المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي أحمد عبد الباقي
جزاك الله خيرًا أبا المظفر.
وجزاك يا أبا الحسام.
أخيرًا تكرَّمتَ بالنظر في آخر ما سطره يراع أخيك !
ومن الكتب التي وقع فيها هذا الأمر لكثير من المشايخ وطلبة العلم كتاب "التاريخ الكبير" لأبي عبد الله البخاري، وهو أولى بالتنبيه عليه من "تاريخ قازوين" لتقدمه وشهرته وعلو كعب مصنفه في الصناعة.
هو كما تقول؛ لولا أن البخاري كثيرا ما يقول ( قال عمرو بن علي ) و ( وقال موسى بن إسماعيل ) و( وقال علي بن عبد الله ) و ( قال إبراهيم بن المنذر ) ...... إلخ. ثم يسوق أسانيدهم. وهذا كله في حكم الموصول.
فكل هؤلاء من مشايخه الذين سمع منهم وروى عنهم، فقوله عن بعضهم : ( قال فلان ) بمنزلة ( حدثنا فلان ) والبخاري من أبعد خلق الله عن التدليس ! خلافًا لابن إسحاق الأصبهاني الحافظ؟!
وهذا الأسلوب لا تكاد تجده للرافعي عن شيوخه في ( تاريخ قزوين ) إلا في مواطن قليلة وحسب .
وأيضًا : فإن كثيرًا ممن يُخطأ في عزو المعلَّق عند البخاري على كونه موصولا؛ تجده قد انتبه في مكان آخر وجعل يتيقظ ويقول : ( أخرجه البخاري تعليقًا )
في حين أنك ترى نفس هؤلاء المخطئين : قلَّ منهم من يتفطن لهذا الأمر وهو يعزو إلى ( تاريخ قزوين ) ! لا سيما أقراننا وأصحابنا وجملة من الباحثين على تلك الشبكة العريضة !
فإنك تجد أحدهم يمشي على وتيرة واحدة وهو يدندن : ( أخرجه الرافعي في تاريخه ) ! مع كون الحديث عند أبي القاسم معلَّقًا غير موصول !
وهذان الأمران : هما اللذان حدا بي إلى إفراد هذا الموضوع فيما يتعلق بـ ( تاريخ قزوين ) وحده !
وأما بخصوص "تاريخ قزوين" فقد تنبه لهذا الأمر فضيلة شيخنا الشيخ سعد الحميد، حفظه الله وبعض طلبة العلم ممن كان يعمل معه في تخريج أحاديث العلل لابن أبي حاتم
بالمناسبة ومن باب الإفادة والمذاكرة : لعلك تذكر لي ولو مثالا واحدًا في طريقة عزو بعض طلبة العلم هؤلاء ممن عملوا في ( علل عبد الرحمن الرازي ) - وأنت منهم طبعًا - إلى الرافعي في ( تاريخه ) ؟!
فلعلي أستفيد منكم أمرًا في تلك البابة؛ فأحمده لكم يا أهل الخير.
وأحسب أنه قد تنبه له كثير من أهل العلم وطلبته
نعم هذا صحيح ! لكن الذين لم ينتبهوا لهذا الأمر من أهل العلم أكثر وأزيد وأعمُّ !
ومعذرة فهذا رأيي المتواضع ! ولست أقوله اعتباطًا إن شاء الله، ودونك تخاريج النابهين من أهل العلم خارج تلك الشبكة وداخلها، فانظر فيها بإنصاف ثم أخبرني بماذا خرجتَ ؟!
لكن لم يكن الأمر يستحق تسويد كل هذه الصفحات
سبق السيف عذْلَ العاذلين يا أخي ! ولولا تلك الصفحات ما كنتَ لتقولَ لي:
شكر الله جهدك وجعل ما كتبت يمينك في ميزان حسناتك يوم تلقاه
أما قولك:
إذ في النادر ما ينفرد القزويني بهذه الروايات، فيكون ذكره من باب الاستئناس وحينها ليس هناك كبير فرق بين وصله وتعليقه، وكذلك في حالة التفرد أيضًا، فإن الإسناد الذي لا يعرف في الكتب ولا يروى حتى يأتي به القزويني لا يخرج عن كونه من مناكير الروايات
.
فأقول: سواء كان العزو من باب الاستئناس أو غيره : فإن هذا لا يدرء تبعة اللوم عن صاحبه ! لأن اليقظة في مثل تلك الأحوال مطلوبة مرغوبة.
وهل لو كان هذا المستأنِسُ يكثر من عزْو المعلقات على أنها موصولة إلى بعض أصحاب الكتب الستة أو المسانيد بدعوى ( الاستئناس ) هذه ! هل ستكون حروف كلامك هي نفسها التي أبصرتُها هنا !؟
ولي تعليق مختصر بخصوص تعقب الأخ محمد بن عبد الله لأبي المظفر وهو محق - من وجهة نظري - فيما تعقبه به.
