البجلي بدلًا من سهل بن عامر ، ولهذا قال الألباني في الصحيحة (1/812) : (( وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم )) وهو وهم ، فالذي من رجال مسلم هو سهل بن عثمان الكندي ، وليس من الرواة عنه أحمد بن عثمان بن حكيم . إنما يروي أحمد بن عثمان عن سهل بن عامر كما تقدم في كلام أبي حاتم .
أما حديث أنس بن مالك :
أخرجه الترمذي (2260) ، وابن عدي في (( الكامل )) (6/113) ـ واللفظ له ـ من طريق عمر بن شاكر عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه له أجر خمسين منكم)) ، قلنا : يارسول الله ! خمسين منا ؟ قال : ((خمسين منكم)) .
وبإسناده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر)) وهو لفظ الترمذي .
قلت : هذا إسناد منكر ، آفته عمر بن شاكر .
قال أبو حاتم الرازي : ضعيف يروي عن أنس مناكير .
قال ابن عدي : يحدِّث عن أنس بنسخة قريبة من عشرين حديثًا غير محفوظة .
قال الذهبي : (( واه ، له عن أنس عشرين حديثًا مناكير ، أدخله ابن حبان في الثقات فنقم عليه ذلك )) .
أما حديث أبي هريرة :
أخرجه الدارقطني في (( المزكيات )) (88) من طريق أبو النضر بكر بن محمد بن إسحاق بن خزيمه ثنا الحسن أحمد بن يوسف السُّلَمي قال : ثنا محمد بن يوسف عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن من بعدي أيام الصبر ، المتمسك فيهن بمثل ما أنتم عليه له أجر خمسين عاملًا))
قلت : رجاله ثقات رجال الصحيحن ، خلا أحمد بن يوسف فهو من رجال مسلم . تفرد به بكر بن محمد بن إسحاق ، ولم أقف على ترجمته .
قال الشيخ عمرو عبد المنعم سليم : (( قال شيخنا الجديع في تعليقه على الكتاب ـ يعنى (( فتيا وجوابها في ذكر الاعتقاد )) لأبي العلاء العطار (29) ـ : (( هو فيما أرى شيخ محله الصدق . فإن أبا إسحاق المزكي ـ الراوي عنه ـ متثبت يفهم ، والرجل لم يذكره أحد في الضعفاء وهو من بيت علم وفضل )) .
قلت : هذا أمر والضبط أمر آخر ، وقد تفرد به من هذا الوجه ، ولذا قال شيخنا : (( ولم أره بهذا الإسناد فيما وقفت عليه )) . قلت : وهذا التفرد مما يقدح في روايته )) ا.هـ كلام الشيخ .