الذي يعلم أنه (لاإله إلاالله) يفهم كل شيء يمر عليه أو به أو بغيره من أحكام الله تعالى وأقداره..
لنبدأ ببيان حقيقة أن كل شيء وأن أمر كل شيء لله تعالى.. وأنه ليس لأحد غير الله تعالى شيء وليس لغير الله تعالى من الأمر من شيء..
ومن هنا فإن الذي يعلم ذلك يعلم أن الخلق كلهم لله تعالى يحكم فيهم ما يريد ويقضي فيهم ما يشاء ويقدر عليهم ما يشاء..
فالمقتول ودمه وجسده...الخ ملك خالص لله تعالى وليس للمقتول شيء في هذه الأمور أصلاً.. فدمه لله تعالى وجسده لله تعالى وكل شيء لله تعالى..
أي أنه ليس للمقتول حقوق أصلاً إلا ما رتبه الله تعالى له ولغيره من المخلوقات.. وهذه الحقوق لم تكن لتكون حقوقاً لولاً أن الله تعالى جعلها حقوقاً وهذا من مقتضيات (لاإله إلاالله)..
ومن هنا فإن الذي يعلم أنه (لاإله إلاالله) لا يتعجب لو غفر الله تعالى للقاتل بدون سبب ظاهر لنا بل يتعجب من تعجب أو حيرة من يسأل مثل هذا السؤال الغريب: وأين ذهب حق المقتول أو حقوقه!!
إذ اي حق للمقتول اصلاً غلا غذا أعطاه الله تعالى إياه؟! وأي حق له إذا سلبه منه؟!!
إن الأمر كله لله وهو سبحانه يقضي ما يشاء ويحكم ما يريد وليس لنا من الأمر شيء أصلاً.. وليس لنا إلا أن نخضع لله تعالى خضوعاً مطلقاً عملياً ونسلم تسليماً مطلقاً بحقه في كل شيء وأن يفعل ما يشاء..
إن من مقتضيات (لاإله إلاالله) أن لله تعالى أن يأمر بما شاء وأن ينهى عما شاء..
وإن من مقتضيات هذه الكلمة الطيبة أن لله تعالى أن يثيب على الامتثال أو أن لا يثيب فإن لم يثب فليس لأحد عنده شيء بل هو سبحانه الذي له الحق كله.. وإن أثاب فله سبحانه أن يثيب من شاء بالمقدار الذي يشاء وبالكيفية التي يشاء سواء في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما.. وله أن يضاعف لمن يشاء وله أن يحبط عمل من شاء وله أن يتقبل ممن يشاء وله أن لا يتقبل ممن شاء..
كما أن من مقتضيات الكلمة الطيبة أن لله تعالى أن يعاقب من لا يمتثل لحكمه وله أن لا يعاقب.. فإن لم يعاقب فهو كرم منه ومنة وإن عاقب فهو بحق..
ثم إن له سبحانه أن يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء.. وله سبحانه أن يحدد العذاب الذي شاء على من شاء وله أن يعذب في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معاً..
إن من مقتضيات هذه الكلمة التسليم المطلق لله تعالى في حقه بأن يغفر للقاتل بدون سبب ظاهر لنا وأن يعفو عنه..
فلو جئنا يوم القيامة ورأينا رجلاً قاتلاً عفا الله تعالى عنه ودخل الجنة وأخذ المقتول بذنب من ذنوبه في الدنيا ولم يعف عنه فإنه ليس لنا إلا التسليم بجق الله تعالى في ذلك..
ثم أجيب الأخ الكريم بناءً على ما سبق:
يعني هل يضيع دم المقتول بعمد ، هدرا في الدنيا والآخرة، بمجرد أن يتصدق القاتل عن نفسه ويجتهد في فعل الخيرات؟
تعني هل يغفر الله تعالى للقاتل؟! فالتعبير بالضياع لا يناسب المقام هنا..
والجواب: نعم قد يغفر الله تعالى للقاتل بل دون أن يجتهد في فعل الخيرات.. بل ربما بفعل يسير أو بنية صادقة.. ولعلك تتذكر حديث من قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم أتمها بواحدة فأصبحت مائة نفس..
ماذا عن ورثة المقتول ؟
ماذا عنهم؟! وماذا لهم؟! ليس لهم من الأمر من شيء وليس لهم إلا ما أعطاهم الله تعالى إياه.. حيث جعل لهم أن يطالبوا بدم القتيل وأن يقتصوا منه.. وإلا الدية أو العفو.. ثم.. لا شيء بعد ذلك لهم مطلقاً..
وماذا عن المقتول نفسه ؟
وماذا عنه؟!! وماذا له؟! بعد قتله لا يستطيع أن يطالب بشيء ثم يوم القيامة يكون الأمر كله لله تعالى..
وهل هذا من العدل أن يُعفى عن القاتل ويمحى أثر جريمته البشعة وكأن شيئا لم يكن؟
قضاء الله تعالى كله عدل -إن صح أن نعبر بهذا التعبير-..
ثم إن الله تعالى ل يلزم بميزان معين عند البشر بل هو سبحانه يخلق ويشاء ويختار ويقضي ويقدر... بالحق.. كل شيء منه حق وهو الحق سبحانه..
وفي الحديث : ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء )
وقد يعفو الله تعالى عمن يشاء..