أخشى أن يكون هذا الانتصار لكونك تشارك أخانا محمدًا في مهنة ( الإشراف ) ؟! ( ابتسامة ) و ( مداعبة صادقة ).
لأن الشيخ سعيد السناري مفهوم من كلامه أن هذا الصنيع جائز في العزو من ناحية المصطلح وهذا غير معروف ولم أجد من سبق أبا المظفر إليه مع قلة بضاعتي التي يعرفها هو في هذا العلم ، فلو اتحافنا الشيخ سعيد السناري بذكر علم واحد من أهل هذه الصناعة مشى أبو المظفر في العزو على طريقته أو سلك سبيله في هذا الأمر، تتميمًا للفائدة التي ابتدأها ، أكن له من الشاكرين.
أولا: لستُ من المشيخة ولا هي مني في شيء ! وسواء كان وصفك لي حقا أم مداعبة أو غير ذلك ؟!
ثانيًا: ماذا تقصد بهذا الصنيع غير المعروف ! والذي أبو المظفر غير مسبوق به من أحد ؟!
كأنك تعني ما أخذه علينا أخونا محمدٌ من قولنا ( أخرجه فلان في ..... كما في تاريخ قزوين ) !
ألا فلتعلم: أن مطلق الإنكار على العبد الفقير في هذا الأمر غير محمود لأمرين :
أولهما : أن هذا العزو كثيرًا ما يكون صحيحًا مستقيمًا لا أظن أحدًا من العارفين ينتهض للاعتراض عليه !
وذلك: عندما يُعلَّق الرافعي الحديث منسوبًا إلى ذلك الكتاب أو الجزء الذي أخرجه صاحبه فيه.
مثال ذلك : قوله في ترجمة (علي بن أحمد الجصاصي) : ( سمع القاضي عبد الجبار بن أحمد مجالس من أماليه فيها ثنا القاسم بن علي المالكي .....) وساق إسناد القاضي.
فهنا يكون قولنا في العزو إليه: أخرجه القاضي عبد الجبار بن أحمد في ( مجالس من أماليه ) كما في ( تاريخ قزوين ). صحيحًا ليس فيه خدشة !
وهناك أمثلة أخرى على هذا النوع: مضى جملة منها في تنبيهنا الطويل !
وثانيهما : أنني اجتهدت في إخراج طريقة للعزو إلى الرافعي فيما علقه إلى غير كتاب أو جزء ! كقوله في ترجمة: ( غسان بن علي السيال): ( سمع مع الخليل الحافظ علي بن أحمد بن صالح المقرئ سنة ست وسبعين وثلاثمائة حديثه عن أبي عبد الله محمد ابن مسعود ثنا سهل بن زنجلة ثنا إسحاق بن سليمان سمعت موسى بن عبيدة عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك به ...) وساق الحديث.
فهنا يجيئ الاحتمال بكون الرافعي ربما وقف لهذا الغَسَّان على بعض تواليفه، أو أوراق فيها حديثه عن علي بن أحمد بن صالح المقرئ !
فلذلك استجزنا أن نقول : ( أخرجه غسان بن علي السيال " فيما سمعه من علي بن أحمد بن صالح المقرئ " كما في تاريخ قزوين ).
فهنا نهض إلينا أخونا محمد معترضًا وقال:
كما أن هذا لا يكفي في أن يعبِّر الباحث بلفظ: "أخرجه غسان...".
وربما نقله الرافعي مِن تآليف مَنْ دون غسان، وربما نقله من غير ذلك، فالأمر محتمل
فأقول له: إذا كان الأمر محتملا فلماذا التعقب ؟! لا سيما وأنا أعترف أنني أقول ذلك من باب الاحتمال الراجح عندي ! فذلك جزمت به مع التنبيه إلى جواز الاعتياض عن هذه الطريقة إلى الطرق الأخرى في العزو مثل قولنا :
علَّقه الرافعي في ( تاريخ قزوين ) من طريق فلان به ...
أو: أخرجه الرافعي في ( تاريخ قزوين ) - مُعَلَّقًا - من طريق فلان به ...
فالأمر واسع يا عباد الله. ولكل وجهة هو مولِّيها .
فكون أبي المظفر غير مسبوق في هذا الصدد : ليس له معنى في هذا المقام، لأنني لا أُلزم أحدًا باتباع حروف كلماتي ! ولا زعمتُ أنها الصواب دون ما كان غيرها مما هو نحوها أو في نفس معناها !
مع اعترافي بأن هذا الأمر : قائم على الظن الراجح فيما أنا بسبيله.
وشكر الله لك يا أبا الحسام ... والسلام.