بسم الله الرحمن الرحيم
والعاقبة للمتقين
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، ثم أما بعد...
فهذه فائدة نفيسة، لا تخلو من فائدة جليلة، حول سؤال الميت في قبره، فقد قال الفقيه العلامة بلفقيه رحمه الله تعالى في فتاواه ص310:
(سؤال منكر ونكير يقع بعد الدفن عند انصراف الناس فوراً، ففي الصحيح: "إنه ليسمع قرع نعالهم"، ولهذا يسن أن يقف جماعة عند قبره بقدر ما تنحر جزور ويفرق لحمها، يسألون له التثبيت؛ لأنه وقت السؤال).
· قال السيد العلامة عبد الرحمن المشهور – مفتي الديار الحضرمية – رحمه الله تعالى معقباً:
(قلت: قال العمودي في [حسن النجوى]: وذلك الزمان قدر ساعة وربع، أو ثلث فلكية تقريباً، وقدر الساعة خمس عشرة درجة، كل درجة ستون دقيقة، والدقيقة مقدار قولك: سبحان الله مستعجلاً من غير مهلة، قال عبد الله بلحاج: فمقدار الساعة تسعمئة تسبيحة، ومقدار ما يمكث على القبر ألف ومئتا تسبيحة على الأحوط).
· قال الباجوري رحمه الله تعالى:
(فائدة: سؤال الملكين عام لكل أحد، وإن لم يقبر كالحريق، والغريق، وإن سحق، وذر في الهواء أو أكلته السباع، إلا الأنبياء، وشهداء المعركة، والأطفال.
وما ورد من أن: "من واظب على قراءة تبارك الملك كل ليلة لا يسأل" ونحوه؛ يحمل على أنه يخفف عنه في السؤال، بحيث لا يفتن في الجواب.
ويسألان كل أحد بلغته(1) على الصحيح، وقيل بالسرياني(2)، ولذلك قال السيوطي شعراً:
ومن عجيب ما ترى العينان ..... أن سؤال القبر بالسرياني
أفتى بذاك شيخنا البلقيني(3) ..... ولم أره لغيره بعيني
والسؤال على القول بأنه بالسرياني أربع كلمات؛ وهي: أتْرهٍ، أتْرحٍ، كَارِهٍ، سَالِحِينَ، فمعنى الأولى: قم يا عبد الله، والثانية: فيمن كنت، والثالثة: من ربك وما دينك، والرابعة: ما تقول في الرجل الذي بعث فيكم وفي الناس أجمعين.
وقد ورد أن حفظ هذه الكلمات دليل على حسن الخاتمة؛ كما بخط الميداني).
(1) قال السيد العلامة أحمد الشاطري رحمه الله تعالى محشياً:
(سئل الحافظ ابن حجر عن ذلك؛ فقال: ظاهر الحديث أنه باللسان العربي، ويحتمل أن يكون خطاب كل واحد بلسانه، وهو متجه. أهـ
(2) قال السيد العلامة أحمد الشاطري رحمه الله تعالى محشياً:
(قال السيوطي في [شرح الصدور بأحوال الموتى والقبور]: ولم أقف له على سنده. أهـ
(3) قال السيد العلامة أحمد الشاطري رحمه الله تعالى محشياً:
(يعني به علم الدين) أهـ
· قال السيد العلامة عبد الرحمن المشهور – مفتي الديار الحضرمية – رحمه الله تعالى:
(مسألة: ورد أن الأموات يتعارفون، ويتزاورون في قبورهم في أكفانهم، ولهذا ندب تحسين الكفن، ويعرفون من زارهم، ويستأنسون به ويردّون على من سلم عليهم، ولا يختص بيوم الجمعة، ولا بميت دون آخر، ولا يبعد رؤيتهم للزائر، ولا تكون الأرض حائلة؛ إذ ذاك من أمور الغيب الواجب الإيمان بها، وليست جارية على العادة، وهذا في حق المؤمن الناجي من العذاب، بل من توجه إليه النعيم جسماً، وروحاً، وفتح له إلى الجنة باب بلا بواب من أهل لا إله إلا الله، فلا يحتاجون إلى الإيناس في قبورهم، وليس عليهم فيها وحشة.
نعم من شابها بالمخالفات، ومات على التوحيد فهو وإن توجه عليه العذاب لا يكون على التأبيد، بل هو بصدد الانقطاع، إما بشفاعة، أو برحمة الله تعالى.
كما ليس على من مات صبياً وحشة في قبره أيضاً، إذ سببها المخالفة وهي مفقودة في حقه، إذ ورد: "أن الصبيان في الجنة يكفلهم إبراهيم عليه السلام وسارة"، و "أن الصبي شبعان ريان ويرتضع من شجرة طوبى"، هذا حكم الروح، وما كان للروح تنعماً وضده؛ وصل إلى الجثة.
وأما من وضع عليه النكال فهو مشغول عن الزوار بما هو فيه، ولم تغنه زيارة الأشكال).